“وجبة ….. إبداع وابتكار (13) استشراف المستقبل ” تتمة، الأساليب الحديثة في علم الدراسات المستقبيلة ” (9)

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير تصميم سيناريوهات المستقبل 12 يونيو 2017

يرتبط التخطيط بالمستقبل ارتباطاً وثيقاً، فهو معني أساساً باستشراف معالم هذا المستقبل، والتأثير فيها بالشكل الذي يحقق الأهداف وتطويع التحديات المستقبلية للمنظمة في عصر التغيير السريع، وقياساً للمشكلات المطروحة فإن الوسائل القديمة المستخدمة قد لا تفيد الهدف ولا تفي بالغرض بالشكل المطلوب، فكان لا بد من وسائل أخرى أوسع نطاقاً وفكراً، تتصف بالشمولية وتستوعب التغيير، يتم من خلالها مشاركة المعلومات وتبادل الآراء وطرح الخيارات والبدائل وترتيب الأولويات وتحديد الأهداف و رسم السياسات والبدائل لاستشراف المستقبل، لذا سنعرض تتمة الأساليب الحديثة في علم المستقبليات حسب التسلسل من المقالات السابقة:

9. اسلوب تحليل الأثار المقطعية (Cross Impact Analysis)
وهو اسلوب لفهم ديناميكية نسق ما، والكشف عن القوى الرئيسة المحركة له، كما أنه اسلوب لفرز التنبؤات الكثيرة والخروج منها بعدد محدود من التنبؤات، وذلك بمراعاة أن احتمال وقوع بعض الأحداث بتوقف على احتمال وقوع أحداث أخرى، أي أنها طريقة لأخذ الترابطات وعلاقات الاعتماد المتبادل بين الظواهر أو المتغيرات أو التنبؤات في الحسبان. (1)

10. الأساليب التشاركية (Participatory Methods)
ويقصد بها طرق البحث المستقبلي التي تتيح لمشاركة القوة الفاعلة أو الأطراف المتأثرة بحدث ما في عملية تصميم البحث وجمع المعلومات اللازمة له وتحليلها واستخراج توصيات بفعل اجتماعي معين بناء على نتائجها، وهذه الطريقة أكثر استعمالاً من الناشطين في مجال المستقبليات، أي من يقومون بالدراسات المستقبلية ذات التوجه الاستهدافي التي يرتبط فيها الاستهداف بممارسات عملية للترويج والتعبئة والتحريض على اتخاذ فعل اجتماعي يساعد على تحقيق صورة مستقبلية مرغوب فيها أو على منع حدوث صورة أو صور مستقبلية غير مرغوب فيها.(2)

ومن امثلة الطرق التشاركية في البحث المستقبلي طريقة الممارسة المستقبلية بالمشاركة(Participatory Future Praxis)، وطريقة البحث التشاركي الموجه للفعل الاجتماعي (Participatory Action Research)، وطريقة ورش عمل المستقبليات (Futures Workshops)، وطرق اجراء التجارب الاجتماعية (Social Experiments)، والبحوث المستقبلية الاثنوجرافية(Ethnographic Futures Research)، التي تركز في استطلاع المستقبلات الثقافية –الاجتماعية من خلال مقابلات مطولة ومفصلة ومتكررة مع مجموعة من الأفراد المشتغلين بظاهرة ما (كالبحث والتطوير التكنولوجي) أو الذين يحتمل تأثرهم بحدث ما.(3)

11. أساليب التنبؤ من خلال التناظر والإسقاط بالقرنية (Method of Analogy)
وتقوم أساليب التناظر أو المشابهة (Method of Analogy) على استخراج بعض جوانب الصور المستقبلية استناداً إلى أحداث أو سوابق تاريخية معينة والقياس على ما فعلته دول معينة في مرحلة أو أخرى من مراحل تطورها لانجاز معدل ما للنمو الاقتصادي مثلاً.
أما أساليب الاسقاط القرنية، فهي تقوم على افتراض أن ثمة اربتاطاً زمنياً بين حدثين، حيث يقع أحدهما قبل الآخر عادة، بحيث يمكن التنبؤ بالحدث اللاحق استناداً إلى الحدث السابق، فمثلاً يمكن أن يؤخذ التقدم في الطائرات الحربية من حيث السرعة قرنية على التقدم في سرعة الطائرات المدنية، ومن أهم هذه الطرق، طريقة السلاسل الزمنية القائدة (Leading Series) التي كثيراً ما استخدمت في التنبؤ بالدورات الاقتصادية، حيث يؤخذ بطء النمو في متغيرات اقتصادية معينة (كالمخزون أو التعاقدات الجديدة) قرينة على إبطاء حركة النشاط الاقتصادي في مجموعة.(4)

12. أسلوب دولاب المستقبلات
تستند هذه التقنية إلى القول بأن أية واقعة دولية سوف تخلق سلسلة من الآثار المترتبة وهي تشبه الموجات المتلاحقة التي يحدثها حجر في بركة ماء، ومثالها نجاح البيروستريكا في الاتحاد السوفيتي، ويضع “بيترواغشتال” مجموعة شروط لدولاب المستقبل منها:(5)
• وضع واقعة مستقبلية في الدولاب الرئيس.
• تقوم مجموعة من الباحثين بذكر الآثار المباشرة المترتبة على الواقعة الرئيسة.
• يشترط إجماع الباحثين على كل أثر من الآثار ويتم استبعاد اثر يختلف عليه (حق الفيتو لكل عضو في المجموعة).
• كل اثر مباشر يصبح بدوره نقطة انطلاق لآثار مترتبة عليه ولكن تترابط هذه الآثار حسب موقعها في الدوائر.
• يمكن أن تكون النتائج متضاربة وقد يشكل ذلك أحد مؤشرات القوة لهذه التقنية.

13. أساليب تتبع الظواهر وتحليل المضمون:
يقصد بطريقة تتبع الظاهر (Monitoring) استخدام طائفة متنوعة من مصادر المعلومات في التعرف إلى الاتجاهات العامة لمتغيرات معينة، مع افتراض أن الاتجاهات العامة يتم الكشف عنها، هي التي ستسود في المستقبل، وبمعنى أخر، هو تفحص توجه ما للتعرف إلى طبيعته وأسبابه وسرعة تطوره وتأثيراته المحتملة وقد يكون هناك حاجة للتحليل المتعمق.(6)
أما طريقة تحليل المضمون (Content Analysis) فهي تركز في تحليل مضمون الرسائل (Messages) التي تحملها الصحف والمجلات والبحوث والكتب وما يذاع في الاذاعة والتليفزيون وغيرها، وتسجل مدى تكرار عبارات أو كلمات تحمل قيماً أو توجهات معينة، وبناء استنتاجات مستقبلية على تحليل هذه التكرارات.(7)

14. أسلوب تحليل آراء ذوي الشأن والخبرة:
ومن هذه الأساليب طريقة المسوح (Surveys) التي يتم فيها استطلاع رأي أو توقعات عينة من الأفراد سواء من خلال استبانة ترسل بالبريد أو يتم تعبئته عن طريق المقابلة الشخصية أو الاتصال الهاتفي، ومنها طريقة ندوة الخبراء (Panel Discussion) وطريقة الاستثارة الفكرية أو القدح الذهبي (Brain Storming)، وطريقة دلفاي (Delphi Method) التي يتم فيها استطلاع الآراء والتحاور بشأنها مرة واحدة كما في ندوة الخبراءء والاستثارة الفكرية أو عدة مرات كما في طريقة دلفاي، وتسمى هذه الاساليب أحياناً بالاستفتاء، وسيتم تناول هذه الاساليب تباعاً بشكل تفصيلي.(8)

إن جميع الأساليب الحديثة في دراسة علم المستقبليات تستمد قوتها من قدرة المتنبىء من حيث التجربة والخبرة والمعرفة، ومدى دقة البيانات والمعلومات وطريقة تحليلها بدقة عالية للوصول إلى الهدف، وما تم عرضه في هذه المقالة ما هو إلا جزء من الأساليب في علم المستقبليات، وسيتم عرضها جميعاً وبشكل تفصيلي بمقالات لاحقة حسب التسلسل المشار إليه في بداية المقالة، كما سيتم التعرض بشكل تفصيلي لبعض الأساليب لأهميتها وتداولها أكثر مثل، أسلوب السيناريوها، مصفوفة التأثير المتقاطع، تقنية دلفي، أسلوب دولاب المستقبل، أسلوب بيرت وغيرها، بهدف تقديم الإستفادة القصوى وتقل المعارف والخبرات للقارىء من الجانب الأكاديمي والتطبيقي .

المراجع:
1. فاروق فيله وأحمد الزكي، الدراسات المستقبلية، (منظور تربوي) ص 68 – 69
2. فاروق فيله وأحمد الزكي، الدراسات المستقبلية، مرجع سابق
3. فاروق فيله وأحمد الزكي، الدراسات المستقبلية، مرجع سابق
4. فاروق فيله وأحمد الزكي، الدراسات المستقبلية، (منظور تربوي) ص 68 – 69
5. محمد فالح الجهني، الدراسات المستقبلية شغف العلم وإشكالات المنهج، مرجع سابق.
6. فاروق فيله وأحمد الزكي، الدراسات المستقبلية، مرجع سابق
7. موسوعة العلوم السياسية، الكويت.
8. ادوارد كورنيش الاستشراف، مناهج استكشاف المستقبل.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (100) “أبعاد التغيير (13)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …