(الصومال، السودان، اليمن) نموذجاً
شبكة بيئة ابوظبي، إعداد صالح بن أحمد مجوحان، ماجستير مخاطر بيئية، اليمن، 09 سبتمبر 2024
المقدمة:
إن الحفاظ على كوكب الأرض يتطلب تكاتف الجهود والطاقات الدولية الرسمية والشعبية، وذلك من أجل بقاء كوكبنا متوازن وغير متأثر بالتدخلات الإنسانية، التي قد تعيق من توازن النظام البيئي من خلال الإخلال ببعض عناصره والتي بدورها قد تسبب في أحداث متعددة وخسائر باهضه يدفع ثمنها المجتمعات الفقيرة والأجيال القادمة.
إن التطور الصناعي من حيث الكثافة ونوعية الصناعات قد سبب في انبعاثات كبيرة للغازات الدفيئة، نتج عن ذلك احتباس حراري أكبر في نطاق الغلاف الجوي وارتفاع في درجة الحرارة، انعكس ذلك على بقية عناصر المناخ من رياح وأمطار وذوبان للجليد وغيره، لهذه التغيرات تأثيرات سلبية مباشرة على المجتمعات في كوكبنا وتعددت هذه التأثيرات المباشرة وشدة تأثيرها حيث نجدها ذات تأثير كبير في الدول الفقيرة والتي لا يوجد لديها سابقاً برامج للتكيف والتأقلم مع هذه التغيرات.
من أهم التداعيات لارتفاع درجات الحرارة عن المعتاد (خاصة في الدول الجافة وشبه الجافة) على زيادة الطلب في استهلاك المياه، وبالتالي تضرر هذه الدول بشكل كبير، وفاقم ذلك في ضعف الانتاجية الزراعية واستنزاف الاحتياطي المائي. هذه الورقة العلمية تسلط الضوء عن التداعيات الناتجة عن ارتفاع حرارة الأرض على زيادة الطلب للمياه في المناطق الجافة ومنها اليمن والدول المجاورة لها والمتشابهة معها في الخصائص الفلكية والتضاريسية.
الهدف:
تهدف الورقة العلمية الى تحقيق الآتي:
1. التعرف على الأسباب الرئيسة لارتفاع درجة الحرارة.
2. التعرف على التداعيات التي تنتج عن ارتفاع درجة حرارة الأرض وزيادة الطلب لاستهلاك المياه.
3. اقتراح عدد من التدخلات الهندسية والتنظيمية والرقابية لغرض مواجهة هذه التداعيات.
إرتفاع درجة حرارة الارض:
أدى التطور الصناعي والزيادة السكانية الكبيرة في العالم، وكذلك التطور في تكنولوجيا التصنيع وزيادة مساحات التحضر العمراني والنقل الدولي بكافة انواعه، الى الزيادة على الطلب للطاقة والوقود الأحفوري والذي ينتج عنه انبعاثات للغازات ومن ذلك ثالث اكسيد الكربون، وأدى استمرار هذا الانبعاث دون عمل ضوابط ووجود جهات دولية تضبط هذه العملية الى زيادة في الاحتباس الحراري للغلاف الجوي الواقع بين سطح الارض وطبقة الاوزون، نتج عن ذلك الارتفاع النسبي في درجة الحرارة عن القيم الاعتيادية والمتوسطات المعروفة ، وهنا يمكن القول بإن ارتفاع درجة الحرارة تزيد بشكل اكبر في المناطق الاستوائية التي تكون الشمس متعامدة مع هذا النطاق الفلكي وكذلك النطاقات المدارية المجاورة لها لتشمل عدد من الدول العربية مثل الصومال والسودان واليمن، إن الارتفاع التدريجي للحرارة يؤثر بشكل مباشر على العناصر المناخية الأخرى من ذلك الضغط الجوي والرياح والرطوبة والتبخر وكل عنصر له تأثيراتها وتداعياته على معظم الجوانب البيئية في كوكبنا، وهنا يمكن القول بآن الارتفاع الملحوظ للحرارة في الدول الواقعة الى الشمال من خط الاستواء وتشمل اليمن والصومال والسودان أدى الى الزيادة في طلب استهلاك المياه.
هناك تأثيرات مباشرة لهذه الزيادة حيث تعمل في هذه الدول على زيادة التبخر وبالتالي ينعكس على كمية الموارد المائية، اضافة الى ان زيادة درجات الحرارة تتطلب زيادة في عمليات الري للمزروعات وكذلك في زيادة الاستهلاك البشري الشخصي لغرض الراحة النفسية والصحة.
تداعيات الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة:
يؤدي ارتفاع درجة الحرارة الناتج عن التغيرات المناخية وانبعاث الغازات الدفيئة في هذه الدول الى حدوث العديد من التداعيات والتي تعجز الدول على مواجهتها من ذلك ما يلي:
1: التداعيات الزراعية
من المعلوم بأنه كلما زادت درجة الحرارة كلما زادت عمليات التبخر، وبالتالي يمكن أن يحد هذا الأمر في قلة كمية المياه المتوفرة على سطح الارض، إن معظم الموارد المائية في هذه الدول خاصة في دولتي الصومال واليمن عبارة عن السدود والحواجز والكرفانات إضافة الى بعض الغيول وغيرها ومعظم هذه الموارد تتعرض بشكل مباشر لأشعة الشمس وبالتالي ينعكس ذلك فقدان كمية من هذه الموارد وبنسب مئوية مختلفة حسب البيئات التضاريسية والمناخية وغيره، وبما ان مجتمعات هذه الدول تعتمد في نشاطها الاقتصادي على الزراعة التقليدية والتي تتطلب لغرض زيادة الانتاجية زيادة في عمليات الري اليومي او الاسبوعي، وبما ان هذه الاراضي الزراعية مكشوفة للإشعاع الشمسي ودرجات الحرارة سبب في زيادة التبخر وتقليل رطوبة التربة مما يجعل من المحاصيل بحاجة الى كميات اكبر من الري والضغط على المياه وارتفاع الكلفة الناتجة عن ذلك مما يتأثر المزارعين من حيث الزيادة في قيمة المدخلات وقد تحدث احيانا خسائر كبيرة.
2: التداعيات الصحية والنظافة
ان ارتفاع درجة حرارة الجو تساهم بشكل مباشر على صحة السكان خاصة في المدن كثيفة السكان ومحدودية الخدمات يتطلب الأمر الى زيادة استهلاك المياه لغرض النظافة الشخصية وغيرها مما يزيد الطلب على المياه وارتفاع اسعارها وصعوبة الحصول عليها، وهذا ينعكس بتأثيرات جانبية اخرى سلبية منها تدني الحالة الاقتصادية للسكان، ناهيك عن الاضطرار الى استخدام مياه ملوثة ينتج عنها امراض بيئية متعددة.
3: التداعيات الخاصة بالنزاعات المائية
تدني كميات الموارد المائية في هذه البلدان ينتج عنها حدوث نزاعات مجتمعية متعددة وينتج عن ذلك تدني في الانتاجية الزراعية وحجر الاراضي الزراعية من الاستغلال، وينتج ايضا تباطؤ في عمليات الحصاد المائي لغرض التغذية السطحية والجوفية للمياه وغيرها.
4: التداعيات البيئية
زيادة درجة الحرارة وتداعياتها على المياه انعكس ايضا على تضرر الغطاء النباتي الارضي حيث ان جفاف بعض المصادر المائية منها الغيول والجريان السطحي، قد انعكس على الغطاء النباتي من حي الكثافة والنوعية وانتشار مساحات متعددة من الاراضي المتصحرة في كل هذه البلدان.
النتائج:
يمكن سرد اهم النتائج كم يلي:
1. الموقع الفلكي لهذه الدول القريب من خط الاستواء أصبح ذات تأثير ملحوظ في زيادة درجة الحرارة مما نتج عن ذلك زيادة الطلب في استهلاك المياه.
2. بينت الزيادة في درجة الحرارة تداعيات زراعية من خلال زيادة عمليات التبخر وانعكاسها على كميات المياه من جهة وزيادة طلب المزروعات للمياه من جهة اخرى.
3. اثرت ايضا على الصحة العامة والنظافة الشخصية تطلب الامر الزيادة في استهلاك المياه.
4. نتج عن الزيادة في طلب استهلاك المياه ظهور نزاعات متعددة بين اوساط المجتمعات.
التوصيات:
1. الدعم المستمر من قبل صناديق تمويل الدول الفقيرة في مجال التغيرات المناخية لهذه المجتمعات
2. رفع القدرات المادية في التأقلم والتكيف مع التغيرات المناخية ودعم الزراعات الحدية التي تقلل من استهلاك المياه.
3. الزيادة في عمليات حصاد مياه الامطار لزيادة الموفور المائي.
4. دعم برامج تساعد على استخدام محاصيل زراعية لا تتطلب كميات مائية كبيرة وذلك وفق الحاجة والبيئات.