في الإمارات «الأمن الغذائي» في أعلى مستوياته

– خطط استباقية آتت أكلها… ومخزون استراتيجي يواكب حجم الطلب
– الفاو: الامارات تعد مركزاً للابتكار والتكنولوجيا في الأمن الغذائي
– زيادة الانتاج الزراعي المحلي والاستثمار في الأنظمة الغذائية
– اهتمام الإمارات بالقطاع الزراعي معترف به عالمياً
– الدولة تذلل المعوقات امام منتجي الأغذية المحلية ومستورديها
– دينو فرانشيسكوتي موتيس: الإمارات تتمتع بآليات قوية لإدارة الأمن الغذائي
– الإمارات نجحت في التعامل مع الأمن الغذائي باحترافية
– سلطان علوان: تفعيل الشراكات مع الدول المصدرة للمنتجات الغذائية
– محدودية تأثيرات الصراعات والنزاعات على الأمن الغذائي
– مطر الكتبي: الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء يحتاج إلى تقنين آليات السوق
– ابراهيم البحر: استراتيجيات ومبادرات ومشاريع مهمة لتعزيز الاكتفاء

تسببت الصراعات والأزمات في حالة من الشلل أصابت سلاسل توريد الغذاء، وتكاليف الإنتاج وأسعار المواد الغذائية في بعض دول العالم، وتوقفت معها حركة الإنتاج للمواد الغذائية الاستراتيجية، وعلى ضوء الصراعات السياسية والاقتصادية تصاعدت التحذيرات العالمية بشأن أزمة غذاء تلوح في الأفق، مما دفع الحكومات للبحث عن وسائل متعددة لتأمين الغذاء لأبناء شعبها، والبحث عن بدائل لإبقاء عجلة الحياة تدور، ولو في حدودها الدنيا.
وعلى الرغم من صعوبة المشهد، وقسوة التحذيرات، إلا أن الإمارات تتعامل مع الأزمة المرتقبة بحكمة واحترافية، واتخذت خطوات استباقية متمثلة باستراتيجيات ومشاريع متنوعة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي، لمواجهة الأزمة، حيث أدركت مبكراً مدى خطورة العواقب الاقتصادية والاجتماعية والصحية المترتبة على هذه الصراعات، عبر مسيرة نموذجية، وطموح لا ينتهي، ورغبة صادقة وكاملة نحو توفير الغذاء الصحي والأمان وبأسعار مقبولة، حيث سخّرت الإمكانات كافة، ووظفت التكنولوجيا، ومكنت أدوات الذكاء الاصطناعي، لتبني منظومة مطورة خرج من رحمها قطاع تألق في أدائه وإنجازاته خلال الوقت الراهن. ولعل قطاع الأغذية واحد من مؤسسات الدولة التي نجحت بامتياز في التعامل مع هذه الصراعات وتأثيراتها التي ظهرت على السطح، إذ أبدع هذا القطاع الحيوي في كبح مخاطر انعدام الأمن الغذائي، لتستمر منصات الإنتاج المحلية مضيئة، تعج بتوفير كميات وفيرة من الأغذية بلا توقف كالخضراوات والفاكهة واللحوم الحمراء والبيضاء والحبوب وغيرها الكثير.
مسؤولون دوليون واتحاديون واقتصاديون وبيئيون، أكدوا أن الأمن الغذائي في الإمارات مزدهر ولم يتوقف، وستظل منصات إنتاج الأغذية المحلية مضيئة بكمياتها الوفيرة وأنواعها العديدة، وفق سيناريوهات متنوعة مدروسة، وبروتوكولات ممنهجة لتوفير غذاء صحي وبأسعار مقبولة لمختلف شرائح المجتمع، موضحين أن المرونة في القرارات، والحنكة في وضع الاستراتيجيات والمبادرات والمشاريع، وراء ازدهار الأمن الغذائي، معتبرين الجهود المخلصة للكوادر والهيئات بمختلف أنواعها في قطاع الغذاء، بمثابة خط الدفاع الأول لتوفير الغذاء، وهزيمة الأزمة وتداعيات النزاعات والصراعات وآثارها ويرى هؤلاء أن القائمين على قطاع الغذاء ركزوا على تذليل المعوقات أمام منتجي الأغذية المحلية ومستورديها، فنجحت منظومة الأغذية في الدولة، من تحويل التحديات إلى إنجازات، إذ حشدت الهمم والطاقات لتهزم الأزمة المرتقبة، واختارت الخطوات الاستباقية طوال السنوات الماضية كطوق نجاة عند مجيء الأزمة، وانتقلت بمرونة فائقة إلى التركيز على الاكتفاء الذاتي في خطوة تطويرية مبنية على أحدث التقنيات الخاصة بالزراعة وإنتاج الأغذية.
«الاتحاد» تقف على تفاصيل تجربة قطاع الغذاء، خاصة أنه الأهم في الدولة، حيث إن توفير الغذاء لـ 9 ملايين و503 آلاف و738 نسمة، وفقاً لأحدث إحصائيات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء الخاصة بأعداد سكان الدولة، الشغل الشاغل لقيادة وحكومة الإمارات، وكيف سينجح هذا القطاع في التصدي لأزمات غذائية مرحلية ومستقبلية، وأبرز السيناريوهات والبروتوكولات التي تضمن غذاء آمناً للسكان، فضلاً عن أبرز مشاهد التطور في الأمن الغذائي خلال السنوات الماضية، ومدى ارتباطه برؤى الإمارات المستقبلية.

دينو فرانشيسكوتي موتيس
تحليلات «الفاو»

البداية مع قراءة تحليلية لـ دينو فرانشيسكوتي موتيس، منسق شبه إقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لدول مجلس التعاون الخليجي واليمن وممثل الفاو في دولة الإمارات العربية المتحدة، حول المسارات والخطط والآليات التي وضعتها الدولة لقضية الأمن الغذائي، وتسيير ركب الغذاء واستمرارية إنتاجه محلياً، حيث قال في تصريحات لـ «الاتحاد»: «لقد شهدت دولة الإمارات العديد من التطورات، حيث أصبحت البلاد مركزاً للابتكار والتكنولوجيا، وفي عام 2020 شكلت اللجنة الوطنية لتعزيز تكنولوجيا الزراعة الحديثة التي وضعت ونفذت خططاً لتعزيز اعتماد إنتاج الغذاء القائم على التكنولوجيا في الدولة، كما شجعت الشركات المحلية والدولية على الاستثمار في قطاعات الأغذية الزراعية لتعزيز الإنتاج المحلي، مما أدى إلى زيادة عدد الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية، إضافة إلى إطلاق «وادي تكنولوجيا الغذاء» الذي يهدف إلى مضاعفة إنتاج الغذاء في الإمارات ثلاث مرات، وأن يكون موطناً للتكنولوجيا والهندسة الزراعية».
وأشار إلى الدور الذي تقوم به دولة الإمارات في بناء الشراكات القوية التي تعتبر عاملاً رئيسياً وقوياً لتحقيق الأمن الغذائي، ويحتل مكتب منظمة الأغذية والزراعة الإقليمي الفرعي الصدارة في أولويات دعم المنظمة لمبادرات دولة الإمارات في مجال الابتكار المطبق على إدارة الأغذية والزراعة والموارد الطبيعية لتحقيق النمو المستدام، وتهدف مشاريع المكتب إلى تعزيز البحث والتكنولوجيا والابتكار من أجل الأمن الغذائي، وتطوير قطاعي تربية الأحياء المائية والإنتاج الحيواني، وتقييم نظام مراقبة سلامة الأغذية، والتخطيط للتنمية المستدامة للزراعة مع إيلاء اهتمام خاص لإمارة أبوظبي.

تدابير موجهة
وبشأن الحلول التي انتهجتها دولة الإمارات لمواجهة هذه التحديات؟ أكد أن الإمارات تبنت ونفذت استراتيجيات وتدابير موجهة نحو الاستخدام الفعال والمستدام للموارد وتشجيع وزيادة إنتاج الغذاء المحلي من خلال اختراقات في أبحاث النظم الغذائية والتكنولوجيا والابتكارات بدايةً من الإنتاج إلى الاستهلاك، بهدف أن تصبح أقل اعتماداً على أسواق الاستيراد الدولية، وأهم الأمثلة الرئيسية للابتكارات المستخدمة في الإمارات بالمجال الزرعي تشمل الزراعة المائية المركّبة والمائية دون تربة والعمودية، بغية زيادة الإنتاج المحلي للأغذية الطازجة والآمنة والغنية بالعناصر، وتحلية المياه واستخدام موارد المياه المالحة واستخدام مياه الصرف الصحي المعالجة واستخدام أصناف المحاصيل المقاومة للملوحة والجفاف وتسخير قوة الزراعة الرقمية، بالإضافة إلى الاستثمار في قطاعات الألبان والدواجن الحديثة، وكذلك تحسين تقنيات المعالجة لتقليل الاعتماد على الواردات.
بالتوقف عند احتلال الإمارات المرتبة الثالثة عربياً في مؤشر الأمن الغذائي العالمي لعام 2021، وسؤاله عن أهم الخطوات التي يجب أن تتخذها الدولة لتحتل المرتبة الأولى عالمياً بحلول عام 2051؟ قال: «تماشياً مع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي تطمح دولة الإمارات إلى أن تتبوأ المكانة الأولى من حيث الأمن الغذائي بحلول عام 2051، بناءً على مؤشر الأمن الغذائي العالمي، وقد صممت الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي للإمارات، بما يتماشى مع رؤيتها لتصبح مركزاً رائداً عالمياً في مجال الأمن الغذائي القائم على الابتكار، حيث تمثلت التوجهات الاستراتيجية الخمسة في تسهيل الأعمال التجارية الزراعية، وتعزيز الإنتاج المحلي باستخدام التكنولوجيا، والحد من فقد الأغذية وهدرها، وتحسين سلامة الأغذية والتغذية، والتأهب للطوارئ، كما حددت خمسة عوامل تمكينية، وهي (الحوكمة الرشيدة، أجندة البحث والتطوير، بيانات ومعلومات سليمة، جودة رأس المال البشري، وحركة الغذاء)، وجميعها تتقاطع مع التوجهات الاستراتيجية التي تحدد إطار العمل الاستراتيجي الفريد لدولة الإمارات بناءً على عمليات السياسات القائمة على العلم والأدلة.
وأكد أن دولة الإمارات تولي اهتماماً خاصاً لتحويل أنظمة الأغذية الزراعية لجعلها أكثر مرونة وفعالية واستدامة، وتستهدف الأولويات الاستراتيجية النطاق الكامل للعناصر، وتقوم بتعبئة الأنشطة التي تهدف إلى خلق بيئات بيوفيزيائية واجتماعية اقتصادية مواتية عبر الإنتاج والمعالجة والتوزيع والتسويق والإعداد والاستهلاك، لافتاً إلى أحد أهم العوامل والتي يتعلق بتحقيق الأمن الغذائي والتغذية على المستوى المحلي هو الإدارة القوية والقدرة المؤسسية، حيث تتمتع الإمارات بآلية قوية لإدارة الأمن الغذائي يقودها مجلس الأمن الغذائي الإماراتي.
وأضاف: كما تولي الدولة اهتماماً خاصاً بتربية الأحياء المائية، حيث ترتبط إمكانات الإنتاج في العديد من البلدان ارتباطاً وثيقاً بالتكنولوجيا، وخاصة أنظمة الاستزراع المائي المعاد تدويرها في مجال إنتاج المحاصيل، ويتمثل التقدم التكنولوجي الرئيسي والابتكار في الزراعة ذات البيئة الخاضعة للرقابة (CEA) والتي تتيح إنتاج منتجات عالية الجودة وغنية بالمغذيات في كل مكان تقريباً، بما في ذلك المناطق الصحراوية والقاحلة، على عكس الزراعة التقليدية التي تعتمد على الظروف الجوية، يمكن للأنظمة الهوائية إنتاج المحاصيل في أي مكان وظروف دون استخدام تربة خصبة واسعة النطاق وباستخدام الحد الأدنى من المياه، وكلاهما من الموارد النادرة في المنطقة.

آثار إيجابية
وأكد أن استخدام التكنولوجيا، أظهر آثاراً إيجابية على الإنتاجية الزراعية والإنتاج في الإمارات ودول مجلس التعاون الخليجي، والتي لديها القدرة على تعزيز الإنتاج الغذائي المحلي من خلال الزراعة المستدامة والآمنة بيولوجيا والثروة الحيوانية والإنتاج السمكي وتحويل القطاع على الرغم من الظروف البيئية القاسية، وبالتالي المساهمة في تحقيق أهداف الأمن الغذائي والتغذية، مع الحفاظ على الاستدامة البيئية، مشيراً إلى مثال المتطلبات المائية المنخفضة لزراعة البيئة الخاضعة للرقابة تجعل من الممكن زيادة الإنتاج المحلي للمحاصيل ذات القيمة العالية والغنية بالمغذيات، مثل الفاكهة والخضراوات، هناك ميزة نسبية في اعتماد CEA في سياق وفرة الطاقة ونقص المياه ودرجة عالية من التحضر، يؤدي استخدام التجارة الإلكترونية والمنصات الرقمية وتطويرها إلى تحسين إمكانية التتبع في معالجة الأغذية وتوزيعها، مما يسمح للمستهلكين بتتبع المنتجات المحلية، والمساهمة في تبني الابتكارات في النظم الغذائية.

سلطان علوان
محدودية تأثيرات الصراعات

بدوره، أكد سلطان علوان، وكيل وزارة التغير المناخي والبيئة المساعد لقطاع المناطق، على أنه بالرغم من التأثيرات التي أفرزتها الصراعات والنزاعات من تأثيرات سلبية على استمرارية سلاسل الغذاء وعجلة الإنتاج والإمدادات الغذائية، إلاّ أن تأثير ذلك على دولة الإمارات ظل محدوداً للغاية، ويعود ذلك بصورة رئيسية إلى الاهتمام البالغ الذي أولته القيادة الرشيدة لقضية الغذاء، باعتبارها «خط أحمر» وإلى قدرتها على الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من بعض المنتجات الزراعية المحلية ومصادر غذاء متنوعة حول العالم بفعل الثقة العالية التي تتمتع بها الدولة في العالم، والتي انعكست بشكل واضح في ثقة المجتمع بقدرة الحكومة على تأمين احتياجاتهم في كل الأوقات والظروف.
وذكر أنه استناداً إلى توجيهات القيادة الرشيدة، فقد كثفت الوزارة من جهودها، بالتعاون مع شركائها، للتغلب على التحديات التي فرضتها الصراعات والنزاعات على استيراد الأغذية من الخارج، وعملت في سبيل تحقيق ذلك من خلال ثلاثة مسارات رئيسية، وهي زيادة الإنتاج المحلي، وتفعيل الشراكات مع الدول المصدرة للمنتجات الغذائية، وتسهيل الحركة عبر المنافذ الحدودية، والسلامة الغذائية والتوعية.
وأوضح أن المسار الأول تمثل في العمل على زيادة الإنتاج المحلي والتي برزت كواحدة من المسائل ذات الأهمية الخاصة، حيث قامت الوزارة بجهودها في هذا الجانب من خلال تكثيف الزيارات الميدانية واللقاءات المباشرة مع أصحاب المصلحة للتشجيع على زيادة الإنتاج، وتكثيف خدمات الإرشاد والمكافحة والدعم الفني، بالإضافة إلى تعزيز فرص وصول المنتجات المحلية إلى منافذ البيع في الدولة، في حين تمثل المسار الثاني بتفعيل الشراكات مع الدول المصدرة وتسهيل الحركة عبر المنافذ الحدودية، وذلك من خلال تسريع وتيرة تخليص إرساليات المواد والمنتجات الغذائية، والاتفاق مع مصادر توريد إضافية وبديلة، بالإضافة إلى العمل على تنظيم المخزون الاستراتيجي للمواد الغذائية في الدولة تحسباً لحصول أزمات وطوارئ وكوارث وتحقيقاً لاستدامة الغذاء، أما المسار الثالث فقد تمثل في السلامة الغذائية والتوعية، حيث عملت الوزارة على تكثيف برامج التوعية الموجهة للجمهور لتبديد المخاوف المتعلقة بعلاقة الصراعات بالغذاء، ودحض الشائعات التي كان يجري تداولها وغيرها.

إبراهيم البحر
مبادرات ومشاريع الإمارات

قال إبراهيم البحر، خبير في تجارة التجزئة وشؤون المستهلك، إن الإمارات تعتبر من الدول السبّاقة في المنطقة التي حرصت على مواجهة تحديات توفير الغذاء، حيث لها إنجازات مستدامة في هذا القطاع، كما عززت من مكانتها ونموذجها العالمي في الأمن الغذائي عبر العديد من الاستراتيجيات والمبادرات والمشاريع المهمة، منها تعزيز منظومة الاكتفاء الذاتي من المنتجات الزراعية المحلية من خلال فتح المجال أمام الصناعات الغذائية المحلية ودعم المزارعين المحليين، وتعزيز القدرات الإنتاجية لمزارعهم، سعياً لتلبية الطلب المتزايد على المنتجات الغذائية، لاسيما الاستراتيجية منها، بالإضافة إلى إجراءات قانونية لتنظيم المخزون الاستراتيجي للسلع الغذائية في الدولة، وتعزيز التكنولوجيا والزراعة المستدامة وأدوات الذكاء الاصطناعي، والتوسع في تمويلات القطاع المصرفي لمشاريع قطاع صناعة السلع الغذائية وغيرها الكثير. وذكر أنه وعلى الرغم من التداعيات السلبية التي تسببت بها الصراعات على الغذاء وأمنه في بعض الدول، إلا أن دولة الإمارات طوعت من هذه التداعيات واتخذتها فرصة لتحقيق قفزات في تطوير منظومة الأمن الغذائي التي ركزت عليها خلال السنوات الماضية وحققت من خلالها منجزات متفردة.

مطر الكتبي
احتياجات السوق

أكد مطر الكتبي أحد كبار مربي الماشية في الدولة، أن الإنتاج المحلي من اللحوم الحمراء يحتاج إلى تقنين آليات السوق حتى يمكن أن يساهم في سد احتياجات السوق المحلي، موضحاً أن أغلب اللحوم يتم استيرادها من خارج الدولة؛ لذلك تكون المنافسة غير عادلة بين المنتج المحلي والمستورد، وهذه المشكلة ستؤدي حتماً إلى ترك المزارع للإنتاج الحيواني عندما يجد أن تكاليف الإنتاج باهظة، وبالتالي يكون سعر المنتج العادل من اللحوم مرتفع، مقارنة بسعر نفس المنتج المستورد من الخارج لذلك سيترك المزارع الإنتاج، وصولاً إلى انخفاض منتجات اللحوم المحلية من الأسواق لتحل محلها المنتجات المستوردة.
وأشار إلى أن الإنتاج الحيواني قادر على سد احتياجات السوق المحلي بشرط تقنين الاعتماد على الاستيراد، موضحاً أن سد الاحتياجات، وتوفير متطلبات السوق من منتجات اللحوم المحلية يستلزم في المقابل زيادة الإنتاج لتوفير تلك المنتجات، وزيادة الإنتاج يحتاج إلى موارد مالية كونها مكلفة مادياً، ولكن في المقابل هي ذات مردود اقتصادي جيد ناتج عن زيادة الإنتاج، كما يستلزم أيضاً زيادة الوعي بأهمية الاعتناء بالمواشي لتحقيق أفضل مردود إيجابي منها.

التكنولوجيا الزراعية
بالتوقف عند مساهمة تكنولوجيا الغذاء في الأمن الغذائي، وسؤاله عن رأيه حول تجربة الإمارات في هذا الصدد، وأهم أنواع التقنيات التي تساعد البلدان على تحقيق الأمن الغذائي لشعوبها؟ قال دينو فرانشيسكوتي موتيس، منسق شبه إقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) لدول مجلس التعاون الخليجي واليمن وممثل الفاو في دولة الإمارات العربية المتحدة: «عمدت الإمارات في السنوات الأخيرة إلى تكثيف الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية لتقليل اعتمادها على الواردات، وعموماً لا يزال حجم القطاع المحلي المنتج للأغذية وما يتبعه من وفورات كميّة يمثل تحدياً، ولكن توجد خيارات مبتكرة تكنولوجية وتنظيمية، تفسح المجال لفرصة التغيير، حيث ازداد عدد المبادرات والشركات الناشئة التي تنتج بشكل مستدام المزيد من المحاصيل المحلية، وخاصة المحاصيل عالية القيمة والغنية بالعناصر الغذائية مثل الفواكه والخضراوات».


مصنع الظاهرة للأرز

من الشركات المحلية العاملة في المجال الزراعي شركة الظاهرة الزراعية والتي تدير مصنع الظاهرة للأرز، حيث يعتبر أكبر مصنع للأرز في الشرق الأوسط، ويوفر مخزوناً استراتيجياً للإمارات، ولديه خبرة كبيرة في استخلاص الأرز من المصادر الخاصة من الهند وباكستان، من خلال الحصول على أجود وأفضل أنواع الأرز البسمتي وغير البسمتي.
ويضم المصنع 40 صومعة سعتها التخزينية حوالي 30 ألف طن، وتبلغ السعة التخزينية لمستودع الأرز الجاهز 4500 طن من أكياس 40 كيلوجراماً وهو مكيف بالكامل، حفاظاً على سلامة المخزون من التقلبات الجوية، إضافة إلى أن المصنع يدار أوتوماتيكياً، ويرتبط بالتكنولوجيا، في نموذج متطور لعلاقة الزراعة بالصناعة ذات الصلة بالتقنيات المتطورة، وتباع منتجاته في السوق المحلي، وتصل إلى دول كثيرة في العالم العربي، من بينها المملكة العربية السعودية، ودول مختلفة في الشرق الأوسط، وآسيا، وتعمل الشركة في مجال المحاصيل الأساسية، والحبوب، مثل القمح، الأرز، الشعير، الذرة، والدقيق، ومجال المنتجات الطازجة، مثل الحمضيات، التمور، العنب، التفاح، الزيتون، البطاطس، إضافة إلى منتجات الألبان.

عبدالرحمن الشامسي
إكتفاء ذاتي
قال المزارع عبدالرحمن الشامسي، إن دولة الإمارات وصلت للاكتفاء الذاتي في عددٍ من المحاصيل منها التمور وبعض الخضراوات بنسبة 100% مع نسب متفاوتة لعدد من المحاصيل الأخرى أيضاً، الأمر الذي يؤكد جهود الدولة في دعم المزارعين وتبني التقنيات الحديثة في الزراعة لزيادة إنتاج المحاصيل، الأمر الذي يتطلب من المزارعين الاهتمام وبذل المزيد من الجهد والابتكار في زيادة إنتاجية الأراضي الزراعية من المحاصيل المتنوعة.
وأشار إلى أن مزرعته متكاملة من حيث الإنتاج النباتي كالخضراوات والفاكهة والتمور والإنتاج الحيواني كالماشية والدواجن، بالإضافة إلى الأسماك، وتعتمد على أحدث الأنظمة الزراعية، كالزارعة على البلاستيك والزراعة المائية التي تعد المستقبل الحقيقي لزيادة الإنتاج، من أجل توفير احتياجات السوق المحلي من المنتجات الزراعية 100%، كما تنتج المزرعة سنوياً ما يقارب 90 طنا من الكوسا و20 طناً من البامية، و24 طناً من الأسماك، و5 أطنان من التمور، و30 طناً من الأعلاف، في حين تنتج شهرياً 4000 من الدواجن اللاحمة.

المصدر، جريدة الاتحاد،شروق عوض (دبي) 30 مايو 2022 03:05

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

إطلاق برنامج مشروع الزراعة المتجددة الهادف إلى تمكين الزراعة المقاومة لعوامل تغير المناخ

في منطقة الشرق الأوسط، شمال أفريقيا وتركيا يهدف البرنامج إلى دعم البحوث، العلوم والحلول القائمة …