بطاريات الليثيوم.. طاقة المستقبل أم قنابل موقوتة؟

تأثير انفجار بطاريات الليثيوم على السيارات الكهربائية وجهود مكافحة التغير المناخي

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 20 سبتمبر 2024

هل هاتفك الذكي، هذا الجهاز الذي لا تفارقه لحظة، يشكل تهديدًا على حياتك؟ قد يبدو هذا السؤال مبالغًا فيه، ولكن الحقيقة هي أن الهواتف الذكية أصبحت أهدافًا رئيسية للهجمات الإلكترونية، والتي قد تتجاوز التجسس على بياناتك الشخصية لتصل إلى تهديدات أخطر بكثير. وبالأمس القريب دقت انفجارات أجهزة البيجر في لبنان وما تلاها من انفجارات في الأجهزة اللاسلكية ناقوس الخطر الذي يحذرنا من أن الأجهزة الإلكترونية التي نستخدمها يوميًا قد تتحول إلى أسلحة خطيرة.

وتعتبر السيارات الكهربائية عنصرًا أساسيًا في الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ، وذلك بسبب انخفاض انبعاثاتها الكربونية مقارنة بالسيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري. ومع ذلك، فإن الحوادث المتعلقة بانفجار بطاريات الليثيوم التي تستخدمها السيارات الكهربائية قد تثير مخاوف جدية حول سلامة هذه التكنولوجيا وتؤثر على ثقة المستهلكين. ويمثل هذا الحدث الأخير وما تلاه من تبعات تحديًا كبيرًا للأمن العالمي، ويتطلب منا جميعًا العمل معًا لتطوير حلول مبتكرة وحماية أنفسنا من التهديدات الناشئة. وفي ظل التطور المتسارع للتكنولوجيا، أصبح من الضروري أن نكون على دراية بالمخاطر التي تهدد أجهزتنا الإلكترونية وكيفية حماية أنفسنا منها.

التجربة اللبنانية
شهدت لبنان سلسلة انفجارات غامضة لأجهزة استدعاء (بيجر)، مما أسفر عن خسائر كبيرة في الأرواح. وأثارت هذه الحادثة تساؤلات حول مدى أمان الأجهزة الإلكترونية التي نستخدمها يوميًا، لا سيما الهواتف الذكية. وأكد خبراء أن انفجار أجهزة “البيجر” يتطلب زرع متفجرات فيها وتفعيلها عن بعد. وبينما يمكن اختراق الهواتف الذكية، إلا أن تفجيرها يتطلب نفس الآلية، أي زرع متفجرات بداخلها. كما حذر الخبراء من أن المسؤولين الحكوميين وكبار الشخصيات قد يكونون أكثر عرضة لمثل هذه الهجمات، لذا ينصحون باتخاذ إجراءات أمنية مشددة.

ومؤخرا، انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ادعاءات تربط بين حوادث الانفجارات في لبنان وسلامة السيارات الكهربائية التي تعتمد كلياً على هذا النوع من البطاريات. وتُعتبر بطاريات الليثيوم بالفعل حجر الزاوية في ثورة الطاقة المتجددة، ودعامة أساسية في التحول إلى اقتصاد أقل اعتمادًا على الوقود الأحفوري. فهي تشكل قلب السيارات الكهربائية والأجهزة الإلكترونية التي لا نستغني عنها في حياتنا اليومية.

ولا شك أن فوائد بطاريات الليثيوم واضحة للعيان، فهي توفر طاقة نظيفة وكثيفة، وتساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية، وتحفز النمو الاقتصادي في صناعات جديدة. ولكن هذه الفوائد تأتي مصحوبة بمخاطر لا يمكن تجاهلها. فحوادث الانفجار التي تشهدها هذه البطاريات ليست مجرد حوادث معزولة، بل هي مؤشر على وجود مشكلة جوهرية تتعلق بسلامتها، وتثير الحوادث المتكررة لانفجار هذه البطاريات مخاوف جدية حول سلامتها، وتحولها من مصدر للطاقة إلى تهديد محتمل.

وبينما يمكن لبطاريات الليثيوم أن تشكل خطرًا عند التعامل معها بشكل غير صحيح، إلا أن الإحصائيات الرسمية الصادرة عن المجلس الوطني لسلامة النقل الأمريكي تؤكد أن احتمال اشتعال السيارات الكهربائية أقل بنسبة 60% مقارنة بالسيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري. فبينما تشهد 1500 سيارة بنزين حريقًا لكل 100 ألف سيارة، فإن هذا الرقم لا يتجاوز 25 سيارة كهربائية.

إن الحوادث التي وقعت في لبنان كانت ناجمة عن أعمال تخريبية متعمدة، واستخدام مواد متفجرة، وهو أمر يمكن تطبيقه على أي نوع من المركبات، سواء كانت كهربائية أو تعمل بالوقود الأحفوري. وتشير التحقيقات إلى أن أجهزة “البيجر” تم تفخيخها مسبقًا بمواد متفجرة عالية القوة، وتم تفعيلها عن بعد. وأكد الخبراء أن انفجار بطاريات الهواتف الذكية أمر نادر الحدوث ويحتاج إلى ظروف خاصة، مثل ارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير أو حدوث ماس كهربائي. وفي حين أن انفجار الهواتف الذكية أمر غير مرجح، إلا أن الحادثة التي وقعت في لبنان تذكرنا بأهمية الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية. يجب على المستخدمين اتخاذ الاحتياطات اللازمة لحماية أجهزتهم، وعلى الشركات والمؤسسات الحكومية العمل على تطوير أنظمة أمنية أكثر قوة.

التهديدات المحتملة
إن إمكانية استخدام هذه البطاريات كسلاح يمثل تهديدًا خطيرًا للأمن العالمي. فبفضل الطاقة الكبيرة التي تخزنها، يمكن لهذه البطاريات أن تتحول إلى قنابل مدمرة إذا تم التعامل معها بشكل خاطئ أو استغلالها لأغراض إجرامية. كما أن سهولة الحصول على هذه البطاريات ووجودها في كل مكان تقريبًا يزيد من سهولة تنفيذ هجمات إرهابية باستخدامها.

وتثير حوادث انفجار بطاريات الليثيوم مخاوف جدية حول إمكانية استخدامها كسلاح في العمليات الإرهابية أو الحروب. هذه المخاوف ليست بلا أساس، حيث يمكن لهذه البطاريات، عند استغلالها بشكل خاطئ، أن تشكل تهديدًا خطيرًا للأمن العام. ومن أسباب هذه المخاوف أن بطاريات الليثيوم تحتوي على كمية كبيرة من الطاقة، والتي يمكن تحويلها إلى حرارة شديدة عند حدوث خلل أو تعمد إتلافها، مما يؤدي إلى انفجار وحريق كبير. وتتوفر بطاريات الليثيوم بكثرة في الأجهزة الإلكترونية اليومية، مما يسهل على أي شخص الحصول عليها. وقد يكون من الصعب اكتشاف بطاريات الليثيوم المعدلة أو المتفجرة مخبأة ضمن حمولات أخرى، مما يجعل من الصعب منع الهجمات. ويمكن أن يتسبب انفجار عدد كبير من بطاريات الليثيوم في أضرار جسيمة للممتلكات والبنية التحتية، وحتى خسائر في الأرواح.

ويمكن استخدام بطاريات الليثيوم لتنفيذ هجمات مستهدفة على مبانٍ أو منشآت حيوية، مثل محطات الطاقة أو مراكز التسوق. ويمكن استخدام بطاريات الليثيوم في صناعة أحزمة ناسفة أو عبوات ناسفة. كما يمكن استخدام أعداد كبيرة من بطاريات الليثيوم لتنفيذ هجمات واسعة النطاق، مثل تفجير مركبات متعددة في وقت واحد.

ومن الطبيعي أن تؤدي حوادث انفجار البطاريات إلى تراجع ثقة المستهلكين في السيارات الكهربائية، خاصة وأن السلامة هي أحد أهم الاعتبارات عند شراء سيارة. وقد يؤدي انتشار أخبار انفجار بطاريات الليثيوم إلى خلق حالة من الخوف والقلق لدى المستهلكين، مما يجعلهم يترددون في شراء السيارات الكهربائية. وقد يستغرق الأمر وقتًا طويلاً لتغيير هذه النظرة السلبية، حتى مع تطوير بطاريات أكثر أمانًا، وذلك بسبب طبيعة الخوف من المجهول. وبالفعل يفتح الحدث الأخير بابًا واسعًا من التساؤلات حول الأمن العالمي وتطبيقات التكنولوجيا بطرق غير متوقعة. لأن هذه الحادثة تظهر إمكانية تحويل تقنيات يومية إلى أسلحة. وهذا يوسع نطاق الأسلحة التقليدية ويشمل أجهزة كانت تعتبر آمنة للاستخدام المدني.

ومن المتوقع أن تواجه شركات صناعة السيارات الكهربائية ضغوطًا متزايدة لتحسين سلامة بطارياتها وتطوير تقنيات جديدة لمنع حدوث مثل هذه الحوادث. وقد تتطلب جهود تحسين السلامة استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف إنتاج السيارات الكهربائية. كما قد يؤدي تراجع الطلب على السيارات الكهربائية إلى تباطؤ وتيرة التحول إلى الطاقة النظيفة وتأخير تحقيق أهداف خفض الانبعاثات. وقد يؤدي تراجع الطلب على السيارات الكهربائية إلى صعوبة تحقيق الأهداف المناخية الطموحة التي وضعتها العديد من الدول، مما يدفع الحكومات إلى إعادة النظر في السياسات التي تدعم السيارات الكهربائية، مثل الحوافز الضريبية والإعانات، مما يقلل من جاذبيتها للمستهلكين.

السيارات الكهربائية هي مجرد مثال واحد. أي جهاز يعتمد على بطاريات الليثيوم يمكن أن يكون هدفًا محتملًا، من الهواتف الذكية إلى شبكات الطاقة. قد يكون من الصعب للغاية اكتشاف مثل هذه الهجمات قبل وقوعها، خاصة إذا كانت تستهدف أعدادًا كبيرة من الأجهزة في وقت واحد. هجمات كهذه يمكن أن تؤدي إلى خسائر اقتصادية فادحة وتعطيل الحياة اليومية. كما أنها قد تؤثر على ثقة الناس في التكنولوجيا الحديثة.

التحديات
هذا التهديد العالمي يتطلب تعاونًا دوليًا لمواجهته. ويجب تطوير أنظمة قادرة على اكتشاف أي محاولات للتلاعب ببطاريات الليثيوم. كما يجب توعية الجمهور والمؤسسات بخطورة هذه التهديدات وكيفية حماية أنفسهم. وأمام هذا التحدي، يتوجب علينا اتخاذ مجموعة من الإجراءات الحاسمة: يجب الاستثمار بشكل أكبر في البحث والتطوير لتطوير بطاريات أكثر أمانًا وكفاءة، وتقليل مخاطر الانفجار والحريق. ويجب وضع معايير صارمة لتصنيع وتخزين ونقل بطاريات الليثيوم، وضمان امتثال جميع الشركات المصنعة لهذه المعايير. كما يجب تكثيف عمليات التفتيش والرقابة على المنشآت التي تنتج وتخزن وتستخدم بطاريات الليثيوم، للتأكد من تطبيق معايير السلامة بشكل صارم.

ويجب على شركات صناعة السيارات وشركات الطاقة وشركات التأمين وغيرها من الجهات المعنية باستخدام بطاريات الليثيوم أن تشن حملات توعية مكثفة لتوضيح أن هذه الحوادث نادرة وأن هناك إجراءات أمان صارمة يتم اتخاذها. ولكن فمن المتوقع أن تؤدي زيادة مخاطر الحرائق والانفجارات الناجمة عن بطاريات الليثيوم إلى زيادة أقساط التأمين على السيارات الكهربائية والمباني التي تحتوي على أنظمة تخزين للطاقة. وقد تواجه بعض الشركات صعوبة في الحصول على تأمين كافٍ لتغطية المخاطر المرتبطة ببطاريات الليثيوم، مما قد يؤثر على قدرتها على المنافسة، ولكن في المقابل فقد يتم تطوير منتجات تأمينية جديدة لتغطية المخاطر المحددة المرتبطة ببطاريات الليثيوم، مثل التأمين على الحرائق الناجمة عن البطاريات.

ويشدد العلماء على ضرورة التعاون الدولي وتبادل المعرفة لتطوير حلول مستدامة لمشاكل البيئة، مثل الطاقة المتجددة وإدارة الموارد المائية والزراعة المستدامة ولتحقيق تقدم ملموس في مجالات مثل الطاقة المتجددة، وإدارة الموارد المائية، والزراعة المستدامة.

ويؤكد الحدث الأخير أن الابتكار والتكنولوجيا هما المفتاح لتحقيق هذه الأهداف. وهناك حاجة ملحة لتطوير تقنيات جديدة لتحسين كفاءة الطاقة وتقليل التكلفة، وهناك أهمية كبيرة للاستثمار في الأبحاث والتطوير لتسريع الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح. وهناك ضرورة كبيرة أيضا لدمج مفاهيم الاستدامة والبيئة في المناهج التعليمية منذ المراحل المبكرة. ولكن التقدم في هذا المجال يتطلب تمويلًا مستدامًا ودعمًا حكوميًا لضمان استمرارية الأبحاث وتطبيق نتائجها على نطاق واسع.

الابتكار هو الحل
على الرغم من المخاوف التي يثيرها انفجار بطاريات الليثيوم، إلا أن السيارات الكهربائية لا تزال تمثل المستقبل للتنقل المستدام. ومن المتوقع أن تعمل الشركات المصنعة والحكومات والباحثون معًا لتجاوز التحديات الحالية وتحسين سلامة هذه التكنولوجيا. ويوضح العلماء أن الابتكار والتكنولوجيا الحديثة هما المفتاح لتحسين كفاءة الطاقة وتقليل التكلفة، مع التركيز على الاستثمار في الأبحاث والتطوير لتسريع الانتقال إلى مصادر الطاقة النظيفة. ويؤكد العلماء على أهمية دمج مفاهيم الاستدامة والبيئة في المناهج التعليمية منذ المراحل المبكرة، من خلال برامج تعليمية تفاعلية ومشاريع عملية. ويجب توعية الجمهور بخطورة استخدام بطاريات الليثيوم بشكل خاطئ، وكيفية التعامل معها بشكل آمن.

ويشير العلماء إلى أن الأبحاث الجارية تركز على تحسين جودة الحياة من خلال تطوير علاجات جديدة للأمراض المزمنة والوقاية منها، مع التأكيد على ضرورة التمويل المستدام والدعم الحكومي. وقد تدفع هذه الأحداث إلى تسريع وتيرة البحث والتطوير في مجال بطاريات الليثيوم، مما يؤدي إلى ظهور تقنيات أكثر أمانًا وكفاءة. كما قد تؤدي لوضع معايير صارمة لسلامة بطاريات الليثيوم، مما يساهم في تحسين جودة هذه البطاريات على المدى الطويل.

لتقليل المخاطر وتعزيز ثقة المستهلكين، يجب التركيز على تطوير بطاريات أكثر أمانًا وقادرة على تحمل الظروف القاسية، واستخدام أنظمة ذكية لمراقبة حالة البطارية والتنبؤ بمشاكل محتملة. وتطوير بروتوكولات شحن آمنة تقلل من خطر الحرائق. وهناك ضرورة لسن قوانين وتشريعات تحد من إنتاج وتداول بطاريات الليثيوم المعدلة، وتفرض عقوبات صارمة على من يستخدمها لأغراض إجرامية. ويجب تعزيز إجراءات التفتيش الأمني في المطارات والموانئ والأماكن العامة الأخرى للكشف عن أي مواد متفجرة أو معدلة. وتطوير تقنيات جديدة للكشف عن المواد المتفجرة وتحييدها، وكذلك تطوير بطاريات أكثر أمانًا. مع تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول التهديدات المحتملة.

إن إمكانية استخدام بطاريات الليثيوم كسلاح تفرض تحديات كبيرة على أجهزة الأمن والحكومات. ومع ذلك، من خلال اتخاذ التدابير الاحترازية اللازمة والتعاون الدولي، يمكن الحد من هذه المخاطر وحماية المجتمع. ويجب تحقيق توازن بين الحاجة إلى ضمان الأمن والحاجة إلى تشجيع الابتكار في مجال تكنولوجيا البطاريات. ويجب على الشركات المصنعة أن تكون شفافة في الإبلاغ عن أي حوادث تتعلق ببطارياتها والعمل على حل المشاكل بسرعة، وتقديم برامج ضمان شاملة تغطي سلامة البطاريات. وبالطبع يجب توعية الجمهور بخطورة التعامل مع بطاريات الليثيوم بشكل غير صحيح، وكيفية التعامل معها بأمان. كما يجب تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخباراتية حول التهديدات المرتبطة ببطاريات الليثيوم.

ويمكن القول إن حوادث انفجار بطاريات الليثيوم تمثل تحديًا حقيقيًا للانتقال إلى الطاقة النظيفة، ولكنها ليست نهاية المطاف. من خلال الاستثمار في البحث والتطوير وتطبيق معايير السلامة الصارمة، يمكن التغلب على هذه التحديات وتحقيق مستقبل مستدام.

دور الذكاء الاصطناعي في تحسين سلامة بطاريات الليثيوم
الذكاء الاصطناعي يمثل ثورة في العديد من المجالات، ولا شك أن دوره في تحسين سلامة بطاريات الليثيوم يعد من أهم هذه المجالات. ويمكن للذكاء الاصطناعي أن يلعب دورًا حاسمًا في تحسين سلامة بطاريات الليثيوم من خلال تحليل البيانات الضخمة، واتخاذ القرارات الذكية، وتحسين عمليات التصميم والإنتاج، حيث يمكنه تحليل البيانات المتعلقة بأداء البطارية، مثل الجهد والتيار ودرجة الحرارة، للتنبؤ بحدوث أعطال محتملة قبل وقوعها. ويمكنه اكتشاف أي تغييرات غير طبيعية في سلوك البطارية، مثل زيادة درجة الحرارة بشكل مفاجئ أو انخفاض في السعة، مما يشير إلى وجود مشكلة.

كما يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساعد تحسين تصميم البطاريات ومحاكاة سلوك البطارية في ظروف مختلفة، مما يساعد المهندسين على تصميم بطاريات أكثر أمانًا وكفاءة. واختيار المواد المثلى، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات حول المواد المختلفة لتحديد أفضل تركيبة لبطاريات الليثيوم. والتحكم في عمليات الشحن والتفريغ بشكل ذكي للحفاظ على صحة البطارية وزيادة عمرها الافتراضي. كما يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات المتعلقة بعمليات الإنتاج للكشف عن أي انحرافات عن المعايير المحددة، مما يساعد على ضمان جودة البطاريات المنتجة. والكشف عن أدنى علامات نشوب حريق في البطارية، مما يتيح اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع انتشار الحريق.

وختامًا، تُمثل بطاريات الليثيوم ركيزة أساسية في التحول نحو مستقبل أكثر استدامة، ولكنها تتطلب معالجة حذرة لمخاطرها المحتملة. وبدلاً من التخلي عن هذه التقنية الواعدة، يجب علينا التركيز على تطوير بروتوكولات أمان أكثر صرامة، وتحسين تصميم البطاريات، وتدريب الكوادر على التعامل معها بشكل آمن. إن الاستثمار في البحث والتطوير، وتعاون الصناعة والحكومات والأكاديميين، هو السبيل الأمثل لضمان الاستفادة القصوى من هذه التقنية مع تقليل المخاطر المصاحبة لها.

إن الحوادث المتعلقة ببطاريات الليثيوم تذكرنا بأهمية الاستثمار في البحث والتطوير لتطوير تقنيات أكثر أمانًا وفعالية. يجب علينا أن نعمل معًا لتطوير جيل جديد من البطاريات يتميز بكفاءة عالية وأمان متزايد. وإن التحول نحو الطاقة النظيفة يفرض علينا مواجهة تحديات جديدة، من بينها تحديات تتعلق بسلامة بطاريات الليثيوم. ومع ذلك، فإن الفوائد البيئية والاقتصادية لهذه التقنية تفوق بكثير مخاطرها المحتملة. من خلال اتخاذ إجراءات وقائية صارمة، مثل تحسين أنظمة إدارة البطاريات وتطوير معايير أمان عالمية، يمكننا الاستفادة من هذه التقنية بأمان وفعالية. يجب علينا أن ننظر إلى بطاريات الليثيوم على أنها فرصة لتطوير تكنولوجيات أكثر أمانًا واستدامة، وليس كتهديد.

ومن خلال الاستثمار في البحث والتطوير، وتعاون الصناعة والحكومات والأكاديميين، يمكننا تطوير حلول مبتكرة تضمن سلامة البيئة والمجتمع. ويجب علينا أن ننظر إلى هذه التكنولوجيا على أنها فرصة لتطوير تقنيات أكثر أمانًا واستدامة، وليس كتهديد. إن المستقبل يحمل في طياته العديد من الاحتمالات، ومن خلال العمل معًا يمكننا بناء مستقبل أكثر أمانًا وازدهارًا.

* د. طارق قابيل
– أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي
– عضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية – كلية العلوم – جامعة القاهرة
– مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.
http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel
tkapiel@sci.cu.edu.eg

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الدبلوماسية العلمية.. جسر العبور نحو مستقبل أخضر

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 14 سبتمبر 2024 تواجه …