350.org: بدون التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري تبقى مكاسب “الخسائر والأضرار” مُهدّدة

شبكة بيئة ابوظبي، شرم الشيخ، مصر، (350.org) 22 نوفمبر 2022

مع الإعلان عن نتائج محادثات مؤتمر الأمم المتحدة لتغيّر المناخ في مصر (COP27) فجر اليوم، يمهّد نص قرارها النهائي الطريق أمام استمرار التوسّع في الوقود الأحفوري وتفاقم آثاره على المناخ، وفقًا لـ350.org

كان من المفترض أن يكون هذا “COP أفريقيا”، أو “COP الإنجاز” بصيغة أخرى، ولكن تحت تأثير نفوذ صناعة الوقود الأحفوري، فشلت الرئاسة المصرية والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والصين ودول الخليج واليابان في القيام بما يلزم.

يشير النَصّ النهائي إلى العلم وإلى استنتاجات الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيّر المناخ، كما يؤكد الالتزام بهدف الـ١,٥ درجة ويتضمن إشارات إلى الطاقة المتجددة والانتقال العادل. إلا أنه ينتقص من ذلك كله بتغييبه للتخلّص التدريجي، بشكل عادل ومنصف، من الوقود الأحفوري.

في إنجازٍ واضح، اعترفت الدول الغنية بالحاجة إلى تأسيس صندوق استجابة للخسائر والأضرار لصالح الدول النامية. وتُعدّ هذه شهادةً على نجاح قيادة الدول المتأثرة والمجتمع المدني الذين تمسّكوا بموقفهم نحو هذه المسألة الحيوية في ملف العدالة المناخية. إلا أن غياب الصيغة الضرورية عن التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري من نَصّ القرار يهدد هذه المكاسب. فاستمرار استخدام الوقود الأحفوري سوف يدفع نحو المزيد من التغيّر المناخي ويؤدّي إلى المزيد من الخسائر والأضرار.

على الرغم من أن الـCOP شهد اقتداء بعض أكبر منتجي الفحم والنفط والغاز، مثل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والهند، بدولٍ مثل توفالو حيث أيّدوا المطالبات بالتخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري – وذلك بفضل المجتمع المدني في بلدانهم وفي شرم الشيخ – إلا أن نفوذ صناعة الوقود الأحفوري أحبط هذا الطموح.

حدث بعض التقدّم خارج إطار الأمم المتحدة، مع إبداء دول مثل كينيا وفيجي توفالو وتشيلي التزامهم بالتخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري عن طريق مساندتهم لـ«تحالف ما بعد النفط والغاز». وكانت هناك المزيد من المؤشّرات الإيجابية مع إظهار كولومبيا للقيادة والإرادة السياسية في المطالبة بتمويل انتقال عادل للطاقة، ومع عودة البرازيل إلى مفاوضات المناخ تحت قيادة رئيسها المنتخب لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. وبالتزامن مع محادثات الـCOP، أقرّت قمة العشرين في بالي، أندونيسيا، بضرورة خفض استخدام الوقود الأحفوري بشكلٍ عاجل في سبيل تحقيق أهداف المناخ العالمية بحلول ٢٠٣٠.

في هذا الـCOP، أكد النشطاء من أنحاء العالم أن أزمة المناخ تُعدّ قضية حقوق إنسان. لقد أثبت كلٌ من مجموعات السكان الأصليين، والمجتمعات الواقعة على خط المواجهة، ومجموعات حقوق المرأة والحقوق الجندرية، وشبكات الإعاقة، ونشطاء حقوق الإنسان من أنحاء العالم بعملهم معًا أنه لا يمكن تحقيق العدالة المناخية في غياب العدالة الاجتماعية. ستستمر حركة تغير المناخ العالمية في لعب دورها القيادي: سنحكي قصص الصمود ونفضح أكاذيب صناعة الوقود الأحفوري ونكافح من أجل حلول حقيقية وعادلة ومتاحة للجميع.

تقول ماي بويف، المديرة التنفيذية لـ 350.org:
“لم نعد نملك الوقت لإحداث التغيير على دفعات صغيرة، فكل كسر درجة يشكل فارقًا. نحتاج إلى تخلص من الوقود الأحفوري بصورة عاجلة وعادلة ومنصفة، وهو ما فشل الـCOP، مرة أخرى، في تحقيقه. ففي حين تُعزّى الإنجازات التي تم التوصل إليها بشأن الخسائر والأضرار إلى الجهود الرائعة للمجتمع المدني في الدول الأكثر تضررًا، سيظل العالم في طريقه نحو المزيد من الخسائر والأضرار إن لم يكن هناك تخلص تدريجي من الوقود الأحفوري. وهذا ما فشل فيه الـCOP.

“ولكن في نهاية المطاف، الـCOP هو لوحة النتائج وليس المباراة ذاتها. النضال مستمر. والنداءات بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري أعلى من أي وقتٍ مضى. فالتقدم الحقيقي في هذا المجال يحدث على أرض الواقع، مع خروج الناس إلى الشوارع، والتنظيم لوقف مشاريع الوقود الأحفوري الجديدة، والاختصام القانوني ضد صناعة الوقود الأحفوري، والاحتشاد وراء حلول الطاقة المتجددة. نحن لم نُهزَم ولن نُهزَم أبدًا.”

تقول زينة خليل الحاج، رئيسة الحملات والتنظيم عالميًا في 350.org:
“في جلاسكو، شهدنا الخفض التدريجي لإنتاج الفحم. وفي COP27 في شرم الشيخ، كنا بحاجة لرؤية التخلّص التدريجي المنصف والعادل من جميع أنواع الوقود الأحفوري. إن النَصّ النهائي الذي لا يوقف توسّع الوقود الأحفوري، ولا يبني أي تقدم على اتفاق جلاسكو الضعيف أصلًا، يُعتبر استهزاءً بحياة الملايين من الناس التي تتأثر بتغيّر المناخ. يشكّل الاتفاق حول الخسائر والأضرار إنجازًا هامًا، ولكن في غياب إجراءات للتخلّص التدريجي من توسّع الوقود الأحفوري الذي سيؤدي إلى المزيد من الخسائر والأضرار، فقد فشل COP27 في إحراز التقدّم المطلوب. إننا نؤسس صندوقًا لتمويل دمارنا.

كان من المفترض أن تدفع الفوضى المناخية والتحذير الذي جاء من الغزو الروسي لأوكرانيا في ٢٠٢٢ إلى نقطة تحوّل في سياسات الطاقة. ولكن ما حدث كان العكس، فقد نجح لوبي مكوّن من ٦٠٠ من المشاركين في تأخير اتفاقٍ حيوي يضمن التخلص التدريجي، بشكلٍ عادل ومنصف، من الوقود الأحفوري. ومع ذلك، نحن نعلم أن هذه ما هي إلا الشهقة الأخيرة لصناعة تحتضر. ونرى أملًا في إصلاح بنوك التنمية متعددة الأطراف، وسنستمر في المناداة بأن يُترجم هذا إلى زيادة في التمويل المستعجل كما هو مطلوب لتحقيق انتقال عادل نحو مصادر طاقة بعيدة عن الوقود الأحفوري.”

يقول لاندري نينتيريتس، المدير الإقليمي لـ 350Africa.org:
“لقد كانت لدى الدول الأفريقية المهدّدة بالتغيّر المناخي آمالًا عريضة من هذا الـCOP، لا سيما وأنه يُعقد في أفريقيا حيث نلمس الآثار البالغة للتغيّر المناخي في حياتنا اليومية وذلك بالرغم من أن القارة تتحمل المسؤولية الأقل عن أزمة المناخ. إلا أن النتائج الحالية أبعد ما تكون عن مستوى توقعاتنا؛ لقد كان هذا الـCOP في أفريقيا ولكنه لم يكن من أجل أفريقيا. من بين أمورٍ أخرى، كنا نتوقع التزامًا أكبر بالتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري الذي يدفع تغيّر المناخ ويؤدي لآثارٍ كارثية. لا يوجد مجال لترك أي فجوات تتيح التوسّع في صناعة الوقود الأحفوري الضار وإحداث المزيد من الدمار، مثل اندفاع الدول الأوروبية نحو استخراج الغاز الأحفوري في أفريقيا. نرحّب بذكر صندوق للخسائر والأضرار في نص القرار النهائي ونتمنّى أن يشكّل ذلك بداية محاسبة جادة للدول التي تساهم في زيادة التلوث والتي تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية عن أزمة المناخ، كما نتمنى أن تُترجم هذه المحاسبة فعليًا إلى معالجة للأضرار اللاحقة بالدول التي تتحمّل أقل قدر من المسؤولية وأكبر قدر من المعاناة من الآثار المدمّرة.”

يقول جوزيف سيكولو، المدير الإقليمي لـ 350.org في المحيط الهادئ:
“يعدّ ذكر صندوق للخسائر والأضرار في نص القرار النهائي نتيجةً واضحة لضغوطات المجتمع المدنى والدول المهدّدة بآثار تغيّر المناخ. فهو مؤشرٌ على أننا أخيرًا قد تمكنّا من دفع بعض الدول الغنية للاعتراف بضرورة تعويض مجتمعاتنا عن الخسائر التي تواجهها منذ عقود. يجب أن تتمكن جميع الدول المهددة بتغير المناخ والتي لا تتحمل مسؤولية تاريخية عنه من الاستفادة من أموال الصندوق عند الحاجة. سيعود كل واحد منا إلى مجتمعه ودائرته وسنحكي عما حدث هنا. سنحكي عن غضبنا وسخطنا إزاء فشل بعض الدول في تحمل المسؤولية، لكننا سنحكي أيضًا عن الصلات الجديدة التي أسّسناها والصلات القائمة التي وطّدناها. لن نُهزم أبدًا.”

يقول ماسايوشي إيودا، 350.org اليابان:
“لقد بيّن COP27 أن اليابان ليست مستعدة لاستضافة قمة السبع في هيروشيما العام القادم. ففي شرم الشيخ، واجهت اليابان نقدًا لاذعًا لكونها أكبر مقدِّم للتمويل الحكومي للوقود الأحفوري في العالم خلال الفترة بين ٢٠١٩ و٢٠٢١، ممّا يتعارض مع توجّهات التخلّص من الكربون. بالنظر إلى أن اليابان من بين الدول الأغنى والأكثر تسببًا في التلوث، فقد كانت لديها فرصة لتبدي التزامها بالتخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري لضمان تحقيق الهدف المناخي لاتفاقية باريس. بدلًا من ذلك، تقوم الحكومة والشركات اليابانية بتمويل حلول زائفة – مثل الإحراق المشترك للهيدروجين والأمونيا، وتقنيات التقاط (واستخدام) وتخزين الكربون، والطاقة النووية – في سبيل إطالة وتبرير إدمان الوقود الأحفوري لما بعد ٢٠٣٠. على رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا أن يقوم فورًا بمراجعة وتحسين سياسات المناخ والطاقة بما يعكس التقرير الأخير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ والالتزام بمسار تحقيق هدف الـ١,٥ درجة مئوية. علاوة على ذلك، يتوجّب على البنوك اليابانية العملاقة وشركة ميتسوي سوميتومو المصرفية ومجموعة ميتسوبيشي يو إف جي المالية أن تستمع إلى الأصوات الأفريقية وتلتزم بعدم مساندة مشاريع الوقود الأحفوري المدمرة مثل خط أنابيب النفط الخام في شرق أفريقيا. لأنهم إن لم يفعلوا ذلك، فإن وعودهم بـ«محايدة الكربون» في اتفاقية المناخ في باريس تفقد معناها وتضحي نوعًا من «الغسل الأخضر».

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

المنتدى يتزامن مع إعلان رئيس الدولة بتمديد عام الاستدامة ليشمل 2024

ملخص مشاركة المهندس عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، رئيس شبكة بيئة ابوظبي، رئيس اللجنة …