الحياد الكربوني يتطلب إجراء تحولات سريعة وفورية في الطاقة

عرض تمهيدي لتقرير جديد للوكالة الدولية للطاقة المتجددة يكشف
عرض “توقعات تحولات الطاقة حول العالم” يحدد استراتيجيات عالمية تدعم الوصول إلى نظام صفري الطاقة وتمهد الطريق لوقف ارتفاع درجة الحرارة عند 1,5 درجة مئوية بحلول عام 2050
شبكة بيئة أبوظبي، الإمارات العربية المتحدة؛ 27 سبتمبر 2021

أشارت الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) في عرض تمهيدي لتقرير “توقعات تحولات الطاقة حول العالم” (الرابط) إلى انتشار العديد من التقنيات الموثوقة التي تؤسس لنظام صفري الطاقة بالفعل. وتوقع العرض التمهيدي أن تسيطر حلول الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والطاقة الحيوية الحديثة على عالم الطاقة في المستقبل.
وقدمت “آيرينا” هذا العرض التمهيدي في مؤتمر حوار برلين حول تحول الطاقة المُنعقد اليوم، وتضمن اقتراح حلول لتحول الطاقة تناسب الفرصة الضئيلة المتاحة للحيلولة دون ارتفاع درجات الحرارة عن 1,5 درجة مئوية ومنع تفاقم حالة الاحترار العالمي التي لا يمكن تلافي نتائجها. وستشمل 90% من حلول إزالة الكربون في عام 2050 حلول الطاقة المتجددة متمثلة بتوفير إمداد مباشر من الطاقة الكهربائية منخفضة التكلفة، عالية الكفاءة والمولدة من طاقة متجددة للاستخدام النهائي، بالإضافة إلى الهيدروجين الأخضر. كما سيؤدي تبني تقنيات التقاط الكربون وإزالته واستخدام الطاقة الحيوية إلى خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في ’الميل الأخير‘ نحو بلوغ نظام صفريّ الطاقة.
ومع اقتراب المواعيد النهائية المحددة لأهداف الطاقة في عام 2030، تأتي هذه التوقعات في وقتٍ حرج بات فيه العمل لإيفاء التزاماتنا البيئية بسرعةٍ وجرأةٍ أكبر أمراً بالغ الأهمية، ولا سيما في عام يشهد حواراً رفيع المستوى بشأن الطاقة ومؤتمر غلاسكو للمناخ (كوب 26).
وبهذه المناسبة، قال فرانشيسكو لا كاميرا، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة: “إن الفرصة لتحقيق هدف اتفاق باريس بالحدّ من ارتفاع درجة الحرارة عند 1,5 درجة مئوية تتقلص بسرعة. إذ تبيّن توجهات الطاقة الأخيرة أن المسافة التي تفصلنا عن بلوغ أهدافنا تتسع بدل أن تنقص. فنحن نسير في الاتجاه الخطأ. ويتناول تقرير ’توقعات تحولات الطاقة حول العالم‘ الخيارات القليلة المتاحة للحد من ارتفاع درجات الحرارة عن 1,5 درجة مئوية، وذلك نحن بحاجة إلى تحولات سريعة الوتيرة تُحدث تغييراً حقيقياً. وسيبقى الوقت أهم متغير لقياس جهودنا”.

وأضاف لا كاميرا: “أمامنا طريق شاقٌ جداً، لكن توجد بعض المعطيات المواتية التي قد تساعد في تحقيق أهدافنا. إذ تتحول عدة اقتصادات كبرى، تعد المسؤولة عن أكثر من نصف الانبعاثات الكربونية في العالم، إلى الحياد الكربوني. كما نشهد تغيرات في رأس المال العالمي مع قيام الأسواق المالية والمستثمرين بتحويل رؤوس المال إلى الأصول المستدامة. وبدورها، سلطت جائحة ’كوفيد-19‘ الضوء على التكلفة التي يسببها اعتماد الاقتصادات على الوقود الأحفوري، كما أبرزت أهمية حلول الطاقة المتجددة. وفي حين تنفق الحكومات أموالاً طائلة لإنقاذ وإنعاش اقتصاداتها، يتعين على الاستثمارات أن تدعم تحول الطاقة. وقد حان الوقت للقيام بخطوات فعلية، ويمكن لدول العالم اتخاذ زمام المبادرة عبر إطلاق سياسات تؤسس لنظام طاقة يناسب القرن الحادي والعشرين من حيث حماية المناخ وضمان الازدهار والعدالة”.
ويتوقع المسار الذي حددته “آيرينا” لوقف ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند 1,5 درجة مئوية أن استخدام مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء سيتضاعف حول العالم بواقع ثلاثة مرات في عام 2050. كما يتوقع انخفاض استخدام الوقود الأحفوري بنسبة تتجاوز 75%، يترافق مع تدني سريع في استهلاك النفط والفحم. ويفترض المسار أيضاً بلوغ استهلاك الغاز الطبيعي ذروته في عام 2025 ليصبح الوقود الأحفوري المتبقي الأكثر استخداماً بحلول عام 2050.
وتعكس الأسواق المالية هذا التحول عبر نقل استثمارات رأس المال من الوقود الأحفوري إلى الأصول المستدامة مثل مصادر الطاقة المتجددة. ويستمر تصنيف الوقود الأحفوري بالانخفاض، حيث انخفضت حصته في قطاع الكهرباء شديد الاستهلاك للوقود الأحفوري على مؤشر ستاندرد & بورز من 13% قبل عقد من الزمان إلى أقل من 3% اليوم. وفي المقابل، يضخ المستثمرون الأموال في مخزون الطاقة المتجددة مع ارتفاع نسبة الطاقة النظيفة على مؤشر ستاندرد & بورز بنسبة 136% في عام 2020.

ومع ذلك، يشير تقرير “توقعات تحولات الطاقة حول العالم” إلى ضرورة إعادة توجيه الاستثمارات الكبرى. إذ أعلنت الاقتصادات الكبرى عن حزمة من الحوافز الاقتصادية التي ستضخ قرابة 4,6 تريليون دولار أميركي مباشرة في القطاعات المرتبطة بالانبعاثات الكربونية مثل الزراعة، والصناعة، والنفايات، والكهرباء، والنقل؛ في حين لم يتجاوز حجم الاستثمارات المخصصة للطاقة النظيفة 1,8 تريليون دولار أميركي.
ويجب أن يكون التوجه معاكساً تماماً، إذ ينبغي زيادة الاستثمار في تحول الطاقة بمقدار خمسة أضعاف ليصل إلى ما مجموعه 131 تريليون دولار أميركي بحلول عام 2050، أي ما يعادل 4,4 تريليون دولار أميركي وسطياً في العام. وسيثمر ذلك عن فوائد اجتماعية واقتصادية هائلة، إذ سيؤدي الاستثمار في التحول إلى خلق قرابة ثلاثة أضعاف فرص العمل التي يوفرها الوقود الأحفوري، لكل مليون دولار يتم استثماره. ولضمان تحول مُنصف وعادل، يدعو تقرير التوقعات من “آيرينا” إلى وضع إطار عمل شامل ومتسق للسياسات العامة.
كما يتوقع مسار “آيرينا” لوقف ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند 1,5 درجة مئوية إلى الاعتماد على الكهرباء كناقل رئيسي للطاقة عام 2050، وزيادة قدرة الطاقة المتجددة بأكثر من عشرة أضعاف خلال نفس الفترة. وسيشهد قطاع النقل أعلى نمو لاستخدام الطاقة الكهربائية بزيادة قدرها 30 ضعفاً، وستكون أكثر من 70% من انخفاضات الانبعاثات الكربونية التي سيشهدها القطاع بسبب الإمداد الكهربائي المباشر وغير المباشر.
وسيغدو الهيدروجين الأخضر الأكثر طلباً لتوليد الكهرباء، ليمثل نسبة تعادل 30% من إجمالي الاستهلاك في عام 2050، وهو مساوٍ تقريباً لمستوى إمداد الكهرباء في العالم اليوم. وستتنامى أهمية الطاقة الحيوية وتقنيات إزالة الكربون في قطاع الصناعة لتفادي إصدار انبعاثات الكربون بالكامل بدلاً من حجمها المحدد لوقف ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند 1,5 درجة مئوية.
يمكن الاطلاع على العرض التمهيدي لتقرير “توقعات تحولات الطاقة حول العالم” عبر (الرابط). وسيُلحق العرض بتقرير شامل يحدد الأثر الاجتماعي والاقتصادي لتحول الطاقة، إلى جانب استعراض رؤى معمقة حول السوق والتمويل.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

البيئات العمرانية كقطاع حيوي لتحقيق طموحات الحياد المناخي

يلقي الضوء عليها “مجلس الإمارات للأبنية الخضراء” في إطار مؤتمر الأطراف COP28 شبكة بيئة ابوظبي، …