احتفالية (COP26) للمناخ تنتج ميثاق فضفاضاً ومثيراً للشفقة

الهند والصين تؤجلان الخروج النهائي من الوقود الأحفوري إلى قمتي شرم الشيخ وأبوظبي
شبكة بيئة ابوظبي، المهندس محمد بنعبو الخبير في المناخ والتنمية المستدامة، رئيس المكتب الوطني لجمعية مغرب أصدقاء البيئة، 15 نوفمبر 2021

نجح مؤتمر الأطراف للمناخ بغلاسكو في نسخته السادسة والعشرون في إنهاء المفاوضات التي كانت جارية منذ ست سنوات بشأن تطبيق المادة السادسة من اتفاقية باريس، والتي تتناول بشكل خاص عمل أسواق الكربون أي إمكانية تبادل وحدات خفض ثاني أوكسيد الكربون على الرغم من حقيقة أن أسواق الكربون يمكن أن تكون خطرة على حد سواء لتحقيق هدف +1.5 درجة مئوية، فبعد أسبوعين من المفاوضات المكثفة ويوم من التمديدات، اختتم مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرون للمناخ مساء السبت 13 نونبر 2021في غلاسكو بالمملكة المتحدة حيث توصل مفاوضو ما يقرب 200 دولة إلى حل وسط بشأن البيان الختامي، قمة مناخية كان ينتظر منها الكثير جمعت أكثر من 120 رئيس دولة وأفرزت التزامات تعد علة رؤوس الأصابع تهم الغابات أو الميثان وأسبوعين من المفاوضات التي أجريت ليل نهار ، كانت لندن تأمل في اختتام مؤتمر الأطراف من خلال “الحفاظ على” الهدف الأكثر طموحا لاتفاقية باريس الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الثورة الصناعية.

انتهت محطة غلاسكو بحلوها ومرها، بينما لا يزال العالم وفقا للأمم المتحدة يسير على المسار “الكارثي” لارتفاع درجة حرارة +2.7 درجة مئوية تمت الموافقة على مسودة الإعلان النهائي الجديد بشأن المناخ خلال جلسة عامة جديدة ظهر يوم السبت من قبل وفود من 200 دولة اجتمعت في مؤتمر المناخ في غلاسكو، هذا النص الذي يجب أن يدرس للأجيال القادمة باعتباره “ميثاق غلاسكو للمناخ” ميثاق “غير كامل” ولكن هناك “توافق في الآراء”، في الوقت الذي رحب فيه ألوك شارما رئيس مؤتمر الأطراف غلاسكو بعد خطابات العديد من الوفود بنسخة من الإعلان الختامي، وأرجأ المفاوضات قبل الجلسة النهائية التي يجب أن تبرم رسميا هذه الاتفاقية المتعددة الأطراف، بعد خمس سنوات من اتفاق باريس، وفي نهاية اليوم الأخير والاضافي من المفاوضات علق بعض المندوبين على المنصة على اللحظة “التاريخية” بكلمات ألوك شارما التي كان الكوكب يمر بها، حيث تحدثت غواتيمالا عن “نصف كوب ممتلئ” بينما تحدثت نيوزيلندا عن “أقل نتيجة ممكنة” بعد أسبوعين من المفاوضات المكثفة في اسكتلندا، إضافة الى أن “هذا الاتفاق لا يجلب الأمل في قلوبنا” كما أعرب عن أسفه لممثل جزر المالديف الذي يهدد بقاءه بسبب ارتفاع منسوب المياه، في الوقت الذي دافعت الرئاسة البريطانية لمؤتمر الأطراف 26 عن مشروعها طوال هذا اليوم من التمديد والذي وفقا لها يعتبر “كلا متوازنا يجعل الأمور تحدث للجميع حقا” مع “خطوات ملموسة للمستقبل وخطوات واضحة جدا للوصول إلينا” على المسار الصحيح نحو أهداف اتفاق باريس “.

ويهدف البيان الختامي في نسخته الأخيرة إلى الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري “أقل بكثير من درجتين مئويتين وإذا أمكن إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة، ومع ذلك لم تؤد النسخة النهائية إلى التقدم المأمول، من إصدار إلى آخر تم إفراغ نطاق النص من مضمونه، إنه لا يحقق تقدما بشأن القضية التي تقع في قلب التوترات في هذه الأيام الأخيرة من المفاوضات: الغلاف المالي لمساعدة أفقر البلدان تلك الأقل مسؤولية عن تغير المناخ ولكن على خط المواجهة في مواجهة آثاره، وكانت البلدان النامية قد طلبت بشكل خاص آلية محددة لمراعاة “الخسائر والأضرار”، أي الضرر الذي سببه بالفعل الآثار المدمرة لتزايد العواصف والجفاف وموجات الحر، وبحسب العديد من المراقبين والمصادر القريبة من المفاوضات، فإن الدول الغنية، ولاسيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، منعت هذا الاقتراح، وكانت مجموعات مختلفة من البلدان النامية قد أشارت في وقت سابق إلى أنها لن تمنع اعتماد إعلان ختامي بسبب الخلافات حول هذه القضية، وأشار ممثل غينيا أمادو سيبوري توري رئيس مجموعة التفاوض مجموعة 77 + الصين (أكثر من 100 دولة نامية وناشئة): “بروح التسوية سنتمكن من التعايش مع الفقرات” التي تثير هذا السؤال، “نحن نتفهم أن هذه الصياغة لا تعكس أو تحكم مسبقا على حلنا المنشود لتمويل الخسائر والأضرار للفئات الأكثر ضعفا” تحدثت مجموعات أخرى في البلدان الضعيفة بنفس السياق، وأشار تحالف الدول الجزرية الصغيرة الذي يستحضر أيضا روح “التسوية”، إلى أن مشروع البيان الختامي تضمن إحراز تقدم في “بعض أولوياتنا التي بدونها لا يمكننا مغادرة” المؤتمر ولاسيما لمحاربة أسباب الاحتباس الحراري، وتابع ممثل مجموعة الدول الجزرية: “نشعر بخيبة أمل شديدة بسبب نقص المعلومات عن الخسائر والأضرار وسنعبر عن مطالباتنا في الوقت المناسب”، كما قال مندوبو الغابون نيابة عن مجموعة أفريقيا وعن فيجي إنهما سيقبلان جزء الخسائر والأضرار، في الوقت الذي كان المبعوث الأمريكي جون كيري يحاول طمأنة الدول الفقيرة بشأن هذه القضية، بعد أن عارضت الولايات المتحدة التي تخشى بشكل خاص العواقب القانونية المحتملة لاعتراف محدد بالخسائر والأضرار ، بشدة اقتراح “آلية خاصة”، وقال جون كيري: “نحن مستعدون للمشاركة في الحوار حول الخسائر والأضرار والمساهمة في إنجاحه”، وكان الاتحاد الأوروبي قد عارض أيضا آلية محددة وأقر أحد الممثلين بأنه: “بالطبع ما زلنا في بداية ما يتعين علينا القيام به بشأن الخسائر والأضرار”.
اللعب بالمصطلحات الوقود الأحفوري الخفيف نموذجاً
تمت الإشارة في نص البيان الختامي وبطريقة غير المسبوقة على هذا المستوى من الوقود الأحفوري المسؤول الرئيسي عن الاحتباس الحراري والتي لم يتم ذكرها حتى في اتفاقية باريس تم تخفيفها في هذه النسخة الثالثة من مسودة الإعلان، حيث يدعو النص الآن الدول الأعضاء إلى “تسريع الجهود للتخلص التدريجي من الطاقة التي تعمل بالفحم بدون أنظمة احتجاز ثاني أوكسيد الكربون ودعم الوقود الأحفوري غير الفعال” بينما لم تتضمن النسخ الأولى كلمتي “جهود” و “عدم فعالية، وحول هذه النقطة رفعت الهند صوتا مخالفا، وقال وزير البيئة بوبندر ياداف “إن الدول النامية لها الحق في نصيبها العادل من ميزانية الكربون العالمية والاستخدام المسؤول للوقود الأحفوري”، أما فيما يتعلق بانبعاثات غازات الاحتباس الحراري لم يغير النص الجديد دعوة الدول الأعضاء إلى زيادة التزامات التخفيض بشكل منتظم أكثر من المنصوص عليها في اتفاقية باريس بدءا من عام 2022، ولكن مع إمكانية إجراء تعديلات “لظروف وطنية معينة”، أضافت النقطة الجمعة و الأمر الذي أثار انتقادات للمنظمات غير الحكومية حول الطموح الحقيقي للدول للحد من ارتفاع درجات الحرارة، في الوقت الذي كانت تود فيه الوفود أيضا أن تنتهي أخيرا من المناقشات المتعلقة بالباقي الأخير من قواعد استخدام اتفاق باريس، ولاسيما بشأن عمل أسواق الكربون، وقد فشلت المفاوضات بشأن هذا البند المتنازع عليه بشدة في آخر مؤتمرين للأطراف، هذا النص وهو ليس معاهدة دولية جديدة لا يفرض أي شيء على الدول بل يقدم توصيات لها ويعمل على ما تم إجماعه في القمة الاسكتلندية، تم تبني النص الذي أطلق عليه اسم “ميثاق غلاسكو للمناخ” بضربة مطرقة من رئيس المملكة المتحدة لمؤتمر المناخ العالمي ، ألوك شارما.

مؤتمر الأطراف السادس والعشرون ميثاق في غلاسكو
ويدعو الإعلان الختامي الجديد لمؤتمر المناخ إلى “تسريع الجهود” نحو الخروج من الفحم وتسريع وتيرة التزامات الدول بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد قدمت الرئاسة البريطانية يوم السبت نسخة جديدة من نص الإعلان الختامي على أمل التوصل إلى اتفاق خلال اليوم للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، النص الذي نشرته الرئاسة البريطانية لمؤتمر الأطراف السادس والعشرين صباح السبت بعد مفاوضات شاقة لم يغير من دعوة الدول الأعضاء إلى رفع التزاماتها بخفض الانبعاثات بشكل أكثر انتظامًا مما هو منصوص عليه في اتفاقية باريس وذلك اعتبارا من عام 2022 ولكن مع إمكانية إجراء تعديلات “للظروف الوطنية الخاصة”، وأثارت هذه النقطة الأخيرة انتقادات من المنظمات غير الحكومية والمسؤولين المنتخبين الخضر بشأن الطموح الحقيقي للدول للحد من ارتفاع درجات الحرارة، وشجب النائب البيئي ماتيو أورفيلين في بيان يوم السبت “يمكننا أيضا أن نأسف لغياب إعلانات تمويل جديدة لسد الفجوة الحالية حتى في الوقت الذي يحث فيه اقتراح النص الجديد الدول الغنية على سد الفجوة”، حيث يعتبر الأخير بشكل عام أن هذا الإصدار الأخير “منخفض في عدد من النقاط مقارنة بنسخة الأربعاء خاصة بشأن الخروج من الوقود الأحفوري”، في حين تم الاحتفاظ بالإشارة غير المسبوقة للوقود الأحفوري وهو السبب الرئيسي للاحترار العالمي والتي لم يتم ذكرها حتى في اتفاقية باريس في هذا النص الجديد إذا نجت في النسخة النهائية فستكون هذه خطوة رمزية للغاية، ومع ذلك فهي مرة أخرى أقل إلحاحا من الصياغة السابقة لأنها تدعو هذه المرة البلدان الأعضاء إلى “تسريع الجهود نحو الخروج من الطاقة بالفحم بدون نظام احتجاز لغاز ثاني أوكسيد الكربون، والدعم غير الفعال”للوقود الأحفوري”، في حين لم تظهر الكلمات “تسريع الجهود نحو” في الإصدار السابق، الذي خفف بالفعل من الصياغة مقارنة بالأولى التي لم تذكر “أنظمة الالتقاط”، وهي تقنية لم تكن راسخة بعد ولم تحدد “غير فعالة »بخصوص تمويل الوقود الاحفوري نظرا لأن فعالية التمويل أو عدمه ستترك لتقدير الدول فإن نص مؤتمر الأطراف لا يقدم تعريفا دقيقا، وفوق كل شيء تظل هذه التسوية بشأن الوقود الأحفوري هشة كما توقعت المديرة التنفيذية لمنظمة السلام الأخضر الدولية جينيفر مورجان إيونال إن الجلسة العامة يوم السبت “يمكن أن تكون لحظة فاصلة مع عدد قليل من الدول التي تسعى إلى محو هذه النقطة من الصفقة وإجبار الدول على العودة إلى العام المقبل بخطط أفضل”، حيث توقعت أن يجتمع المفاوضون بالفعل في جلسة عامة من المتوقع أن تكون عاصفة، ويتعين على الرئاسة البريطانية في نهاية هذا الاجتماع أن تقدم جدولها الزمني للباقي كما تأكد ذلك مساء الجمعة الأخير.

الدعم المالي الاخضر للمناخ الحاضر الغائب في غلاسكو
لم يتغير النص النهائي للبيان الختامي فيما يخص الدعم المالي الأخضر والذي يهدف إلى مساعدة أفقر البلدان على تقليل انبعاثاتها والاستعداد لمواجهة العواقب المدمرة لتغير المناخ الذي كان في قلب التوترات في المفاوضات، حيث كان من المنتظر أن تكون الدول النامية قد طرحت على الطاولة بشكل خاص اقتراحا لإنشاء آلية محددة لمراعاة “الخسائر والأضرار”، أي الأضرار التي سببتها بالفعل الآثار المدمرة للعواصف والجفاف وموجات الحرارة التي تتضاعف، لكن الولايات المتحدة على وجه الخصوص عارضت مثل هذا الاعتبار المحدد، وحول هذه النقطة أصبحت المناقشات أكثر تعقيدا بسبب عدم الثقة في الدول الفقيرة، حيث لم تف الدول الغنية بعد بوعودها التي قطعتها في عام 2009 بزيادة مساعداتها المناخية في الجنوب إلى 100 مليار سنويا اعتبارا من عام 2020، كما يتهم الجنوب الدول المتقدمة بالرغبة في إجبارها على بذل المزيد من الجهد لتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عندما لا تكون مسؤولة عن تغير المناخ، وفي معرض إشهاده على صعوبة التوصل إلى هذا الاتفاق، قال رئيس قمة غلاسكو للمناخ بصوت متأثر والدموع في عينيه “آسف بشدة” لتغييرات اللحظة الأخيرة التي أدخلت على مسألة الوقود الأحفوري بناء على طلب الصين والهند، لم نعد نتحدث عن “خروج” من الوقود الأحفوري ولكن عن “تقليصه”، وحللت جينيفر مورغان رئيسة منظمة السلام الأخضر الدولية، حللت نيودلهي وبكين “كلمة واحدة لكنهما لا يستطيعان تغيير الإشارة التي قدمها مؤتمر الأطراف هذا: عصر الفحم يقترب من نهايته”، بينما في الواقع، يعتبر البعض نص القرار النهائي “مثيرا للشفقة” و “غير كامل” و “على الأقل” من قبل آخرين “متوازن” وفقا للرئاسة البريطانية لمؤتمر الأطراف في نسخته السادة والعشرون، وقد جعل هذا شعار “الحفاظ على +1.5 درجة مئوية على قيد الحياة” أحد العلامات الرئيسية لنجاح مؤتمر الأطراف هذا، تعويذة ترددها لندن باستمرار في إشارة إلى اتفاقية باريس والتي تهدف إلى الحد من الارتفاع في متوسط درجة حرارة الكرة الأرضية مقارنة بفترة ما قبل الصناعة (1850-1900) “أقل بكثير من 2 درجة مئوية” ، إن أمكن 1.5 درجة مئوية، القرار النهائي لمؤتمر الأطراف 26 “يعيد تأكيد” هذا الهدف الأكثر طموحا المتمثل في “الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية” ، مشددا على أن “تأثيرات تغير المناخ ستكون أقل بكثير مع الاحترار بمقدار 1.5 درجة مئوية، مقارنة بـ 2 درجة مئوية”، وهي “تدرك” أنه لتحقيق ذلك من الضروري “تسريع العمل خلال هذا العقد الحاسم”، لذلك يدعو النص إلى “تخفيضات سريعة وقوية ومستدامة في انبعاثات غازات الدفيئة العالمية بما في ذلك تخفيضات انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 45٪ في عام 2030 مقارنة بمستوى عام 2010 وحياد الكربون بحلول منتصف القرن، فضلا عن خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بشكل قوي، تخفيضات في غازات الدفيئة الأخرى”، إشارة خاصة إلى الميثان باعتباره أحد الغازات الدفيئة الأقوى بكثير من ثاني أكسيد الكربون على المدى القصير، بينما للأسف، أحدث التقديرات الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، التي أكثر من مقلقة، إذا اتبعت جميع الدول خطط العمل المناخية لعام 2030 والمعروفة باسم المساهمات المحددة وطنيا فسيظل العالم يتجه نحو الاحترار “الكارثي” بمقدار + 2.7 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، هذا هو نفس مسار الحساب الذي أجراه برنامج الأمم المتحدة للبيئة في نهاية شهر أكتوبر الماضي، ونظرا لأن الميثاق ليس ملزما للدول فقد طلبت 55 دولة في منتدى هشاشة المناخ والتي تمثل ما يقرب من ملياري نسمة من سكان إفريقيا أو آسيا أو المحيط الهادئ أو منطقة البحر الكاريبي أن يطلب من الموقعين على اتفاقية باريس تقديم المزيد التزامات طموحة كل عام وليس كل خمس سنوات وبدون جدوى، في حين يدعو الإعلان الختامي الدول الأعضاء إلى زيادة التزاماتها بخفض الانبعاثات بشكل منتظم أكثر مما هو متوقع في اتفاقية باريس بدءا من عام 2022 ولكن مع إمكانية إجراء تعديلات “للظروف الوطنية الخاصة”، بينما تم الإبقاء على ذكر الوقود الأحفوري، الذي يعتبر إلى حد بعيد السبب الرئيسي للاحترار العالمي في الإعلان إشارة غير مسبوقة في نص للأمم المتحدة لهذا المستوى، لكنها ضعيفة جدا ولا تغلق الباب في وجههم إطلاقا، بعد الضغط المكثف وخاصة من الدول المنتجة تم تصغير الإعلان الختامي من نسخة واحدة من النص إلى أخرى، حتى اللحظة الأخيرة، وحصلت الهند التي تدافع عن حق الدول النامية في “الاستخدام المسؤول” للوقود الأحفوري مساء السبت على أن النص ببساطة على “تقليل” الفحم وعدم “التخلص التدريجي منه”، ومع ذلك حتى في الإصدارات السابقة لم يكن هناك بالفعل أي شك في الخروج من كل الفحم. لذلك يدعو النص الدول الأعضاء ببساطة إلى “تسريع الجهود لتقليل الطاقة التي تعمل بالفحم بدون نظام احتجاز لثاني أوكسيد الكربون ودعم الوقود الأحفوري غير الفعال”، ولم يظهر المصطلحان “جهود” و “غير فعالة” في النسخة السابقة، ويقدم هذا الإعلان الختامي الانتقادات وغير المكتملة والمشوهة آفاقا أمام الرئاسة البريطانية لإظهار النجاح في هدفها المتمثل في رؤية غلاسكو “تحافظ على بقاء 1.5 على قيد الحياة”، ويحذر الخبراء بانتظام من أن “كل عشر درجة له أهمية” في حين أن الكوارث المرتبطة بتغير المناخ تتزايد بالفعل: الفيضانات أو الجفاف أو موجات الحرارة مع ما يصاحبها من أضرار وضحايا.

وفي إشارة أخرى غير مسبوقة في نص ناتج عن مؤتمر الأطراف الإعلان “يؤكد” أهمية حماية وحفظ واستعادة الطبيعة والنظم البيئية من أجل الحد من انبعاثات غازات الدفيئة وهي خطوة حقيقية إلى الأمام: تعترف الدبلوماسية الدولية بحقيقة أن قضايا المناخ والتنوع البيولوجي مرتبطة ارتباطًا وثيقا، ومع ذلك مما خيب أمل الوفود من أفريقيا أو آسيا أو أمريكا اللاتينية لم يتغير النص على الظرف المالي الذي يهدف إلى مساعدة أفقر البلدان على الحد من انبعاثاتها والاستعداد لمواجهة العواقب المدمرة لتغير المناخ والتي كانت في قلب التوترات في المفاوضات، وهو يكتفي بـ “الأسف” لأن الدول الغنية لم تتمكن من الوفاء بالتزاماتها التي تعهدت بها في عام 2009 بتخصيص 100 مليار دولار سنويا بحلول عام 2020 على أبعد تقدير لمساعدة الدول الفقيرة، دون اقتراح حل ملموس لتحقيق ذلك، نفس الشيء لمراعاة “الخسائر والأضرار” التي لحقت بالبلدان الفقيرة أي الضرر الذي لا يمكن إصلاحه والذي سببه بالفعل الآثار المدمرة لتزايد العواصف والجفاف وموجات الحر، واحتجت شبكة العمل المناخي على أن الدول الغنية بما في ذلك فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي منعت حتى الساعات الماضية إنشاء تمويل إضافي” لهذه الخسائر والأضرار، ويعد البيان الختامي لقمة غلاسكو خيانة واضحة من قبل الدول الغنية – الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة – للمجتمعات الضعيفة في البلدان الفقيرة، من خلال عرقلة اقتراح تحالف الدول الجزرية الصغيرة ومجموعة الـ 77 + الصين، التي تمثل 6 مليارات شخص، بشأن إنشاء آلية تمويل الخسائر والأضرار في غلاسكو، أظهرت الدول الغنية مرة أخرى افتقارها التام للتضامن والمسؤولية لحماية أولئك الذين يعانون من الأسوأ، تأثيرات المناخ، إننا نحث البلدان النامية على التصرف بما يحقق أفضل مصالح مواطنيها والوقوف بحزم ضد المتنمرين، ويعلق سليم الحق مدير المركز الدولي لتغير المناخ والتنمية: “يعتبر البيان الختامي بلاغ الخسائر والأضرار لقمة المناخ يوم السبت 13 نونبر 2021 أسوأ من مسودة البيان ليوم الجمعة، فقد تعرضت رئاسة مؤتمر الأطراف للترهيب بين عشية وضحاها للتخلي عن مرفق تمويل الخسائر والأضرار في غلاسكو، حيث ثبت بالملموس أن كلمات المملكة المتحدة المعسولة للدول الضعيفة كانت غير موثوقة على الإطلاق”، أما محمد أدو مدير منظمة باورشيفت إفريقيا: “لا تستطيع البلدان الضعيفة تحمل ترك قمة غلاسكو مع هذا الإصدار الحالي من نص الخسارة والأضرار، ما إذا كانت غلاسكو توفر تسهيلات التمويل المناسبة هي الطريقة التي سيتم بها الحكم على هذه القمة من قبل الدول الأكثر ضعفا في العالم وملايين الأشخاص الذين يواجهون الدمار المناخي”، لقد طلب من البلدان النامية تمويل الخسائر والأضرار مع تفاقم تأثيرات المناخ والخسائر والأضرار بالنسبة لها، فقد فشلت الدول المتقدمة، بما في ذلك الولايات المتحدة، في مواجهة التحدي المتمثل في القيام بما هو ضروري لحماية الناس، لقد فاتنا القطار الخاص بالتخفيف والتكيف وهو الآن يصيب الأشخاص الأكثر ضعفا، لم نخلق أي طريقة لإيقافه، وكان لا يزال هناك متسع من الوقت في قمة غلاسكو لتحقيق ذلك وإظهار بعض المسؤولية الأخلاقية، لكن للأسف حدث العكس، كما تؤكد كات بيتنجيل مديرة شبكة العمل المناخي بالمملكة المتحدة وكندا: ”نحن بحاجة إلى تمويل للخسائر والأضرار، حاليا لفترة طويلة تم تجاهل العواقب الأكثر إلحاحا وتدميرا لتأثير تغير المناخ – التي تقع بشكل غير متناسب على أولئك الأقل مسؤولية عن تغير المناخ، وقد تم تجاهل هذه الأصوات مرة أخرى في مسودة النص الثالث للمملكة المتحدة، فأين اقتراح مجموعة الـ77؟ إذا أعاقت الدول الأغنى هذا الاقتراح للمضي قدما في الإجراءات المتعلقة بالخسائر والأضرار، فلا يمكن السماح لها بالقيام بذلك خلف أبواب مغلقة، وعليها أن تقف في الغرفة وتقول إنها ليست مستعدة لدعم المجتمعات المتضررة، فلم يعد بإمكان المملكة المتحدة تجاهل أصوات الفئات الأكثر ضعفا في هذه العملية، حيث يجب أن يكون اقتراح مجموعة الـ 77 في النسخة الرابعة من النص لإنجاز الأمور”، أما يولاند رايت المديرة العالمية لقسم فقر الأطفال والمناخ في منظمة إنقاذ الطفولة فأكدت أن: ”البلدان ذات الدخل المرتفع والمصدرين التاريخيين بحاجة ماسة إلى دعم تطوير أموال جديدة وإضافية لمواجهة الخسائر والأضرار المتصاعدة بسرعة فضلا عن خلق مناخ جديد، آلية تمويل الخسائر والأضرار بحلول عام 2023، ففي وقت كتابة هذا التقرير تتفاقم أزمة الجوع في العديد من المناطق بما في ذلك شرق إفريقيا حيث يتسبب جفاف آخر في دفع الملايين إلى حافة الهاوية ويعني النقص الحاد في التمويل أنه لا يمكننا اتخاذ الإجراءات التي نعرف أنها ضرورية لإنقاذ الأرواح وسبل العيش، نحن لا نناقش الآثار المناخية البعيدة التي يمكن أن تحدث – نحن نتحدث عن الأزمات التي تحدث الآن، حيث يتأثر الأطفال أولا والأسوأ ويفقد الكثير منهم حياتهم بشكل مأساوي بالفعل، أما راشيل كليتس مديرة السياسات وكبيرة الاقتصاديين في برنامج المناخ والطاقة في اتحاد العلماء المهتمين فقد أكدت: “في قمة غلاسكو أقرت الدول الغنية المسؤولة عن انبعاثات الاحتباس الحراري بأن تأثيرات المناخ تتسبب بالفعل في خسائر في الأرواح وسبل العيش والنظم البيئية الحيوية في البلدان المعرضة للتأثر بالمناخ، ومع ذلك كما هو الحال لم يتحملوا مسؤولية معالجة هذه الخسائر والأضرار، ويعتبر قرار تفعيل شبكة الخسائر والأضرار في سانتياغو خطوة مهمة لكنها غير كافية على الإطلاق بدون موارد مالية قوية ولسوء الحظ واجه مشروع تسهيلات الخسائر والأضرار في غلاسكو الذي تبنته الدول النامية لتوجيه أموال جديدة وإضافية للخسائر والأضرار، مقاومة قوية من الدول الغنية ولاسيما الولايات المتحدة وأستراليا والاتحاد الأوروبي، فالمساهمات من اسكتلندا وعرض الأموال الأولية من مجموعة من المحسنين هي علامات مرحب بها ويجب أن تخجل الدول الأكثر ثراء لعدم قيامها بدورها، إن واقع أزمة المناخ يكتنفه تفاقم الفيضانات والجفاف فضلا عن موجات الحرارة الشديدة والعواصف وحرائق الغابات، فنحن بحاجة إلى أكبر البلدان المصدرة للانبعاثات، بما في ذلك الولايات المتحدة، لدعم العدالة المناخية وليس التهرب من المسؤولية التاريخية وإعطاء الأولوية لأرباح الملوثات الأحفورية على احتياجات أولئك الموجودين في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ”، وتتحمل أوروبا والاتحاد الأوروبي مسؤولية تاريخية ضخمة في أزمة المناخ لكن هذه البلدان فشلت في ممارسة الضغط والدعم الجماعي للنتائج التي تحتاجها البلدان والمجتمعات الضعيفة بشدة فيما يتعلق بتمويل تغير المناخ.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

محمد بن راشد يوجه بإنشاء هيئة البيئة والتغير المناخي بدبي .. وتعيين أحمد محمد بن ثاني مديرا عاما لها

– لترسيخ ممارسات الاستدامة وصون التنوّع الحيوي في الإمارة. – حمدان بن محمد: – “دبي …