شبكة بيئة ابوظبي، د. علي عفيفي علي غازي، الشارقة، 5 ابريل 2025
لا تزال النخلة، تلك الشجرة المباركة، سيدة الشجر، تحظى باهتمام الباحثين في التراث العربي، ولا تتوقف ابداعاتهم التي تتناول دورها التاريخي في حياة أهل شبه الجزيرة العربية عامة، ودولة الإمارات العربية المتحدة خاصة. وفي هذا الإطار صدر عن معهد الشارقة للتراث، كتاب “النخلة في الأمثال الشعبية.. منتخب من كتاب رحلة بين سطور الأمثال”، للباحث الإماراتي عتيج القبيسي، الباحث بمعهد الشارقة للتراث، وهو كتيب يقع في 40 صفحة من الحجم الصغير، استهل بتقديم للدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث، ذكر فيها أنه “بحفظ أدبنا الشعبي وتقاليدنا ومعارفنا الشعبية، وتوثيقها، فإننا نصون التراث، وبذلك تترسخ مبادئ الهوية الوطنية، وتتنامى في الروح والوجدان، فنحفظ الهوية، وهذا هو شعار معهد الشارقة للتراث (نصون التراث.. نحفظ الهوية).
ويذكر المؤلف في مقدمته أن النخلة ارتبطت بحياة الأولين، فكانت مصدر عيشهم، فهي الغذاء والسكن والأثاث، واستخدموا منتجاتها في تشييد البيوت، وصناعة الحصر، والسلال، والسفرة، وأداة الكنس، والحبال، ودعامات الأسقف، ولأنها تمثل لهم المال، فكانوا يسمون صاحب النخيل (راعي مال)، ولأهمية النخلة فقد وردت في عدد من الأمثال، منها:
التمر قناد الدلة: أي إن القوة لا تستساغ من دون التمر، والتمر لا يُبلع من دون القهوة، فهما شيئين متلازمين، رغم اختلاف طعمهما، فالأول مرة، والثاني حلو، إلا أن وجودهما جنب بعضهما البعض ضرورة في كل مجلس؛ ويضرب مثلا للشيئين المتلازمين اللذين لا غني لأحدهما عن الآخر.
حشفة على حشفة ما تلصق: والحشفة هي ثمرة الرطب الفاسدة، التي يبست في عذقها، ولهذا فإنها من المستحيل أن تلتصق بأختها، ويضرب مثلا على الشيئين المتنافرين، اللذين يختلفان تمام الاختلاف عن بعضهما البعض، ومن ثم من المستحيل أن يجتمعان معًا.
حتى في الخلاص حشفة: والخلاص هو أجود أنواع التمور، إلا أنه رغم ذلك به ثمار يابسة، ويضرب مثلا لمن لا يوفون بوعودهم، ويعدون ويترددون رغم كلامهم الحسن.
خلالة في منخل: والخلالة هي ثمرة الرطب الخضراء التي لم تنضج، وتصبح بسرة، وهي في المنخل تدور وتلف ولا تسقط من فتحاته، ولا تثبت في مكان واحد، ويضرب مثلا لمن يقول كلامًا بلا فعل.
اللي تقصه الخوصة ما يبا سجين: أي إن ما تستطيع قطعه بالخوصة، وهي الورقة التي في سعفة النخلة، لا يحتاج إلى سكين، لأنه لا يستحق لأن به ليونة تقدر الخوصة أن تقصه، ويضرب مثلا لمن يحب الخير عن كرم وجود، ولكنه قد يتعرض أحيانًا لظروف تحول دون جوده وكرمه، فيظن من لا يعرفه أنه بخيل، ويبغضه؛ بعكس من يعرفه حق المعرفة.
شايف العذج في أمه: أي إن العزق الذي يحمل التمر لا يزال في النخلة لم يقطعه أحدًا، ويضرب مثلا لمن تربى في بيت عز، وعرف الخير والجود والكرم، فإذا ما تعرض لنائبة تفرق الجمع من حوله وتكلموا ضده واتهموه بالبخل.
رخص الفرض وديّنوه: أي رخص سعر الفرض، وهو من أجود أنواع التمور، لأنه يتحمل التخزين، وتبقى قشرته ثابتة، ولا تلتصق بالتراب، ويضرب مثلا في الشخص العزيز المقرب الذي ينفع الناس، فلما قل ماله تفرق عنه أصحاب المصالح.
الطويلة ما تنرقي والقصيرة فيها شوج: يضرب مثلا للشخص الكسول الذي يطلب منه أن يجمع التمر من النخيل، فيتعذر بأن النخلة الطويلة (العوّانة) مرتفعة وعالية، وأن القصيرة فيها شوك.