شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، خبير حوكمة معتمد، 10 يوليو 2021
نماذج اليقظة الاستراتيجية
إن الدراسات المتعددة والمختلفة في مجال اليقظة الاستراتيجية تؤدي إلى الاختلاف المفيد في بعض الأحيان والتوافق في معظمها، الذي يُضفي عليها التعدد والتنوع، وقد أثمرت تلك الدراسات لعدة نماذج لتوضيح اليقظة الاستراتيجية ومراحل تطبيقها في المنظمة وكيفية متابعة البيئة المحيطة وجمع المعلومات المطلوبة ومن ثم تخزينها ومعالجتها واستمثارها لما يُوافق مصلحة المنظمة في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، وقد توافقت النماذج في مجملها واختلفت في بعض التفاصيل لتوصيل المعنى الواحد، وسنذكر عدة نماذج منها:
أولاً: نموذج الزمنين (Gerard Verna):
يعتبر النموذج لليقظة على أنها عملية تتم عبر زمنين ويتكون كل زمن من ثلاث عمليات فرعية، ووضع هذه النموذج (Gerard Verna)، ويعتبر من النماذج الرائجة في الاستخدام، كما سيأتي:
1. الزمن الأول: (زمن الحراسة)
يختص في حراسة ورقابة محيط المنظمة والمعلومات ذات العلاقة بقصد متابعتها والحصول عليها ويتكون هذا الزمن من ثلاث عمليات هي:
1.1. عملية البحث عن المعلومات:
وتقوم هذه العملية بحراسة البيئة المحيطة بشكل مستمر، والعمل على تحديد المعلومات ومكانها، وتحديد مصدرها بالرقابة المستمرة للمحيط والبحث عن المصدر المستهدف وتحديد المعلومات المناسبة في الوقت المناسب، لتعقب واقتفاء مصادر البيانات والمعلومات والإشارات الضعيفة التي تنبأ باستباقية في التطوير والتحسين للمنظمة، فالتموقع الصحيح واليقظة المستمرة للحارس لاقتناص الفرص من المعلومات لاستثمارها بعيداً عن فوضى المعلومات في الفضاء المعلوماتي والابتعاد عن الغرق المعرفي الذي لا يُفضي بنتيجة مثل قراءة الكتب خارج التخصص، ويرى (Verna) بأن معظم نسبة (80%) من المعلومات الأكثر استهدافاً يمكن الحصول عليها بالطرق الشرعية ومتاحة للجميع (1)
1.2. عملية جمع المعلومات:
تختص هذه المرحلة بجمع المعلومات، على أن يتم تحديد المجال المطلوب ليتم التركيز عليه من قبل اليقظة، وتركيز الجهود للمراقبة للمعلومات ومصدرها ليتم جمعها حسب الطلب أو النشاط المطلوب للمنظمة، وحسب قانون (نولان) (2) في جمع المعلومات تتم المفاضلة بين السرعة المطلوبة وتكلفة الحصول على المعلومة وجودتها، ليتم نشرها والاستفادة منها، أو تخزينها في قاعدة بيانات لاسترجاعها والاستثمار بها لاحقاً.
1.3. عملية بث المعلومات:
والمقصود بهذه العملية إيصال المعلومات التي تم الحصول عليها لمستخدميها، إذ تعتبر هذه المرحلة حاسمة لقيمة المعلومات وللمنظمة من حيث استخلاص ما يفيد المنظمة بالتنقيب في قواعد البيانات بالسرعة المناسبة لتصويب القرارات المستقبلية، حيث في هذه المرحلة يتم انتقاء المعلومات المرادة ومعالجتها لانتاج المطلوب والمفيد للمنظمة لاستعمالها، ومن ثم نشرها واستخدامها أو تبادلها من قبل المنظمة حسب احتياجاتها بما يوافق تحقيق أهدافها، وتفقد المعلومات التي تم جمعها أهميتها إن لم يتم استثمارها في الوقت المناسب والطرف المناسب للاستفادة من قيمتها في تحقيق نتائج ايجابية.
2. الزمن الثاني: (زمن الاستغلال)
يتعلق هذا الزمن بالاستغلال المنطق والعقلاني للمعلومات التي تم تجميعها لاظهار المعنى الحقيقي وقيمة المعلومات، فالمعلومة تبقى مجردة بلا قيمة إن لم يتم معالجتها وتحليلها حسب المعطيات المتوفرة لإضفاء القيمة المضافة والأهمية في استعمالها لدعم المنظمة باتخاذ القرارات الاستراتيجية المناسبة في الزمن المناسب، ويتكون هذا الزمن أيضاً من ثلاث عمليات هي:
2.1. عملية معالجة المعلومات:
تكون المعلومات التي يتم بشكلها الخام مجردة وبيانات متفرقة لا يمكن الاستفادة منها دون التعامل مع المعلومات الأخرى المتوفرة لتجميعها واستخراج المعنى الدلالة منها، فيتم انتقاء المناسب منها وذلك حسب أهميتها ومدى تحقيقها الفائدة المرجوة منها، والقيمة المضافة التي تحققها في اتخاذ القرارات وتحقيق الأهداف، ومن ثم يتم معالجتها لتحويلها لمعلومة مفيدة.
2.2. عملية تحليل المعلومات:
المقصود بهذه العملية التأكد من صحة المعلومات الواردة قبل استعمالها، ليتم تصفية البيانات السابق جمعها والتأكد من صحتها وخلوها من الاخطاء والتشويش والتعتيم لاتخاذ القرار باستخدامها من عدمه، وتهيئتها لتكون صالحة للاستخدام وتحقق الفائدة المرجوة، في حال تثبيتها للاستخدام يتم التأكد من محتوى هذه المعلومات، ومدى أهميتها المحتملة بالنسبة للمنظمة، وصحة مصدرها وموثوقيتها.
2.3. عملية استعمال المعلومات:
تتجسد جميع العمليات السابقة في هذا النموذج في خلاصة هذه العملية من خلال الاستعمال والتوظيف العلمي والعملي للمعلومات التي تم تثبيتها بعد التأكد من سلامتها والاستفادة منها في استراتيجية المنظمة وتحقيق الاستباقية والريادة، وإلا فقدت المعلومة الفائدة منها بوجودها في مخزن المعلومات دون توظيفها بالشكل السليم.