كرسي الألكسو للتربية على التنمية المستدامة بكلية علوم التربية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط
يستضيف خبير الاستدامة والتغير المناخي عماد سعد في ندوة علمية
شبكة بيئة ابوظبي، تقرير من إعداد جبير مجاهد، طالب ماستر العلوم الاجتماعية والتنمية، جامعة محمد الخامس، الرباط، المملكة المغربية، 04 نوفمبر 2024
في إطار أنشطته الاعتيادية، نظم كرسي الألكسو للتربية على التنمية المستدامة بكلية علوم التربية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط، الجلسة الثانية من سلسلة جلسات الكرسي الحوارية مع الخبراء التي دأب الكرسي على تنظيمها، تحت شعار: ’’معرفة سليمة، بناء المواقف وتعزيز سلوكات إيجابية من أجل تنمية مستدامة’’، موضوع الجلسة الثانية: نمط العيش وتأثيره على التغير المناخي: أية مسؤولية مجتمعية لحماية البيئية؟ التي قدمها المهندس عماد سعد خبير الاستدامة والتغير المناخي، رئيس شبكة بيئة ابوظبي من دولة الامارات العربية المتحدة، بتنسيق مع ماستر تدريس العلوم الاجتماعية والتنمية وذلك يوم السبت 02 نوفمبر 2024 ابتداء من العاشرة صباحاً.
تم افتتاح هذا اللقاء بآيات بينات من الذكر الحكيم تلاها على مسامع الحضور الطالب جبير مجاهد، قبل أن تفتتح الأستاذة سميرة أوحفصي مسيرة هذا اللقاء، بكلمة ترحيبية، مبرزة أهمية هذا اللقاء، قبل أن تمنح الكلمة للدكتور عبد العزيز فعرس مدير كرسي الالسكو للتربية على التنمية المستدامة والموروث الثقافي المبدع، الذي ألقى كلمة باسم كلية علوم التربية، مرحباً بدوره بالجميع في سواء الحضور الفعلي أو الحضور الافتراضي عبر الرابط الالكتروني، خاصة وأن تتبع هذه الندوة لقي اهتماما وتتبعا من طرف المئات من المهتمين من مختلف دول العالم العربي.
كما ذكر بموضوع الندوة مؤكدا أن ما يميز هذه الجلسة هو انعقادها قبل أيام من بدء المفاوضات حول التغير المناخي، حيث اتفق الجميع أن الأمر يتعلق بسلوك الانسان، وعلى أن التربية هي السلوك الأنسب لمعالجة هذا الموضوع؟
كما تكتسي الندوة ميزة خاصة بحضور مؤطرها المهندس عماد سعد من دولة الإمارات العربية المتحدة.
أما الدكتور محمد قفصي منسق ماستر تدريس العلوم الاجتماعية والتنمية باعتباره أحد شركاء هذا اللقاء فقد شكر كل من ساهم ويساهم في إنجاح هذه الندوات، في مقدمتهم الدكتور عبد العزيز فعرس، كما شكر الطاقم الإداري والتربوي بكلية علوم التربية، على رأسهم عميد الكلية الأستاذ عبد اللطيف كيداي لما يبذلونه من مجهودات من أجل إنجاح كل التظاهرات الثقافية التي تشهدها الكلية، كما رحب بالدكتور السالك بوشعيب، منوها بأهمية وتنوع المواضيع التي يناقشها كرسي الالسكو في الرقي بالمستوى المعرفي للطلبة، باعتباره ورشاً مفتوحاً، يعالج ويناقش مواضيع ذات أهمية راهنة، متمنياً الاستمرارية لهذا الكرسي. كما أوضح أن هذه الندوة تنعقد بمناسبة اليوم العربي للبيئة.
أما الدكتور السالك بوشعيب ممثل الجمعية الافريقية لعلم المناخ وأستاذ باحث بكلية علوم التربية، فقد ذكر في كلمة في البداية بسياق ميلاد الجمعية الافريقية لعلم المناخ، كما أشار الى التغير المناخي وأثره
على العالم، موضحاً بهذا الخصوص أن المغرب يشهد ندوات ولقاءات مهمة في سبيل دراسة علم المناخ الذي أصبح يفرض نفسة خاصة في ظل التحولات المناخية الأخيرة وأخرها ما شهدته الجارة اسبانيا من تساقطات التي بلغت حوالي 492 ملم في مدة 12 ساعة وهو ما يصعب استيعابه من طرف أي بنية تحتية، ما أضحى يستدعي تدخلاً لأهل الاختصاص، لما للمناخ من تأثير على الحياة الاقتصادية والاجتماعية. ففي الآونة الاخيرة عرف المغرب تساقطات مهمة على الرغم من تأثيرها الايجابي، إلى أن الأمر يستدعي التدخل العاجل لدراسة مدى تأثيره على الواقع، خاصة وأن المناخ يتحكم بشكل كبير في اقتصاد المغرب. بل وأن الميزانية المغربية مرتبطة ارتباطا كبيرا بالمناخ والظرفية المناخية؟
أما مؤطر الندوة الأستاذ عماد سعد والذي هو مهندس بيئي وإعلامي، ومستشار ومدرب ومقيم وأحد أبطال الاستدامة لعام 2023، حيث تم اختاره من بين العديد من المرشحين والمتخصصين في المجال، كما أنه مدير عام شركة نايا للاستشارات، ورئيس شبكة بيئة أبوظبي، كما أنه مدرب معتمد وله العديد من المؤهلات والخبرات لأكثر من 30 سنة التي جعلت منه إطاراً مؤهلاً لتأطير العديد من اللقاءات والمحاضرات والتي فاقت 2000 محاضرة، كما شارك في العديد من الورشات التأطيرية.
أما الأستاذ عماد فقد انطلق في مداخلته بالإشارة إلى سر تفوق الأمم المتمثل في اعتمادهم على اللغة الأم في تحصيل العلوم الأساسية، كما أشار أن الأوطان العربية لا تستعمل اللغة الأم في التعليم. فالمجتمع معرفة والمعرفة قوة، لهذا وجب نقلها باللغة الأم، مبرزاً أن عدداً كبيراً يجهل أثر نمط عيش الأفراد على التغيرات المناخي، فما آل إليه الكوكب مسؤولية الجميع كلاً من موقعه (حكومات، شركات، افراد…)، لأننا جميعاً شركاء في المسؤولية، فلا يجب التقليل من أهمية سلوك الفرد، لأن كل المبادرات والأعمال العظيمة بدأت بسلوكيات فردية بسيطة، بدءاً بالأسرة، لأن تربية الأبناء على السلوك البيئي السوي من شأنه التأثير على البيئة.
بدأ المهندس سعد محاضرته بطرح مجموعة من الأسئلة المشروعة للبحث في هذا الموضوع، من قبيل:
ما الذي يحدث للمناخ؟ أهو تغير مناخي أم مؤامرة؟ هل تستطيع دولة ما مواجهة التغير بمفردها؟ ما ذنب الدول الضعيفة؟ هل وصل العالم إلى المكان الذي لا رجعة منه؟
قبل سنوات كان بالإمكان التمييز بين فصول السنة، أما اليوم فقد صارت الفصول متداخلة مع بعضها البعض، أي بتنا نعيش فوضى مناخية سببها الانسان، لدرجة لم نعد ندرك بأي فصل نحن، لكن القادم أسوأ فالتغير المناخي حسب غوريتيس أمين عام الأمم المتحدة، يسير بخطى أسرع من خطانا.. لقد نجحنا في العلوم لكن رسبنا في أخلاقيات التعامل مع أمنا الأرض.
بعد ذلك انتقل الأستاذ سعد إلى الحديث عن عصر الاحتباس الحراري، هذا المفرد الذي بدأ يتردد كثيراً باعتباره تزايدا لتركيز الغازات الدفيئة بالغلاف الجوي، وهو ما يؤدي بدوره إلى التغير المناخي، موضحا أن هذا العصر انتهى وبدأ عصر غليان كوكب الأرض، فلا توجد دولة بالعالم في مأمن من آثار التغير المناخي.
ولإبراز خطورة الاحتباس الحراري قدم الأستاذ سعد بعض الاحصائيات، حيث أوضح أن الصين تساهم في ظاهرة الاحتباس الحراري بحوالي 33 % أما الولايات المتحدة الأمريكية فتساهم بحوالي 13 % وأروبا بحوالي 7%، في حين لم تتجاوز المنطقة العربية 5,8% وروسيا %5 واليابان %2 أما باقي العالم فتصل نسبة مساهمته في هذه الظاهرة بحوالي 32%.
وفي نفس السياق أبرز الأستاذ سعد أن متوسط ارتفاع درجة الحرارة وصل 1,5 تقريبا، وهي نسبة مرتفعة، تبرز خطورتها في التأثير على مكونات الوسط الطبيعي وعلى التنوع الحيوي وزيادة الحرائق بالكوكب، مقدما بعض الأمثلة، مثل:
4% من الثدييات تفقد موائلها عند ارتفاع درجة حرارة الأرض 1,5درجة مئوية
8% من الثدييات تفقد موائلها عند ارتفاع درجة حرارة الأرض 25 درجة مئوية
41% من الثدييات تفقد موائلها عند ارتفاع درجة حرارة الأرض 3 درجة مئوية
كما أوضح أن انبعاث مجموعة العشرين تمثل حوالي 78% في المئة، في حين أن انبعاثات العالم العربي لا تمثل سوى 5%، لدى فمسؤولية الدول العظمى جسيمة.
ولإبراز أهمية السلوك البيئي عرض فيلم قصير يبرز أهمية السلوك السليم ووعي وحس المسؤولية لدى المواطنين، متوقفا عند السؤال، ما هي علاقة المسؤولية المجتمعية بالتنمية المستدامة؟
ليؤكد أن كلاهما يعمل على بناء علاقة متوازنة مع البيئة والاقتصاد والمجتمع.
وفي معرض حديثه عن السلوك البشري تجاه البيئة، أكد الاستاذ سعد، أنه علينا أن نذهب إلى الترشيد راغبين قبل أن نكون مرغمين، فبعض الدول شرعت في الاكراه على الترشيد، فقد أضحى من الواجب علينا التكيف مع نتائج أداء التغيرات المناخية.
كما أبرز أن هناك علاقة طردية بين تغير المناخ ونمط العيش غير المستدام لأن نمط الإنتاج والاستهلاك غير المسؤولان يرفعان من رقم البصمة الكربونية وبالتالي يرفعان من مستوى الاحتباس الحراري الذي يؤدي إلى المزيد من التغيرات المناخية، أي كلما كان نمط الإنتاج والاستهلاك صديقان للبيئة كلما تراجع الاحتباس الحراري وبالتالي التغير المناخي، وهذا الأمر يدفعنا إلى ضرورة اعتماد نمط الانتاج الدائري والاستهلاك المستدام من أجل توفير نمط عيش مسؤول ومستدام لنا وللأجيال التي لم تولد بعد، حرصاً على إجراءات التخفيف والتكيف مع التغير المناخي.
بعد ذلك تم فتح باب المناقشة أمام الجميع الذين أغنوا هذا اللقاء بمداخلاتهم واستفساراتهم والتي صبت في أغلبها حول ضرورة تغيير سلوكات الفرد من أجل الحفاظ على حق الأجيال القادمة من الموارد الطبيعية. وكذا مسؤولية كلاً من الدولة والفرد في الحفاظ على هذه الموارد، كما تم تكريم المهندس عماد سعد بهذه المناسبة، حيث قدمت له شهادة تقديرية وتذكار بالمناسبة من طرف كلا من الدكتور محمد قفصي والدكتور عبد العزيز فعرس. كما تم بالمناسبة تقديم شهادة تقديرية للأساتذة الجدد ترحيباً بهم للعمل ضمن هذه الكلية.