“وجبة ….. إبداع وابتكار (12) ” الأساليب الحديثة في علم الدراسات المستقبيلة ” (8)

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير تصميم سيناريوهات المستقبل 29 مايو 2017

مقدمة :
قبل الخوض في الأساليب الحدثية المستخدمة في علم الدراسات المستقبلية لا بد من الإشارة إلى مايلي:
أن درجة النجاح في التنبؤ أو الاستشراف في مجال ما، تعتمد بالدرجة الأولى على مدى قدرة المتنبىء على تحديد الأنماط السلوكية التي تتوافر في هذا المجال(1)
• أنه لا توجد تقنية أو اسلوب أفضل من غيره إلا بالنسبة إلى طبيعة الظاهرة المدروسة وظروفها.
• أنه كلما تعددت وتجمعت أكثر من تقنية في دراسة الظاهرة الواحدة كلما كان هذا أفضل في الاقتراب من حقيقة الظاهرة.
• أنه مهما بلغت درجة الإتقان في تطبيق التقنية (أو التقنيات) على الظاهرة فلن نحصل على نتائج تسمح لنا بالتأكيد التام والثقة الكاملة منها، وهذا راجع إلى كون هذه الظاهرة اجتماعية ثقافية بالضرورة، وهو ما يعني أن المتغيرات الحاكمة وغير المعروفة فيها كثيرة، بدرجة لا تسمح بتشكيل أنماط متماسكة مثلما يحدث للظاهرة الطبيعية أو التكنولوجية عند التنبؤ بها.
• أن الفرضية الأساسية التي تقف وراء كل الأساليب والتقنيات الاستشرافية والتنبئية في العلوم الاجتماعية هي القوانين المستخلصة من الخبرة الماضية (الأنماط) سوف تستمر صحيحة في المستقبل، والحجة الوحيدة وراء هذه الفرضية هي أنها (الأنماط) تحدث بالفعل، وطالما أن النتائج تحقق ذلك فإن هذه الفرضية صحيحة.

أولاُ: الأساليب الحديثة في علم الدراسات المستقبلية
من الاساليب الحديثة التي تشكل مجموعة أفكار تطورت بشكل سريع بالاعتماد على العلم والتكنولوجيا هي:
1. اسلوب السلاسل الزمنية (Time Series Methods)
وهي من الطرق التي لا تقوم على نماذج سببية (Causal)، تعبر عن سلوك المتغير أو المتغيرات موضع الاهتمام على وفق نظرية ما، وإنما تشمل طرقاً ونماذج تتفاوت من حيث التعقيد وكم من المعلومات المسبقة المطلوب، ومنها أنموذج الخطوة العشوائية (Random Walk Model) الذي يفترض قيمة المتغير في مدة ما هي قيمة التي تحققت في مدة سابقة، (ولذا يطلق عليه أنموذج عدم التغير) ومنها طرق اسقاط الاتجاه العام (Trend Extrapolation) بالمتوسطات المتحركة وتحليل الانحدار ومنها اساليب تفكيك السلاسل الزمنية، والطرق المعتمدة على النماذج الاحصائية للسلاسل الزمنية.(2)

2. اسلوب الإسقاطات السكانية
من أشهر هذه الأساليب ما يعرف بطريقة الأفواج والمكونات (Cohort Component Method)، إذ يتم حساب النمو في عدد السكان من مكونات محددة كالمواليد والوفيات والهجرة إلى الدولة والهجرة من الدولة، وحيث يمكن التنبؤ بعدد السكان في كل فوج أو شريحة عمرية – جنسية استناداً إلى معدلات الخصوبة ومعدلات البقاء على قيد الحياة حسب العمر والجنس.(3)

3. اسلوب النماذج السببية (Causal Models)
من خلال هذا الأسلوب يتم التنبؤ بقيم متغير ما أو مجموعة متغيرات باستعمال أنموذج يحدد سلوك المتغيرات المختلفة استناداً إلى نظرية معينة، ومن أشهر النماذج، نماذج الإقتصاد القياسي(Econometric Models) ونماذج المدخلات والمخرجات (Input-Output Models)، ونماذج المحاكاة (Simulation Models)، ونماذج ديناميات الأنساق (Systems Dynamics) (التي تعد دراسة “حدود النمو” لنادي روما من أشهر تطبيقاتها.(4)

4. اسلوب الألعاب والمباريات (Gaming)
استخدام القادة العسكريون منذ زمن بعيد ألعاب الحرب ليجربوا أجهزتهم والتكتيكات الحربية أولاً ثم للتدريب ثانياً، ويمكن أن تلعب الألعاب على المستوى التجريدي بوساطة خبراء يستخدمون الحواسيب في مراحل غاية في الدقة، وقد أطلقت شركة راند في عام 1950 سلسلة من ألعاب لفحص قوتها في الشرق الأوسط.(5)
والألعاب العالمية تعتمد على المحاكاة، ليس فقط من خلال الباحث في الدراسات المستقبلية، بل وكذلك بإشراك الناس فيها كلاعبين يقومون بأدوار(Role Playing) يتخذون فيها قرارات أو تصرفات، ويستجيبون لقرارات وتصرفات غيرهم، ويبدون رد فعلهم إزاء أحداث معينة، ويتم استخراج الصور المستقبلية البديلة باستعمال نماذج لفظية أو رياضية أو كمبيوترية أو محاكيات فعلية.(6)

5. اللعبة العالمية (Great Logistic Game)
نسبت للعالم الأمريكي “بكمنستر فولر” (Buckminister Fuller) الذي ركز في احتمال تحقيق السلم العالمي، ويتلخص نموذجه، ببناء قبة تعادل مساحتها مساحة ملعب كرة السلة، ورسم عليها خريطة للعالم أبرز فيها كل التضاريس، وربطها بالحاسوب الذي يضم قاعدة معلومات ضخمة عن الموارد العالمية، والاتجاهات الإنسانية والاحتياجات والمشكلات الدولية و…. الخ، ووضع هدفاً لكل باحث يتمثل في محاولة وضع أفضل معادلة لتحقيق أفضل النتائج في ضوء المعطيات المتوفرة، فعلى سبيل المثال لو كانت دالة الأنموذج هي تقليس الحروب فإن المعادلة يجب أن تحقق استخدام الموارد المتاحة فقط، لتحقيق هذه الدالة في أقصر مدة ممكنة (وبديهي أن ذلك يحتاج إلى دراية واسعة في التحليل الرياضي.(7)

6. اسقاط توجه ما نحو المستقبل
ويحدث عند توفر البيانات الرقمية ليرسم المخطط البياني لتوجه ما على ورق مخطط لاظهار التغيرات مع الزمن، وإذا كان ذلك مرغوباً فبالإمكان مد خط تغير التوجه أو اسقاطه إلى المستقبل، إعتماداً على أخر وتيرة تغير، ومثل هذا الإسقاط يمكن أن يُظهر أين سيكون التوجه في نقطة ما في المستقبل افتراضاً بأنه لن يكون هناك تحول في وتيرة التغير.(8)

إن جميع الأساليب الحديثة في دراسة علم المستقبليات تستمد قوتها من قدرة المتنبىء من حيث التجربة والخبرة والمعرفة ، ومدى دقة البيانات والمعلومات وطريقة تحليلها بدقة عالية للوصول إلى الهدف، وما تم عرضه في هذه المقالة (الأساليب الحديثة في علم الدراسات المستقبلية)ما هو إلا جزء من الأساليب الحديثة، وسيتم عرضها جميعاً بشكل متتالي بمقالات لاحقة حسب التسلسل المشار إليه في بداية المقالة، كما سيتم التعرض بشكل تفصيلي لبعض الأساليب لأهميتها وتداولها أكثر مثل، أسلوب السيناريوها، تقنية دلفاي، أسلوب دولاب المستقبل، أسلوب بيرت وغيرها بهدف استفادة القارىء من الجانب الأكاديمي والتطبيقي.

المراجع:
1. د. ضياء الدين زاهر، مقدمة في الدراسات المستقبلية ، مفاهيم ، اساليب ، تطبيقات، مركز الكتاب للنشر،2004.
2. فاروق فيله وأحمد الزكي ، الدراسات المستقبلية من منظور تربوي.
3. محمد فالح الجهني ، الدراسات المستقبلية شغف العلم وإشكاللت المنهج ، كلية التربية ، جامعة طيبة.
4. فاروق فيله وأحمد الزكي ، الدراسات المستقبلية ، مرجع سابق
5. ادوارد كورنيش الإستشراف ، مناهج استكشاف المستقبل.
6. فاروق فيله وأحمد الزكي ، الدراسات المستقبلية ، مرجع سابق
7. وليد عبد الحي ، الدراسات المستقبلية ، التشأة والتطور والأهمية.
8. ادوارد كورنيش الإستشراف ، مناهج استكشاف المستقبل.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (100) “أبعاد التغيير (13)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …