تسريع وتيرة التغيير لحل أزمة المياه

شبكة بيئة ابوظبي، تقرير خاص بالبنك الدولي، 13 مايو 2023

تُعد المياه شريانَ الحياة لصحة البشر وصحة كوكب الأرض، كما أنها بالغة الأهمية للنمو الاقتصادي، وسلامة النظم الإيكولوجية، وسلامة الحياة ذاتها. غير أنه مع وجود أكثر من 2.3 مليار شخص لا يحصلون على المياه الصالحة للشرب و3.6 مليارات شخص يفتقرون إلى خدمات الصرف الصحي المأمونة، فإن أزمة المياه العالمية تمثل تهديداً حقيقياً لجهود التنمية في وقتنا الحالي. وتقدر التكاليف الاقتصادية العالمية لانعدام الأمن المائي بنحو 500 مليار دولار سنوياً. وتزداد حدة هذه المشكلة نظراً لتفاقم موجات الجفاف والفيضانات بسبب تغير المناخ والزيادة الكبيرة في عدد السكان. وثمة حاجة ملحة إلى تسريع وتيرة التغيير – إلى ما هو أبعد من مجرد “سير الأمور كالمعتاد” للتصدي لأزمة المياه.

وبوصفها أكبر مصدر متعدد الأطراف لتمويل مشاريع المياه في العالم في البلدان النامية، تلتزم مجموعة البنك الدولي بالقيام بأعمال مبتكرة وشاملة ومستدامة بشأن المياه في الوقت الذي تعمل فيه مع شركائها من أجل عالم آمن من ناحية المياه.

يُعد اليمن من بين أكثر بلدان العالم شحاً في المياه، وقد أدى الصراع الدائر إلى تفاقم هذه الأزمة.

وفي شتَّى أنحاء اليمن، تعاني قرى ريفية لا حصر لها من قلة الخدمات الأساسية، لكن نقص المياه الصالحة للشرب هو أكبر التحديات التي يواجهها الكثيرون في هذه المجتمعات المحلية الضعيفة والأكثر احتياجاً. ولا يحصل أكثر من 55% من سكان البلاد – نحو 18 مليون نسمة – على المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي المأمونة.

ويُعد الحصول على المياه الصالحة للشرب عملاً يومياً يثقل كاهل من يقوم به، ودائماً ما تقع المسؤولية عنه تقريباً على كاهل النساء والأطفال.

ولتحسين إمكانية الحصول على مياه صالحة للشرب ومساندة الأسر اليمنية في ثلاث قرى هي “العدن” و”العنين” و”حوف”، عمل البنك الدولي وشركاؤه مع المجتمعات المحلية لبناء خزاناتها لتجميع مياه الأمطار.

ويقوم المشروع على تقنية بسيطة يمكنها القيام بدور تزداد أهميته في التخفيف من آثار الاحترار العالمي وتحسين الأحوال المعيشية لكثيرين، لا سيما من يعيشون في المناطق الريفية.

وتقول “حلياء الجلال” -وهي من سكان قرية “العدن” وأمٌ لستة أطفال- إن أسرتها كانت تضطر إلى السير على الأقدام مسافات طويلة لجلب المياه. لكن الخزانات المنزلية لتجميع مياه الأمطار ساعدت في تخفيف الأعباء على “حلياء” وأسرتها.

كما تقول “حلياء”: “لم نعد نضطر إلى تحمُّل عناء جلب المياه من أماكن بعيدة. فقد وضع خزان تجميع مياه الأمطار الجديد نهاية لبؤسنا.”

ويقول محمد جبران، العضو السابق في المجلس المحلي لمديرية وصاب العالي: الماء النظيف أصبح قريباً الآن من بيوتنا.
وأتاح هذا لكثير من الأطفال، لا سيما الفتيات، العودة إلى المدرسة ومواصلة دراستهم.
وتأتي مشاريع الحفاظ على المياه في إطار المشروع الطارئ للاستجابة للأزمات في اليمن الذي تسانده المؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، والذي يقوم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بتنفيذه بالاشتراك مع الصندوق الاجتماعي للتنمية، ومشروع الأشغال العامة في اليمن. وساند المشروع حتى الآن إنشاء 1279 خزاناً من الخزانات العامة لتجميع مياه الأمطار و30686 خزاناً من الخزانات المنزلية في عموم اليمن، مما وفر قرابة 900 ألف متر مكعب من المياه النظيفة.

ويقوم البنك الدولي أيضاً بدعم الجهود واسعة النطاق لتحسين الحصول على المياه والصرف الصحي لملايين الأشخاص في اليمن من خلال شراكات مماثلة مع الوكالات التابعة للأمم المتحدة مثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واليونيسف، ومكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع، ومنظمة الصحة العالمية. وجدير بالذكر أن ما يقرب من 3.4 ملايين شخص تمكنوا من الحصول على مصادر المياه المحسنة في المناطق المتضررة من وباء الكوليرا في البلاد وذلك من خلال المشروع الطارئ للصحة والتغذية؛ كما حصل 3.24 ملايين شخص على خدمات الصرف الصحي.

في تنزانيا، أفادت أكثر من نصف منشآت الرعاية الصحية عن نقص منتظم في إمدادات المياه، وهو ما يعرقل خدمات الرعاية الصحية.

ووفقاً لأحدث تقرير لبرنامج الرصد المشترك بين منظمة الصحة العالمية واليونيسف بشأن المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في منشآت الرعاية الصحية، تفتقر نصف مرافق الرعاية الصحية على مستوى العالم إلى خدمات النظافة الصحية الأساسية. ومن بين البلدان التي تتوفر بيانات بشأنها، لم يكن لدى واحد من كل عشرة مرافق للرعاية الصحية على مستوى العالم خدمات صرف صحي؛ وفي منطقة أفريقيا جنوب الصحراء، تقفز هذه النسبة إلى واحد من كل خمسة.

وفي مايو/أيار 2018، وصلت الدكتورة “ندافوكاي لارينيوني” إلى قرية “إيتيبولا” في منطقة سونغوي في جنوب غرب تنزانيا. وبدأت وظيفتها الجديدة كطبيبة مسؤولة عن المستوصف المحلي الذي يخدم 4500 مواطن ويقدم خدمات العيادات الخارجية للمرضى، فضلاً عن خدمات الصحة الإنجابية وصحة الأطفال.

وفي ذلك الوقت، لم يكن لدى المستوصف إمكانية الحصول على المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي، ولذلك كانت الدكتورة “ندافوكاي” تأتي إلى العمل في الساعة السادسة من صباح كل يوم، أي قبل ثلاث ساعات من افتتاح العيادة، لجمع المياه التي تكفي متطلبات العمل لذلك اليوم.

وتقول الدكتورة ندافوكاي: كان علينا أن نصطف في طوابير للحصول على المياه مع بقية السكان من البئر الوحيد، وإذا كنت محظوظاً وكانت المياه تتدفق من البئر، فإن الطوابير كانت دوماً من المنغصات التي عليك التعامل معها.

“وعندما تتعطل مضخة البئر، وهو ما كان يحدث في كثير من الأحيان، كان علينا أن نذهب لمسافة أبعد للبحث عن المياه في آبار ضحلة وغير آمنة. كما لم يكن لدينا مراحيض في الموقع، لذلك كنا نذهب إلى مكتب القرية لاستخدام مراحيض الحفر الخاصة بهم.”

ومن خلال برنامج البنك الدولي المستدام لإمدادات المياه والصرف الصحي في المناطق الريفية في تنزانيا، حصلت 1535 منشأة صحية ومستوصفاً و637 مدرسة ابتدائية حكومية على مرافق صرف صحي ونظافة صحية آمنة حتى الآن. ويستهدف البرنامج توفير مرافق الصرف الصحي إلى 2600 منشأة صحية ومستوصف و1850 مدرسة ابتدائية بنهاية مرحلة التنفيذ في عام 2025.

وتقول الدكتورة ندافوكاي: إن مجرد استدارتي وأنا ما زلت على كرسي العيادة لكي أغسل يدي تحت الصنبور بعد أن أنتهي من فحص أحد المرضى يجعلني سعيدة، لأن هذا هو الأمر الطبيعي،

وتوصيل المياه للمستوصف أمر بالغ الأهمية من أجل تقديم خدماتنا.

ومنذ تنفيذ البرنامج في عام 2019، حصل أكثر من 3.3 مليون شخص في تنزانيا على إمدادات المياه المُحسَّنة و4.67 مليون شخص على خدمات الصرف الصحي المُحسَّنة. ومن المقرر أن يتوسع البرنامج ليشمل المزيد من المناطق في البلاد، بهدف توفير خدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية إلى 10 ملايين مواطن.

الهند هي أكبر مستخدم للمياه الجوفية على مستوى العالم، إذ تستخرج كمية أكبر مما تستخرجه الولايات المتحدة والصين معاً.
وتعتبر المياه الجوفية من أهم الموارد الطبيعية في العالم. وبالنسبة لغالبية سكان الهند، تعد المياه الجوفية هي المصدر الوحيد للمياه.

وتوفر المياه الجوفية أكثر من 80% من إمدادات المياه للاحتياجات المنزلية ونحو 60% من مياه الري في البلاد. لكن هذه الموارد تتعرض لضغوط متزايدة بسبب فرط الاستهلاك والتلوث وتغير المناخ. وبالفعل، فإن ما يقرب من ثلثي المناطق الهندية – أي 63% منها – مهددة بتراجع مستويات المياه الجوفية.

وللتصدي لهذه الأزمة، أطلقت الهند برنامجها الرئيسي للمياه الجوفية، أتال بوجال يوجانا، في عام 2019. ونظراً لأن مهمة الحفاظ على المياه الجوفية تقع بين أيدي مئات الملايين من الناس، فقد وضع البرنامج المجتمعات المحلية في صميم هذا الجهد، حيث جمع بين المدخلات العلمية والحكمة التقليدية للتصدي لهذا التحدي المعقد.

وفي عام 2020، بدأ البنك الدولي في مساندة البرنامج في أكثر من 8 آلاف مجلس قروي تعاني شح المياه في سبع ولايات هندية – من هاريانا وأوتار براديش في الشمال، إلى راجستان وغوجارات وماهاراشترا في الغرب، ومادهيا براديش في وسط الهند، وكارناتاكا في الجنوب. وتشكل هذه الولايات نحو 25% من المساحة التي تتعرض فيها المياه الجوفية للاستخدام المفرط والإجهاد.

وبفضل هذا البرنامج، بدأت المجتمعات المحلية في رصد مستويات المياه الجوفية في أكثر من 6 آلاف بئر تجري مراقبتها. وتجرب عدة ولايات برامج تحفز المزارعين على الحفاظ على المياه الجوفية. وبالإضافة إلى ذلك، قامت أكثر من 2200 قرية بوضع موازنات مائية تُبين كمية المياه الجوفية المتاحة، وكمية المياه المطلوبة لإعادة تجديدها، ومقدار ما يمكن تخصيصه للزراعة التي تُعد أكبر مستهلك لهذا المورد إلى حد بعيد.

وفي هذا الصدد يقول جنيد أحمد، نائب رئيس الوكالة الدولية لضمان الاستثمار لشؤون العمليات والمدير القطري السابق لمكتب البنك الدولي في الهند: المياه الجوفية هي أكثر احتياطيات المياه أهمية في الهند، وتعد إدارة هذا المورد الوطني عنصراً أساسياً لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في بناء الهند القادرة على الصمود.

وفي إطار برنامج أتال بوجال يوجانا، تقع مهمة تغيير مسار الاستغلال المفرط للمياه الجوفية وتدهورها بين أيدي مئات الملايين من الأفراد والمجتمعات المحلية. ويقدم البرنامج الحوافز والمعلومات والمساندة والموارد اللازمة للانتقال إلى مرحلة تنمية موارد المياه الجوفية وإدارتها على نحو أكثر استدامة.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

أبوظبي تستضيف المنتدى العربي للمياه بدورته السادسة 2024

بهدف مناقشة سبل تعزيز الأمن المائي والمرونة المناخية • يهدف الحدث لاستقطاب ما يزيد عن …