الهيدروجين وقود المستقبل وألوانه المتعددة (1-2)

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، المهندس عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، 09 سبتمبر 2024

الهيدروجين هو العنصر الأكثر وفرة في الكون، ويعتبر مصدرًا محوريًا للطاقة النظيفة والمتجددة. في العقود الأخيرة، زاد الاهتمام بالهيدروجين كجزء من التحول العالمي نحو الطاقات النظيفة بهدف تقليل انبعاثات الكربون وتحقيق الحياد المناخي. ومع ذلك، فإن الهيدروجين الذي نستخدمه لا يكون عادة في شكله النقي، ويجب استخراجه بطرق مختلفة، مما ينتج عنه تصنيفات متنوعة حسب مصدر الطاقة المستخدمة في إنتاجه. تعرف هذه الأنواع من الهيدروجين بعدة ألوان، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، الأزرق، الرمادي، البني، والأسود. في هذا المقال، سنستعرض أنواع الهيدروجين المختلفة وفوائد كل نوع في تحقيق أهداف الاستدامة والطاقة النظيفة.

أولاً: الهيدروجين الأخضر
الهيدروجين الأخضر هو الهيدروجين الأنقى والأكثر صداقة للبيئة. يتم إنتاجه باستخدام الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، من خلال عملية تُعرف بالتحليل الكهربائي. هذه العملية تفصل جزيئات الماء (H2O) إلى مكوناتها الأساسية: الهيدروجين (H2) والأكسجين (O2) باستخدام الكهرباء النظيفة. أهم ما يميز الهيدروجين الأخضر هو أنه لا يسبب أي انبعاثات كربونية أثناء إنتاجه أو استخدامه، مما يجعله خيارًا مثاليًا للتحول نحو طاقة نظيفة ومستدامة.

فوائد الهيدروجين الأخضر:
1- صديق للبيئة: لا ينتج أي انبعاثات كربونية أو ملوثات خلال دورة حياته.
2- استخدامات متعددة: يمكن استخدامه في توليد الكهرباء، النقل، والصناعات الثقيلة مثل تصنيع الصلب.
3- دعم الاستدامة: يساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف الحياد الكربوني وتقليل الاحتباس الحراري.
4- إمدادات طاقة مستقلة: يمكن إنتاجه محليًا باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، مما يقلل من الاعتماد على واردات الوقود الأحفوري.

ثانياً: الهيدروجين الأزرق
الهيدروجين الأزرق يُنتَج باستخدام الغاز الطبيعي مع احتجاز وتخزين الكربون المنبعث أثناء العملية. يُعرف هذا النوع من الإنتاج باسم “إعادة تشكيل بخار الميثان” حيث يُفصل الهيدروجين عن الكربون الموجود في الغاز الطبيعي، مع احتجاز وتخزين الكربون الناتج لتجنب إطلاقه في الغلاف الجوي. الهيدروجين الأزرق يعتبر بديلاً منخفض الكربون لكنه ليس عديم الكربون بالكامل مثل الهيدروجين الأخضر.

فوائد الهيدروجين الأزرق:
1- تخفيف انبعاثات الكربون: باستخدام تكنولوجيا احتجاز الكربون، يتم تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة من إنتاجه.
2- مرونة في الإنتاج: لا يعتمد على الطاقات المتجددة ويمكن إنتاجه في المواقع التي يتوفر فيها الغاز الطبيعي.
3- دعم الصناعة الثقيلة: يمكن استخدامه في القطاعات التي يصعب تخفيض الانبعاثات فيها، مثل تصنيع الأسمنت والصلب.
4- تكلفة أقل من الهيدروجين الأخضر: لأنه يعتمد على الغاز الطبيعي، الذي يعد أرخص تكلفة مقارنة بالطاقة المتجددة في بعض المناطق.

ثالثاً: الهيدروجين الرمادي
الهيدروجين الرمادي هو النوع الأكثر شيوعًا اليوم ويُنتج عن طريق نفس عملية إعادة تشكيل بخار الميثان المستخدمة لإنتاج الهيدروجين الأزرق، ولكن دون احتجاز الكربون. ينتج عن هذه العملية كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، مما يجعل الهيدروجين الرمادي غير مستدام بيئيًا ويؤدي إلى زيادة الانبعاثات الكربونية. يعتبر الهيدروجين الرمادي أرخص أنواع الهيدروجين إنتاجًا، لكنه الأكثر ضررًا للبيئة.

فوائد الهيدروجين الرمادي:
1- تكلفة منخفضة: إنتاج الهيدروجين الرمادي يعتبر أرخص مقارنة بباقي الأنواع لأنه يعتمد على الغاز الطبيعي بدون تكنولوجيا احتجاز الكربون.
2- مناسب للاستخدام قصير الأمد: في الوقت الحالي، يستخدم في الصناعة بشكل واسع حتى تتوفر البدائل النظيفة بشكل أكبر.

4. الهيدروجين البني والأسود
الهيدروجين البني والهيدروجين الأسود يُنتجان باستخدام الفحم كمصدر أساسي للطاقة. الفرق بينهما يكمن في نوعية الفحم المستخدم؛ يتم إنتاج الهيدروجين الأسود باستخدام الفحم الحجري، في حين يُنتج الهيدروجين البني باستخدام الفحم البني (الليغنيت). كلاهما يولدان كميات هائلة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مما يجعلهما من أكثر أنواع الهيدروجين ضررًا للبيئة. لذا فإن الهيدروجين البني والأسود لا يُعتبران خيارًا مستدامًا على المدى البعيد.

فوائد الهيدروجين البني والأسود:
1- تكلفة منخفضة للإنتاج: مثل الهيدروجين الرمادي، إنتاج الهيدروجين باستخدام الفحم يعد رخيصًا نسبيًا نظرًا لوفرة الفحم.
2- مرونة في الإنتاج: يمكن إنتاجه في الأماكن التي يتوفر فيها الفحم بكميات كبيرة، مما يجعله خيارًا مناسبًا في بعض المناطق الجغرافية التي لا تتوفر فيها موارد أخرى.

5. الهيدروجين الوردي
الهيدروجين الوردي هو نوع آخر من الهيدروجين يُنتَج باستخدام الطاقة النووية لتحليل الماء وفصل الهيدروجين عن الأكسجين. تعتمد هذه الطريقة على المفاعلات النووية لتوليد الكهرباء اللازمة لإجراء التحليل الكهربائي. هذا النوع من الهيدروجين يملك إمكانيات كبيرة لدعم التحول إلى طاقة نظيفة إذا تم استخدام التكنولوجيا النووية بطريقة آمنة ومستدامة.

فوائد الهيدروجين الوردي:
1- انبعاثات كربونية منخفضة: يعتبر الهيدروجين الوردي خيارًا منخفض الكربون إذا تم توليد الكهرباء النووية بشكل آمن.
2- استقرار في الإمدادات: الطاقة النووية توفر إمدادات طاقة ثابتة ومستدامة دون الاعتماد على الظروف الجوية، مما يتيح إنتاج الهيدروجين بشكل مستمر.
3- تكلفة إنتاج منافسة: بالرغم من أن إنشاء مفاعلات نووية مكلف، إلا أن تكاليف التشغيل والإنتاج قد تكون منخفضة مقارنة بمصادر أخرى على المدى الطويل.

6. الهيدروجين الأصفر
الهيدروجين الأصفر يتم إنتاجه باستخدام الكهرباء من مصادر غير محددة أو مزيج من مصادر الطاقة المختلفة. قد يتم إنتاجه باستخدام الكهرباء من الشبكة العامة، التي تشمل مزيجًا من الوقود الأحفوري والطاقة المتجددة. هذا يجعل الهيدروجين الأصفر أكثر تعقيدًا من حيث تعريفه البيئي، إذ قد يكون له بصمة كربونية متغيرة حسب المصادر المستخدمة في إنتاج الكهرباء.

فوائد الهيدروجين الأصفر
1- مرونة في الإنتاج: يمكن إنتاجه باستخدام مزيج من مصادر الطاقة المتاحة في أي وقت، مما يزيد من إمكانية توسيع نطاق إنتاجه.
2- دعم الشبكة الكهربائية: إذا تم استخدام طاقة زائدة من الشبكة لإنتاج الهيدروجين، يمكن أن يساهم في تقليل الضغط على الشبكة الكهربائية.

خلاصة
كل نوع من أنواع الهيدروجين له فوائده وتحدياته الخاصة، ويعتمد استخدامه على العديد من العوامل بما في ذلك التكلفة، الانبعاثات الكربونية، وتوافر الموارد. الهيدروجين الأخضر يمثل الحل الأمثل لتحقيق أهداف الاستدامة العالمية، لكنه يواجه تحديات تتعلق بتكلفة الإنتاج وتوافر البنية التحتية. الهيدروجين الأزرق يمثل حلاً مؤقتًا لتقليل الانبعاثات في الصناعات الثقيلة، بينما الهيدروجين الرمادي والبني والأسود لا يزالان يمثلان تحديًا بيئيًا كبيرًا.
من المتوقع أن يلعب الهيدروجين دورًا محوريًا في التحول نحو طاقة نظيفة ومستدامة في المستقبل، ومع تقدم التكنولوجيا وانخفاض التكاليف، قد نرى تحولًا تدريجيًا نحو الهيدروجين الأخضر والوردي كخيارات أكثر استدامة وصديقة للبيئة.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

ماذا ينتظر العالم من مؤتمر المناخ في باكو 2024؟

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، المهندس عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، 09 سبتمبر 2024 في …