“إعلان أبوظبي”: من أجل تعاون شامل يتبنى التكنولوجيا المتقدمة أساساً للتنمية المستدامة في الدول الإسلامية

في افتتاح الدورة الثانية من مؤتمر القمة الإسلامي حول العلوم والتكنولوجيا
سمو الشيخ عبدالله بن زايد: علينا تحفيز شعوبنا لتقود مسيرة الابتكار وإحياء أمجاد الحضارة الإسلامية يوم أضاءت علومنا ظلمات العالم
“إعلان أبوظبي” يشدد على أهمية العلوم والتكنولوجيا في تأمين الفرص المستقبلية لجيل الشباب والتمكين الكامل للمرأة
فخامة قاسم جمعة توكاييف: الفرص الكبيرة للعلوم والتكنولوجيا في العالم الإسلامي تتطلب الاستثمار في رأس المال البشري
معالي يوسف بن أحمد العثيمين: دول منظمة التعاون الإسلامي تحتاج لتطوير آليات استشراف المستقبل والتخطيط الاستراتيجي
معالي سارة بنت يوسف الأميري: العلوم والتكنولوجيا تسهم في التغلب على تحديات التنمية المعاصرة و”المرحلة الاستثنائية” الحالية تقتضي التعاون والتكامل بين الدول
شبكة بيئة أبوظبي: الامارات العربية المتحدة، 16 يونيو 2021

أكد سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، على ضرورة حشد طاقات وموارد دول منظمة التعاون الإسلامي من أجل فتح آفاق جديدة للاستثمار في العلوم والتكنولوجيا والابتكار بما يحقق التقدم والازدهار والاستقرار لشعوب دول منظمة التعاون الإسلامي.
وتطرق سموه في كلمة دولة الإمارات العربية المتحدة، في “الدورة الثانية لمؤتمر القمة الإسلامي حول العلوم والتكنولوجيا” التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، بمناسبة استلام الإمارات لرئاسة القمة، إلى تجربة الدولة في تسخير التكنولوجيا والابتكار وتطبيقات الثورة الصناعية لتحقيق التنمية.

“إعلان أبوظبي”
وأقر قادة الدول المشاركة بيان القمة الذي صدر تحت عنوان “إعلان أبوظبي”، مؤكدين خلاله التزامهم بجميع الإجراءات الضرورية من أجل إنشاء وتفعيل بيئة تساعد في تحقيق التقدم في مجال العلوم والتكنولوجيا والابتكار في الدول الأعضاء في المنظمة، ومواصلة العمل على تنفيذ برنامج منظمة التعاون الإسلامي للعلوم والتكنولوجيا والابتكار 2026.
وجدد القادة التزامهم تعزيز وتطوير العلوم والتكنولوجيا والعمل على إحياء دور الإسلام الرائد في العالم، مع ضمان التنمية المستدامة والتقدم والازدهار لشعوب الدول الأعضاء، مؤكدين أن تشجيع العلوم والتكنولوجيا والابتكار عامل أساسي لمواجهة العديد من التحديات الإنمائية المعاصرة، ومن ضمنها القضاء على الفقر وتوفير التعليم للجميع ومواجهة التغير المناخي، مع التشديد على أن التحول التكنولوجي هو المفتاح لتسريع وتيرة نمو الدول الأعضاء وتنميتها، ولاسيما البلدان الأقل نموا.
وطالب “إعلان أبوظبي” بصياغة خارطة طريق شاملة لوضع آليات لنقل التكنولوجيا بين الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وتطرق الإعلان إلى أزمة كوفيد-19 التي أبرزت أهمية التعاون العالمي لضمان أن يتبنى المجتمع الدولي الحلول التي تستند إلى الأدلة العلمية عند التعامل مع القضايا العالمية المعقدة الأخرى مثل الطوارئ الصحية وتغير المناخ.
وتعهّد القادة في بيان “إعلان أبوظبي” بالعمل على تشجيع الابتكار وتطوير الصناعات المحلية في مجال الأدوية واللقاحات، وكذلك التدابير الوقائية والعلاجات للأمراض المعدية وغير المعدية، بما يتفق مع القوانين والمعايير الدولية المعمول بها.
وتطرق “إعلان أبوظبي” إلى أهمية العلوم والتكنولوجيا في تأمين الفرص المستقبلية لجيل الشباب، فأكد ضرورة توفير التعليم للجميع حتى المستوى الثانوي وزيادة الاستثمار في تدريس العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات في المستويات الابتدائية والثانوية والجامعية، كما لفت إلى الدور المهم للتعليم في تمكين المرأة، والقضاء على الفقر.

كما أعرب القادة المشاركون في “إعلان أبوظبي” عن تصميمهم على دعم الزراعة والتنمية الريفية والأمن الغذائي في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي باعتبارها إحدى الاستراتيجيات الأساسية لتعزيز التضامن في إطار المنظمة، والتخفيف من حدة الفقر، وحماية الأرواح، مشيدين بنتائج ورشة العمل حول تطوير بنوك الجينات الوطنية للبذور والنباتات في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، والتي نظمتها المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي، برئاسة حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة في يوليو 2020.
وأكد “إعلان أبوظبي” على أهمية توفير إمدادات طاقة موثوقة ومستدامة باعتبارها عاملا أساسيا في مكافحة الفقر، داعيا إلى تعزيز التعاون بين الدول الأعضاء لتبادل المعلومات والخبرات والتكنولوجيا في هذا الإطار وزيادة الدعم على المستوى المحلي لأنشطة البحث والتطوير في مجال تكنولوجيات الطاقة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، وغيرها من التقنيات التمكينية وكل ما من شأنه المساهمة في تقليص انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون والتخفيف من آثار تغير المناخ.
وحض “إعلان أبوظبي” على تعزيز البنية التحتية والموارد البشرية في مجال التكنولوجيا الحيوية وتكنولوجيا النانو، والتي يمكن أن توفر الحلول المناسبة في الطب والصيدلة والزراعة وغيرها من المجالات، كما شجّع كافة الدول الأعضاء على صياغة سياسات رقمية وخرائط طريق وطنية، ووضع برامج ومبادرات دعم في إطار الثورة الصناعية الرابعة؛ مع التأكيد على أهمية التحول الرقمي واستخدام الأنظمة الذكية، بما فيها التكامل الرقمي وإنترنت الأشياء والأتمتة والتقنيات الروبوتية والأمن السيبراني والبيانات الضخمة.
وحض الإعلان كافة الدول على اعتماد اقتصاد دائري وتعزيز القدرات وزيادة قدرات الابتكار في اقتصاداتها لتكون جاهزة للتحول التوأم (الأخضر والرقمي) في عصر الثورة الصناعية الرابعة . كما لفت إلى ضرورة التعاون في وضع معايير للثورة الصناعية الرابعة والتكنولوجيات المتقدمة المرتبطة بها للإسراع في اعتمادها وتحقيق مكاسب الإنتاجية من خلال تحسين الفعالية والكفاءة وعمليات سلاسل الإمداد لتسهيل التجارة.
ورحّب البيان أيضا بمشاركة الدول الأعضاء في معرض إكسبو 2020 دبي الذي سينظم حول موضوع “تواصل العقول: صنع المستقبل” وهو أول معرض عالمي من معارض “إكسبو” يعقد في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا؛ متوجها بالدعوة إلى المشاركة القوية للاستفادة من المنصة الفريدة لإكسبو 2020 دبي باعتبارها الحاضنة العالمية الأكثر تأثيرا للأفكار الجديدة والتكنولوجيات لبناء شراكات ودفع التقدم، وبالتالي بناء إرث اجتماعي واقتصادي قوي.

الإمارات ترأس القمة
وافتتحت القمة بكلمة لفخامة الرئيس قاسم جمعة توكاييف، رئيس جمهورية كازاخستان، رئيس القمة الإسلامية الأولى للعلوم والتكنولوجيا، والذي استعرض جهود بلاده لتحقيق أهداف القمة منذ دورتها الأولى في أستانا عام 2017، كما أعرب عن تطلعه لتحقيق المزيد من الإنجازات في الفترة المقبلة مع تسلّم دولة الإمارات لرئاسة القمة. وأعقب ذلك إعلان تشكيل هيئة المكتب الخاصة بالقمة برئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتابع فخامة قاسم جمعة توكاييف بالتأكيد على أهمية الاستثمار في الجيل الشاب وفي المستقبل قائلا: “نحن جميعا نتشارك في مدى إدراكنا للفرص الكبيرة التي يمتلكها العالم الإسلامي على صعيد العلوم، ولكننا بحاجة للاستثمار أكثر في رأس المال البشري وفي التعليم العالي. من المهم جدا تطوير تعاوننا العلمي كوسيلة وحيدة متاحة أمامنا لإعادة إحياء أمجاد العالم الإسلامي في مجالي العلوم والابتكار.”
ونبه فخامة الرئيس الكازاخستاني إلى خطر التحديات التي تواجه دول منظمة التعاون الإسلامي بسبب الظروف الصحية العالمية، داعيا لتعزيز نشر اللقاحات ومنع استخدامها كأداة سياسية بين الدول، وتحدث عن جهود بلاده في تطوير لقاح محلي لكوفيد-19.
من جانبه، قدم معالي الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، في كلمته في الجلسة الافتتاحية الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، رئيس القمة الإسلامية، كما شكر دولة الإمارات العربية المتحدة على استضافة القمة الحالية وكذلك جمهورية كازاخستان على ترأسها للقمة في دورتها الأولى.
وتحدث معاليه عن التقدم المسجل خلال السنوات الماضية، مضيفا أن الدول الأعضاء في المنظمة أحرزت في الفترة الأخيرة تقدما إيجابيا، حيث زاد عدد المنشورات العلمية بنسبة 34 في المائة، وارتفعت قيمة صادرات التكنولوجيا من بلدان منظمة التعاون الإسلامي بنحو 32 في المائة.”
ونبه معالي يوسف بن أحمد العثيمين إلى وجود بعض التحديات التي تواجه دول المنظمة على صعيد العلوم والتكنولوجيا ودعا إلى اتخاذ بعض الخطوات العملية لمواجهة معوّقات التطور العلمي، كما حض على تعزيز التعاون الإسلامي البيني والشراكات في مجال التعليم من خلال زيادة التفاعل الأكاديمي وتبادل المعارف عن طريق توفير المنح الدراسية وتبادل الباحثين والعلماء المتخصصين، وكذلك تطوير آليات استشراف المستقبل والتخطيط الاستراتيجي.
وبعد ذلك ألقى سمو الشيخ عبدالله بن زايد كلمته التي رحب في مستهلها بالمشاركين في القمة نيابة عن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، مشددا على أهمية أعمالها في فتح آفاق جديدة للاستثمار في العلوم والابتكار بما يحقق التقدم والازدهار والاستقرار لشعوب دول منظمة التعاون الإسلامي.

وتوجه سمو الشيخ عبدالله بن زايد بالشكر إلى قيادة جمهورية كازاخستان على الجهود التي بذلتها خلال رئاستها للقمة الإسلامية الأولى للعلوم والتكنولوجيا التي شهدت إطلاق “خطة العمل العشرية”. بحيث تكون العلوم والتكنولوجيا المحرك الرئيس الذي يقود المسيرة التنموية لدول منظمة التعاون الإسلامي بحلول العام 2026.
وتابع سموه بالقول: “نتطلّع في قمة اليوم إلى البناء على منجزات القمة الأولى والمضي معاً في رسم خارطة طريق لأهم المبادرات والمشاريع المستقبلية في إطار تحقيق أهداف الخطة العشرية. لا يكفي أن نحدد الأهداف ونرسم خطط عمل. بل علينا أن نحفِّز شعوبنا كي تقود مسيرة الابتكار.”
وعدد سموه الشيخ عبدالله بن زايد أبرز محطات التجربة الرائدة لدولة الإمارات العربية المتحدة خلال العقدين الماضيين في جعل التكنولوجيا والابتكار وتطبيقات الثورة الصناعية وحلولها رافداً حيوياً في شتى قطاعاتها التنموية، وعلى رأسها تحقيق إنجاز تاريخي بإطلاق “مسبار الأمل”، أول مهمة عربية إسلامية لاستكشاف المريخ، إلى جانب تشغيل محطة براكة، كأول محطة لإنتاج الطاقة النووية لأغراض سلمية في المنطقة، التي ستوفر 25% من احتياجات الإمارات للكهرباء. وإطلاق “مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ” مع الولايات المتحدة الأمريكية وبدعم من سبع دولة لتكثيف وتسريع جهود الابتكار والبحث والتطوير العالمية في جميع جوانب القطاع الزراعي للحد من تداعيات تغير المناخ، علاوة على استعداد الإمارات لاستقبال أحدث ابتكارات العالم في معرض إكسبو2020 بدبي.
وختم سموه بالقول: “هذه ليست إنجازات إماراتية فقط، بل هي عربية وإسلامية ولم تكن لتتحقق لولا إيماننا بأهمية مد جسور الشراكة والتعاون وتبادل الخبرات مع مختلف دول العالم. أمامنا عمل كثير. وهذا يستلزم منا حشد جهودنا ومواردنا وإمكاناتنا وعقولنا. بحيث نعمل معاً على إعادة إحياء أمجاد العصر الذهبي للحضارة الإسلامية يوم أضاءت علومنا ظلمات العالم.”

منظومة شاملة
وأدارت معالي سارة بنت يوسف الأميري وزيرة دولة للتكنولوجيا المتقدمة، جلسات القمة، حيث دعت في بداية النقاشات إلى العمل سوياً من أجل تطوير منظومة عمل شاملة ومتكاملة تكون العلوم والتكنولوجيا المتقدمة محركها الرئيسي وذلك لخدمة جهود تنمية مستدامة لبلادنا وشعوبنا خلال الأعوام الخمس المقبلة، وحتى العام 2026 عند الإعلان عن نتائج الخطة العشرية للمنظمة.”
ولفتت معالي سارة بنت يوسف الأميري إلى الدور الحيوي لقطاع العلوم والتكنولوجيا في التغلب على تحديات التنمية المعاصرة، بما في ذلك تخفيف وطأة الفقر، ودفع الجهود التنموية المستدامة في قطاعات الصحة والحفاظ على البيئة وضمان أمن الغذاء والماء والطاقة وغيرها.
وأضافت معاليها: “تحتضن الدول الإسلامية والعربية نحو ربع سكان العالم، وبالرغم من ما تملكه من موارد طبيعية وفيرة، إلا أنها مازالت تعاني من تحديات عديدة، وذلك ما شهدناها خلال العامين الماضيين أثناء جائحة كوفيد-١٩ وما تسببت فيه من تحول غير مسبوق في ملامح الحياة، ولولا التكنولوجيا، لما استطعنا استئناف حياتنا بصورة طبيعية. نحن جميعنا متفائلين وكلنا أمل بأن المستقبل سيحمل لنا قدراً أكبر من التعاون والتكامل فى المجالات العلمية والتكنولوجية بين الدول الـ57 الأعضاء بالمنظمة، وأن يصبح العالم الإسلامي أكثر تطوراً، ونمواً، واستدامة.”
وشددت معاليها بأن القمة مثلت انطلاقة كبرى في طريق إزالة التحديات، وإيجاد الحلول على صعيدي العلوم والتكنولوجيا في بلداننا الإسلامية والعربية، وتبني خطاب موحد للأعوام المقبلة تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، لتحقيق التطلعات والأهداف وصياغة مستقبل أفضل لشعوبنا وللأجيال القادمة.
وأكدت معالي سارة بأن المرحلة الاستثنائية الحالية التي يمر بها العالم تقتضي من الجميع أن يتعاون ويعزز الشراكات من أجل نقل المعرفة، والاستعداد للمستقبل، من خلال الاستثمار في العلم والتكنولوجيا والابتكار، والتي ستمكننا من النمو المتوازن والمستدام.

مشاركة دولية رفيعة
وشهدت القمة التي عُقدت عن بعد مشاركة قادة وممثلين لدول منظمة التعاون الإسلامي يتقدمهم فخامة قاسم جمعة توكاييف، رئيس جمهورية كازاخستان، رئيس الدورة الأولى من المؤتمر وفخامة قربان برديمحدوف، رئيس جمهورية تركمانستان وفخامة علي بونغو أونديمبا، رئيس جمهورية الغابون وفخامة محمد عبدالحميد رئيس جمهورية بنغلاديش الشعبية.
كما شارك أيضا فخامة إلهام علييف رئيس جمهورية أذربيجان وفخامة محمد بازوم، رئيس جمهورية النيجر وفخامة محمد أشرف غني، رئيس جمهورية أفغانستان الإسلامية، وفخامة جوليوس مادا بيو رئيس جمهورية سيراليون ومعالي معروف أمين نائب رئيس جمهورية إندونيسيا.
وشارك في الجلسة كذلك فخامة عارف علوي، رئيس جمهورية باكستان الإسلامية ورئيس اللجنة الدائمة للعلوم والكتنولوجيا “كومستيك” ومعالي الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الزراعة المستدامة موضوع رئيسي في “ويتيكس” ودبي للطاقة الشمسية 2023

شبكة بيئة ابوظبي، دبي، الإمارات العربية المتحدة، 16 نوفمبر 2023 تركز الدورة الخامسة والعشرون من …