خبير الاستدامة عماد سعد: ترشيد استهلاك الغذاء وتقليص هدر الطعام يقلل أزمة المناخ

المصدر: موقع سوشيال برس: إيهاب زيدان: القاهرة 25 مايو 2023

https://cutt.us/IZk3g
تُشير إحصاءات الأمم المتحدة لارتفاع مُعدلات هدر الطعام حول العالم، فوفقًا لما نشرته الأمم المتحدة “على الصعيد العالمي، تُفقد نسبة 14 % تقريبًا من الأغذية في العام بعد حصادها، حتى مرحلة البيع بالتجزئة، ولكن دون احتساب هذه المرحلة من سلسلة الإمداد؛ وتشير التقديرات إلى أن نسبة 17 %من الأغذية تُهدر في مرحلة البيع بالتجزئة وعلى مستوى الاستهلاك”.
وفي الوقت ذاته، أشار تقرير للبنك الدولي، صادر في مايو 2023، إلى ارتفاع عدد الأشخاص في البلدان والأقاليم، التي تواجه انعدام الأمن الغذائي الحاد، من 192.8 مليونًا في عام 2021، إلى 257.8 مليونًا في عام 2022، وزاد أكثر من الضعف منذ عام 2016.
يتسبب هدر الطعام في هلاك للموارد، في ظل أزمة المُناخ التي يُعاني منها العالم أجمع، والتي تؤثر على الموارد الطبيعية كالمياه والتربة وغيرها.
في الحوار التالي، يوضح المهندس عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، ورئيس شبكة بيئة أبوظبي، العلاقة بين هدر الطعام وأزمة المناخ، وهل يتسبب الهدر في زيادة الأزمة، وما هي الإجراءات التي يُمكن اتخاذها لمُعالجة التأثيرات

هل توجد علاقة بين هدر الطعام وزيادة أزمة المُناخ؟
بدون شك هناك علاقة وطيدة بين هدر الطعام وزيادة أزمة المناخ، ففي دراسة أعدتهاCristina Tirado-von der Pahlen)، من جامعة لويولا ماريمونت، معهد البيئة والاستدامة، جامعة كاليفورنيا لوس أنجلوس، بعنوان “الأنماط الغذائية المستدامة لشعوب وكوكب بصحة جيدة”، ونشرت من قبل اللجنة الدائمة للتغذية التابعة للأمم المتحدة (UNSCN)، أغسطس 2017، أشارت فيها إلى أن النظم والأنماط الغذائية، تؤدي دورًا مهما في تدهور البيئة وتغير المناخ. إذ ينتج النظام الغذائي العالمي، الذي يشمل إنتاج الأغذية واستهلاكها والمُهدر منها، جزءاً كبيراً من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي إلى التغير المناخي والبيئي. وفي الوقت نفسه، يؤثر تغير المناخ في إنتاج الأغذية، والنظم والأنماط الغذائية، والظروف الاجتماعية والاقتصادية، ويؤثر في نوعية نظم الأغذية وسوء التغذية.

وكيف يساهم هدر الطعام في زيادة أزمة المناخ؟
تشير بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) أن القطاع الزراعي مسؤول عن 23% من مجموع انبعاثات غازات الدفيئة بشرية المنشأ خلال الفترة 2016-2000، وبشكل أدق فإن انبعاثات الغازات الدفيئة التي ترتبط بالفاقد والمهدر من الطعام تعادل ما بين 8 – 10 % من غازات الاختباس الحراري بالعالم. أي أن الانبعاثات الناتجة عن هدر الأغذية في العالم تكاد تساوي الانبعاثات الناتجة عن النقل البري في العالم. ولو كان هدر الأغذية بلداً، لكان ثالث أكبر بلد مسبب للانبعاثات في العالم.
ومن هنا نرى وجود علاقة طردية بين ما نشتريه بشكل عام وهدر الطعام بشكل خاص وتغير المناخ، فكل منهما يؤثر على الآخر بطريقة مباشرة وغير مباشرة.

وكيف يضر هدر الأغذية الموارد؟
هناك أضرار كثيرة تنجم عن هدر الطعام من أبرزها هدر المياه التي كانت سبباً في إنتاج هذا الطعام، وهذه المياه تسمى بالمياه الافتراضية أي المياه التي تؤكل وتُلبس ولا تُشرب، وتعتبر أحد مؤشرات أداء الاستدامة في العالم، فالمياه الافتراضية ترتبط بمفهوم أوسع هو البصمة المائية وهي إجمالي كمية المياه العذبة التي تستخدم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لإنتاج هذه السلعة أو تلك الخدمة أو الفعالية.

ما هي المياه الافتراضية وكيف تتأثر بهدر الطعام؟
المياه الافتراضية هي من أهم الاضرار الناجمة عن هدر الطعام، فهي المياه التي توجد في كافة المنتجات والخدمات، على سبيل المثال لا الحصر، نحتاج لإنتاج كوب من القهوة نحتاج 140 ليتر مياه، لإنتاج تفاحة واحدة نحتاج 70 ليتر مياه، لإنتاج رغيف خبر واحد نحتاج 40 ليتر مياه، لإنتاج كلغ من الدجاج نحتاج 4325 ليتر مياه، لإنتاج كلغ من لحم البقر نحتاج 15500 ليتر مياه، لإنتاج كلغ من الجبن نحتاج 5000 ليتر مياه، لإنتاج سندويش هامبرغر نحتاج 2400 ليتر مياه، لإنتاج 100 غرام من الشوكولا نحتاج 2400 ليتر مياه.

على من تقع مسئولية هدر الطعام ومن هم أكبر المُتضررين منها؟
إن هدر الطعام يترك أثراً سلبياً على البيئة ويساهم في التغير المناخي، كما يعني أنه ليس لدينا أي مسؤولية اتجاه مستقبل الأجيال القادمة، وهذا النمط الاستهلاكي المستنزف لموارد الأرض منتشر بين المستهلكين خصوصاً الطبقة الوسطى والعليا في مجتمعات دول المنطقة العربية، وبالنهاية لن يكون هناك فرد دون آخر ولا مجتمع أو دولة دون أخرى بمنأى عن أخطار التغير المناخي على مستوى الكوكب.
فتداعيات التغير المناخي سوف تتعدى حدود حرية الأفراد في اختيار نمط عيشهم أو أسلوب حياتهم (فكراً وممارسة)، فالقرار القادم على سطح الكوكب ليس ملكاً للأفراد أو الشركات أو الحكومات والدول بمفردهم فحسب، بل مجتمعين متضامنين شئنا أم أبينا لأننا أمام معادلة البقاء نكون أو لا نكون.

هل يمكنك أن تشرح أكثر كيف تؤثر عادات الأفراد على المُناخ؟
الأشياء التي نشتريها مسؤولة عن معظم التغير المناخي الذي نراه يحدث اليوم يعني ذلك أن أغلب انبعاثات الكربون يمكن أن تُعزى إلى عادات الاستهلاك لدينا. على الصعيد العالمي، يقرب متوسط انبعاثات الكربون من 4 أطنان للفرد سنوياً، وذلك وفقاً للمنظمة المعنية بالحفاظ على الطبيعة. من أجل تجنب ارتفاع درجتن مئويتين على درجات الحرارة العالمية، يجب أن ينخفض متوسط انبعاث الكربون عالمياً. للفرد سنوياً إلى أقل من 2 طن بحلول عام 2050، وتجدر الإشارة إلى أننا نسلط الضوء على الانبعاثات الكربونية الشديدة في دول المنطقة العربية وأثرها على التغير المناخي ليس لإحراج سكانها، وإنما من أجل مساعدتهم على فهم سياق النزعة الاستهلاكية الحديثة بشكل أفضل.

برأيك.. ما هي الإجراءات التي علينا اتباعها لتجنب أضرار هدر الطعام؟
يقول المثل السويدي “من يشتري ما لا يحتاج.. يسرق نفسه”، دعلنا نرجع الى الوراء قليلاً لنرى مخرجات قمة باريس للتغير المناخي، سوف نجد أربع تحديات رئيسية هي (التخفيف، التكيف، نقل التكنولوجيا، وبناء القدرات) وبتقديري أن التخفيف والتكيف هما أهم عنصرين لهما تماس مباشر مع عموم افراد ومؤسسات المجتمع، لأن آثار التغير المناخي لم تعد مشكلة للمستقبل، بل نحن اليوم بتنا نعيش في عين العاصفة، لذا ليس لدينا خيار إلا التخفيف ومن ثم التكيف مع التغيرات المناخية (شئنا أم أبينا).
ما يدفعنا إلى ضرورة اعتماد نمط الانتاج والاستهلاك المستدامان من أجل توفير نمط عيش مسؤول مستدام لنا وللأجيال التي لم تولد بعد. فالتخفيف والتكيف مع التغير المناخي (قَدَرٌ لا خيار فيه).

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

صراع الأمم على ما تبقى من الكوكب

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، المهندس عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، 09 سبتمبر 2024 عندما …