مساعدة أفريقيا في العمل المناخي

أفريقيا القارة الأقل إنبعاثاً لغازات الإنبعاث الحراري، والأكثر عرضة للتغيرات المناخية، والأضعف تمويلاً للعمل المناخي، والأكثر هشاشة إقتصادية وفقراً، والأغني بالموارد الاٍقتصادية غير المستغله. لذلك تحتاج لِلمساعدة في مشروعات المناخ (التكيف مع التغيرات المناخية، مشروعات البنية التحتية المستدامة، ومشروعات تحولات الطاقة والتنوع البيولوجي).

شبكة بيئة ابوظبي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم ابراهيم، كبير مستشاري برنامج الخليج العربي للتنميه، اجفند، 31 اكتوبر 2022

سيناقش أكبر تجمع عالمي سنوي حول العمل المناخي بشرم الشيخ من 6 إلى 18 نوفمبر 2022، (COP 27)، قضايا مهمة تبني على نتائج المؤتمرات السنوية السابقة للتصدي لقضايا المناخ. من المتوقع أن يكون تمويل المناخ قضية رئيسية فيCOP27. وفي إطار العمل المناخي تواجه القارة الأفريقية تحديات متعددة فيما يتعلق بالتغيير المناخي وتأثيراته على قطاعاتها الاقتصادية الحيوية، خاصة قطاعات المراعي والرعاة والمزارع الصغيره وقطاع المياه وقطاع الصحة فضلا عن التأثير على التنوع البيولوجي. وكل هذه القطاعات تحتاج لبرامج تحويلية لبناء القدرة على الصمود في وجه التحديات المناخية الحالية والمستقبلية. ومع وجود هذه التحديات يتحدث الكل عن أن هنالك موارد إقتصادية أفريقية هائلة غير مستغله مثل الطاقة المتجدده الشمسية والحرارية وطاقة الرياح والطاقة المائية والتي يمكن أن تتولد للأراضي الزراعية لإنتاج الغذاء ومكافحة التصحر عبر صغار المزارعين والرعاه الريفيين، خاصة النساء الائي يوفرن ما لا يقل عن 40% من انتاج المحاصيل الغذائية بالقاره حسب البيانات المتوافره. بالإضافة لذلك هنالك أزمة في توفير فرص العيش لغالبية السكان مما جعل ملايين الأشخاص يواجهون ظروف الجوع والعوز والمجاعة.

على الرغم من الفرص الاقتصادية الكبيره التي تتوفر بالقاره، تعاني افريقيا بمجتمعاتها الضعيفة وإقتصاداتها الهشة خسائر فادحة في سبل كسب العيش والبنية التحتية الناجمة عن آثار تغير المناخ، خاصة الجفاف ، حيث نحو 50% من دول افريقيا وراء الصحراء مصنفة حسب البنك الدولي دولاً ذات دخل منخفض. كما تعتبر دول أفريقيا من الدول الأقل مسؤولية عن الانبعاثات العالمية (إنبعاث غازات الإحتباس الحراري)، وتساهم بنحو 7% (وفي بيانات أخر تساهم القارة بأقل من 4٪ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ) من الحصة العالمية، في حين أن دولاً كالصين تساهم بنسبة 22% حسب البيانات المنشوره. وفي المستقبل تُعتبر معظم البلدان الأفريقية عرضة لتأثيرات تغير المناخ لأن الزيادات في درجات الحرارة في القارة من المتوقع أن تكون أعلى من متوسط الزيادات العالمية في درجات الحرارة . في الحقيقه، هنالك مساهمات للقارة في الحراك العالمي للتصدي لتغير المناخ ، كما أن هنالك احتياجات كثيره للقاره في مكافحة تغير المناخ. كما أن دولها من أفقر الدول في إمتلاك الموارد المالية اللازمة للتعامل مع تأثير تغيرات المناخ، حيث تواجه البلدان الأفريقية جميعها تحديات في السيولة مما يجعل تعبئة الموارد المحلية للعمل المناخي أمرًا بعيد المنال إن لم يكن مستحيلا.، علما بأن سد الفجوة في التزام البلدان المتقدمة بالوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالمناخ مع الصرف الفعلي لا زالت كبيره، وتمويل التكيف في أفريقيا دون التوقعات. وحتي عام 2018 . و حسب التقديرات بلغ هذا التمويل ما يقرب من 5 دولارات أمريكية في العام للفرد الواحد، بإجمالي أقل من 5.5 مليار دولار أمريكي سنويًا. واليوم وبعد ارتفاع التكاليف وعدد المشروعات تتوقع الحكومات الأفريقية أنها بحاجة إلى عشرات المليارات من الدولارات سنويًا بحلول عام 2050.

في مجال التغيرات المناخية تحتاج أفريقيا إلي التالي:

1. وضع أجندة للتكيف من أجل الحصول على التمويل اللازم خاصة عبر مبادرات القطاع الخاص والشراكة بينه والقطاع العام وينبغي لبنوك التنمية متعددة الأطراف والصناديق المتعددة الأطراف المعنية بالمناخ وصندوق التنمية الأفريقي وصناديق المناخ وصناديق الاستثمار في المناخ و القطاع المالي والقطاع المصرفي أن تلعب دورًا رئيسيًا في تعبئة الموارد للاستثمار في تغير المناخ مع ضروة مواءمة جزء من محافظ القطاع المالي الإقراضية والإستثمارية مع هذا الأمر. فضلا عن الإستعداد لتسخير المبالغ اللازمة للعمل المناخي بأفريقيا، مع تزويد البلدان الضعيفة بالموارد التقنية لتطوير خطط عملها ومشروعاتها القابله للتمويل. هذه الشراكات تعد من أهم الوسائل المبتكره من أجل تمويل المناخ في مجالات التكيف وتحسين الإقتصادات الأفريقية، خاصة وأن الدراسات تشير إلي أن كل دولار ينفق على التكيف يولد ما بين 2 إلى 10 دولارات من الفوائد الاقتصادية.

2. رفع معدلات التنفيذ للسياسات والاستراتيجيات الحالية والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية للتخفيف من آثار تغير المناخ والعمل على تهيئة البيئة المواتية للاستثمارات الضرورية.، علما بأن أي سياسات متعلقة بالمناخ تتخذ من قبل واضعي السياسات ستكون بلا شك تطور إيجابي. وكذلك تحتاج الاستراتيجيات الموضوعة إلى مدخلات قطاع الأعمال المحلي والجهات الفاعلة في المجتمع المدني للإسراع في تنفيذها، مع تحسين وتطوير عمل المؤسسات المناط بها تنفيذ العمل المناخي.

3. إقامة شراكات معززة لتسريع مسيرتها في تغير المناخ، مع التمويل المتعلق بالمناخ، والاستثمارات على نطاق واسع لتعزيزه وبناء قدرة الأشخاص والمجتمعات الضعيفة على الصمود في وجه آثار تغير المناخ عبر طرح حلول مبتكرة لزيادة كبيرة في حجم ونوعية الاستثمارات في مجالات حيوية من أهمها الاستثمارات في التكيف مع تغير المناخ والقدرة على الصمود (قيام مشاريع زراعة صديقة للمناخ مع تأمين زراعي ورعوي فاعل وإستخدام التكنولوجيات المبتكره للوصول إلى البيانات والمعلومات المناخية عبر أنظمة الإنذار المبكر، ودعم المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة لاعتماد ممارسات زراعية متجددة ومتوافقة مناخياً، وتحسين زراعة الأراضي الجافة ، وتخزين المياه، وحماية الغابات). والإستثمارات في تحولات الطاقة (زيادة كمية الكهرباء التي يتم توليدها من مصادر متجددة مثل طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية)، والاستثمارات ذات الصلة بالبنية التحتية المستدامة، وإستثمارات التنوع البيولوجي. ويتوقع المحللين أن افريقيا ستحتاج إلى استثمار حوالي 200 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2025 وما يقرب من 400 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030 بشأن هذه الأستثمارات، مقارنةبما قدم بنحو 20 مليار دولار في الفترة ‪2016-2019‬ . كما قدرت الوكالة الدولية للطاقة المتجدد أن إفريقيا تتطلب استثمارًا سنويًا قدره 70 مليار دولار أمريكي في مشاريع الطاقة المتجددة حتى عام 2030 من أجل التحول إلى الطاقة النظيفة.

خلاصة القول، و على الرغم من مساهمتها المنخفضة في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ، هي القارة الأكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ. كما أنها تستضيف بعض البلدان الأقل دخلاً في العالم ، مما يحد من الموارد المتاحة للتكيف المناخي حيث تقع سبع دول من بين الدول العشر الأكثر عرضة للتأثر بالمناخ في قارة إفريقيا. ومع ذلك ، فإن قدرة إفريقيا على معالجة تغير المناخ (خاصة في مجالات الطاقة المتجدده) قدره هائلة وغير مستغلة إلى حد كبير. هنالك حاجة ملحة لإيجاد حلول مبتكرة وملموسة ومستدامة ومنح الدول الأفريقية كل الوسائل اللازمة لمكافحة تغير المناخ. ورؤيتنا أن من أهم هذه الحلول المبتكره ما يتعلق ببناء القدرات لوضع خطط التكيف خاص فيما يتعلق بتوفر أنظمة غذائية وزراعية مستدامة مع تعزيز الإستثمارات في القارة، خاصة من القطاع الخاص، والبحث عن فرص لسد النقص الموارد المالية عبر الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتنفيذ مشاريع قابلة للتمويل.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

فيضانات الخليج.. خبير: تغيرات عالمية ستؤثر على 3 مليارات شخص (مقابلة)

عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، رئيس شبكة بيئة أبوظبي: منخفض “الهدير” ليس استثناء بصفته …