Warning: Undefined array key 1 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php:505) in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 557
صرخة النخيل الصامتة - بيئة أبوظبي

صرخة النخيل الصامتة

معركة خفية مواكبة للاحتفال باليوم الدولي لصحة النبات

دور تكنولوجيا النانو في مكافحة سوسة النخيل الحمراء

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 12 مايو 2025

في الثاني عشر من مايو، يحتفل العالم باليوم الدولي لصحة النبات، ليس كمناسبة رمزية، بل كتذكير صارخ بأن النباتات هي عصب الحياة على الأرض. فبينما توفر النباتات 80% من غذاء البشر، تواجه واحدة من أعرق أشكال الحياة النباتية – نخيل التمر – عدواً خفياً يهدد وجودها، ويهدد معها اقتصاديات دول ومصائر ملايين المزارعين. إنها سوسة النخيل الحمراء، آفة لا ترحم، تتسلل بصمت، وتُسقِط أشجاراً عمرها قرون في طرفة عين.

وفي سياق اليوم الدولي لصحة النبات، يبرز موضوع مكافحة سوسة النخيل كأولوية استراتيجية، خاصة في المناطق الصحراوية حيث تُعد أشجار النخيل رمزًا ثقافيًا واقتصاديًا. فكيف تحولت هذه الحشرة الصغيرة إلى كابوس عالمي؟ وما الذي يفعله العلم لإنقاذ “شجرة الحياة” من مصير مظلم؟

العدو الخفي: بيولوجيا الدمار
سوسة النخيل الحمراء تُعد من أخطر الآفات التي تهدد زراعة النخيل، حيث تسبب خسائر سنوية تقدر بملياري دولار وتهدد سبل عيش 50 مليون مزارع في 49 دولة، وفقًا لبيانات الاتحاد الدولي لحماية الطبيعة. ولا تشبه سوسة النخيل الحمراء أعداء النباتات التقليديين. فهي لا تغزو الحقول بأسراب جائعة، ولا تترك أوراقاً ذابلة كعلامات تحذير، مما يجعل الكشف المبكر صعبًا. بدلاً من ذلك، تضع الإناث بيضها في شقوق جذع النخلة، ليفقس عن يرقات تبدأ رحلتها التخريبية من الداخل. تتغذى اليرقات على الأنسجة الحيوية، محوّلة الجذع إلى هيكل أجوف، حتى تسقط الشجرة فجأة كجندي أصيب بطلق ناري خفي.

يتناول هذا المقال مشكلة سوسة النخيل الحمراء، وهي آفة تسبب خسائر اقتصادية كبيرة لزراعة النخيل، خاصة في المناطق العربية. ويشير المقال إلى محدودية الطرق التقليدية مثل المبيدات الكيميائية والفخاخ الفيرومونية بسبب قدرة الآفة على التكيف والمخاوف البيئية. ويقترح المقال استخدام تكنولوجيا النانو كحل مبتكر، مع التركيز على تطوير مبيدات نانوية بيئية الصداقة، واستخدام حساسات نانوية للكشف المبكر، وطرق تطبيق مبتكرة للمواد النانوية. ويؤكد المقال على الفوائد البيئية مثل تقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية، والفوائد الاقتصادية مثل زيادة الإنتاج وتوفير التكاليف. كما يشير إلى التحديات مثل الحاجة إلى دراسات سلامة وتشريعات.

الجبهة الأكثر سخونة
في منطقة الخليج، حيث تُعد أشجار النخيل إرثاً ثقافياً واقتصادياً يعود إلى آلاف السنين، وصلت المعركة إلى ذروتها. هنا، حيث تنتج الإمارات العربية المتحدة وحدها 18% من التمور العالمية، أصبحت الحاجة إلى حلول عاجلة مسألة حياة أو موت. يقول الدكتور علي أبو السباع، المدير العام لإيكاردا: “هذه ليست معركة زراعية فحسب، بل هي حرب لحماية الهوية”.

