“وجبة ….. إبداع وابتكار (57) ” من حلقات الجودة إلى حلقات الإبداع – 18 “

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 23 اغسطس 2020

عشرون: الابداع على مستوى الجماعة
2. من حلقات الجودة إلى حلقات الابداع
تتمثل حلقات الجودة في “مجموعة من العاملين- بمتوسط تسعة أفراد- ممن يعملون أعمالا متشابه يتقابلون لمناقشة طرق تحسين العمليات أو المنتجات”، وقد نشأت حلقات الجودة في اليابان، وكان الهدف منها أن يجتمع بعض الموظفين المتطوعين في لقاءات أسبوعية منتظمة لمناقشة سبل تحسين جودة العمل وحل المشكلات في العمل اليومي التي يصعب حلها من خلال إدارة الشركة التي يعملون بها، وانتقلت فكرة حلقات الجودة من اليابان إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ إلا أنها لم تلقَ النجاح الذي لقيته في اليابان نظراً لتعامل الأمريكيين مع حلقات الجودة كأنها ندوة .
على الرغم من بساطة مفهوم حلقات الجودة إلا أن تطبيقها يحتاج إلى تخطيط دقيق ومفصل. ويجب في البداية خلق بيئة عمل مناسبة تشمل كافة المستويات الإدارية, وجعل الأفراد في كافة المستويات يشعرون بالانتماء للمنظمة.

وتمثل حلقات الجودة أسلوباً تنظيمياً قائما على المشاركة في تشخيص وحل مشكلات الانتاج والجودة ، وتعتبر غير غير معقدة نسبياً ويتم خلالها عرض الأنشطة كمايلي: (1)
• تختار الحلقة المشكلة أو المشكلات التي سوف تقوم بتحليلها وذلك بغرض التعرف على الأسباب الرئيسية والثانوية.
• تقوم أعضاء المجموعة بطرح العديد من الحلول التي تساعد على إزالة هذه الأسباب أو حل المشكلات، كما تقوم في نفس الوقت بتنظيم الحلول.
• اختيار الحل أو الحلول المناسبة على أن يرافق ذلك تطوير خطة لتنفيذ هذه الحلول.
• تنفيذ أفضل الحلول، أي الحلول التي تم اختيارها من قبل أعضاء الحلقة.
• قيام أعضاء الحلقة بالتأكد من أن المشكلات قد تم حلها بالفعل.
• تكرار نفس الخطوات مع المشكلات الجديدة.

ويتم عرض الأنشطة في حلقات الجودة في أساليب متعددة ومختلفة يتم استخدامها في معالجة المشكلات، مثل ، أسلوب العصف الذهني، وأسلوب السبب والنتيجة، وأسلوب جمع البيانات وأسلوب احليل البيانات، وإذا نظرها إلى حلقات الجودة من منظور الإبداع فسوف نجد أن هناك العديد من الفوائد لتحفيز عملية الإبداع في حل المشكلات ومن هذه الفوائد: (2)
• أنها تساعد على توفير المناخ الملائم الذي يؤدي بدوره إلى تشجيع الأفكار الإبداعية التي تقود إلى تعزيز الانتاج والجودة بشكل كبير
• لأنها تؤدي إلى زيادة دافعية الأفراد ورفع روحهم المعنوية في مجال البحث عن الحلول الملائمة للمشكلات التي تواجههم في بيئة العمل.
• يساعد العمل لأسلوب حلقات الجودة في المنظمات على تحسين الاتصال فيما بين الموظفين أو العاملين فيما بينهم أو بينهم وبين رؤسائهم في المنظمة.
• تعتبر مجالاً ملائما لتدريب الموظفين وتنمية مهاراتهم في مجال حل المشكلات واتخاذ القرارات.
• تعتبر أسلوباً فعالاً في كثير من الحالات لتحسين وتوفير النفقات المالية للمنظمات التي تعمل بهذا الأسلوب.

ما تم استعراضه عن حلقات الجودة والفائد المترتبة على تطبيقها تتفق في كثير من جوانبها مع عملية الإبداع التي تتم على مستوى الجماعة، وليس من الصعب أن نستخدم مصطلح “حلقات الإبداع” بدلاً من “حلقات الجودة”، وخاصة وأن كل ما يتعلق بحلقات الجودة من بناء لها وطريقة عملها والأساليب المتبعة في جلساتها، تتماثل فيما بين بعضها البعض إلى حد كبير، والتشابه بين الحلقات في بعض الجوانب المتعلقة بتشكيل هذه الحلقات والعمليات التي تتم من خلالها والأساليب التي تبعها في حل المشكلات التي تواجهها لا يلغي حقيقية وجود بعض الاختلافات فيما بينهما.

وهذه الاختلافات تبدأ من الهدف أو الغرض الذي تنشأ من أجله كل حلقة ، ففي حين يكون الغرض الأساسي من حلقات الجودة هو التعرف على المشكلات في بيئة العمل وتحليلها وحلها، وهدف حلقات الإبداع أوسع من ذلك، إذ لا يتعلق فقط بالمشكلات الآنية في بيئة العمل، بل يحاول تلمس المشكلات المستقبلية وإمكانية ايجاد الحلول الملائمة لها، وبناء على هذا الإختلاف في الهدف الذي من أجله تنشأ كل حلقة نجد أن حلقات الجودة تركز على نوع واحد من أنواع الإبداع وهو ما يطلق عليه الإبداع القيمي (Normative Creative) أو الإبداع بالأهداف (Creative by Objectives) والذي يعني استجابة أعضاء الحلقة نحو المشكلة المطروحة للنقاش من خلال ايجاد الأفكار التي تلبي الغرض أو الهدف من حل المشكلة، لهذا فإن الإبداع هنا مرتبط بحل المشكلة، أنه إذا ما حلت المشكلة، فإن الإبداع يكون قد تم، وبالمقابل نجد أن حلقات الإبداع تذهب إلى أبعد من مجرد التركيز على الإبداع المعتاد أو حل المشكلى بحد ذاتها، وإنما يمتد هدف هذه الحلقات لتشمل ما يسمى بالإبداع الاستكشافي (Exploratory Creativity) وهو الإبداع الذي يحدث عندما يكون الغرض توليد الأفكار هو اكتشاف الفرص المستقبلية التي ليس بالضرورة أن تكون مرتبطة بالمطالب أو المشكلات الحالية للمنظمة. أيضاً أن حلقات الإبداع تسعى إلى محاولة تنمية المهارات الملائمة التي تجعل المديرية حساسين للابتكارات أو الإبداعات التي تتم بطريقة عرضية أو بطريقة الصدفة وهو ما يطلق عليه الإبداع المفاجىء أو العرضي ((Creativity by Serendipity، وهذا الاختلاف في طبيعة الغرض الذي تنشأ من أجله حلقات الجودة وحلقات الإبداع، يؤثر بدوره على مجال النشاط الذي تركز عليه كل حلقة وطبيعة الأشخاص المشاركين في هذه الحلقات والاجراءات المتبعة في العمليات التي تتم أثناء مباشرة هذه الحلقات لمهامها،(3) والجدول التالي يوضح الفروق بين حلقات الجودة وحلقات الإبداع:

م حلقات الجودة حلقات الإبداع
1 يتمثل الغرض الرئيسي من تكوين حلقات الجودة في تحديد وتحليل وحل المشكلات في مجال العمل، لهذا فإن الإبداع في نشاط هذه الحلقات غالباً ما يكون قاصراً على ما يسمى “الإبداع القيمي” والذي يكون موجهاً بالدرجة الأولى نحو ايجاد الأفكار أو الحلو الملائمة للمشكلات الحالية. لا يقتصر الغرض من إنشاء حلقات الإبداع على معالجة وحل مشكلات العمل الحالية، وإنما يتعدى ذلك إلى محاولة تلمس المشكلات المستقبلية وعلاجها، لهذا فإن الإبداع في نشاط هذه الحلقات يتعدى مجرد الإبداع القيمي ليشمل أيضاً ما يسمى الإبداع لاستكشافي والإبداع العرضي أو المفاجىء.

2 يتركز اهتمام هذه الحلقات بشكل كبير على المشكلات المتعلقة بمجال من مجالات العمل في الوقت الراهن. لا يقتصر اهتمام هذه الحلقات على حل المشكلات المتعلقة بمجال من مجالات العمل الحالية فقط، وإنما يشمل اهتمامها كل المجالات أو الأنشطة الموجودة في المنظمة، حاضرها ومستقبلها.

3 تركز بشكل كبير على مشكلات التصنيع والجودة والانتاجية. من الممكن أن تتعامل مع كل نشاط من نشاطات المنظمة سواء أكان النشاط يتعلق بالتنظيم أو التخطيط أو الانتاج أو التطوير أو غير ذلك من الأنشطة التي تؤديها المنظمة.

4 تؤدي دورها تحت رئاسة أو قيادة مدير الإدارة أو القسم الذي شكلت هذه الحلقة. من الممكن أن تتم قيادتها من خلال أي عضو من الأعضاء المشاركين، ذلك أن العنصر المهم في القيادة هنا هو أن تتوفر لدى الشخص خبرة في مجال قيادة الحلقات الإبداعية.

5 معظم حلقات الجودة تتكون من الأشخاص العاملين في المستوى التشغيلي، في حين يقتصر دور الإدارة العليا على مساندة نشاط هذه الحقلات، وبالتالي فإنه من النادر أن يشاركوا في جلسات هذه الحلقات. إن النجاح في أداء حلقات الإبداع للدور المطلوب منها يؤكد على ضرورة مشاركة الإدارة العليا في عضوية ونشاط ومساندة هذه الحلقات في جميع الأوقات.

6 على الرغم من تأكيد هذه الحقات على ضرورة المشاركة التطوعية، إلا أنها تميل إلى أن تكون نوعاً من المشاركة الروتينية التي قد تبعث على الملل لدى الأعضاء المشاركين في الحلقات. وجوب أن تكون مشاركة الأعضاء في هذه الحلقات قائمة على أساس التطوع، لكن اجتماعاتها متنوعة العطاء وثرية الأفكار وذلك عائد إلى طبيعة المشكلات التي تتعامل معها هذه الحلقات والتي لا تقتصر على مجرد المشكلات المتعلقة بمجالات عمل المشاركين.

7 تميل إلى التركيز على المشكلات قصيرة الأجل. تهتم بجيمع أنواع المشكلات، حيث أن الحلول التي تتوصل إلها هذه الحلقات من الممكن أن تؤثر على نشاط واتجاه المنظمة في المستقبل.

المصدر: Simon Majaro (1988). The Creative Gap: Managing Ideas for Profit. London: John Wiley and Sons. PP (113 – 114)
نستنتج مما سبق طرحه، بأن حلقات الجودة تمثل جسراً أو منطلقاً يمكن العبور من إلى حلقات الإبداع والاستفادة من النشاطات التي تتم في هذه الحلقات ونقلها إلى حلقات الإبداع.

المراجع:
1. مور، وليام، وهريت مور، حلقات الجودة، تغيير انطباعات الأفراج في العمل، ترجمة زين العابدين عبد الرحمن الحفظي، الرياض، معهد الإدارة العامة، 1412هـ ، ص35.
2. Major, Simon (1988): The Creative Gap, Managing Ideas for Profit. London : Biddles Ltd,1988, p.152
3. مور، وليام، وهريت مور، حلقات الجودة، تغيير انطباعات الأفراج في العمل، ترجمة زين العابدين عبد الرحمن الحفظي، الرياض، معهد الإدارة العامة، 1412هـ ، ص50.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (100) “أبعاد التغيير (13)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …