Warning: Undefined array key 1 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php:505) in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 557
في رحاب العلم والعمل من أجل الاستدامة - بيئة أبوظبي

في رحاب العلم والعمل من أجل الاستدامة

علم البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية: نحو اقتصاد دائري حيوي ومستقبل مستدام

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 17 ابريل 2025

في ظل التحديات البيئية المتفاقمة التي نواجهها اليوم، من تغيّر مناخي، وتدهور في الموارد الطبيعية وتراكم هائل للنفايات، لم يعد بإمكان العالم الاستمرار في الاعتماد على النموذج الاقتصادي الخطي التقليدي، القائم على الاستهلاك المفرط والاعتماد المفرط على الموارد الأحفورية. هنا يبرز مفهوم الاقتصاد الدائري الحيوي كبديل مبتكر يجمع بين الاقتصاد المستدام والاعتماد على الموارد البيولوجية المتجددة.

بدعوة كريمة من كلية العلوم بجامعة قناة السويس، تشرفت بالمشاركة في المؤتمر السنوي للدراسات العليا تحت عنوان: “البحث العلمي ودوره في تحقيق التنمية المستدامة”، والذي أقيم تحت رعاية كريمة من: الأستاذ الدكتور ناصر سعيد مندور – رئيس جامعة قناة السويس، الأستاذ الدكتور محمد سعد زغلول – نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث، الأستاذة الدكتورة مها فريد سليمان – عميد الكلية، وبإشراف علمي مميز من الأستاذة الدكتورة شيرين محمد البنا – وكيل الكلية للدراسات العليا في الخامس عشر من أبريل 2025، وكواحدة من الفعاليات الرئيسية في المؤتمر، شاركت بمحاضرة مطولة قدمت عرضًا شاملاً ومستنيرًا حول “البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية في الاقتصاد الحيوي الدائري: إغلاق الحلقة من أجل مستقبل مستدام”.

جاء المؤتمر ليجمع كوكبة من العلماء والخبراء والباحثين وطلاب الدراسات العليا من مصر والدول العربية، في تظاهرة علمية تثري المشهد الأكاديمي، وتفتح آفاق الحوار حول دور البحث العلمي في خدمة التنمية المستدامة. وتضمن المؤتمر مجموعة متنوعة من المحاضرات وورش العمل التي تناولت موضوعات هامة في مجالات العلوم والتكنولوجيا، ومنها: محاضرة الأستاذ الدكتور رفعت جبر رئيس قسم التقنية الحيوية في كلية العلوم جامعة القاهرة عن نقل وتوطين التكنولوجيا الحيوية، وإعادة انتاجها في مصر، والتي تكمل حلقة الحديث عن دور التكنولوجيا الحيوية في تعزيز الاستدامة، ومحاضرة عن النشر العلمي، حيث قدمت نصائح قيمة لطلاب الدراسات العليا حول كيفية كتابة الأبحاث العلمية بشكل فعال وتجنب الأخطاء الشائعة التي قد تؤدي إلى رفض الأبحاث من قبل المجلات العلمية المرموقة.

محاضرة تضيء آفاق البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية

قدمت خلال فعاليات المؤتمر محاضرة بعنوان: “البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية في الاقتصاد الحيوي الدائري: إغلاق الحلقة من أجل مستقبل مستدام”، وقد تناولت فيها أحدث ما توصلت إليه العلوم البيولوجية والتقنيات الحيوية في بناء نظم اقتصادية صديقة للبيئة، تعيد استخدام الموارد، وتقلل النفايات، وتواجه التحديات البيئية من خلال أدوات علمية دقيقة. وبحسب الحضور، شكلت إضافة قيمة ومحورية للمؤتمر. وتأتي هذه الأهمية من كون المحاضرة تناولت موضوعًا بالغ الحيوية في ظل التحديات البيئية والاقتصادية الراهنة، وقدمت رؤية متكاملة حول دور التقنيات الحيوية الحديثة في تحقيق التنمية المستدامة.

استعرضت المحاضرة المفاهيم الأساسية للاقتصاد الحيوي الدائري، وتضمنت مناقشات مستفيضة حول تطبيقات التكنولوجيا الحيوية في تحويل المخلفات الزراعية إلى منتجات ذات قيمة، وتطوير محاصيل معدلة وراثيًا ومحاصيل محررة جينوميًا ذات إنتاجية أعلى ومقاومة للأمراض والآفات، بالإضافة إلى إمكانات البيولوجيا التركيبية في تصميم أنظمة بيولوجية جديدة لإنتاج الوقود الحيوي والمواد الكيميائية المستدامة. وأثارت المحاضرة اهتمامًا كبيرًا وتفاعلا من الحضور، وساهمت في تعزيز الوعي بأهمية هذه التقنيات الحديثة في مواجهة التحديات العالمية وتحقيق التنمية المستدامة.

تميزت المحاضرة بشموليتها وعمقها العلمي، حيث استعرضت المفاهيم الأساسية للاقتصاد الحيوي الدائري، وقدمت مقارنة واضحة بينه وبين الاقتصاد الخطي التقليدي، مما ساعد في ترسيخ فهم الطلاب لأهمية التحول نحو نماذج اقتصادية أكثر استدامة. كما سلطت المحاضرة الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية في تحقيق أهداف الاقتصاد الحيوي الدائري، وذلك من خلال تطوير نظم زراعية مستدامة، حيث عرضت المحاضرة كيف يمكن استخدام التكنولوجيا الحيوية لإنتاج محاصيل ذات إنتاجية أعلى واحتياجات أقل للأسمدة والمبيدات، بالإضافة إلى استخدامها في مراقبة صحة التربة والمحاصيل.

كما تطرقت المحاضرة إلى تحويل المخلفات الزراعية، وأوضحت كيف يمكن تحويل المخلفات الزراعية إلى منتجات ذات قيمة مثل الأسمدة والعلف، مما يقلل من النفايات ويعزز كفاءة استخدام الموارد. وامتدت المحاضرة إلى التعريف بتطبيقات البيولوجيا التركيبية، حيث استعرضت كيف يمكن استخدام البيولوجيا التركيبية لتصميم كائنات حية دقيقة قادرة على إنتاج الوقود الحيوي، وتنظيف التلوث البيئي، وتصنيع المواد الكيميائية المستدامة. وناقشت المحاضرة أيضا ثورة تقنية التحرير الجينومي، وبصفة خاصة تقنية (كريسبر/كاس9) وتطبيقاتها الواعدة في تحسين المحاصيل وزيادة مقاومتها للأمراض والآفات.

علاوة على ذلك، لم تقتصر المحاضرة على الجانب النظري، بل تطرقت أيضًا إلى التحديات والفرص المرتبطة بتطبيق هذه التقنيات، مثل التكاليف العالية، والاعتبارات الأخلاقية والسلامة، والحاجة إلى تطوير البنية التحتية والكوادر البشرية المؤهلة. وانتهت المحاضرة بالتوصيات، وبالتأكيد على ضرورة التحول نحو نماذج اقتصادية أكثر استدامة وفعالية في استخدام الموارد. وسلطت الضوء على الدور المحوري الذي تلعبه البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية في تحقيق هذا التحول، من خلال تطوير حلول مبتكرة في مجالات الزراعة، والطاقة، والصناعة، والبيئة.

الأبعاد العلمية والفكرية للمحاضرة
اشتملت المحاضرة على بُعد بيئي واقتصادي: تكامل البيولوجيا التركيبية مع الاقتصاد الأخضر، وبُعد تقني: كريسبر أحدث نقلة نوعية في الزراعة والطب، و. بُعد تربوي: تنمية الكفاءات البحثية الشابة في الوطن العربي. واشتملت على ثلاثة محاور رئيسية:

1. الاقتصاد الدائري الحيوي:
في قلب التغيير الاقتصادي الذي يجتاح العالم، يقبع الاقتصاد الدائري الحيوي الذي يسعى إلى استغلال الموارد البيولوجية بأقصى كفاءة، وإعادة تدوير النفايات، وتحويلها إلى موارد جديدة. هذه الرؤية لا تقتصر فقط على الحفاظ على البيئة، بل تحمل إمكانات اقتصادية ضخمة، وتفتح مجالات عمل جديدة، وتدعم الأمن الغذائي والطاقة.

2. التكنولوجيا الحيوية:
التكنولوجيا الحيوية، بكل أشكالها، تمكّننا من تسخير الكائنات الحية أو أجزاء منها لإنتاج غذاء أكثر استدامة، ووقود نظيف، ومواد بديلة عن البلاستيك، وحتى لإعادة تدوير النفايات الحيوية. من المحاصيل المعدلة وراثيًا التي تقاوم الجفاف وتزيد الإنتاج، إلى الكائنات الدقيقة التي تحوّل النفايات الزراعية إلى طاقة حيوية—هذه التقنيات ليست من المستقبل، بل من الحاضر.

3. الأحياء التركيبي: “برمجة الحياة”:
علم الأحياء التركيبي يأخذ التكنولوجيا الحيوية إلى مستوى جديد. فهو لا يكتفي بالتعديل، بل يبتكر أنظمة بيولوجية جديدة تمامًا لأغراض محددة. يمكننا اليوم “تصميم” ميكروبات من الصفر لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد بناء، أو إنتاج بلاستيك حيوي يتحلل طبيعياً، أو حتى صنع لحوم مخبرية دون الحاجة لتربية المواشي.

التحديات:
العلم يتقدم، لكن السياسات بطيئة، ورغم التقدم العلمي الهائل، لا تزال هناك تحديات كبيرة:
1. اللوائح التنظيمية التي لم تواكب سرعة التطور.
2. التمويل المحدود للمشروعات الابتكارية في هذا المجال.
3. ضعف الوعي المجتمعي بشأن هذه التقنيات وفوائدها.
4. التحفظات الأخلاقية التي تحتاج إلى نقاش مجتمعي شفاف.

توصيات هامة ومقترحات للمؤتمر صادرة عن المحاضرة:
بناءً على المناقشات التي دارت في المؤتمر، يمكن تقديم التوصيات والمقترحات التالية:
1. تعزيز البحث والتطوير:
تشجيع طلاب الدراسات العليا على إجراء بحوث مبتكرة في مجالات البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية، مع التركيز على التطبيقات التي تخدم أهداف الاقتصاد الحيوي الدائري.
2. تطوير المناهج الدراسية:
تضمين مفاهيم الاقتصاد الحيوي الدائري والبيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية في المناهج الدراسية لطلاب الدراسات العليا في التخصصات ذات الصلة، وذلك لإعداد جيل جديد من العلماء والباحثين القادرين على المساهمة في هذا المجال.
3. بناء القدرات:
تعزيز البحث العلمي التطبيقي في البيولوجيا التركيبية، وتنظيم ورش عمل ودورات تدريبية متخصصة لطلاب الدراسات العليا والباحثين لتعزيز مهاراتهم في التقنيات الحيوية الحديثة، مثل تحرير الجينوم والهندسة الأيضية.
4. التعاون والشراكات:
تشجيع التعاون بين الجامعات ومراكز البحوث والقطاع الخاص لتطوير مشاريع بحثية مشتركة في مجال الاقتصاد الحيوي الدائري، وتوفير فرص تدريب عملي لطلاب الدراسات العليا، وتشجيع الأبحاث العربية المشتركة.
5. التوعية والتثقيف:
تنظيم فعاليات توعية للجمهور حول أهمية البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية في تحقيق التنمية المستدامة، وتبديد أي مخاوف أو مفاهيم خاطئة قد تكون لديهم.
6. وضع السياسات:
إنشاء وحدات بحثية في الاقتصاد الحيوي الدائري، وإعداد خريطة طريق وطنية للبيولوجيا التركيبية، وبناء شراكات بين الجامعات والصناعة، ودعوة الجهات الحكومية وصناع القرار إلى وضع سياسات داعمة لتطوير قطاع الاقتصاد الحيوي الدائري، وتشجيع الاستثمار في البحث والتطوير في مجالات البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية.

كلمة ختامية
جاء المؤتمر في وقته؛ ففي عالم تتسارع فيه الأزمات البيئية، وتزداد الحاجة إلى حلول علمية مبتكرة، يصبح العلم هو الحصن الوحيد لبناء مستقبل مستدام. وقدمت المحاضرة رؤية قيمة حول دور البيولوجيا التركيبية والتكنولوجيا الحيوية في تحقيق الاقتصاد الحيوي الدائري، ووفرت منصة هامة لتبادل الأفكار والمعرفة بين طلاب الدراسات العليا والباحثين. ومن خلال تبني التوصيات والمقترحات المذكورة أعلاه، يمكننا تعزيز مساهمة البحث العلمي في تحقيق مستقبل أكثر استدامة وازدهارًا لمنطقتنا والعالم.
كل الشكر والتقدير لقيادة جامعة قناة السويس، وكلية العلوم، وكل من شارك في هذا الحدث العلمي الرائد.


الكاتب: د. طارق قابيل

– أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي.
– أستاذ جامعي متفرغ، وعضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية – كلية العلوم – جامعة القاهرة.
– الباحث الرئيسي لمشروع خارطة طريق “مستقبل التواصل العلمي في مصر ودوره في الاعلام العلمي”، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مصر.
– مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.
https://orcid.org/0000-0002-2213-8911
http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel
tkapiel@sci.cu.edu.eg

Loading

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

صرخة النخيل الصامتة

معركة خفية مواكبة للاحتفال باليوم الدولي لصحة النبات دور تكنولوجيا النانو في مكافحة سوسة النخيل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *