دعونا نجعل كل يوم، يوماً لإعادة التدوير

إعادة التدوير… مسؤولية إنسانية وتنمية مستدامة

شبكة بيئة ابوظبي، المهندس عماد سعد، خبير الاستدامة والتغير المناخي، 18 مارس 2025
يحتفل العالم باليوم الدولي لإعادة التدوير في 18 مارس من كل عام، كدعوة عالمية لإعادة التفكير في أنماط الاستهلاك والإنتاج، وتعزيز الممارسات المستدامة التي تساهم في حماية كوكب الأرض للأجيال القادمة. في هذا اليوم، تتجدد المسؤولية الجماعية نحو بناء مجتمعات أكثر وعيًا ورفقًا بالبيئة من خلال تبني مفهوم “الاقتصاد الدائري”، حيث لا يُنظر إلى المخلفات كنهاية، بل كبداية جديدة لمورد يمكن إعادة استخدامه وتحويله إلى قيمة مضافة.

الأثر الإنساني: كرامة الإنسان تبدأ من بيئة نظيفة
إعادة التدوير ليست مجرد عملية فنية للتعامل مع المخلفات، بل هي ممارسة تعكس احترام الإنسان لذاته ولمحيطه. فبيئة نظيفة وصحية تعزز جودة الحياة وتقلل من الأمراض المرتبطة بالتلوث. حيث تُشير منظمة الصحة العالمية (WHO) إلى أن حوالي 12.6 مليون حالة وفاة سنويًا ترتبط بالتعرض البيئي غير الصحي، مما يبرز أهمية الإدارة السليمة للنفايات وإعادة التدوير في حماية الصحة العامة.

الأثر الاجتماعي: نحو مجتمعات أكثر وعيًا وتعاونًا
تُعد ثقافة إعادة التدوير أداة لتقوية روح المواطنة البيئية والمسؤولية المجتمعية. كما تسهم في دمج المجتمعات الهشة في الاقتصاد الدائري. وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP)، فإن إعادة التدوير توفر فرص عمل مباشرة وغير مباشرة لأكثر من 20 مليون شخص حول العالم، خاصة في البلدان النامية التي تعتمد على القطاعات غير الرسمية في فرز ومعالجة النفايات.

الأثر البيئي: حماية الموارد وتخفيف التلوث
إعادة التدوير تمثل خط الدفاع الأول ضد الاستنزاف المفرط للموارد الطبيعية والانبعاثات الكربونية. لأن إعادة تدوير طن واحد من الورق يوفر: حوالي 17 شجرة، و 26,000 لتر من المياه، و 4,100 كيلو واط/ساعة من الكهرباء، و 2.5 متر مكعب من مساحة مكبات النفايات وذلك بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، يُمكن أن تساهم إعادة التدوير في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة تصل إلى 30% في بعض الصناعات الثقيلة.

الأثر الاقتصادي: موارد مهدرة تتحول إلى فرص واعدة
يمثل قطاع إعادة التدوير قوة اقتصادية صاعدة ضمن مفهوم “الاقتصاد الأخضر”. فقد أشار تقرير البنك الدولي بعنوان “What a Waste 2.0” إلى أن العالم ينتج أكثر من 2.24 مليار طن من النفايات الصلبة سنويًا، ويُتوقع أن تصل إلى 3.88 مليار طن بحلول 2050 إذا استمرت الاتجاهات الحالية. وفي المقابل، فإن تحسين أنظمة إعادة التدوير يمكن أن يقلل من تكاليف إدارة النفايات بنسبة 30-50% ويعزز مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي. فالاتحاد الأوروبي يقدّر أن تحسين كفاءة الموارد وإعادة التدوير قد يرفع الناتج المحلي بنسبة 1% ويوفر أكثر من 2 مليون وظيفة جديدة بحلول 2030.

إرث زايد والنهج الإماراتي في إعادة التدوير
في دولة الإمارات العربية المتحدة، تُجسد مشاريع إعادة التدوير رؤية القيادة الرشيدة المستلهمة من إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في العناية بالبيئة والمحافظة على الموارد. وتشمل المبادرات مشاريع تحويل النفايات إلى طاقة في كافة مدة الدولة، وهي الأولى من نوعها في المنطقة.

أخيراً ونحن نحتفي باليوم العالمي، دعونا نجعل من كل يوم، يوماً لإعادة التدوير، لأن إعادة التدوير هي مسؤولية الجميع، حيث تتجدد الدعوة لكل فرد ومؤسسة بأن يكون جزءًا من التغيير. فكل عبوة نُعيد تدويرها، وكل ورقة نُعيد استخدامها، وكل فكرة نبتكرها للحد من التلوث، هي خطوة نحو عالم أكثر عدلاً وإنسانية واستدامة.