شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 21 مارس 2021
يلعب الإبداع دور هام في بقاء المنظمات وتطورها في ظل التحديات العالمية، كما أنه يساعدها على مواجهة المشكلات المعاصرة وتحديات المستقبل، وبالتالي فإن الإبداع يدعم أي منظمة ويجعلها أكثر تميزاً عن المنظمات الأخرى، كما أن تطبيق الإدارة بالمفهوم التقليدي أصبح مستحيلا لما له من انعكاسات سلبية كالبيروقراطية، الروتين، وهي من المظاهر غير المحببة داخل المنظمة والتي تقتل روح المبادرة والإبداع والتميز.
فالابداع مطلب رئيس لجميع المنظمات وحاجة ضرورية وأساسية فرضتها التغيرات الاقتصادية والاجتماعية من خلال توافر بعض الخصائص التي تمكنها من تحقيقه، وليس تلك الخاصئص كافية لتكون المنظمة مبدعة أو تتماشى مع متطلبات العصر الحدث، فطريقة تنفيذ تلك الخصائص والتشابك في عناصر التغيير المستمرة والمتطورة لها تأثير على المنظمات، كما أن التغيير لا يتم بصورة فردية أو بشكل جزئي، بل يجب أن ينطلق في إطار متكامل ومحدد بدقة علمية ومنهجية وشمولية، وسوف نستعرض في هذه المقالة الإبداع على مستوى المنظمة من خلال بعض النظريات.
واحد وعشرون: الابداع على مستوى المنظمة
يجب على المؤسسات دعم وتشجيع الإبداع وذلك من خلال توفير الظروف المناسبة لزيادة النشاط الإبداعي، ونبرز فيما يلي أهم الممارسات التي يجب على المنظمة التركيز عليها:
دعم المنظمة: إن تشجيع المسؤولين يبرز الإبداع، ولكن الإبداع حقيقة يدعم حينما يهتم به قادة المنظمة الذين عليهم أن يضعوا نظاما أو قيما مؤكدة لتقدير المجهودات الإبداعية واعتبار أن العمل المبدع هو قمة الأولويات، كما أن المشاركة في المعلومات وفي اتخاذ القرارات والتعاون من القيم التي ترعى الإبداع
التسيير والتنظيم: إن المناخ التنظيمي يرفع من أداء المنظمات ويخلق ظروف مناسبة تشجع وتحفز المبدعين. ومن أهم العوامل التي تعمل على ذلك:
– مرونة التنظيم وقدرته على التكيف مع المتغيرات البيئية.
– طبيعة العمل: فالأعمال الروتينية تقضي إلى السأم والملل وعدم الإبداع، بينما الأعمال الحيوية تثير التحدي لدى الفرد وتدفعه إلى التفكير الخلاق، فقد كشفت دراسة “Heinzen” على أن درجة التحدي التي توفرها وظيفة الفرد أمامه تلعب دورا واضحا في التأثير على مستويات الإبداع لديه، على أن لا تفوق درجة التحدي إمكانيات الفرد وقدراته مما يؤثر عليه سلبا.
نظام المعلومات: يجب إقامة نظام معلومات مرن وديناميكي يهتم بمصادر المعلومات التكنولوجية التنافسية والتجارية التي تدفع الإبداع وتعطي للمؤسسة حضور دائم على كل المستويات خاصة مع مراكز البحث العلمي والمنافسين الآخرين والبيئة التكنولوجية
الحرية: أي إعطاء الحرية للأفراد داخل المنظمة في عملية اتخاذ القرارات، مما يزيد من درجة ولاءهم للمنظمة ويشجعهم على العمل أكثر والإبداع والتميز.
البحث والتطوير: لقد ازداد الوعي بهذا الجانب مؤخرا، حيث أصبحت المنظمات التي تمتلك إمكانيات وقدرات جيدة تهتم بهذه الوظيفة وتصنع لها مكانة في الهيكل التنظيمي.
توفير الموارد البشرية وحسن استغلالها: إن من أهم العناصر التي تساعد المنظمة على القيام بعملية الإبداع هو توفير الموارد البشرية اللازمة، وذلك يتطلب التركيز على النقاط التالية:
التوظيف المباش أو تكوين وتطوير الأفراد الذين لديهم الكفاءات والقدرات الإبداعية اللازمة.
توفير نظم الحوافز المادية والمعنوية الضرورية لتشجيع هؤلاء الأفراد.
تسهيل مساهمة الأفراد في اتخاذ القرارات.
الثقافة الإنسانية: إن الثقافة الإنسانية تتلخص في التركيز على دمج الأدوار والمشاعر بحيث يشعر الفرد العامل داخل المنظمة بأنه جزء لا يتجزأ من الكل وان الكل جزء لا يتجزأ منه، وبالتالي فخلق ثقافة إنسانية تتفق مع الإبداع تعتبر من أهم التحديات التي تواجهها المنظمة.
فرق العمل: إذ تساعد على صقل مهارات التفكير الإبداعي وتبادل الخبرات ويكون ذلك من خلال:
الرغبة الأكيدة للعضو على تحقيق اهداف الفريق.
مبادرة كل عضو إلى مساعدة الآخرين وخاصة في الظروف الصعبة.
ضرورة تعرف كل عضو على المعلومات المتخصصة التي يحضرها الأعضاء الآخرون للنقاش
للوقوف على الابداع على مستوى المنظمة لا بد من الخوض أولاً في ما هو الابداع التنظيمي، وما هي مشكلة التعريف، والعمليات الخاصة بالمنظمة الإبداعية، وما هي العملية الإبداعية في المنظمة، وبعض النظريات الخاصة بذلك واستعراض الأهم والأشهر منها، والخصائص الرئيسية الواجب توفرها في المنظمات لتكون منظمة إبداعية، وحاجة المنظمات لادارة إبداعية ودورها في تطوير المنظمة في ظل الثورة المعلوماتية، وما هو دورها في تنمية القدرات الإبداعية.
أولاً: الابداع التنظيمي، مشكلة التعريف
عندما نتحدث عن الإبداع على مستوى الفرد أو الجماعة فمن السهولة تحديد معنى الابداع كوننا نتحدث عن أفكار أو عمليات عقلية واضح مصدرها، إلا أن الحيرة تكمن في تعريف الإبداع على مستوى المنظمة، فبعض الأدبيات التي تتناول مجال الابداع، في الغالب تستخدم مصطلح الإبداع (Crativity) ومصطلح (Innovation) الذي يعني الإبداع أو التجديد أو الاختراع، فمظم الأدبيات تستخدم المصطلح الثاني، مما يزيد الامر صعوبة وتعقيد في مجال تعريف الإبداع التنظيمي.
ويشير (ماجور، 1988) عن المنظمة المبدعة (The Creative Organiztion) “إن الإدارة العليا في الكثير من المنظمات تدرك أن الحديث عن الإبداع (Crativity) أو الإبداع والتجديد والاختراع (Innovation) على أنه نوع من الاتجاه الحديث أو لغة العصر اللافتة للانتباه، ولهذا فإن هاتين الكلمتين غالباً ما تظهران في الكثير من تقاريرها بمعنى واحد، كما وأننا نواجه ذات المشكلة في تعريف الإبداع على مستوى المنظمة، وتالياً سوف نعرض تعريف الباحثين في الإبداع على مستوى المنظمة لنقف على تخالط هذا التعريف وعدم تحديده بشكل جذري.
عرف (نايستروم، 1990)، الإبداع التنظيمي (Organizational Innovation) على أنه “المخرجات الناتجة عن التفاعل الذي يحدث بين الخطة (الاستراتيجية) والبناء التنظيمي من جهة، والثقافة والمناخ التنظيمي من جهة أخرى باعتبارهما عوامل وسيطة أو مؤثرة في العملية الإبداعية“.
أما (دامنبور، 1990) فقد تبنى تعريف الإبداع التنظيمي على أساس تعريفه للإبداع الذي استقاه من تعريف (آيكن وهيج، 1971) وأيضاً (دافت، 1982) الذين عرفوا الإبداع بأنه ” تبني فكرة أو سلوك جديد بالنسبة للمنظمة المتبنية”
أما (كيمبرلي، 1986) لم يعطي تعريفاً محددً للإبداع التنظيم، وإنما ميز بين خمسة أنواع من المداخل التي تربط المنظمة والإبداع، والمداخل هي:
1. هو الذي ينظر إلى المنظمة باعتبارها مستخدماً للإبداع، حيث يتحدد دورها في تبني الأفكار الإبداعية أو نشرها بين المنظمات الأخرى.
2. هو الذي ينظر إلى المنظمة باعتبارها منتجة للإبداع، وهنا يتركز الاهتمام حول الظروف التي تميز كل منظمة عن غيرها فيما يتعلق بتشجيع العملية الإبداعية وتطبيق الأفكار الإبداعية.
3. هو الذي يجمع بين المدخلين السابقين، حيث ينظر إلى الإبداع على مستوى المنظمة، في الغالب، على أنه لا توجد لدى كل منظمة القدوة أو المصادر التي تمكنها من حل المشكلات التي تواجهها بكفاءة وفاعلية باستثناء المنظمات الإبداعية.
4. هو الذي ينظر إلى المنظمة باعتبارها وسيلة للإبداع، حيث يتمثل دور المنظمة في تسهيل وتيسير الإبداع بدلاً من كونها مستخدمة للإبداع أو متجة له، وهذا يتطلب بناء منظمات من نوع مختلف بحيث يساعد على تسهيل العملية الإبداعية.
5. هو الذي ينظر إلى المنظمة ذاتها بغعتبارها إبداعاً، بمعنى أنه من الممكن إيجاد أو اختراع بناء تنظيمي جديد أو إنشاء منظمة جديدة من أجل حل مشكلة محددة أو مجموعة من المشكلات.
أما (كوبر وروبرتسون، 1993) فلم يتطرقا في عرضهما للإبداع في المنظمات، فقد أوردا عدة تعريفات للإبداع من بينها تعريف (زالتمانودونكانوهولبك، 1973) الذين عرفوا الإبداع بأنه “أية فكرة أو ممارسة أو مادة ملموسة يمكن ادراكها من قبل الوحدات التي سوف تتبناها سواء أكانت هذه الوحدات فرداً أو جماعة أم منظمة بأنها أشياء جديدة” ، كذلك تحدث كوبر وروبرتون عن الإبداع على ثلاثة مستويات هي: المنظمة والجماعة والفرد، حيث ذكرا في عرضهما للمنظمة لاعتبارها وحدة إبداعية أنه”على الرغم من أن معظم الأبحاث على المستوى التنظيمي تعالج عدد كبيراً من القضايا إلا أنه يمكن حصر هذه القضايا في ثالثة مجالات هي:
1. العوامل التي تسهل أو تعيق إنتاج أو تبني أو تطبيق الإبداع من قبل المنظمات.
2. طبيعة العملية الإبداعية على مستوى المنظمة وكيف يمكن إدارتها.
3. طبيعة الاختلافات الموجودة بين المنظمات”.
إلا أن (ويستوفار، 1990) فقد كان الاتجاه مخالف تماماً عندما تم التأكيد بأن الابداع التنظيمي يعني التغيير، أما (نيكسلون، 1990) يستخدم مصطلح الإبداع التنظيمي بمعنى الإصلاح الداخلي للمنظمة، فإنه ينظر إلى الإبداع على أنه نوع من التغيير الذاتي أو المقصود في تعريف الإبداع التنظيمي، فلم يبتعد عن بعض الأدبيات التي تتعلق بالتغيير والتطوير التنظيمي، لوجود علاقة مترابطة بين الإبداع والتغيير .
ومن خلال ما تم استعراضه سابقاً نجد أنه لا يوجد تعريف محدد للإبداع التنظيمي، ونرى بأن الابداع التنظيمي هو العملية التي يترتب عليها ظهور فكرة جديدة في الاجرءات أو الخدمات أو المنتجات من خلال ممارسة العاملين، وتتبناها المنظمة (مهما كان نوع التبني، طوعي أو اختياري) بهدف تطور من بيئتها الداخلية والخارجية ووتحسين مخرجاتها.
المراجع العربية:
1. جلال حمري، 2009/07/03، etudiantdz.com.
2. ليلى الهاشم، 2009/05/26، knol.google.com.
3. كبيش جمال، قدام جمال، دور الإبداع والابتكار في خلق ميزة تنافسية للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، الملتقى الدولي حول المؤسسة الاقتصادية الجزائرية والابتكار في ظل الألفية الثالثة، 2008/11/17-16، قالمة، ص 178.
4. د. وسيلة حمداوي، الإبداع الإداري والتنظيمي في المؤسسة الاقتصادية، الملتقى الدولي حول المؤسسة الاقتصادية الجزائرية والابتكار في ظل الألفية الثالثة، 2008/11/17-16، قالمة، ص 112.
5. الإبداع، 2010/02/16، www.mmsec.com
6. مفهوم الإبداع ومستوياته ونظرياته، 2010/03/27، www.mawhopon.net.
المراجع الأجنبية:
1. Major, Simon (1988): The Creative Gap, Managing Ideas for Profit. London : Biddles Ltd.
2. Nystrom, Harry (1990): Organizational Innovation. In M. A. West and J.L. Farr (Eds.,). Innovation and Creativity at Work: Psychological and Organizational Strategies. Chichester: John Wiley and Sons.
3. Kimberly, J R., L.R. Renshaw, J.S. Schwartz, A.L. Hillman, M. U. Pauly and J.D. Teplensky (1990): Rethinking Organizational Innovation. In M. A. West and J. L. Farr (Eds.,). Innovation and Creativity at work: Psychological and Organizational Strategies. Chichester: John Wiley and Sons.
4. Anderson, Neil and Nigel King (1993): Innovations in Organizations. In Cary L. Cooper and Ivan T. Robertson (Eds.), International Review of Industrial and Organizational Psychology, Vol. (8), NY: John Wiley and Sons Ltd..