الطماطم المغربية بين المنافسة الخارجية والمناصفة الايكولوجية الداخلية

شبكة بيئة ابوظبي، سعاد المالح، باحثة بيئية، المملكة المغربية 10 مايو 2022

في السنوات الأخيرة حصد المغرب المراتب الأولى في تصدير الطماطم متفوقا على نظيره الاسباني، حيث أكد الموقع الاسباني “فريش بلازا ” ارتفاع صادرات المغرب من الطماطم إلى أوروبا خاصة بعد توقيعه اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي في 2011 ، صادراته من الطماطم للملكة المتحدة وصلت إلى ما يناهز مليون كيلوغرام 97, 44 في فترة الممتدة بين 1 يناير و 30 نوفمبر لسنة 2021، تم تسجيل ارتفاع بمقدار 33, 67%في المقابل انخفضت مبيعات الاسباني إلى 24, 14 %، هذا من الناحية الاقتصادية والتنافسية الربحية.
فماذا عن الناحية الإيكولوجية المناخية، وهل المغرب مستعد مناخيا وجغرافيا وبيئيا لهذا النزال؟
وهل المغرب كبلد جاف سيحقق المناصفة الإيكولوجية في تصديره للطماطم وفي ظل تغير المناخ؟ علما أن الطماطم من المزروعات التي تتطلب كميات مياه ورطوبة كافية.
قبل التعمق في الموضوع دعنا عزيزي القارئ فتح نافذة تعريفية وجيزة عن فاكهة الطماطم، تاريخها، بيولوجياتها، ايكولوجيتها.
أصلها: الطماطم المغربية أمريكية الأصل وخاصة من امريكا الوسطى، حيث أدخلت إلى أوروبا في القرن 16 م.

تصنيفها:
•تصنف ضمن عائلة الباذنجانيات؛
•جنس الحدق licopersicum والنوع esculentum؛
•ثمار الطماطم تختلف حسب طريقة النمو والمناخ والقدرة على المقاومة للأمراض.
إيكولوجيتها:
•تحتاج الطماطم لنموها إلى عوامل مناخية وتربة معينة؛
• الطماطم تحتاج لنسبة بين 4000 متر مكعب إلى 5000 متر مكعب و تختلف الكمية حسب المناخ و مراحل النمو و حسب التربة ؛
•و تحتاج لرطوبة تصل إلى 65% ؛
•بالنسبة للعوامل التربة التي تنمو عليها الطماطم، فهي تنمو فوق جميع أنواع التربة الطينية والرملية شريطة أن تكون غنية بالمادة العضوية.

اذن من خلال هذا التقديم الإيكولوجي المختصر يتبين لنا أن الطماطم من النباتات المتطلبة، خاصة للرطوبة والماء الكافي.
فهل المغرب اذن يمكن أن يراهن ويكمل المنافسة الاقتصادية الخارجية في تصدير الطماطم؟ خاصة وأننا نعيش جفافا مدقعا جراء تغير المناخ العالمي …فالمغرب رغم رقعته الجغرافية المتميزة وأنماطه المناخية المتنوعة فهو لم يسلم من أزمات المناخ.
حيث تحولت مناطق شبه جافة إلى جافة وتراجع الغطاء النباتي، وهذا ما أثر عن الساكنة الإنسانية والذخيرة الاحيائية بشقيها النباتي والحيواني.
تتوزع زراعة الطماطم الموجهة للتصدير أو ما تسمى بالزراعة البكرية في السهول الساحلية سوس دكالة، لوكوس…. الخ وتكون بين شهر غشت و مارس .وهذه المناطق المذكورة كلها تعاني من زحف الجفاف عليها. فمثلا جهة سوس ماسة تتميز بمناخ جاف بحيث التساقطات بين 70 ملم و350 ملم ناهيك عن الاستغلال للفرشات المائية الذي وصل إلى 150 % التبخر من 2000 إلى 3000 ملم في السنة.
تنشط زراعة الطماطم بإقليم شتوكا ايت باها الذي عرفت عجز في الحصيلة المائية للفرشات ب58 متر مكعب في السنة، وهذا التراجع في مخزون الفرشات راجع لعامل المناخي وكذا غياب الاستعمال الرشيد والمنهجية الفلاحية غير معقلنة.

ومن هنا، نلاحظ أن السياسة الفلاحية غير منصفة بيئا وغير مواكبة لما يقع في المناخ العالمي تعتمد زراعة نباتات مستهلكة للماء والأخطر من ذلك موجهة للتصدير الخارجي بل ومنافسة لدول خارجية لا تشبهنا لا جغرافية ولا مناخاً، نتنافس على تصدير ماء على هيئة فواكه وخضر.
المهول في الأمر أن سيتم زراعة الطماطم بالصحراء المغربية، حيث أكدت الجريدة الإسبانية الكونفيدينسيال عن قيام المغرب ببناء ما يفوق 5000 هكتار من البيوت البلاستيكية في الصحراء المغربية موجهة للتصدير، وهذا المشروع جاء في إطار الاستراتيجية الفلاحية للجيل الأخضر 2020 – 2030.

فالطماطم رغم زراعتها بالبيوت البلاستيكية فاحتياجاتها من الماء لا تنقص، فمن أين سنوفر هذا الماء وكيف؟
أهل الصحراء يعانون من شح الماء، الواحات التي كانت تتخلل الشعاب الرملية استنزفت، ذهب معظمها في سقي البطيخ الأحمر. الساكنة الصحراوية تعاني من قلة مياه الشرب، الفلاح الصغير يفكر في وضع معوله وفأسه جانبا والهجرة مشروع بناء 5000 هكتار من بيوت البلاستيكية نعم يخيف الفلاحين الاسبان من المنافسة، لكن هل هو يحمل المناصفة للبيئة وللساكنة المحلية؟
ختاما سياساتنا الفلاحية يجب أن تدخل ضمن أوراقها البيئة، وتكون مواكبة للتغير المناخ العالمي، عن طريق خلق أساليب لتخطي أزمات الجفاف والحفاظ على الموارد الطبيعية القادمة، وعدم التنافس الخارجي حول تصدير منتوجات مستهلكة للماء.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

«بيئة أبوظبي» تنجح في إكثار نباتات نادرة

ضمن مشاريع إعادة تأهيل الموائل البرية أعلنت هيئة «البيئة – أبوظبي» تسجيلها نجاحاً في إكثار …