ماهو المنتظر من قمة المناخ COP28 بدولة الأمارات العربية المتحدة؟

شبكة بيئة ابوظي، بروفيسور بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، كبير مستشاري برنامج الخليج العربي للتنمية، أجفند، 11 مايو 2023

يتم تسريع الجهود العالمية لحل مشكلة تغير المناخ المشتركة من قبل مؤتمر الأمم المتحدة السنوي المعني بتغير المناخ (COP) تم تحديد ثلاثة مواضيع رئيسية لمؤتمر الأطراف: التمويل والتكيف والتخفيف. يمنع التخفيف تاثير تغير المناخ ، بينما يستلزم التكيف التعامل مع البيئة الحالية أو المستقبلية المتوقعة للعيش في مناخ متغلب لتقليل المخاطر المرتبطة بالتغير المناخي السلبي. دولة الأمارات العربية المتحدة جديرة بأن تستضيف قمة المناخ 28 وهي الدولة التي كسبت ثقة العالم كمركز فاعل ومؤثر ونشط في مجال البيئة والمناخ ومجالات الطاقة النظيفة، وفي المساهمة لإيجاد حلول عملية للقضايا الدولية البيئية المحورية، حيث تحتل مرتبة رفيعة عالميا في مجالات الإستثمار في مشاريع الطاقة النظيفة في الكثير من دول العالم (وحسب البيانات المنشورة بلغ حجم الإستثمارات حتي 2050 سيبلغ نحو 600 مليار درهم أماراتي). ومن المعروف عن دولة الأمارات مسيرة تاريخية بناءة في معالجة القضايا البيئية مع رؤية مستقبلية واضحة ومعلنة مبنية على أسس قوية من التعاون والشراكات الإستراتيجية بين مؤسسات الدولة والمنظمات والجهات العالمية ذات الاهتمام بالقضايا المناخية والبيئية. فضلا عن أن الأمارات قامت بتحفيز وتيرة العمل المناخي الداخلي بكثير من البرامج الكبيرة والفاعلة والقوانين والخطة الوطنية للتغير المناخي ولها خطة في هذا المجال تنتهي في 2050. فضلا عن إطلاق مبادرتها الاستراتيجية حول الحياد المناخي بحلول 2050 مستهدفة بها الوصول لنسبة صفر انبعاثات كربونية، كما قدمت الأمارات جهودا مقدره في نشر الوعي المناخي وتعزيز الجهود والتنظيمية في هذا الإطار والسير وفقا لنهج واضح ومتميز ورؤية استباقية . أضافة إلى المصادقة على إتفاقيات والبروتوكولات المناخية العالمية ومن أهمها الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ منذ أكثر من ربع قرن ( منذ العام 1995). لاشك أن استضافة قمة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28)، يتوج هذه الإنجازات الكبيرة والمبادرات الاستباقية البيئية المتميزة للدولة. ومن خلال موقفها من قضايا المناخ، وإهتمامها الداخلي به واستثماراتها المحلية والعالمية، وعلاقاتها مع جميع فرقاء المناخ ليس لدينا شك في أنها ستقوم بتقريب وجهات النظر المختلفة في مؤتمر كوب 28 من أجل تذليل العقبات للوصول إلى خطط وسياسات وإلتزامات لمواجهة أكبر خطر يواجه الكوكب ويهدد التنمية البشرية واستقرار المجتمعات.

من الواضح ومن التصريحات الأولية أن أهداف دولة الأمارات العربية المتحدة لقمة المناخ القادمة طموحة وتسعي لإيجاد إتفاق على إلتزامات واضحة لتقليل الانبعاث الكربوني بحلول 2030. ما جاء في بيان الرئيس المعين لمؤتمر Cop28 أنه وبالعمل من خلال العمل مع الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ جنبًا إلى جنب مع بطل الأمم المتحدة رفيع المستوى لتغير المناخ وبطل شباب الإمارات للمناخ ، ستعمل دولة الأمارات العربية المتحدة لبناء توافق في الآراء بين الأطراف لدفع العمل المناخي المشترك، وستمنح الأولوية للجهود المبذولة لتسريع خفض الانبعاثات من خلال التحول العملي للطاقة ، وإصلاح استخدام الأراضي ، وتحويل النظم الغذائية. كما ستعمل الدولة على حشد الحلول للبلدان الضعيفة ، وتفعيل الخسائر والأضرار عبر صندوق الخسائر والأضرار لمساعدة الدول الفقيرة المتضررة من الكوارث المناخية الذي تمت الموافقة عليه في قمّة المناخ بشرم الشيخ (كوب 27) ، وتقديم مؤتمر أكثر شمولاً قدر الإمكان. كما ستسعي الإمارات العربية المتحدة لتوحيد العالم نحو اتفاق على حلول جريئة وعملية وطموحة وستتطلع لتقييم التقدم المحرز في اتفاقية باريس. مما سيساعد هذا في تنسيق الجهود بشأن العمل المناخي، و ضمان استجابة العالم للتقييم العالمي بخطة عمل واضحة.

هنالك تحديات عالمية مناخية لا زالت عالقة ومن أهمها ضعف الإلتزام بالتعهدات المالية خاصة المتعلقة بدول العالم النامي مع كبر حجم التمويلات المطلوبة ، وضعف متابعة الإلتزامات والتعهدات المناخية، والإختلاف حول صندوق الأضرار والعمل على تفعيله. فضلا عن الأزمات والكوارث التي تجابه العالم في كل عام مما يحد من مقدرته على مجابهة القضايا المناخية حسبب الخطط الموضوعه. ومن الصعب أيضا التقدم في القضايا المناخية بشكل كبير في زمن وجيز لأنها قضايا إستمرت سنوات ولا زالت معلقة لأسباب متعدده. ولكن نرى أهمية الإستمرار في حشد الجهود الإقليمية والدولية للوصول رؤية واضحة حول حسم القضايا المناخية العالقة والمُرَحَّلة ومواصلة الزخم الدولي المتعلق بقضايا المناخ ومتابعة الملفات العالقة على أمل أن يتم فيها بعض الإنجازات الهامة والعاجلة.

لاشك أن القضايا المتعلقة بالتخفيف وليس التكيف لمحاصرة المشكلات المتسببة في التلوث البيئي والقضايا المتعلقة بالحياد الكربوني ومتابعة الإلتزامات التمويلية من قبل الاقتصادات الأعلى تلويثًا للمناخ، ومتابعة الالتزامات والتعهدات المناخية الدولية، وغيرها سيكون لها الزخم الأكبر في القمة القادمة، كما رأيناها في القمم السابقة. ولكن ومهما يكن من أمر رؤيتنا في هذه القمة أن يتم الاهتمام و بشكل خاص بمسألة خلق توازن عالمي ما بين الطموحات الكبيرة التي تظهر من هنا وهنالك في كل لقاء وبين الالتزامات البيئية والمناخية التي يمكن أن تتحقق على الأرض. بالإضافة لحشد الجهود العالمية لإيجاد حلول ناجعة وسريعة للبلدان النامية المتضررة من العمل المناخي السالب بتفعيل دور صندوق الأضرار والبند الفرعي من المادة 6 من اتفاقية باريس للمناخ الذي يسمح بالتعويض للبلدان المتضرره عبر الإستثمار في مبادرات مستدامة.

القضية المهمة في رأينا الإهتمام بالتوجهات والمشروعات الخاصة بمسألة الأمن الغذائي وصغار المنتجين الزراعيين في ظل التغيرات المناخية السالبة في الدول النامية وفي ظل إيجاد السبل الكفيلة للتكيف مع القضايا البيئية في الوقت الحالي مع إستمرار الإنتاج الزراعي بشكل جيد لتلبية الحاجيات العالمية المتصاعدة من الغذاء ، فضلا عن تفعيل مشاركة القطاع الخاص في التمويلات المناخية في هذا القطاع والقطاعات الأخرى على أسس جديدة ومبتكره. كما نرى أهمية إعادة هيكلة الدعم من الدول الغنية وفقاً للاحتياجات التي يتطلبها توفير مصادر الغذاء للعالم من الإنتاج الصغير مع التأكيد على صمود صغار المزارعين والرعويين في الأرياف تجاه التغيرات المناخية من أجل إنتاج الغذاء لإيقاف الأعداد المتزايدة التي تتعرض للجوع في العالم، حيث تشير التقديرات الأمم المتحدة إلى أن ما يتراوح بين 702 و828 مليون شخص عانوا من الجوع في عام 2021. وقد ارتفع العدد بنحو 103 ملايين شخص بين عامي 2019 و2020، و46 مليون شخص آخر في عام 2021. كما تشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعه المنشوره إلى أن 670 مليون شخص تقريبًا سيظلون يعانون من النقص التغذوي في عام 2030 ، أي مايعادل 8 في المائة من سكان العالم، ومن المتوقع أن تتضاعف معدلات الطلب على الغذاء بحلول العام 2050 . كما يواجه المزارعون تحديات عديدة للتكيف مع التغيرات في المواسم الزراعية نتيجة للتقلبات المناخية ومستويات هطول الأمطار، مما يتطلب إيجاد حلول سريعه ومبتكرة .

بعد قمة المناخ (كوب ٢٦) العام قبل الماضي وعلى الرغم من تفعيل إعلان برنامج العمل العالمي بشأن الابتكار في الزراعة والذي يهدف للتأثير على 100 مليون مزارع من خلال تزويدهم بحلول زراعية إيجابية للطبيعة ، فضلا عن تعهد 45 دولة بتقديم أكثر من 4 مليارات دولار في استثمارات القطاع العام لدعم الزراعة المستدامة وممارساتها والتي تشمل تطوير المحاصيل المقاومة للمناخ والحلول المتجددة لتحسين صحة التربة، إلا أن هنالك آراء تحدثت عن محدودية مناقشات الزراعة والأمن الغذائي وثغرات في نتائج القمة في هاذين المجالين. وإذا كانت الإحصائيات تشير إلي أن القطاع الزراعي على مستوي العالم يؤثر بشكل مباشر على سبل كسب العيش لأكثر من 3 مليار شخص (يمثلون حسب تقديراتنا نحو 38% من إجمالي السكان في 2021) ، منها أكثر من 600 مليون مزرعة صغيره تحتل نحو 80% من الأراضي الزراعية في العالم و تنتج حوالي 80٪ من غذاء العالم. هنا يبرز السؤال التالي: بعد كل هذه البيانات هل ستتحقق التطلعات بوضع خطوات متينة للزراعة صغيرة الحجم والأمن الغذائي ضمن القمة المقبلة؟

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

مفاوضو COP28..عقول إماراتية واعدة تعمل بلا كلل من أجل بناء حاضر و مستقبل أفضل لكوكب الأرض

-المفاوضون: لقاء صاحب السمو رئيس الدولة وكلماته الملهمة تكريمٌ يفوق كل الأوسمة. – فريق المفاوضين …