Warning: Undefined array key 1 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php:505) in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 557
البصمة البيئية للذكاء الاصطناعي التوليدي: مستقبل التكنولوجيا أم تهديد مناخ الكوكب؟ - بيئة أبوظبي

البصمة البيئية للذكاء الاصطناعي التوليدي: مستقبل التكنولوجيا أم تهديد مناخ الكوكب؟

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 22 مارس 2025
في عصر التطور التكنولوجي المتسارع، يبرز الذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) كأحد أبرز الابتكارات التي تعيد تشكيل أنماط الحياة الرقمية. لكن مع تزايد الاعتماد على أدوات مثل “شات جي بي تي” (ChatGPT) و”ديب سيك” (DeepSeek)، تطفو على السطح تساؤلات مُلحّة حول تأثيراتها البيئية، خاصة في ظل أزمة المناخ العالمية. ومؤخرا، نُشرت دراسة حديثة في العدد 10، لسنة 2025 من دورية “جورنال أوف إنفوفيشين أند نوليدج” (Journal of Innovation & Knowledge ) سلطت الضوء على العلاقة المعقدة بين استخدام هذه الأدوات وإدراك الأفراد لأهمية التغير المناخي، مستندةً إلى بيانات من جمهورية التشيك. وتتناول الدراسة المنشورة بعنوان (البصمة البيئية للذكاء الاصطناعي التوليدي – تغيير مستقبل التكنولوجيا أم مناخ الكوكب؟) قضية حاسمة تتعلق بالتأثيرات البيئية للذكاء الاصطناعي التوليدي (GenAI) في ظل التطور التكنولوجي السريع.

ويُعد الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتزعمه نموذج “شات جي بي تي”، أحد أبرز الابتكارات التي أعادت تشكيل سلوكيات المستخدمين في النظام الإيكولوجي للوسائط الرقمية. ومع ذلك، فإن هذا التقدم يأتي مصحوبًا بتحديات بيئية كبيرة، حيث يزيد استخدام هذه التقنيات من استهلاك الطاقة، مما يضع الشركات والمجتمعات أمام معضلة في عصر تغير المناخ. وتسعى هذه الدراسة إلى فهم العلاقة بين استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي والتصورات البيئية وسلوكيات المستخدمين، مع التركيز على مواقف السكان تجاه المخاطر البيئية والاستدامة.

الذكاء الاصطناعي والطاقة: ثمن التقدم الخفي
تعتمد نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على بنى تحتية ضخمة من مراكز البيانات التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة. وفقًا للدراسة، يُنتج تدريب نموذج مثل “GPT-3” ما يعادل انبعاثات 123 سيارة تعمل بالبنزين سنويًا. ومع توقع تضاعف استهلاك مراكز البيانات للطاقة بحلول 2030، يصبح السؤال جوهريًا: هل التكلفة البيئية للذكاء الاصطناعي تُبرر فوائده؟

منهجية الدراسة
أُجري المسح في أكتوبر 2024 على عينة تتألف من 1268 من سكان جمهورية التشيك، باستخدام أساليب تحليلية مثل التحليل اللوجستي واختبار كاي-تربيع ومعايير أكايك وبايز للمعلومات. وهدفت الدراسة إلى الإجابة عن ثلاثة أسئلة رئيسية: ما علاقة استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي بتصور تغير المناخ؟ ما مدى استعداد السكان لتغيير سلوكياتهم بسبب التأثير البيئي لمراكز البيانات؟ وما العلاقة بين محو الأمية في مجال الذكاء الاصطناعي والتغيير السلوكي المعلن؟

النتائج الرئيسية:
أظهرت الدراسة أن:
1. تناقص الإدراك بأهمية المناخ:
كلما زاد استخدام الأفراد لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل “شات جي بي تي”، قلّ إدراكهم لإلحاحيه التصدي للتغير المناخي، حيث يرون آثاره بعيدة المدى.

2. التغيير السلوكي ومحو الأمية في الذكاء الاصطناعي: أظهرت الدراسة تغيرات ملحوظة في الجوانب السلوكية والمعرفية للمستخدمين. على سبيل المثال، الأفراد ذوو الثقة العالية في تعلم الذكاء الاصطناعي أظهروا مقاومة أكبر لتغيير مزودي الخدمات غير المستدامين، بينما ارتبط الوعي العالي بالذكاء الاصطناعي بزيادة احتمال نقل البيانات إلى مزودين أكثر استدامة. كما أن الجوانب السلوكية، مثل الاهتمام المستمر بتطوير مهارات الذكاء الاصطناعي، أظهرت تحولات أكبر في اتخاذ القرارات.

3. مقاومة التغيير السلوكي: المستخدمون الأقل استخدامًا لـ”شات جي بي تي” أكثر استعدادًا لتبني منصات صديقة للبيئة، بينما يُظهر المستخدمون المنتظمون ترددًا في تغيير عاداتهم الرقمية (كالتخلي عن شبكات اجتماعية أو منصات بث غير مستدامة).

4. دور الثقافة الرقمية: انخفاض الوعي بالبصمة البيئية للذكاء الاصطناعي يرتبط بضعف “محو الأمية التقنية”في الذكاء الاصطناعي، مما يعيق تبني حلول مستدامة مثل مراكز البيانات الموفرة للطاقة.

5. تصور تغير المناخ: أظهرت النتائج أن الأفراد الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل متكرر يميلون إلى اعتبار آثار تغير المناخ بعيدة زمنيًا. على سبيل المثال، كلما زاد استخدام “شات جي بي تي”، قلّت أهمية تغير المناخ في نظر المستخدمين، مما يشير إلى علاقة عكسية بين التردد في الاستخدام والإحساس بالأهمية البيئية.

6. التأثير البيئي لمراكز البيانات:
كشفت الدراسة أن الأفراد الذين يستخدمون “شات جي بي تي”بشكل أقل تكرارًا أظهروا استعدادًا أقل لتغيير مزودي البريد الإلكتروني أو نقل بياناتهم إلى مراكز بيانات أكثر كفاءة في استخدام الطاقة. كما أن هؤلاء المستخدمين أقل ميلاً للتخلي عن شبكاتهم الاجتماعية أو منصات البث المفضلة التي لا تعتمد على مراكز بيانات مستدامة. في المقابل، فإن الاستخدام المنخفض لـ “شات جي بي تي”ارتبط باستعداد أكبر للتخلي عن منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي غير المستدامة بيئيًا.

التحدي الأخلاقي: بين الابتكار والاستدامة

تكشف الدراسة عن تناقض صارخ: فبينما تُعَد أدوات الذكاء الاصطناعي ركيزة للابتكار في مجالات مثل الصحة والتمويل، فإن اعتمادها على الوقود الأحفوري يهدد الجهود العالمية لخفض الانبعاثات. كما أن غياب الشفافية حول استهلاك الطاقة من قبل الشركات المطورة يُصعّب تقييم الآثار البيئية بدقة.

توصيات الدراسة: نحو ذكاء اصطناعي “أخضر”
1. دمج البعد البيئي في محو الأمية الرقمية: يجب أن تشمل برامج التوعية بالذكاء الاصطناعي معلومات عن تأثيره البيئي، لتعزيز خيارات المستخدمين نحو منصات مستدامة.
2. تشجيع الابتكارات الموفرة للطاقة: مثل نموذج “DeepSeek” الذي يُقلل الاستهلاك عبر تحسين الكفاءة، ما يقدم حلولاً تقنية متوازنة.
3. تعزيز التشريعات الداعمة: حث الحكومات على وضع معايير لاستهلاك الطاقة في مراكز البيانات، ودعم التحول إلى مصادر متجددة.

تأثير “ديب سيك”البيئي
يُعدّ الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل نموذج “ديب سيك” الذي طُور في الصين عام 2023، من الابتكارات التي أثارت اهتمامًا كبيرًا بفضل كفاءته العالية وتكلفته المنخفضة مقارنة بنماذج مثل “شات جي بي تي”. لكن السؤال المهم هو: ما هو تأثير “ديب سيك” البيئي؟ يمكننا استعراض هذا التأثير من خلال عدة جوانب بناءً على المعلومات المتاحة حتى الآن.

استهلاك الطاقة
تُعتبر “ديب سيك” نقطة تحول محتملة في مجال الاستدامة البيئية للذكاء الاصطناعي بسبب كفاءتها في استخدام الموارد. على عكس نماذج مثل (GPT-3) التي تستهلك كميات هائلة من الطاقة (حوالي 1287 ميغاواط ساعة لتدريب النموذج، وفقًا لتقديرات عامة)، تدّعي “ديب سيك” أنها طورت نموذجها (DeepSeek-V3) باستخدام ما يقارب 2000 شريحة حوسبة فقط، مقارنة بـ 16000 شريحة أو أكثر لنماذج منافسة. هذا الانخفاض في عدد الشرائح يُترجم إلى تقليل كبير في استهلاك الطاقة أثناء التدريب. على سبيل المثال، تُشير التقارير إلى أن تدريب (DeepSeek-V3) كلف حوالي 5.6 مليون دولار من قوة الحوسبة، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بتكاليف نماذج أمريكية مثل تلك التي تطورها “ميتا” (Meta)أو “ميكروسوفت” (Microsoft)، والتي قد تصل إلى مليارات الدولارات.

انبعاثات الكربون
بفضل كفاءتها، يُمكن أن تُقلل “ديب سيك” من البصمة الكربونية مقارنة بالنماذج التقليدية. نموذج (GPT-3)، على سبيل المثال، أنتج حوالي 552 طنًا من ثاني أكسيد الكربون أثناء تدريبه، بينما تشير التقديرات إلى أن “ديب سيك” قد تستهلك ما بين 50-75% طاقة أقل من النماذج الأمريكية المماثلة. ومع ذلك، يعتمد التأثير الكلي على مصادر الطاقة المستخدمة. “ديب سيك” تعتمد على منصة (Alibaba Cloud)، وهي مزود سحابي صيني يعمل في بيئة تعتمد بشكل كبير على الفحم (حوالي 60% من شبكة الكهرباء الصينية تعتمد على الفحم). هذا يعني أنه حتى مع كفاءة أعلى، قد لا تكون الانبعاثات منخفضة كما يُفترض إذا لم تُستخدم مصادر طاقة متجددة.

استخدام المياه
تشكل أنظمة التبريد في مراكز البيانات مصدر قلق بيئي آخر بسبب استهلاك المياه. نماذج مثل “شات جي بي تي”، التي تُشغل على منصة Azure من Microsoft، استُهلكت فيها مليارات اللترات من المياه لتبريد مراكز البيانات. بالنسبة لـ “ديب سيك”، لا توجد بيانات دقيقة عن استهلاك المياه، لكن إذا كانت Alibaba Cloud تستخدم تقنيات تبريد متقدمة مثل التبريد بالغمر (Immersion Cooling)، فقد تكون “ديب سيك” أقل تأثيرًا في هذا الجانب. ومع ذلك، يظل هذا التأثير غير مؤكد بسبب نقص الشفافية.

النفايات الإلكترونية
تقليل عدد الشرائح المستخدمة في تدريب “ديب سيك” قد يُسهم في تقليل النفايات الإلكترونية مقارنة بالنماذج التي تتطلب أجهزة أكثر تعقيدًا وسرعة في التقادم. على سبيل المثال، الاعتماد على شرائح (Nvidia H800) الأقل قوة (بسبب قيود التصدير الأمريكية) دفع “ديب سيك” لتحسين كفاءة البرمجيات بدلاً من الاعتماد على أجهزة متطورة، مما قد يُطيل عمر المعدات المستخدمة.

مفارقة جيفونز (Jevons Paradox)
رغم كفاءتها، هناك تحذيرات من أن نجاح “ديب سيك” قد يؤدي إلى زيادة الطلب على الذكاء الاصطناعي، مما يرفع استهلاك الطاقة الكلي. هذه الظاهرة، المعروفة بمفارقة جيفونز، تشير إلى أن التحسينات في الكفاءة قد تُشجع على استخدام أوسع، مما يُقلل من الفوائد البيئية المحتملة. على سبيل المثال، إذا أصبحت “ديب سيك” متاحة على نطاق واسع كونها مفتوحة المصدر، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة استخدامها في تطبيقات يومية، مما يتطلب المزيد من مراكز البيانات على المدى الطويل.

التحديات البيئية للذكاء الاصطناعي التوليدي
يسلط البحث الضوء على الاستهلاك الهائل للطاقة المرتبط بتدريب وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي. على سبيل المثال، يستهلك نموذج (GPT-3) حوالي 1287 ميغاواط ساعة من الكهرباء، مما ينتج عنه 552 طنًا من ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل انبعاثات 123 سيارة تعمل بالبنزين سنويًا. كما أن مراكز البيانات، التي تشكل حوالي 45% من انبعاثات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات العالمية، تتطلب توسعًا مستمرًا لتلبية الطلب المتزايد على الحوسبة، مما يزيد من الضغط على الموارد غير المتجددة.

نموذج “ديب سيك” نقطة تحول
تتناول الدراسة أيضًا إطلاق نموذج “ديب سيك” في عام 2023، والذي يتميز بكفاءة أعلى في استهلاك الطاقة مقارنة بنماذج أخرى مثل “شات جي بي تي”. ورغم أن هذا التطور يُعد خطوة نحو الاستدامة، إلا أن الخبراء يحذرون من أن الانتشار الواسع لهذه النماذج قد يؤدي إلى زيادة الاستهلاك الكلي للطاقة بسبب دمجها في الحياة اليومية، مما يقلل من الفوائد البيئية المحتملة.

دور محو الأمية في الذكاء الاصطناعي
تقترح الدراسة أن دمج الوعي البيئي في برامج محو الأمية في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن أن يعزز استعداد السكان لاستخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي الأكثر كفاءة في استهلاك الطاقة. مع تزايد الطلب على الذكاء الاصطناعي، يصبح المستخدمون لاعبين رئيسيين في التأثير على استدامة تطوير هذه التقنيات. ومع ذلك، فإن الافتقار إلى الشفافية حول استهلاك الموارد يشكل عائقًا أمام اتخاذ قرارات مستنيرة.

توازن دقيق لمستقبل مستدام
تؤكد الدراسة أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل ثورة تكنولوجية ذات تأثيرات بيئية معقدة. في حين أنه يوفر حلولاً مبتكرة، فإن استهلاكه المتزايد للطاقة يشكل تحديًا كبيرًا للاستدامة. وتدعو الدراسة إلى تعزيز محو الأمية في مجال الذكاء الاصطناعي بمكونات بيئية لتشجيع السلوكيات المستدامة بين المستخدمين، مع ضرورة وضع سياسات تنظيمية صارمة وتطوير تقنيات أكثر كفاءة. في النهاية، يتوقف مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي على التوازن بين الابتكار التكنولوجي والمسؤولية البيئية، مما يتطلب تعاونًا عالميًا لضمان استدامة الكوكب.

وتُقدم “ديب سيك” خطوة واعدة نحو الاستدامة في مجال الذكاء الاصطناعي بفضل كفاءتها في استهلاك الطاقة وتقليل الموارد المطلوبة مقارنة بالنماذج الغربية. ومع ذلك، فإن تأثيرها البيئي الفعلي يعتمد على عوامل مثل مصادر الطاقة في الصين، وتقنيات التبريد المستخدمة، ومدى انتشارها المستقبلي. في حين أنها قد تُقلل من البصمة الكربونية لكل عملية حوسبة، فإن غياب الشفافية الكاملة حول استهلاك الموارد يجعل من الصعب تقييمها بدقة. بالتالي، يُمكن اعتبار “ديب سيك” نموذجًا يُحتمل أن يكون أكثر استدامة، لكن تحقيق فوائدها البيئية يتطلب دمجها مع مصادر طاقة متجددة وسياسات تشغيل مستدامة.

وتُذكّرنا الدراسة بأن التكنولوجيا ليست محايدة؛ فآثارها تعتمد على كيفية تصميمها واستخدامها. وفي العالم العربي، حيث تشهد البنية التحتية الرقمية نموًا سريعًا، من الضروري تبني استراتيجيات ذكية تجمع بين الابتكار التكنولوجي والحفاظ على الموارد، مع تعزيز الوعي الجماعي بالتحديات البيئية الخفية. فقط عبر موازنة دقيقة بين التقدم والاستدامة، يمكن تحويل الذكاء الاصطناعي من تهديد محتمل إلى حليف في معركة الحفاظ على الكوكب.

للاطلاع على النتائج التفصيلية والمنهجية الكاملة، يُرجى مراجعة البحث الأصلي عبر الرابط:
https://doi.org/10.1016/j.jik.2025.100691.

Loading

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

نقلة نوعية مصرية في الرصد البيئي والزراعة الذكية: جين جديد يضيء طريق اكتشاف النيتروجين الحيوي

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 04 يوليو 2025 لطالما …