احتساب ساعات العمل التطوعي في خدمة المجتمع والتنمية المستدامة

عماد سعد:
– العمل التطوعي هو استثمار في رأس المال البشري.
– العمل التطوعي أحد الأسس الداعمة لتحقيق التنمية المستدامة.
– العمل التطوعي واجب وطني وسلوك حضاري.

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم، المهندس عماد سعد، محترف عمل تطوعي، رئيس شبكة بيئة ابوظبي، 31 ديسمبر 2024

يُعدّ العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمعات وتعزيز التكافل الاجتماعي، حيث يسهم الأفراد بوقتهم وجهدهم لخدمة الآخرين دون مقابل مادي. تتجاوز قيمة العمل التطوعي الأثر المباشر على المستفيدين، إذ يعزز من روح الانتماء والمسؤولية المجتمعية لدى المتطوعين، ويخلق شعورًا بالتضامن داخل المجتمع.

إلى جانب ذلك، يُسهم العمل التطوعي في تحقيق التنمية المستدامة عبر دعم المبادرات التي تركز على التعليم، الصحة، البيئة، ومكافحة الفقر وغيرها، كما أنه يُمثل قوة دافعة للاقتصادات المحلية من خلال توفير موارد بشرية مجانية تُساند جهود المنظمات غير الربحية والحكومية.

كما يُعتبر العمل التطوعي حجر الزاوية في تعزيز رفاه المجتمعات وتحقيق التنمية المستدامة. من خلال مساهمته في مختلف المجالات الاقتصادية، الاجتماعية، والبيئية، بفضل هذه القيم المضافة، يصبح العمل التطوعي أداة فعّالة لتحقيق التغيير الإيجابي وبناء مجتمعات أكثر استدامة وشمولية.

أهمية العمل التطوعي في التنمية المستدامة:
يشجع العمل التطوعي على بناء العلاقات الاجتماعية وتعزيز روح التعاون بين أفراد المجتمع مما يساهم في تعزيز المسؤولية المجتمعية اتجاه محيطنا الحيوي، حيث يساهم العمل التطوعي في تحقيق العديد من أهداف التنمية المستدامة مثل القضاء على الفقر من خلال دعم الفئات المحتاجة بموارد وخدمات مجانية، والتعليم الجيد عبر تقديم دروس مجانية أو دعم المدارس، والصحة الجيدة والرفاه من خلال تنظيم حملات توعية صحية أو توفير خدمات طبية. في حين يوفر العمل التطوعي فرصة للأفراد لاكتساب خبرات جديدة، مثل القيادة، وإدارة الوقت، والعمل الجماعي. ويساعد في تطوير مهارات الشباب، مما ينعكس إيجابيًا على فرصهم في سوق العمل. كما يساهم في تخفيف العبء على الحكومات عبر تقديم خدمات مجانية أو منخفضة التكلفة للمجتمع. ويعزز المشاريع الصغيرة والمتوسطة عبر تقديم استشارات أو دعم مجاني.

أهمية احتساب ساعات العمل التطوعي:
يساعد احتساب ساعات العمل التطوعي في قياس الجهد المبذول من قبل الأفراد أو المنظمات في خدمة المجتمع، كما يوفر بيانات موثوقة يمكن استخدامها لإعداد تقارير دورية توضح أثر المبادرات التطوعية. كما يساعد ذلك في إظهار القيمة الاقتصادية حيث يتم تحويل ساعات العمل التطوعي إلى قيمة مالية تقريبية تُظهر مدى مساهمة المتطوعين في دعم الاقتصاد الوطني. وفقًا لتقديرات عالمية، تساهم ساعات العمل التطوعي بما يعادل مليارات الدولارات في دعم المجتمعات حول العالم. في حين يساهم توثيق الساعات في التخطيط الأفضل للمبادرات التطوعية، مما يساعد ذلك في تحليل فعالية المشاريع، وتحديد الأنشطة التي تحتاج إلى مزيد من الموارد أو الجهود. كما نلاحظ بأن توثيق العمل التطوعي يوفر لنا بيانات تُستخدم لتكريم المتطوعين وتحفيزهم من أجل استدامة العمل التطوعي بالمجتمع، ويساعد ذلك في جذب المزيد من المتطوعين، حيث يُظهر الجهود المبذولة والأثر الإيجابي الذي يمكن تحقيقه.

طرق احتساب ساعات العمل التطوعي:
تختلف طرق احتساب ساعات العمل التطوعي باختلاف الدول والمنظمات والأفراد حول العالم بناءً على السياسات والممارسات المتبعة في كل دولة أو منظمة. الهدف الأساسي من احتساب ساعات العمل التطوعي هو قياس القيمة الاقتصادية والاجتماعية لهذه الجهود وتوثيقها.

حيث تتعدد طرق احتساب ساعات العمل التطوعي بين الدول والمنظمات وحتى الأفراد، بدءًا من تسجيل الساعات يدويًا وصولًا إلى استخدام أنظمة إلكترونية متقدمة تعتمد على التطبيقات الذكية والذكاء الاصطناعي. ويعتبر هذا النهج أداة حيوية لتحليل البيانات، تعزيز الشفافية، وتقدير القيمة الاقتصادية والاجتماعية للعمل التطوعي، بما يدعم وضع سياسات وبرامج أكثر فعالية في هذا المجال. وفي هذا الإطار يمكن لنا أن نستعرض بعضاً من الطرق المستخدمة في احتساب ساعات العمل التطوعي.

1. التسجيل اليدوي (استمارات أو Excel): يعتمد المتطوع على تسجيل ساعات العمل يدويًا في سجلات ورقية أو جداول إلكترونية. بحيث يتم توقيع السجلات واعتمادها من قبل المسؤولين في الجهة المشرفة على العمل التطوعي أو من المتطوع نفسه إذا كان عمله فردي.

2. التطبيقات الرقمية والمنصات الإلكترونية: تستخدم العديد من المنظمات تطبيقات مخصصة لتسجيل ومتابعة ساعات العمل التطوعي. مثل تطبيقات (VolunteerMatch) و (Better Impact). إلى جانب الأنظمة الحكومية في بعض الدول مثل (المنصة الوطنية للعمل التطوعي) في السعودية، ونظام (متطوعين.الإمارات) وغيرهما.

3. الحضور والانصراف: يتم تسجيل ساعات الحضور والانصراف باستخدام بطاقات رقمية أو ماسحات ضوئية عند دخول وخروج المتطوعين. وهذه الطريقة شائعة في الفعاليات والمبادرات الكبيرة.

المعايير المستخدمة في احتساب ساعات العمل:
توجد مجموعة من الاعتبارات القانونية والثقافية لتوثيق العمل التطوعي، في بعض الدول، يتم احتساب ساعات العمل التطوعي واعتمادها من قبل الجهات الحكومية أو المؤسسات غير الربحية. وتُستخدم هذه الساعات كجزء من معايير تقييم الأداء أو طلب المكافآت. وتتبع بعض المنظمات مثل الصليب الأحمر أو الأمم المتحدة معايير دولية محددة لتوثيق ساعات العمل التطوعي. كما تُحتسب الساعات لتحديد المستفيدين من الحوافز أو برامج التكريم الوطنية.

1. ساعات العمل الفعلية: بحيث يتم احتساب عدد الساعات التي قضاها المتطوع فعليًا في أداء المهمة، وتشمل الوقت الذي يستغرقه العمل المباشر فقط، دون احتساب فترات الراحة.
2. ساعات التحضير والتنقل: بعض المنظمات تضيف الوقت المستغرق في التحضير للعمل التطوعي أو التنقل إلى موقع العمل.

3. ساعات العمل غير المباشرة: تشمل الأنشطة الداعمة، مثل التخطيط، الاجتماعات، أو التدريب الذي يحصل عليه المتطوع قبل البدء.

4. ساعات العمل حسب المهام: تُحتسب الساعات بناءً على المهام الموكلة للمتطوع، حيث يتم تحديد وقت تقديري لكل مهمة مسبقًا.

أهم التحديات في احتساب ساعات العمل التطوعي
هناك العديد من الصعوبات التي ترافق احتساب ساعات العمل التطوعي، منها صعوبة توثيق الساعات في الأعمال غير المنظمة. والتقديرات غير الدقيقة للوقت المستغرق. والتباين في طرق التوثيق بين المؤسسات والدول نذكر منها:
1. التسجيل غير الدقيق للساعات: بعض المتطوعين قد ينسون تسجيل ساعات العمل بشكل منتظم أو يسجلون تقديرات غير دقيقة، مما يؤدي إلى بيانات غير موثوقة تؤثر على تحليل الأثر النهائي للعمل التطوعي.

2. تنوع الأنشطة التطوعية: تختلف طبيعة الأنشطة، مثل التطوع الرقمي أو الميداني، مما يجعل احتساب ساعات العمل تحديًا بسبب تفاوت الجهد المبذول، لذا قد يتم التقليل من قيمة بعض الجهود بسبب غياب معايير موحدة للاحتساب.

3. الافتقار إلى التكنولوجيا المناسبة: بعض المنظمات لا تمتلك منصات إلكترونية متطورة لتسجيل وتحليل ساعات العمل، لذا فهم يعتمدون على التسجيل اليدوي، ما يزيد احتمالية الأخطاء ويبطئ العملية.

4. تحديد وقت الإنتاجية الفعلية: هناك صعوبة في قياس الوقت الفعلي المخصص للعمل مقارنة بالوقت المستهلك في الاستعداد أو التنقل، لذا قد يُحسب الوقت الإجمالي بدلاً من الوقت المنتج، مما يؤثر على دقة البيانات.

5. التطوع غير المنتظم: قد يشارك بعض المتطوعين بشكل متقطع، ما يجعل متابعة ساعات العمل المستمرة أكثر تعقيدًا، مما يؤدي إلى صعوبة في تقديم تقارير شاملة عن النشاط.

6. اختلاف معايير الاحتساب: لا توجد معايير دولية موحدة لاحتساب ساعات العمل التطوعي، ما يؤدي إلى تفاوت في التقديرات بين المؤسسات والدول، مما يصعب مقارنة الجهود التطوعية عالميًا أو حتى داخل قطاع معين.

7. التطوع غير الرسمي: يتم تنفيذ العديد من الأنشطة التطوعية خارج نطاق المنظمات الرسمية، ما يجعل تسجيلها أمرًا صعبًا، مما قد يتم التقليل من أهمية هذه الجهود عند قياس الأثر الإجمالي.

8. عدم التزام المتطوعين بالتسجيل: قد يفتقر المتطوعون إلى الحافز لتسجيل ساعاتهم أو يرون أن العملية مرهقة. مما يؤدي ذلك إلى نقص البيانات وعدم قدرة المنظمات على تقدير العمل التطوعي بدقة.

9. الجهد مقابل القيمة: قياس ساعات العمل فقط قد لا يعكس القيمة الحقيقية للعمل التطوعي وجودته. لذا يُمكن أن يتم تجاهل تأثير المبادرات التي تركز على الكفاءة والنتائج بدلاً من الوقت.

10. التكلفة والموارد اللازمة للاحتساب: تتطلب أنظمة احتساب الساعات الفعالة موارد مالية وتقنية قد لا تكون متاحة دائمًا. لذا قد تضطر بعض المنظمات إلى الاكتفاء بطرق احتساب تقليدية أقل دقة.

ولمواجهة التحديات الخاصة باحتساب ساعات العمل التطوعي يمكن تطوير أنظمة إلكترونية سهلة الاستخدام ومجانية أو منخفضة التكلفة. وتوعية المتطوعين بأهمية تسجيل ساعات العمل بدقة. الى جانب وضع معايير موحدة لاحتساب الساعات. والتركيز على قياس الأثر والنتائج بجانب ساعات العمل.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

الهدف الجماعي الجديد (NCQG) في مفاوضات المناخ (COP29)

قمة المناخ وكيفية الاستفادة من التمويل الدولي لدعم استراتيجيات التكيف والتخفيف – ميسون الزعبي: تحفيز …