تسليط الضوء على المساهمة القيمة التي تقدمها المرأة القروية/الريفية في مجال الزراعة المناخية والتنمية المستدامة

في اليوم العالمي للمرأة القروية 15 أكتوبر 2023

شبكة بيئة ابوظبي، د. يوسف الكمري، أستاذ باحث واستشاري في قضايا المرأة والتنمية، المملكة المغربية، 20 أكتوبر 2023

لقد تم الاقرار بالاحتفال باليوم العالمي للمرأة القروية في المؤتمر الرابع لمجموعة من المنظمات غير الحكومية في بيكين سنة 1995. وفي سنة 1997 أصبح هذا الاحتفال ينظم من طرف القمة العالمية للمرأة في 15 اكتوبر من كل سنة. بحيث يتوخى الهدف من وراء الاحتفال باليوم العالمي للمرأة القروية، الذي ينظم في أكثر من 100 بلد في العالم، تقديم للمرأة القروية ولتنظيماتها إمكانية رفع قيمة المرأة القروية، وتحسيس الحكومات والشعوب بالدور الهام التي تلعبه المرأة القروية. هذا، ويعتبر اليوم العالمي للمرأة القروية مناسبة للاعتراف بالدور المتعدد الذي تلعبه المرأة القروية، التي تتشكل في أغلبيتها من الفلاحات والمقاولات الصغيرة. وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة القروية، فإنه من المهم تسليط الضوء على الريادة والمساهمة الهامة للمرأة في الوسط القروي في النهوض بالتنمية البشرية والمجالية، وتحسين شروط الأمن الغذائي، والقضاء على الفقر في الوسط القروي، وهى أساسات الاستيراتيجية المتكاملة لتحقيق التنمية المستدامة والمرتبطة ارتباط وثيق بقضية التغيرات المناخية .
بحيث تؤكد الأمم المتحدة على أن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ليس هو الأمر الواجب وحسب، وإنما هو كذلك عنصر حاسم في مكافحة الفقر المدقع والجوع وسوء التغذية. فالنساء هن نسبة كبيرة في القوى العاملة الزراعية، بما في ذلك العمل غير الرسمي، حيث يتحملن المسؤولية الكبرى في تقديم الرعاية المجانية وأداء مهام العمل المنزلي في منازلهن. كما إنهم يقدمن مساهمات كبيرة في الإنتاج الزراعي، والأمن الغذائي والتغذية، وإدارة الأراضي والموارد الطبيعية، وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ.

إلى ذلك، تعاني النساء والفتيات في المناطق الريفية بشكل غير متناسب الفقر متعدد الأبعاد. وعلى الرغم من تمتعهن بالقدرة على الإنتاج والمغامرة مثل نظرائهن من الذكور، إلا أنهن أقل قدرة على الوصول إلى الأراضي وقروض الائتمان والمدخلات الزراعية والأسواق وسلاسل الأغذية الزراعية عالية القيمة والحصول على أسعار أقل لمحاصيلهن.

ولم تزل الحواجز الهيكلية والأعراف الاجتماعية التمييزية تقيد سلطة المرأة في اتخاذ القرار ومشاركتها السياسية في الأسر والمجتمعات الريفية. كما تفتقر النساء والفتيات في المناطق الريفية إلى فرص متساوية للحصول على الموارد والأصول الإنتاجية، والخدمات العامة، مثل التعليم والرعاية الصحية، والبنية التحتية، بما في ذلك المياه والصرف الصحي، وفي حين لا يحظى كثير من أعمالهن بالانتباه الواجب فضلا عن أنه غير مدفوع الأجر، وبخاصة مع تزايد أعباء أعمالهن بسبب هجرة الرجال إلى الخارج. وفي هذا اليوم الدولي (15 تشرين الأول/أكتوبر) من كل سنة، علينا الاعتراف بقدر المرأة الريفية لدورها العظيم في إطار النظم الغذائية في العالم، كما أن علينا كذلك أن نطالب بتكافؤ الفرص أمام الجميع في المناطق الريفية. وقد تم اختيار هذا الموضوع لإبراز دور المرأة في التنمية الفلاحية والقروية وتحسين الأمن الغذائي والحد من الفقر.

وهنا وجب التأكيد، وفي ظل تفاقم الكوارث الطبيعية وتداعيات تغير المناخ في جل مناطق العالم، على أن تعزيز المساواة المبنية على النوع الاجتماعي في ظل أزمة المناخ والحد من أخطار الكوارث تعتبر أحد أكبر التحديات العالمية التي نواجهها في القرن الحادي والعشرين. فالنساء أكثر عرضة لتأثيرات تغير المناخ من الرجال، فهن يشكلن غالبية فقراء العالم وهن أكثر اعتمادًا على الموارد الطبيعية التي يهددها تغير المناخ بشكل خاص. وعلى صعيد آخر، النساء والفتيات هن قائدات فعالات وصانعات تغيير في كلما يتعلق بالتخفيف من حدة التغير المناخي والتكيف معه؛ فينخرطن في مختلف المبادرات المتعلقة بالاستدامة حول العالم، ومشاركتهن وقيادتهن دائمًا ما تثمر عن عمل مناخي أكثر فعالية. ولذا يعد الاستمرار في دراسة الفرص — والعوائق أيضًا— لتمكين النساء والفتيات من إيصال أصواتهن ومشاركتهن في صنع القرارات الخاصة بجميع المسائل المتعلقة بالتغير المناخي والاستدامة أمرًا أساسيًا إذا أردنا تحقيق التنمية المستدامة وترسيخ المساواة المبنية على النوع الاجتماعي، حيث إنه لا يمكننا الإنعام بمستقبل مستدام أو متساو دون تحقيق المساواة المبنية على النوع الاجتماعي.

وبناء على معطيات منظمة العمل الدولية، تشكل النساء في المتوسط أكثر من 40 في المائة من القوة العاملة الزراعية في البلدان النامية، التي تتفاوت بين 20 في المائة في أمريكا اللاتينية و 50 في المائة أو أكثر في أجزاء من أفريقيا وآسيا. كما أن نسبة النساء من ملاك الأراضي في كل أنحاء العالمي هي أقل من 15٪. وفي بعض البلدان، تتزوج أكثر من 50% الفتيات الريفيات في سن الطفولة. وإذ تشكل التنمية الشاملة والمستدامة للعالم القروي مسألة أساسية لتحسين ظروف عيش الساكنة القروية. وبغية الوصول إلى ذلك، فالنساء القرويات/الريفيات باعتبارهن أول من يعتمد الأساليب الزراعية الجديدة وأول من يستجيب في حالات الأزمات وبوصفهن مباشرات أعمال في مجال الري والطاقة الخضراء، يعتبرن قوة عظيمة يمكن أن تدفع بعجلة التقدم على مستوى تحقيق الاستدامة في الأوساط الريفية/القروية.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

حلقة نقاشية حول المرأة والموارد الطبيعية، والعمل المناخيّ

نظمها مركز التنمية لجهة تانسيفت، المملكة المغربية، بدعم من صندوق المنح الخضراء العالمي شبكة بيئة …