Warning: Undefined array key 1 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php:505) in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 557
الفاقد والُمهدر من الطعام وأثره على الأمن الغذائي والاستدامة - بيئة أبوظبي

الفاقد والُمهدر من الطعام وأثره على الأمن الغذائي والاستدامة

شبكة بيئة ابوظبي، بقلم عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، 02 مارس 2025

لم تكن اللقمة يومًا مجرد طعام يسد الجوع، بل كانت قصة طويلة تبدأ بزرع الحبة في أعماق الأرض، تسقيها السماء بقطراتها الأولى، فتخرج إلى النور كعهد الحياة الذي يتجدد. لكنها لا تصل دائمًا إلى من يحتاجها، فكم من سنبلة حصدها فلاحٌ بأمل أن تملأ المائدة، ثم انتهى بها الحال في القمامة؟ وكم من وجبة أعدتها أيدٍ متعبة، ثم لم تجد من يقدرها، فاختنقت بها النفايات؟ وكم من طفل نام جائعًا، بينما كان يمكن للكسرة الملقاة في الشارع أن تكون خلاصه؟

الفاقد والمهدر من الطعام يُعد من أكبر التحديات التي تواجه الأمن الغذائي والاستدامة البيئية على مستوى العالم. وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، يتم فقدان أو إهدار حوالي 1.3 مليار طن من الغذاء سنويًا، وهو ما يمثل ثلث الإنتاج الغذائي العالمي، مما يسبب خسائر اقتصادية ضخمة ويؤثر سلبًا على المناخ والموارد الطبيعية.

من حيث المبدأ فإن فاقد الطعام (Food Loss) هو الفقد الذي يحدث في سلسلة الإمداد الغذائي أثناء مراحل الإنتاج، الحصاد، النقل، البيع بالتجزئة والتخزين بسبب ضعف البنية التحتية، الأخطاء اللوجستية، وسوء الممارسات الزراعية. أما المُهدر من الطعام (Food Waste) هو الطعام الصالح للأكل الذي يتم التخلص منه على مستوى الاستهلاك المنزلي والمطاعم بسبب سوء التخزين، انتهاء الصلاحية، أو العادات الاستهلاكية الخاطئة.
الفرق الأساسي بينهما هو أن فاقد الطعام يحدث في مراحل الإنتاج والتوزيع (غالبًا في البلدان النامية). أما الهدر الغذائي يحدث في مرحلة الاستهلاك (أكثر شيوعًا في الدول المتقدمة).

الأثر البيئي للفاقد والمهدر من الطعام
لو دققنا في الاثار البيئية لفقد وهدر الطعان على المستوى العربي والدولي لوجدنا اهمها إهدار الموارد الطبيعية مثل المياه والتربة والطاقة المستخدمة في إنتاج الطعام، وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري حيث تشير الدراسات إلى أن الطعام المهدر مسؤول عن 8 % من إجمالي انبعاثات الكربون عالميًا أي معا يعادل 4.4 جيجا طن من مكافئ ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، إلى جانب أن فقد وهدر الطعام سبب رئيسي في تدهور الأراضي الزراعية وإزالة الغابات لزيادة الإنتاج لمواكبة الطلب.

الأثر الاقتصادي للفاقد والمهدر من الطعام
في حين نجد أن الآثار الاقتصادية لعملية فقد وهدر الطعام كبيرة جداً فهي تتسبب في خسائر تقدر بـ 940 مليار دولار سنويًا. بالإضافة الى ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي بسبب انخفاض كفاءة الاستهلاك، وضعف الاقتصاديات الزراعية في الدول النامية نتيجة فقدان جزء كبير من الإنتاج قبل وصوله إلى السوق. على سبيل المثال نرى أن الولايات المتحدة، يتم فقدان وهدر 40 % من الغذاء المنتج، مما ينتج عنه أكثر من 170 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا. في حين تشير احصائيات البرنامج الوطني للحد من الفقد والهد بالغذاء بالمملكة العربية السعودية، أن الخسائر الناجمة عن الهدر الغذائي تُقدّر بأكثر من 40 مليار دولار سنويًا.

الأثر الاجتماعي والأمن الغذائي
لا شك بأن هدر الطعام مرتبط بشكل كبير في نمط العيش والعادات الغذائية والاستهلاكية للشعوب والمجتمعات، حيث نجد أن الفاقد يبدأ قبل أن يصل الطعام إلى موائدنا، حين تتساقط الحبوب على التراب ولا تُجمع، وحين يذبل المحصول في الحقول لأن طريق السوق كان أطول من قدرته على الصمود. وتستمر الرحلة حتى تصل إلى المطاعم الفاخرة، حيث الصحون تمتلئ أكثر مما يلزم، لا لأن الجوع أكبر، بل لأن العيون اعتادت أن ترى الكثرة دون أن تفكر في الحاجة. وفي البيوت، حيث تُطهى أطباقٌ تفوق الحاجة، لا حبًا في الإسراف، بل لأننا لم نعد نعرف كيف نقيس الكفاية. ثم تنتهي تلك الأطباق في سلال المهملات، وكأنها لم تكن يومًا تعبًا وعرقًا وأملًا.
من هنا نستطيع أن نرصد عدد من الآثار الاجتماعية لفقد وهدر الطعام أهمها تفاقم مشكلة الجوع وسوء التغذية، حيث يوجد حوالي 800 مليون شخص يعانون من الجوع عالميًا، بينما يتم هدر كميات ضخمة من الطعام، وزيادة الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، مما يؤثر على استقرار أسعار الغذاء عالميًا، وتأثر الفئات الأكثر فقرًا بسبب نقص الكفاءة في توزيع الطعام. على سبيل المثال دولة الإمارات العربية المتحدة وضعت أهدافًا لتقليل هدر الطعام بنسبة 50 % بحلول 2030 من خلال مبادرة “نعمة”. وفي اليابان، تم تقليل الهدر الغذائي بنسبة 20 % بعد إطلاق حملات توعية وتنظيم حملات إعادة التوزيع للمطاعم ومحلات السوبر ماركت.

أسباب الفاقد الغذائي (في مراحل الإنتاج والتوزيع)
لدينا ثلاثة أسباب رئيسية أولها الممارسات الزراعية غير الفعالة وسوء التخزين والنقل. وغياب تقنيات ما بعد الحصاد مثل التبريد والتعبئة المناسبة، وعدم توافق الإنتاج مع متطلبات الأسواق من حيث الجودة والمواصفات.

أسباب الهدر الغذائي (في مرحلة الاستهلاك)
أيضا لدينا ثلاثة أسباب رئيسية أولها العادات الغذائية السيئة، خاصة في الدول التي تعتمد على الولائم والمناسبات الكبرى، وسوء تخطيط الأسر في شراء وتخزين المواد الغذائية، وعدم الوعي الكافي بأهمية تقليل الهدر الغذائي.

إجراءات الحد من الفاقد والمهدر من الطعام
1. تطوير سياسات وتشريعات لمكافحة الهدر
فرض قوانين تلزم المطاعم والسوبر ماركت بالتبرع بالفائض الغذائي بدلاً من التخلص منه، وإصدار تشريعات لدعم المزارعين على تطبيق تقنيات الحد من الفاقد في مراحل الإنتاج والتخزين، وإنشاء بنوك طعام وطنية لتعزيز الاستفادة من الفائض الغذائي. مثال على ذلك في فرنسا، تم فرض قانون يمنع المتاجر من التخلص من الطعام غير المباع، مما ساهم في تقليل الهدر الغذائي بنسبة 30 % خلال خمس سنوات.

2. تبني التكنولوجيا الذكية في إدارة الغذاء
تطوير تطبيقات إلكترونية لربط تجار التجزئة والمطاعم ببنوك الطعام والمؤسسات الخيرية، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل أنماط الاستهلاك والتنبؤ بالفوائض الغذائية لتقليل الهدر، وتحسين سلاسل التبريد والتعبئة الذكية في النقل والتخزين. مثال على ذلك شركة “Too Good To Go” الأوروبية طورت تطبيقًا يربط بين المطاعم والمستهلكين لتوفير الطعام غير المباع بسعر مخفض، مما أنقذ 220 مليون وجبة منذ إطلاقه.

3. رفع الوعي المجتمعي وتعزيز السلوك المسؤول
إطلاق حملات إعلامية لتثقيف المجتمع حول أهمية تقليل الهدر الغذائي، وتشجيع المدارس والجامعات على إدراج مقررات حول الاستدامة الغذائية، وتحفيز الأفراد على تبني عادات غذائية مسؤولة من خلال مبادرات مثل “لا ترمِ طعامك”. مثلا على ذلك في السعودية، أطلقت وزارة البيئة والمياه والزراعة حملة “حافظ عليها” لزيادة الوعي بأهمية تقليل هدر الطعام، ونجحت في تقليل الفاقد بنسبة 15 % خلال عام واحد.

القيمة المضافة من الحد من الفاقد والمهدر من الطعام
1- على المستوى البيئي: تقليل البصمة الكربونية وتحسين استدامة الموارد الطبيعية، وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن تحلل الغذاء في مكبات النفايات.
2- على المستوى الاقتصادي: توفير مليارات الدولارات من الخسائر السنوية في القطاع الزراعي والغذائي، وتقليل الضغط على موارد الإنتاج وتحسين كفاءة الإمداد الغذائي.
3- على المستوى الاجتماعي: تحسين الأمن الغذائي وتوفير الغذاء للفئات الأكثر احتياجًا، وتعزيز ثقافة المسؤولية المجتمعية في التعامل مع الغذاء.

خلاصة القول:
ضرورة تطوير سياسات وتشريعات ملزمة للحد من الفاقد والمهدر من الطعام، واستخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتعزيز إدارة الموارد الغذائية، وتعزيز ثقافة المسؤولية المجتمعية وتقليل الاستهلاك غير الضروري، ودعم المشاريع الابتكارية لإعادة توزيع الطعام الفائض بطريقة مستدامة.

Loading

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

تقييم الأثر البيئي للمشاريع التنموية

شبكة بيئة ابوظبي، المهندس عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، 03 ابريل 2025 تقييم الأثر …