مشروع “سيدار”: عندما يتحد العلم والسياسة
رداً على هذا التحدي، أطلقت الإمارات بالشراكة مع مؤسسة بيل غيتس “اتحاد مكافحة سوسة النخيل الحمراء” (C4RPWC) خلال حفل توزيع جائزة خليفة الدولية لنخيل التمر في أبوظبي. يعتمد الاتحاد – الذي تقوده إيكاردا – على خطة خماسية مبتكرة:
1. الحلول الحيوية: استخدام أعداء طبيعيين مثل الدبابير الطفيلية، ومبيدات حيوية مستخلصة من بكتيريا Bacillus thuringiensis، ومصائد فيرومونات ذكية.
2. التكنولوجيا الحيوية: تقنيات تعقيم الحشرات (SIT) عبر إشعاع جاما، وتحرير الجينات (CRISPR) لإضعاف قدرة الحشرات على التكاثر.
3. الذكاء الاصطناعي: أجهزة استشعار صوتية IoT تكشف صوت المضغ تحت اللحاء، وخرائط تنبؤية تعتمد على تحليل البيانات الضخمة.
4. الممارسات الزراعية: تحسين نظم الري، وإكثار أصناف مقاومة مثل “خلاص الإمارات”، وإنشاء سلسلة توريد شتلات معتمدة.
5. تحويل الأبحاث إلى سياسات: جسر الفجوة بين المختبرات والحقول عبر برامج إرشادية مكثفة.

التحديات الخفية: مبيدات أكثر ضرراً من الآفة نفسها
يكشف تقرير حديث لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة عن مأساة جانبية: يؤدي الاستخدام المكثف للمبيدات الكيميائية – الحل الوحيد المتاح حالياً للمزارعين – إلى تلوث المياه الجوفية، وتراجع التنوع البيولوجي، وزيادة معدلات السرطان في المناطق الريفية بنسبة 22%. هنا يأتي دور الأبحاث الجديدة ضمن الاتحاد، والتي تهدف إلى خفض الاعتماد على المبيدات بنسبة 70% خلال خمس سنوات.

تكنولوجيا النانو في مواجهة تحديات سوسة النخيل
تُسبب سوسة النخيل خسائر اقتصادية هائلة تصل إلى ملايين الدولارات سنويًا، خاصة في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث تعتمد المجتمعات على نخيل التمر كمصدر رئيسي للدخل. تعتمد الطرق الحالية على المبيدات الكيميائية والفخاخ الفرمونية، لكنها تواجه تحديات مثل مقاومة الآفة للأدوية، والتأثير السلبي على البيئة، وصعوبة الكشف المبكر عن الإصابة بسبب اختباء اليرقات داخل جذع النخلة.

وفي بحث منشور لكاتب المقال في مجلة “الشجرة المباركة” عدد فبراير 2024حول دور تكنولوجيا النانو في مكافحة سوسة النخيل الحمراء، بعنوان “تقنيات متقدمة لإنقاذ أشجار النخيل: ثورة في الكشف عن سوسة النخيل الحمراء، تناولنا مشكلة سوسة النخيل الحمراء (Rhynchophorus ferrugineus)، وهي آفة تسبب خسائر اقتصادية كبيرة لزراعة النخيل، خاصة في المناطق العربية. قدم البحث رؤية علمية واضحة حول أهمية تكنولوجيا النانو في مكافحة سوسة النخيل الحمراء، وهو موضوع ذو صلة كبيرة بالتحديات الزراعية في المناطق الصحراوية. ويعكس النهج الذي يركز على الحلول البيئية والاقتصادية وعيًا بالاحتياجات العملية للمزارعين. مناقشة التحديات مثل السلامة والتشريعات تضيف بعداً واقعياً، حيث تظهر أن تطبيق هذه التقنيات يتطلب مزيدًا من البحث والتنظيم.

يجمع البحث بين النظرة العلمية والتطبيقية، حيث تمثل تكنولوجيا النانو نقطة تحول في إدارة الآفات الزراعية، خاصة في ظل التحديات البيئية والاقتصادية. ومع ذلك، يظل هناك حاجة إلى مزيد من البحث والتطوير لضمان سلامة هذه التقنيات وتطبيقها على نطاق واسع. وأشار البحث إلى محدودية الطرق التقليدية مثل المبيدات الكيميائية والفخاخ الفيرومونية بسبب قدرة الآفة على التكيف والمخاوف البيئية. يقترح المقال استخدام تكنولوجيا النانو كحل مبتكر، مع التركيز على: تطوير مبيدات نانوية بيئية الصداقة، واستخدام الحساسات النانوية للكشف المبكر. ويؤكد الباحث على الفوائد البيئية مثل تقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية، والفوائد الاقتصادية مثل زيادة الإنتاج وتوفير التكاليف. كما يشير إلى التحديات مثل الحاجة إلى دراسات سلامة وتشريعات. كما يقدم البحث عدة حلول تقنية مبنية على تكنولوجيا النانو، ويمكن تصنيفها كالتالي:

1. الحساسات النانوية
الكشف المبكر عن سوسة النخيل الحمراء ضروري، حيث تكون الإصابة متقدمة عند ظهور الأعراض الخارجية. والحساسات النانوية تتيح الكشف في مراحل مبكرة. مثل: الحساسات الصوتية التي تكشف أصوات اليرقات أثناء التغذية داخل الشجرة. والحساسات الحرارية، التي تكشف التغيرات الحرارية الناتجة عن نشاط الآفة. ويمكن استخدامها لمراقبة الأشجار بشكل دوري، مع إمكانية نقل البيانات لمحطات مراقبة عبر الإنترنت.

2. المبيدات النانوية:
المبيدات النانوية تتميز بكفاءة أعلى وتأثير بيئي أقل، حيث تتيح التوصيل المستهدف للآفة. ومن خصائصها: زيادة الفعالية بسبب حجم الجزيئات الصغير. وتقليل الجرعة المطلوبة، مما يخفف من التلوث البيئي، ويمكن تطبيقها عبر الرذاذ المباشر، أو دمجها في محاصرات الحشرات لجذب الآفة.

3. المواد النانوية الطبيعية
استخدام مواد مستخلصة من الطبيعة، مثل نانوشيتوزان أو نانوالمعادن من مستخلصات نباتية، يوفر حلولاً آمنة وبيئية. فالنانوشيتوزان يمكن أن يستخدم كطلاء وقائي للأشجار. ونانوالمعادن من مستخلص أوراق مورينجا من الممكن أن يستخدم لعلاج اليرقات، ويمكن استخدامها كعلاج مباشر أو كوقاية طويلة الأمد.

4. أساليب التطبيق المبتكرة
توفير طرق جديدة لتطبيق المواد النانوية يزيد من فعاليتها ويقلل من التكاليف. فعلي سبيل المثال: طلاء البذور بالمواد النانوية للحماية من الإصابة في مراحل النمو المبكرة. واستخدام أفلام بطيئة الإفراج عن الكيماويات تحتوي على مبيدات نانوية. وتضمن هذه الطرق إطلاقاً مستمراً للمواد الفعالة، مما يقلل من عدد التطبيقات المطلوبة.

الفوائد البيئية والاقتصادية
يشير البحث المذكور سابقا إلى الفوائد التالية: تقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية، مما يخفف من التلوث ويحمي الكائنات غير المستهدفة. وزيادة الإنتاج الزراعي بسبب الحماية الفعالة، وتوفير التكاليف للمزارعين بسبب تقليل الجرعات المطلوبة مع تحسين صحة النخيل وزيادة إنتاج التمور بنسبة تصل إلى 30% في المناطق التي تطبق التقنيات النانوية. وانخفاض نسبة المواد السامة في البيئة بنسبة تصل إلى 70% مقارنة بالمبيدات التقليدية.

ويواجه تطبيق تكنولوجيا النانو تحديات مثل: السلامة، حيث هناك لحاجة إلى دراسات إضافية لضمان سلامة المبيدات النانوية للبشر والبيئة. مع ضرورة وضع معايير وتشريعات لتنظيم استخدام هذه التقنيات. ولكن في المقابل، فإن تكلفة الأسمدة النانوية أقل بنسبة 40% من الكيماويات التقليدية على المدى الطويل. كما تبرز الحاجة إلى تطوير المزيد من الحلول، مثل التركيب الأخضر للجزيئات النانوية.

درس من جذع نخلة
ومن التحديات المستقبلية في هذا المجال البحثي الواعد: التقييم الآمن، حيث هناك ضرورة لإجراء دراسات طويلة الأمد حول تأثير الجسيمات النانوية على التربة والكائنات غير المستهدفة، كما أن هناك حاجة إلى تدريب المزارعين على استخدام التقنيات الجديدة عبر برامج مثل “مدارس المزارعين الحقلية، ووضع معايير دولية لتنظيم استخدام التكنولوجيا النانوية في الزراعة.

وتشير البيانات إلى أن تكنولوجيا النانو تمثل نقلة نوعية في مكافحة سوسة النخيل الحمراء. هذه الحلول تعزز الزراعة المستدامة من خلال الجمع بين الكفاءة العالية والحفاظ على البيئة، مما يدعم الأمن الغذائي في المناطق المتضررة.

اليوم، بينما نحيي اليوم الدولي لصحة النبات، تذكرنا سوسة النخيل الحمراء بدرس جوهري: في عالم تتشابك فيه الأزمات البيئية، لا يوجد تهديد “محلي”. انهيار نخلة في واحة نائية هو إنذار مبكر لانهيار أكبر: انهيار النظم الإيكولوجية التي نعتبرها مُسَلَّماً بها. لكن في المقابل، يقدم اتحاد “اتحاد مكافحة سوسة النخيل الحمراء” نموذجاً للأمل: فالعلم التعاوني، والإرادة السياسية، وحكمة المزارعين، يمكن أن تحول حتى أشرس التحديات إلى فرص للابتكار.

وفي كلمة لها خلال إطلاق مشروع “سيدار”، قالت معالي مريم المهيري: “هذه المعركة تعكس رؤية الإمارات في قيادة تحولات استباقية للأمن الغذائي”. ويصدق بيل غيتس حين يشير إلى أن “الاستثمار في صحة النباتات هو استثمار في استقرار المجتمعات”.

النخيل صامت، لكن العلم يجب ألا يصمت.

المصادر:
1. https://icarda.org/media/blog/palm-trees-silent-struggle-and-why-it-matters
2. https://www.researchgate.net/publication/378659131_tqnyat_mtqdmt_lanqadh_ashjar_alnkhyl_thwrt_fy_alkshf_n_swst_alnkhyl_alhmra_-_aldktwr_tarq_qabyl_-_alshjrt_almbarkt_dd_fbrayr_2024

الكاتب: د. طارق قابيل
– أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي.
– أستاذ جامعي متفرغ، وعضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية – كلية العلوم – جامعة القاهرة.
– مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– أمين مجلس بحوث الثقافة والمعرفة، التابع لقطاع المجالس النوعية، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– الباحث الرئيسي لمشروع خارطة طريق “مستقبل التواصل العلمي في مصر ودوره في الاعلام العلمي”، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مصر.
– عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.

https://orcid.org/0000-0002-2213-8911
http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel
tkapiel@sci.cu.edu.eg

Loading

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

مصر تكتب عقدًا جديدًا مع الطبيعة

في اليوم العالمي للتنوع البيولوجي عقد جديد مع الأرض: رحلة مصر نحو الاستدامة في عالم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *