التحديات التي ترافق أنواع الهيدروجين المختلفة (2-2)

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، 09 اكتوبر 2024

على الرغم من أن الهيدروجين يعتبر وقود المستقبل نظراً لإمكانياته الكبيرة في تقليل الانبعاثات الكربونية ودعمه للاستدامة، فإن كل نوع من أنواع الهيدروجين يواجه تحديات فنية واقتصادية وبيئية. في هذا المقال، سنستعرض التحديات التي ترافق كل نوع من أنواع الهيدروجين التي تم ذكرها في الجزء الأول:

أولاً: تحديات الهيدروجين الأخضر
الهيدروجين الأخضر هو الأكثر استدامة وصداقة للبيئة، ولكنه يواجه عدة تحديات:
1- تكلفة الإنتاج العالية: إنتاج الهيدروجين الأخضر يتطلب كميات كبيرة من الكهرباء المتجددة، وعملية التحليل الكهربائي لا تزال مكلفة مقارنة بالطرق التقليدية لإنتاج الهيدروجين. تكلفة توليد الطاقة المتجددة قد تكون مرتفعة في بعض المناطق، مما يرفع تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر.
2- توافر البنية التحتية: هناك نقص كبير في البنية التحتية اللازمة لتخزين ونقل الهيدروجين الأخضر على نطاق واسع. تتطلب هذه التكنولوجيا استثمارات ضخمة في البنية التحتية، من محطات التحليل الكهربائي إلى خطوط الأنابيب ومرافق التخزين.
3- الاعتماد على الطاقة المتجددة: يعتمد إنتاج الهيدروجين الأخضر بالكامل على توفر مصادر الطاقة المتجددة. في حال كانت هذه المصادر محدودة أو غير مستقرة بسبب الظروف الجوية، فإن إنتاج الهيدروجين يمكن أن يتأثر بشكل كبير.

ثانياً: تحديات الهيدروجين الأزرق
رغم أنه أقل تلويثًا من الأنواع الأخرى، إلا أن الهيدروجين الأزرق يواجه تحديات مهمة:
1- تقنية احتجاز الكربون: تعتمد فكرة الهيدروجين الأزرق على احتجاز وتخزين ثاني أكسيد الكربون (CCS) الناتج من عملية الإنتاج. هذه التقنية لا تزال مكلفة وغير ناضجة بالكامل، وتواجه تحديات في الكفاءة وفي إيجاد مواقع آمنة وطويلة الأمد لتخزين الكربون.
2- انبعاثات إضافية: حتى مع وجود احتجاز الكربون، لا يزال هناك بعض الانبعاثات الكربونية الناتجة عن عملية الإنتاج، مما يجعل الهيدروجين الأزرق أقل نقاءً من الهيدروجين الأخضر.
3- الاعتماد على الغاز الطبيعي: الهيدروجين الأزرق يعتمد على الغاز الطبيعي كمادة خام، مما يجعله عرضة لتقلبات أسعار الغاز الطبيعي والاعتماد على موارد غير متجددة.

ثالثاً: تحديات الهيدروجين الرمادي
الهيدروجين الرمادي هو الأكثر شيوعًا اليوم ولكنه يواجه تحديات بيئية كبيرة:
1- انبعاثات كربونية عالية: إنتاج الهيدروجين الرمادي يولد كميات هائلة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بسبب الاعتماد الكامل على الغاز الطبيعي دون أي احتجاز للكربون. هذا يجعله غير مستدام بيئيًا ويزيد من التلوث.
2- الضغط التنظيمي: مع زيادة الضغوط الدولية لتقليل الانبعاثات الكربونية، قد تواجه الشركات المنتجة للهيدروجين الرمادي ضغوطًا قانونية أو ضريبية، مما يزيد من تكاليف الإنتاج ويقلل من جاذبيته.

رابعاً: الهيدروجين البني والأسود
الهيدروجين البني والأسود هما الأكثر ضررًا للبيئة بسبب اعتمادهما على الفحم في الإنتاج. التحديات التي ترافقهما تشمل:
1- انبعاثات كربونية مدمرة: عملية إنتاج الهيدروجين باستخدام الفحم تولد انبعاثات كبيرة جدًا من ثاني أكسيد الكربون والملوثات الأخرى، مما يجعل هذه الأنواع من الهيدروجين من أكثر الخيارات تلويثًا للبيئة.
2- التأثيرات الصحية: إنتاج الهيدروجين من الفحم يسبب تلوث الهواء، مما يؤدي إلى آثار سلبية على الصحة العامة، خاصة في المناطق القريبة من المصانع.
3- الاتجاه العالمي نحو التخلص من الفحم: مع توجه الدول نحو التخلص التدريجي من استخدام الفحم كمصدر للطاقة بسبب تأثيراته البيئية والصحية، يتوقع أن يقل استخدام الهيدروجين البني والأسود تدريجياً.

خامساً: تحديات الهيدروجين الوردي
الهيدروجين الوردي يُنتج باستخدام الطاقة النووية، ورغم أنه يعتبر منخفض الانبعاثات الكربونية، إلا أنه يواجه تحديات متعددة:
1- القلق الأمني: تعتمد تكنولوجيا إنتاج الهيدروجين الوردي على المفاعلات النووية، وهذه التكنولوجيا تثير مخاوف كبيرة تتعلق بالأمان والسلامة النووية، خاصة في حالة حدوث كوارث نووية مثل ما حدث في فوكوشيما وتشيرنوبل.
2- تكلفة إنشاء المفاعلات النووية: بناء مفاعلات نووية لإنتاج الكهرباء اللازمة لتحليل الماء يتطلب استثمارات هائلة وتكاليف بناء مرتفعة، مما يزيد من تكلفة إنتاج الهيدروجين الوردي.
3- التخلص من النفايات النووية: معالجة وتخزين النفايات النووية الناتجة عن توليد الكهرباء تمثل تحديًا كبيرًا وتستلزم تقنيات متقدمة لضمان السلامة على المدى الطويل.

سادساً: تحديات الهيدروجين الأصفر
الهيدروجين الأصفر، الذي يُنتج باستخدام الكهرباء من مصادر مختلفة، يواجه عدة تحديات:
1- بصمة كربونية متغيرة: بما أن الهيدروجين الأصفر يمكن أن يُنتج باستخدام مزيج من الطاقات المختلفة (بعضها قد يعتمد على الوقود الأحفوري)، فإن بصمته الكربونية يمكن أن تكون غير ثابتة، مما يقلل من فعاليته كحل نظيف للطاقة.
2- تقلبات في أسعار الكهرباء: اعتماد الهيدروجين الأصفر على شبكة الكهرباء العامة قد يجعله عرضة لتقلبات في أسعار الكهرباء، خاصة إذا كانت الشبكة تعتمد بشكل كبير على مصادر الوقود الأحفوري.

الخلاصة
تختلف التحديات التي تواجه أنواع الهيدروجين بناءً على التقنية المستخدمة لإنتاجه والمصادر التي يعتمد عليها. بينما يقدم الهيدروجين الأخضر الحل الأكثر استدامة، فإنه يواجه تحديات تتعلق بتكلفة الإنتاج والبنية التحتية. الهيدروجين الأزرق يعتبر خيارًا وسيطًا لكنه يعتمد على تكنولوجيا احتجاز الكربون غير الناضجة. الهيدروجين الرمادي والبني والأسود، رغم تكلفتها المنخفضة، تأتي مع تأثيرات بيئية كبيرة بسبب انبعاثاتها الكربونية العالية.
إن تجاوز هذه التحديات يتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، وتعزيز البنية التحتية، والتوجه نحو سياسات تنظيمية تدعم الابتكارات في مجال الهيدروجين وتحفز التحول نحو الطاقة النظيفة والمستدامة.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الحياد الكربوني تحقيق الاستدامة من أجل مستقبل أكثر نظافة

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، 09 اكتوبر 2024 الحياد الكربوني …