مؤسسة بسام فريحة للفنون تستضيف “موعد نقاش”لأناسي للإعلام بعنوان”القصور العربية”

شبكة بيئة ابوظبي، الإمارات العربية المتحدة، 22 يناير 2025

استضافت مؤسسة بسام فريحة للفنون بأبوظبي حلقة نقاشية بعنوان “القصور العربية حتى نهاية العصر الأموي” ضمن برنامج “موعد نقاش” والذي تنظمه أناسي للإعلام ، قدم الحلقة الدكتورأحمد عطية كبير الباحثين في التراث العربي بمركز المخطوطات في مكتبة الإسكندرية، وذلك بحضورمعالي الشيخة لبنى القاسمي، وسعادة ماريا كاميليري سفيرة جمهورية مالطا، ومريام كينتانا من مؤسسة بسام فريحة، وعضوات موعد نقاش، وعدد من الشخصيات الثقافية والإعلامية.

تناولت الحلقة النقاشية التى أدارتها الإعلامية فاطمة النزوري عدة محاور: القصور العربية في جزيرة العرب قبل الإسلام، وحتى نهاية الدولة الأموية (أسماء القصور وأماكن بنائها- نماذج مختارة)، وبيئة القصور العربية وأسباب اختيار مكانها، ووصف القصور العربية وسماتها الفنية (مواد بنائها- زخارفها- حدائقها- أسوارها- غرفها- حماماتها- مساحتها- مطابخها- أنظمة تهويتها)، وتكاليف الإنشاء بين المبالغة والحقيقة. (نقد الروايات التاريخية)، حضور القصور العربية في الشعر العربي، أعاجيب وحكايات حول القصور العربية. (قراءات تاريخية)، أشهر ليالي السمر والغناء في القصور العربية. (حكايات أبي الفرج الأصفهاني في كتابه الأغاني)، أشهر المساجد الملحقة بالقصور العربية، مآلات القصور العربية بعد تتابع الأزمنة عليها.

القصور مدخل آخر لمعرفة التاريخ
استهل الدكتور أحمد حديثه بتسليط الضوء على أهمية دراسة القصور العربية فقال: تعتبر مدخلًا مهمًا من مداخل التاريخ، فالقصور ترتبط في نشأتها بزمن ما تم بناؤها فيه، وبأحداث نشأت خلالها، وبأشخاص قاموا ببنائها، وما التاريخ في أدق معانيه إلا زمن انفعلت فيه أحداث وأشخاص.

وأنَّ القيمة الكبرى من وراء دراسة القصور العربية والتعرف عليها تتمثل في تقديم طريق آخر لمعرفة التاريخ ودراسته غير الطرق المعهودة التي تقوم في الأغلب على فكرة السرد للأحداث الماضية اعتمادًا على ما دوِّنَ منها في كتب التاريخ التي وصلتنا، ومن هنا اتَّجهت الأنظار إلى دراسة آثار السابقين وما خلفته الدول والحضارات المختلفة، ومن بينها القصور والديار بالطبع، حيث وجدوا في دراسة الأثر الشاهد المادي القائم على صدق التاريخ المدوَّن.

وأكد الدكتور أحمد عطية على أن الصدق التاريخي الذي تقدمه دراسة القصور العربية يعد معيارًا مهمًا ، فقال: أغلب الدراسات التاريخية عن الماضي قائمة على النقل من كتب الأخبار وما دوَّنه العلماء في الماضي، وهو ظنِّي يحتاج إلى دلائل تؤكد صدقه، وليس أمام الدارس للتاريخ إلا البحث عن سبل أخرى يحاول من خلالها التأكد من صدق ما وصله من تلك الأخبار، ولكن دراسة ما خلَّفته الحضارات العربية من آثار- ومن بينها القصور العربية بالطبع- يقدم دليلًا قويًا على مسألة الصدق التاريخي التي هي قوام الدارس للتاريخ وأهم أُطر دراسته.

القصور العربية في جزيرة العرب قبل الإسلام
قدم الدكتور عطية تعريفاً وشرحا تفصيلياً عن عدد من القصور العربية في عصور قبل الإسلام فقال: هناك عدة قصور منها: (الخورنق- السَّدير- قصر غُمدَان- قصر الأبلق).

موضحاً أن قصر الخوَرنق كان بظهر الحيرة، وقد اختلفوا في بانيه فقيل إن الذي أمر ببنائه النعمان بن المنذر، وبنى في ستين سنة، كما أشارت بعض الروايات، أو في عشرين سنة على حد تعبير روايات أخرى، وبناه له رجل من الروم يقال له “سِنمَّار”.

وأشار إلى أن قصر “السَّدير” يعني القبة ذات الثلاث قباب المتداخلة، وتسميه الناس اليوم سدلّى فعربته العرب فقالوا سدير. وهو قريب من قصر الخورنق، وكان النعمان الأكبر اتخذه لبعض ملوك العجم، وقيل: سمي السدير لكثرة سواده وشجره.

وحكى الدكتور أحمد عن أشهر ما قيل عن قصر غُمْدَانُ فقال: يُعْتَبَرُ أَطْوَلَ بِنَاءٍ بَنَاهُ الْعَرَبُ، وأن “يشَرح يَحْضب” أحد ملوك سَبأ أراد اتخاذ قصر بين صنعاء وطيوة، وبني القصر على أربعةِ أوجه: وجهٌ أبيضٌ ووجه أحمر ووجه أصفر ووجه أخضر، وكان ظله إذا طلعت الشمس يرى على عينان وبينهما ثلاثة أميال.

واستعرض الدكتور أحمد أهم ما ذكر في التاريخ عن قصر الأبلق (حصن الأبلق) فقال: لهذا الحصن شهرة تاريخية عظيمة في الكتب العربية وفي الشعر العربي، وينسب بناؤه إلى عاديا الجد الأول للسموأل، وكان مبنياً من حجارة سود وبيض وقيل: سمي الأبلق؛ لأن في بنائه بياضاً وحمرة وقيل: لأنه بني من حجارة مختلفة الألوان. وآثار حصن الأبلق لا تزال باقية بقرية السموأل بمحافظة تيماء بتبوك، وارتبط قصر الأبلق بقصة وفاء السموءل المشهورة في التراث العربي، وهو من المواطن التي كتب عليها العرب قديمًا حفرًا في الصخور.

القصور العربية في عصر صدر الإسلام:
تطرق الدكتور أحمد في الحديث عن عدد من القصور العربية في عصر صدر الإسلام، ومنها: قصر عروة بن الزبير، وقصر سعد بن أبي وقاص، وقصر سعيد بن العاص.

فقال: يعد قصر عروة بن الزبير أو قصر العقيق ضمن القصور التي شيدت نهاية القرن الهجري الأول، وتعطي دلالة على أهمية ومكانة وادي العقيق، علاوة على مدى الاهتمام بالبنيان وجمالياته، كما أن تلك القصور وصفت أدبيا وأنشد فيها شعر، إضافة إلى وجود بئر عروة وكل تلك المعالم المكانية تدل على الجانب الحضاري في عهد الدولة الأموية.

وأشار الدكتور أن وجود البئر يعد عامل مشترك في قصور صدر الإسلام، وأكد أن بعض آثار قصر سعد بن أبي وقاص قائمة حتى الآن. ويقع في وادي العقيق في أبيار الماشي جنوب المدينة المنورة . وبإزائه عين تعرف بعين المجنونة، وكان في أعلاه مسجد من أحسن مساجد الدنيا بهاء، وكان يعلق فيه نحو الأربعين قنديلا من أنواع الصفر والزجاج.

أما قصر الصحابي سعيد بن العاص فأوضح أنه مازال باقيا حتى الآن، يقع في منحنى من وادي العقيق ، وبُني بالأحجار الجرانيتية والجص، واستخدم الطوب المحروق في بعض أجزائه.

القصور العربية في العصر الأموي
وختاماً تحدث الدكتور أحمد عطية عن قصور العصر الأموي موضحاً أن هناك خمس قصور تعد من أهم قصور هذا العصر وهي: قصر المنية (الميناء)، وقصر عمرة، وقصر المشتى، والحير الغربي، وقصر الرصافة (رصافة هشام).

واستعرض بالشرح مواصفات هذه القصور قائلاً: يقع قصر المنية (الميناء) أو ما يعرف بقصر الوليد بن عبد الملك في ” خربة المنية ” على الضفة الغربية لبحيرة طبريا، وهو واحد من خمسة قصور بناها الخليفة ذاته بمساعدة أخيه الخليفة هشام بن عبد الملك، والتي أطلق عليها البعض اسم “قصور الصحراء” أو “قصور بني أمية”.

ويتخذ القصر الشكل المستطيل، المحفوف ببرج دائري، ويقع المسجد في الجهة الجنوبية الغربية من القصر، ويحتل الجزء الأوسط من الجانب الجنوبي مجموعة الغرف ذات الزخارف الرائعة المخصصة للاستخدام الاحتفالي.

اما قصر عَمْرَة فقال الدكتور عنه: شيده الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك في منطقة وادي البطم شمال غرب البحر الميت في البادية الأردنية، وقد تم تسقيف الغرف والأروقة بأقباء طولية، والأرضيات مرصوفة بالرخام والفسيفساء، وكذلك الجدران المؤزرة بالرخام والرسوم الجدارية ذات المضامين الفنية المختلفة، التي تمثلت في مشاهد الرقص، والألعاب الرياضية ومشاهد الحب والطيور والحيوانات والتراكيب الهندسية، ويتميز الحمام المرافق بنظام توزيع المياه الحارة، وكذلك أنابيب توزيع البخار التي تعمل على التدفئة.

وعن قصر المشتَى قال الدكتور عطية: ينسب قصر المشْتَى أو المشتَّى إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك الذي شيده في البادية الأردنية، لكنه قتل قبل أن يكتمل البناء، وهو أهم قصر أموي في الأردن، سُمِّي “المشتّى” لأن قبائل الصحراء كانت تتخذه محطة لها خلال فصل الشتاء.

ويتسم القصر بطراز معماري فريد، ينتمي إلى العمارة التي شاعت في بلاد الرافدين والجزيرة العربية، ومن أهم ما يميز هذا القصر واجهته الحجرية المزخرفة بأشكال نباتية وحيوانية وهندسية غاية في الروعة والغنى، ورغم عدم اكتمال بنائه، إلا أنه ما زال مقصدًا لزائري قصور الصحراء الأردنية.

وعن آخر قصر في المجموعة تحدث الدكتور عن قصر الرُّصَافة (رُصَافة هشام بن عبد الملك) فقال: أخذ القصر مكانة عند المؤرخين، وتعدُّ مدينةُ (الرصافة) واحدةً من أعرق المدن الشامية في العصر الأموي؛ خاصة في عهد الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، وتقع في محافظة الرقة السورية، وقد مكث بها طوال فترة حکمه؛ ولذلك عُرفت باسمه “رصافة هشام” والذي تولَّى الخلافة بعهدٍ من أخيه يزيد بن عبدالملک.

قدمت أناسي للإعلام هدية تذكارية لمؤسسة بسام فريحة استلمتها مريام كينتانا، كما اهدت الحضور كتاب “التثقيف زمن التأفيف.

Loading

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

جمعية الإمارات للسرطان تحتفي بكوكبة من المتطوعين

احتفت جمعية الإمارات للسرطان بمناسبة اليوم العالمي للتطوع في حفل أقيم على مسرح نادي ضباط …