“وجبة ….. إبداع وابتكار (9) استشراف المستقبل ” مبادىء الدراسات المستقبيلة ” (4)

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير تصميم سيناريوهات المستقبل 17 ابريل 2017

مقدمة:
علم المستقبليات أو “الدراسات المستقبلية” هو علم يختص بـ “المحتمل” و”الممكن” و”المفضل” من المستقبل اضافة إلى بعض الأحداث قليلة الإحتمال وذات التأثير الكبير ، وقد تحول علم المستقبليات من التوجه الشخصي للإنسان منذ فجر التاريخ لمعرفة مستقبلهم بالتنبؤ والتنجيم الفردي وقراءة الطالع وابتداع الأساطير والخرافات، إلى علم مستقل بذاته، له اسسه ومنهجياته التي دخلت حيز التجريب والتي أعطت نتائج نعيشها في حاضرنا الذي كان مستقبل غيرنا، من خلال دراسات ومدارس ومؤسسات مختصة بذلك التي وضعت الأسس العلمية له وأوضحت معالمه ومبادئه .

أولاً: أهم مبادىء الدراسات المستقبلية:
إن مبادىء الدراسات المستقبلية هي الركائز الأساسية التي نبني عليها تلك الدراسات، وهي على صنفين : (1)
الصنف الأول: يركز على المبادىء :

مبدأ الإستمرارية: (Continuity)، وهو توقع المستقبل إمتداداً للحاضر وخاصة، الحقائق العلمية مثل توقع أن تكون الأنهار أو المحيطات في مكانها المعتاد نفسه للأعوام القادمة، أي استمرارية الحوادث (الماضي للحاضر للمستقبل).

مبدأ التماثل: (Analogy)، وهو توقع أن تتكرر بعض أنماط الحوادث كما هي من وقت لآخر.

مبدأ التراكم: (Accumulation)، وهو تراكم نفس الأحكام على نفس الوقائع، مع إختلاف الأشخاص لمدد تتفاوت تاريخياً.

أما الصنف الثاني: يتمثل في مبادىء أساسها العام الطموح ومعرفة المستقبل ويركز على :
• إمكانية التنبؤ بمستقبل الإنسانية وتحديده بدرجة من الدقة، وإن اختلفت من مجتمع لأخر، وإن الحاضر بكل ما فيه من قدرة بشرية ومادية وعلاقات واتجاهات هو المدخل الرئيس لكل مستقبل، وما المستقبل إلا الحاضر مضافاً له عامل الزمن.(2)

• يتوقف التخطيط للمستقبل على معرفة المجتمع من جهة مساره التاريخي وعناصر الثبات والحركة فيه.(3)

• المستقبل عدد من الإحتمالات التي تبدأ من نقطة الحاضر ثم تتفاوت فيما بينها عبر الزمن بقدر التفاوت في تنظيم مدخلاته وتفاعل هذه المدخلات داخل كل نقطة أو إحتمال، والإنسان يملك وسائل وأساليب علمية في النظر إلى المستقبل والتحرك إليه منها التخطيط وتقنياته.(4)

• إن الإهتمام بالمستقبل يمثل إلتزاماً إنسانياً تجاه الأجيال القادمة ورفاهيتها وتخطيط مستقبلها.(5)

• الزمن متواصل ومستمر وأحادي الإتجاه، ولا يمكن تغيير مساره، كما أن ليس كل ما يوجد في المستقبل قد وجد في الماضي أو يوجد في الحاضر، فالمستقبل قد يحوي أشياء مادية أو إجتماعية أو بيولوجية، لم توجد من قبل.(6)

• المستقبل لا يمكن ملاحظته، لذا فليس هناك حقائق مطلقة حوله، وكل ما يمكن التوصل إليه هو مجموعة افتراضات لم يتم التأكد منها، والمستقبل أيضا ليس مقدراً سلفاً بشكل مطلق، فهو يمثل لبعض الناس الحرية والقدرة والأمل والوقت الذي يمكن أن تتحقق فيه الأحلام.(7)

ثانياً: الزمن في الدراسات المستقبلية:
إن أي ظاهرة مرت بمراحل زمنية كثيرة ومتعددة، ويختلف المدى الزمني طبقاً للظاهرة المدروسة، وتباينها سواء أكانت ظواهر إنسانية أو إجتماعية أو إقتصادية، أي إن الزمن يعد منظوراً بالنسبة لحالة ما مثل (المناخ، الصحة) ولا يعد مستقبلا منظوراً بالنسبة (للتعليم، العادات، الفن)، ويؤثر المدى الزمني للتنبؤ بمستقبل الظاهرة المدروسة في الإطار المنهجي والإجرائي للدراسات المستقبلية.(8)

وقد إختلف العلماء والباحثون في تحديد الإطار الزمني، ويعد تصنيف (مينسوتا) لجمعية المستقبليات الدولية بولاية مينسوتا الأمريكية من أهم التصنيفات التي تأخذ بها الدراسات المستقبلية، بأن الإطار الزمني يتفاوت من الشهر الواحد إلى ماوراء المنظور أي يمتد إلى الخمسين عاماً أو أكثر، وقد تم تداول هذا التصنيف في التحليل المستقبلي في الأثار والإتجاهات (Trends) وليس على الأحداث (Events) والذي نجم عن ذلك التداول خمسة أبعاد (9) :

1. المستقبل المباشر: ويمتد من عام إلى عامين منذ اللحظة الراهنة، وهذا المستقبل نادراً ما تؤثر فيه القرارات التي تتخذ اليوم لأنه محكوم كلية بمسيرة الماضي وتراكماته لذلك فهو مستقبل الحتم الذي نفقد معه الإختيار.

2. المستقبل القريب: ويمتد من عامين إلى خمسة أعوام، ويمكن أن يتأثر في مسيرته جزئياً وبشكل محدود ببعض القرارات التي تتخذ اليوم.

3. المستقبل المتوسط: ويمتد من خمسة إلى عشرين عاماً، ويمكن تشكيل هذه المستقبل إلى حد كبير بما يتخذ اليوم من قرارات، لأن بذوره كامنة في الحاضر المعاش.

4. المستقبل البعيد: ومدته عشرين إلى خمسين عاماً، ويتشابه مع المستقبل المتوسط في كمون جذوره في الحاضر، إلا أنه صعب التحكم في مساراته.

5. المستقبل غير المنظور: ويمتد من هذه اللحظة إلى أكثر من خمسين عاماً ويستحيل التحكم فيه.

المراجع:
1. محمد صالح نبيه ، المستقبليات والتعليم، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1422هـ.
2. فاروق فيله وأحمد الزكي ، الدراسات المستقبلية من منظور تربوي.
3. محمد صالح نبيه ، المستقبليات والتعليم، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1422هـ.
4. فاروق فيله وأحمد الزكي ، الدراسات المستقبلية ، مرجع سابق
5. ادوارد كورنيش الإستشراف ، مناهج استكشاف المستقبل.
6. فاروق فيله وأحمد الزكي ، الدراسات المستقبلية ، مرجع سابق
7. فاروق فيله وأحمد الزكي ، الدراسات المستقبلية مرجع سابق
8. فاروق فيله وأحمد الزكي ، الدراسات المستقبلية ، مرجع سابق
9. وليد عبد الحي ، الدراسات المستقبلية ، النشأة والتطور والأهمية ، ……

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (100) “أبعاد التغيير (13)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …