Warning: Undefined array key 1 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php:505) in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 557
كارثة مُحدقة تغير المناخ يهدد الاقتصاد العالمي - بيئة أبوظبي

كارثة مُحدقة تغير المناخ يهدد الاقتصاد العالمي

دراسة تدق ناقوس الخطر: تغير المناخ قد يمحو 40% من الاقتصاد العالمي

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 05 ابريل 2025

في السنوات الأخيرة، أصبحت تداعيات تغير المناخ واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا على الساحة العالمية. ومع ذلك، فإن الأبحاث الحديثة تشير إلى أننا قد استهنّا بشكل كبير بالضرر الاقتصادي الذي يمكن أن يسببه هذا التحدي البيئي غير المسبوق. وفقًا لدراسة جديدة أجراها فريق بحثي دولي، فإن الكوارث المناخية المتداخلة قد تؤدي إلى خسارة فادحة قد تصل إلى 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول نهاية القرن إذا استمر الاحترار العالمي في الارتفاع بمعدلات متسارعة نتيجة للتداعيات المتداخلة والكارثية للتغيرات المناخية. هذه النتائج الصادمة تستدعي وقفة جادة ومراجعة شاملة لتقديراتنا السابقة وتأكيداً على الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات جذرية لمواجهة هذا التهديد الوجودي.

قصور النماذج الاقتصادية التقليدية
حتى الآن، كانت التوقعات الاقتصادية المرتبطة بتغير المناخ تعتمد على نماذج تقليدية تفترض أن اقتصاد دولة معينة يتأثر فقط بالظروف الجوية داخل حدودها الوطنية. ومن ثم، يتم تجاهل التأثيرات عبر الحدود، مثل كيف يمكن لفيضان في دولة ما أن يؤثر على سلاسل الإمداد الغذائية في دول أخرى. هذه الفرضية المبسطة أدت إلى تقليل حجم الخسائر المحتملة بشكل كبير.

على سبيل المثال، عندما تضرب موجة جفاف قارة أمريكا الجنوبية، يمكن لتلك الدول الاعتماد على واردات المنتجات الزراعية من المناطق الأخرى لتعويض النقص. لكن مع تزايد وتيرة الكوارث المناخية المتزامنة عبر العالم، ستواجه الشبكات التجارية والاقتصادية العالمية صعوبة متزايدة في التعامل مع هذه الصدمات.

ولقد اعتادت النماذج الاقتصادية السابقة على التقليل من شأن الأضرار الاقتصادية الناجمة عن تغير المناخ، حيث كانت تشير في الغالب إلى تأثيرات طفيفة أو معتدلة على الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وقد ساهم هذا التصور الخاطئ، جزئياً، في التراخي والبطء في الجهود الوطنية والدولية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة. يكمن الخلل الأساسي في هذه النماذج في افتراضها الضيق بأن الاقتصاد الوطني يتأثر فقط بالظواهر الجوية داخل حدوده الجغرافية، متجاهلة التداعيات العابرة للحدود وتأثير الكوارث المناخية في منطقة ما على سلاسل الإمداد العالمية والاقتصادات الأخرى.

في المقابل، تظهر الدراسة الجديدة التي شارك فيها علماء من جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية والمنشورة بمجلة “إنفيرونمينتال ريسيرش ليترز” (Environmental Research Letters) عن واقع مرعب: بحلول نهاية القرن، قد يفقد الفرد العادي 40% من دخله بسبب تداعيات الاحتباس الحراري، حتى لو التزمت الدول بأهداف خفض الانبعاثات الحالية!

ويسعي الباحثون إلى تصحيح هذا القصور المنهجي من خلال تضمين التداعيات العالمية للظواهر الجوية المتطرفة في نماذجها. فالنتيجة كانت مروعة: الأضرار المتوقعة للناتج المحلي الإجمالي العالمي تفوق بكثير التوقعات السابقة، لتمس حياة الناس في كل دولة على وجه الأرض. والرقم السابق ليس مجرد تحذير بيئي، بل صفعة لقادة الاقتصاد الذين ظنوا أن تغير المناخ “تحدٍ ثانوي”. فكيف وصلت النماذج الاقتصادية إلى هذا التقصير الفادح؟ وما الحلول التي يمكن أن تنقذ البشرية من انهيارٍ يُضاهي حروبًا عالمية؟

إن الاحترار العالمي يفتك بالاقتصادات بطرق متعددة ومتشابكة. الضرر المباشر الناتج عن الظواهر الجوية المتطرفة مثل الجفاف الذي يدمر المحاصيل، والعواصف والفيضانات التي تخلف دماراً واسع النطاق وتعطل سلاسل الإمداد، ليس سوى جزء من الصورة. أظهرت الأبحاث الحديثة أيضاً كيف تساهم موجات الحر الشديدة، التي تتفاقم بفعل تغير المناخ، في تضخم أسعار المواد الغذائية. بالإضافة إلى ذلك، يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى انخفاض إنتاجية العمال، ويؤثر سلباً على صحة الإنسان، ويزيد من انتشار الأمراض، وقد يكون سبباً في الهجرة الجماعية والنزاعات.

في الماضي، كانت الصدمات الجوية غالباً ما تقتصر على نطاق محلي أو إقليمي، وكانت الظروف المناخية المعتدلة في مناطق أخرى من العالم تعمل كنوع من التوازن. على سبيل المثال، إذا عانت أمريكا الجنوبية من الجفاف، كانت مناطق أخرى تتمتع بأمطار غزيرة، مما يتيح لأمريكا الجنوبية استيراد المنتجات الزراعية وتعويض النقص المحلي ومنع ارتفاع الأسعار بشكل حاد.

لكن مستقبلنا المناخي ينذر بزيادة مخاطر وقوع صدمات جوية متزامنة في مختلف البلدان وبشكل أكثر استدامة على مر الزمن. وهذا سيؤدي إلى تعطيل الشبكات العالمية لإنتاج وتوصيل السلع، وتقويض التجارة الدولية، والحد من قدرة الدول على مساعدة بعضها البعض في أوقات الأزمات. وبما أن التجارة الدولية تمثل حجر الزاوية في الإنتاج الاقتصادي العالمي، فقد ركزت الدراسة الجديدة على تحليل كيف ستتأثر آفاق النمو الاقتصادي لأي بلد بالظروف الجوية في جميع أنحاء العالم.

المنهجية الجديدة: نتائج واضحة ومقلقة
في الدراسة الجديدة، أخذ العلماء بعين الاعتبار التأثير العالمي الكامل للتغير المناخي. وقاموا بتصحيح ثلاثة نماذج رائدة لتشمل كيفية تأثر اقتصادات الدول بظروف الطقس في جميع أنحاء العالم. النتائج كانت مذهلة: إذا تجاوز الاحترار العالمي 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن، فإن الضرر الاقتصادي المتوقع سيرتفع من متوسط 11% (وفقًا للنماذج التقليدية) إلى 40% (وفقًا للنماذج المحدثة). هذه النسبة تعني خسائر اقتصادية هائلة ستؤثر على حياة البشر في كل بلد على وجه الأرض.

أي عام يشهد ارتفاعاً في درجة الحرارة على مستوى الكوكب يؤدي حتماً إلى تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. وقد قام الباحثون بتعديل ثلاثة نماذج اقتصادية رائدة لكي تأخذ في الحسبان تأثير الطقس العالمي على الاقتصادات الوطنية، ثم قاموا بحساب متوسط نتائج هذه النماذج. ركز التحليل على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي الناتج الاقتصادي العالمي مقسوماً على عدد السكان.

وقد توصلت الدراسة إلى أنه إذا تجاوز الاحترار العالمي 3 درجات مئوية بحلول نهاية القرن الحالي، فإن الضرر المقدر للاقتصاد العالمي سيقفز من متوسط 11% (وفقاً لافتراضات النماذج السابقة) إلى 40% (وفقاً لافتراضات النموذج الجديد). هذا المستوى من الضرر قد يدمر سبل العيش في أجزاء كبيرة من العالم.

على عكس النماذج السابقة التي كانت تزعم أن الاقتصادات في المناطق الباردة مثل روسيا وشمال أوروبا قد تستفيد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وجدت الدراسة الجديدة أن التأثير على الاقتصاد العالمي سيكون هائلاً لدرجة أن جميع البلدان ستتأثر سلباً وبشكل كبير.

إن معادلة مواجهة تغير المناخ تتضمن موازنة التكاليف الاقتصادية قصيرة الأجل لخفض الانبعاثات مع الفوائد طويلة الأجل لتجنب التغيرات المناخية الخطيرة. وقد أشارت نماذج اقتصادية حديثة إلى أن هذا التوازن يمكن تحقيقه من خلال خفض الانبعاثات بمعدل يسمح بارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 2.7 درجة مئوية. هذا المسار يقترب من مسار الاحترار الحالي للأرض، لكنه لا يزال أعلى بكثير من أهداف اتفاق باريس وحدود الاحترار العالمي التي أوصى بها علماء المناخ. والأهم من ذلك، أنه يستند إلى الافتراضات المعيبة التي تم تناولها سابقاً.

بناءً على نتائج الدراسة الجديدة، فإن المستوى الأمثل للاحترار العالمي الذي يحقق التوازن بين التكاليف قصيرة الأجل والفوائد طويلة الأجل هو 1.7 درجة مئوية، وهو رقم يتوافق إلى حد كبير مع الهدف الأكثر طموحاً لاتفاق باريس.

إن هذه الدراسة الجديدة تقدم دليلاً دامغاً على أن التوقعات السابقة لتأثير الاحترار العالمي على الاقتصاد العالمي كانت متفائلة بشكل مفرط. وهي تنضم إلى سلسلة من الأدلة الحديثة التي تشير إلى أننا قللنا بشكل كبير من شأن التداعيات الاقتصادية لتغير المناخ.
ومن الواضح أن مسار الانبعاثات الحالي للأرض يهدد مستقبلنا ومستقبل أطفالنا. وكلما أدركت البشرية مبكراً حجم الكوارث التي تنتظرنا في ظل تغير المناخ الحاد، كلما أسرعنا في تغيير مسارنا لتجنبها. إن الوقت ليس في صالحنا، والتقاعس لم يعد خياراً مطروحاً. يجب على الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني العمل يداً بيد لتسريع وتيرة التحول نحو اقتصادات مستدامة وخفض الانبعاثات بشكل جذري قبل فوات الأوان.

التداعيات الاقتصادية لتغير المناخ
الأضرار الاقتصادية الناجمة عن تغير المناخ ليست مجرد نتيجة مباشرة للظواهر الجوية المتطرفة مثل الفيضانات والعواصف والجفاف. هناك تأثيرات غير مباشرة أيضًا، مثل:

• انخفاض إنتاجية العمال: الحرارة المرتفعة تقلل من كفاءة العمل وتزيد من معدلات الغياب بسبب الأمراض.

• زيادة أسعار المواد الغذائية: موجات الحر والجفاف تؤدي إلى انخفاض الإنتاج الزراعي، مما يرفع أسعار الغذاء ويؤدي إلى تضخم.

• الهجرة الجماعية: تغير المناخ يؤدي إلى تهجير الملايين من المناطق المتضررة، مما يزيد الضغط على المدن والدول المجاورة.

• الصراعات السياسية: شُح الموارد الأساسية مثل المياه والأراضي الزراعية قد يؤدي إلى تصاعد النزاعات المسلحة.

المناطق الباردة ليست في مأمن
قد يعتقد البعض أن المناطق الباردة، مثل روسيا وشمال أوروبا، ستستفيد من ارتفاع درجات الحرارة من خلال زيادة الإنتاجية الزراعية أو تقليل تكاليف التدفئة. ومع ذلك، أظهرت دراستنا أن الضرر العام الناتج عن تغير المناخ سيكون شديدًا لدرجة أن جميع الدول، بغض النظر عن موقعها الجغرافي، ستتأثر سلبًا.

التوازن بين التكاليف والفوائد
خفض الانبعاثات الحرارية ليس خيارًا مجانيًا؛ فهو يتطلب استثمارات ضخمة في الطاقة النظيفة والتكنولوجيا المستدامة. ومع ذلك، فإن التكلفة الاقتصادية قصيرة الأجل يجب أن تُقارن بالفوائد طويلة الأجل التي تحققها البشرية من تجنب الكوارث المناخية.

النماذج الاقتصادية التقليدية تشير إلى أن الاحترار العالمي بمقدار 2.7 درجة مئوية هو المستوى الأمثل لتحقيق التوازن بين التكاليف والفوائد. ولكن بناءً على نتائج دراستنا الجديدة، فإن المستوى الأمثل لتجنب الكارثة المناخية هو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.7 درجة مئوية فقط – وهو رقم يتماشى مع أهداف اتفاقية باريس الأكثر طموحًا.

ضرورة التحرك الفوري
تغير المناخ ليس مجرد قضية بيئية؛ إنه تهديد وجودي للاقتصاد العالمي ولحياة مليارات البشر. الدراسات العلمية الحديثة تؤكد أن الوقت قد حان للتخلص من التفكير القصير الأمد والبدء في تنفيذ سياسات جريئة لخفض الانبعاثات وحماية كوكبنا للأجيال القادمة. وتسلط الدراسة الأخيرة الضوء على خطورة المسار الحالي لانبعاثات الغازات الدفيئة، وتظهر النتائج إنه إذا استمرت البشرية في تجاهل هذه التحذيرات، فإننا نعرض مستقبلنا ومستقبل أجيالنا القادمة للخطر. ولذلك فمن الضروري أن ندرك حجم الكارثة التي تنتظرنا في ظل تغير مناخ غير متحكم فيه، وأن نسارع في اتخاذ إجراءات جذرية لتعديل مسارنا.

إذا لم نتحرك الآن، فإن الثمن الذي سندفعه سيكون باهظًا للغاية – ربما أكثر مما يمكننا تحمله.

المصادر:
https://climateactiontracker.org/publications/the-climate-crisis-worsens-the-warming-outlook-stagnates/
https://iopscience.iop.org/article/10.1088/1748-9326/adbd58
https://www.nature.com/articles/nature15725
https://www.nature.com/articles/s43247-023-01173-x
https://www.sciencealert.com/climate-change-could-wipe-40-off-global-economy-study-predicts
https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0140988321004898

الكاتب: د. طارق قابيل
– أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي.
– أستاذ جامعي متفرغ، وعضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية – كلية العلوم – جامعة القاهرة.
– الباحث الرئيسي لمشروع خارطة طريق “مستقبل التواصل العلمي في مصر ودوره في الاعلام العلمي”، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مصر.
– مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.

https://orcid.org/0000-0002-2213-8911
http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel
tkapiel@sci.cu.edu.eg

Loading

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

غرفة تجارة دبي تنظم ندوة حول أهمية إعداد تقارير الاستدامة في تعزيز تنافسية الشركات

بمشاركة 147 ممثلاً عن شركات القطاع الخاص شبكة بيئة ابوظبي، دبي، الإمارات العربية المتحدة، 29 …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *