Warning: Undefined array key 1 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php:505) in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 557
جهود مصر الرائدة في حماية السلاحف البحرية - بيئة أبوظبي

جهود مصر الرائدة في حماية السلاحف البحرية

اليوم العالمي للسلاحف البحرية: دور محمية أشتوم الجميل ومركز إنقاذ السلاحف

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 17 يونيو 2025

يحتفل العالم سنويًا في 16 يونيو باليوم العالمي للسلاحف البحرية، تخليدًا لذكرى ميلاد عالم الأحياء البحري آرتشي كار (Archie Carr) المرموق الذي أسس منظمات لحماية السلاحف البحرية يرمي هذا اليوم إلى تعزيز الوعي العالمي بأهمية هذه الكائنات العريقة التي عاشت على الأرض منذ أكثر من 110 مليون عام، ودورها الحيوي في النظم البيئية البحرية، وتشدد المنظمات البيئية على أن السلاحف البحرية «رابط مهم» في الشعاب المرجانية وحشائش البحر، فبعضها يتغذى على أعداد كبيرة من قناديل البحر، مما يساعد على السيطرة عليها ومنع تفاقمها.

منذ إطلاقه، يقدم يوم السلاحف البحرية فرصة للاحتفاء بالجهود الدولية والمحلية التي تهدف إلى حماية هذه الأنواع المهددة بالانقراض، وتسليط الضوء على التهديدات المصاحبة لها. في هذا السياق، يقول المركز العالمي للحياة البرية (WWF) إن هذا اليوم يكرّم هذه «الكائنات المدهشة» ويثمن جهود الحفاظ عليها ويرفع مستوى الوعي بالتهديدات البيئية التي تواجهها. والحقيقة أن السلاحف البحرية توفر خدمات بيئية هامة، فهي تُساهم في الحفاظ على نظافة المحيطات وصحة النظم البحرية، وضمان توازن الشعاب المرجانية ومستنقعات الأعشاب البحرية، ولذلك يصفها خبراء البيئة بأنها “محافظة النظم البيئية البحرية”.

اليوم العالمي للسلاحف البحرية هو مناسبة عالمية تهدف إلى تسليط الضوء على أهمية السلاحف البحرية كجزء أساسي من النظام البيئي البحري، وزيادة الوعي بالتهديدات التي تواجهها، وتشجيع الجهود العالمية لحمايتها من الانقراض. في مصر، تُعد حماية السلاحف البحرية أولوية بيئية رئيسية، حيث تلعب وزارة البيئة وقطاع حماية الطبيعة دورًا حيويًا في هذا المجال، مع التركيز على محمية أشتوم الجميل ومركز إنقاذ السلاحف البحرية الذي يُعتبر خطوة رائدة في الحفاظ على هذه الكائنات المهددة بالانقراض.

أهمية السلاحف البحرية والدور البيئي
السلاحف البحرية ليست مجرد حيوانات بحرية، بل تعتبر مؤشرًا بيئيًا مهمًا لصحة المحيطات. فهي تُعد جزءًا من سلسلة غذائية بحرية متوازنة، ومن خلال تناولها لقناديل البحر وأعشاب البحر، تساعد في تنظيم أعداد هذه الكائنات، مما يحافظ على التنوع البيولوجي البحري. كما تُعتبر السلاحف مصدرًا لجذب السياحة البيئية في العديد من المناطق الساحلية؛ فالعديد من الشواطئ حول العالم تشهد مواسم تعشيش للسلاحف الخضراء وضخمة الرأس، وهذا يسهم في توفير دخل لمجتمعات محلية واعتمادات اقتصادية على استدامتها.

لا تزال السلاحف البحرية تتأرجح بين الانقراض والاستمرارية؛ فعددها عالميًا في تناقص مستمر نتيجة الضغوط المتزايدة عليها. وتشير الدراسات إلى أن آلاف السلاحف تعلق سنويًا بشكل خاطئ في معدات الصيد الصيد العرضي. وغالبًا ما يغير هؤلاء الحيوانات مساراتها العريضة السنوية بحثًا عن أماكن التعشيش والغذاء، ثم تُفاجأ بالشباك والخيوط البلاستيكية التي تنتشر في مياهها.

إجمالًا، يربط العلماء بين مستقبل السلاحف البحرية وممارسة الإنسان للاستدامة البيئية؛ فحماية السلاحف تتطلب تقليل النفايات البلاستيكية، واعتماد ممارسات صيد مستدامة، ومحافظة صارمة على الشواطئ الأمامية للتعشيش.

التحديات البيئية التي تواجه السلاحف البحرية
السلاحف البحرية في كل أنحاء العالم تواجه جملة من التهديدات البيئية الشديدة، يمكن تلخيص أبرزها بما يلي:
التلوث البلاستيكي: تُعد النفايات البلاستيكية في البحار والمحيطات العدو الأكبر للسلاحف البحرية، فغالبًا ما تخلط السلاحف بين الأكياس والعبوات البلاستيكية وبين فريستها الطبيعية مثل قناديل البحر، مما يؤدي إلى ابتلاعها بلاستيكًا خطيرًا داخل معدتها. وتشير إحصاءات عالمية إلى أن أكثر من نصف السلاحف البحرية قد ابتلعت قطعًا بلاستيكية على الأقل مرة واحدة في حياتها. والأدهى من ذلك أن الخبراء يقدّرون وفاة ما يزيد على ألف سلحفاة سنويًا نتيجة اختناقها أو تشابكها بالنفايات البلاستيكية في الماء. تؤدي هذه المخلفات إلى عوائق هضمية قاتلة، أو تشنجات وانتانات داخلية، إضافة إلى اختناق المحتمل عندما تعلق في الزعانف أو الرأس.

الصيد العرضي والصيد الجائر: الكثير من السلاحف تُقتل عن غير قصد في شباك الصيادين (الصيد العرضي)، حيث تعلق ضمن شباك الأسماك أو خيوط الصيد، مما يجعلها تغرق أو تتعرض لإصابات بالغة قبل أن تصل إلى السطح للتنفس. ويحذر الخبراء من أن آلاف السلاحف تعلق عن طريق الصدفة في معدات الصيد سنويًا حول العالم. كما يتعرض بعضها للصيد المتعمَّد لتجارة أجسامها وبيضها وقشورها في أسواق التّرف والثقافة الشعبية، وهو أمر محظور قانونيًا لكنه ما يزال يحدث خلسةً في بعض الأماكن.

التوسع العمراني والتنمية الساحلية: أدت مشاريع البناء على الشواطئ إلى تدمير موائل التعشيش الطبيعية للسلاحف. فرصف الطرقات والمنتجعات والفنادق على الكثبان الرملية جعل السلاحف عاجزة عن الوصول إلى أماكن وضع البيض الأصلية أو فوتت على فُقس طُرْفها فرص الحياة في الظلام الخالي من الإضاءة الصناعية. وكذا يؤثر الإضاءة الصناعية على الشواطئ فجعل صغار السلاحف تائها بين ضوء المدن فتنجرف عن البحر وتتعرض للموت بفعل الحرارة أو الافتراس. وقد لوحظ أن الإضاءة الصناعية الساحلية تُربك حاسة اتجاه الطُرْف الحديثة الولادة، حيث تنجذب إلى الأنوار بدلاً من التوجه نحو البحر.

تغير المناخ: يؤثر ارتفاع درجات الحرارة العالمي على نسبة تخجيل السلاحف البحرية. ففي العديد من السُّواحل، درجة حرارة الرمال المتوسطة الأعلى تجعل الغالبية العظمى من صغار السلاحف إناثًا. وتشير دراسة بريطانية بارزة إلى أن ما يقارب 93% من صغار السلاحف البحرية ستكون إناثًا بحلول عام 2100 إذا استمر الاحترار. ومع ارتفاع الحرارة إلى مستويات قاتلة، قد ينخفض عدد الفقس بالكامل بسبب موت الأجنة. إضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع منسوب مياه البحر يُهدد شواطئ التعشيش التي تعتمد عليها السلاحف، فقد تتعرض أجزاء كبيرة منها للغرق أو التآكل.

الاتجار غير المشروع والمشاكل القانونية: يحظر القانون المصري صراحة صيد وبيع السلاحف البحرية وبيضها والقواقع الفارغة؛ وتفرض عقوبات مالية وسجنية صارمة على من يخرق ذلك. فمثلاً ينص قانون البيئة المصري على عقوبات قد تصل إلى 50 ألف جنيه للمتاجرين أو القاتلين للشخصيات البحرية المهددة بالانقراض. ورغم ذلك تواجه السلاحف ملاحقة من بعض تجار الحياة البرية غير المشروعين، خاصة على حدود البلاد وفي أسواق الأسماك.

التحديات التي تواجه السلاحف البحرية في مصر
على الرغم من الجهود المبذولة، تواجه السلاحف البحرية في مصر تحديات كبيرة، منها:
الصيد العرضي: يعد السبب الرئيسي لنفوق السلاحف على السواحل المصرية، حيث تُصطاد السلاحف في شباك الصيد أو تُقتل عمدًا لتدميرها الشباك.
التلوث البلاستيكي: يُشكل البلاستيك خطرًا كبيرًا، حيث تبتلع السلاحف الأكياس البلاستيكية ظنًا منها أنها قناديل بحر، مما يؤدي إلى انسداد أمعائها أو نفوقها.
تدمير مواقع التعشيش: التوسع العمراني على الشواطئ يهدد مواقع تعشيش السلاحف، مما يقلل من فرص تكاثرها.
الاتجار غير القانوني: على الرغم من القوانين الصارمة، لا تزال تجارة لحوم السلاحف وأصدافها مستمرة بشكل سري في بعض الأسواق.

جهود مصر في حماية السلاحف البحرية
تُعد مصر واحدة من الدول الرائدة في منطقة البحر المتوسط والبحر الأحمر في حماية السلاحف البحرية، حيث تستضيف خمسة من الأنواع السبعة الموجودة عالميًا: السلاحف الخضراء، سلاحف منقار الصقر، السلاحف ضخمة الرأس، السلاحف الزيتونية، والسلاحف الجلدية. هذه الأنواع مهددة بالانقراض بسبب عوامل مثل الصيد غير القانوني، التلوث، وتدمير مواقع التعشيش. وتتركز جهود الحماية في مصر على عدة محاور:

1. برامج الرصد والحماية:
تعمل وزارة البيئة المصرية منذ أكثر من 30 عامًا على رصد وحماية السلاحف البحرية في مناطق مثل جزر البحر الأحمر، محمية وادي الجمال، محمية رأس محمد، محمية الزرانيق، ومحمية أشتوم الجميل. تشمل هذه الجهود مراقبة مواقع التعشيش، حماية البيض، وإعادة تأهيل السلاحف المصابة.
تم إطلاق برامج ترقيم السلاحف بأكواد مصرية لتتبعها ودراسة أنماط هجرتها، مما يساعد في فهم احتياجاتها البيئية.

2. مكافحة الاتجار غير القانوني:
يتولى قطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة متابعة البلاغات المتعلقة بالاتجار غير المشروع بالسلاحف البحرية، حيث يتم ضبط السلاحف المصادرة، فحصها صحيًا، وإعادتها إلى بيئتها الطبيعية بعد التأهيل. على سبيل المثال، في يناير 2024، تم إنقاذ سلحفاة خضراء في رأس البر بمحافظة دمياط، وفي يونيو 2023، تم إنقاذ سلحفاة من نوع الترسة البحرية بالمطرية.

3. التعاون مع المجتمع المدني:
تتعاون وزارة البيئة مع منظمات غير حكومية مثل الجمعية المصرية لحماية الطبيعة، وأصحاب محال بيع الأسماك، وأفراد المجتمع المحلي لتعزيز الوعي البيئي وتقليل الصيد غير القانوني. على سبيل المثال، في مارس 2025، نجحت محمية أشتوم الجميل في إنقاذ أربع سلاحف بحرية (ثلاث سلاحف خضراء وواحدة ضخمة الرأس) بمحافظة دمياط بالتعاون مع رجل أعمال محلي

محمية أشتوم الجميل ومركز الإنقاذ البحري
تُعد محمية أشتوم الجميل، الواقعة في بورسعيد، واحدة من أهم المحميات الطبيعية في مصر التي تركز على حماية السلاحف البحرية. أُنشئ فيها أول مركز إنقاذ للسلاحف البحرية في المحميات الطبيعية المصرية، وهو إنجاز بارز يعكس التزام مصر بحماية التنوع البيولوجي. وأصبحت محمية أشتوم الجميل بوابة مهمة لحماية السلاحف البحرية في مصر. تقع المحمية بين مدينتي بورسعيد ودمياط على الساحل الشمالي، وتم إعلانها محمية طبيعية منذ 1998. وتضم المحمية عدة بحيرات ملحية وجزر صغيرة، فتشكل بيئة غنية للتنوع البيولوجي. وفي السنوات الأخيرة، أُطلق أول مركز متخصص لإنقاذ السلاحف البحرية داخل المحميات الطبيعية المصرية في محمية أشتوم الجميل بمحافظة بورسعيد. وقد بدأ العمل التجريبي للمركز في 2024، ومن المخطط افتتاحه رسميًا بحضور وزيرة البيئة.

يهدف المركز إلى:
إنقاذ وتأهيل السلاحف: يستقبل المركز السلاحف المصابة أو المصادرة من الأسواق، حيث يتم فحصها صحيًا، علاجها، وإعدادها للعودة إلى بيئتها الطبيعية.
ترقيم السلاحف: يُنفذ المركز مشروعًا لترقيم السلاحف بأكواد مصرية، مما يساعد في تتبعها ودراسة أنماط هجرتها، وهو أمر حيوي لفهم احتياجاتها البيئية.
التوعية البيئية: يعمل المركز على نشر الوعي بأهمية حماية السلاحف من خلال فعاليات توعوية وعروض مرئية، مثل عرض تجارب الإنقاذ عبر شاشات في الأماكن العامة.

ويكشف الدكتور حسين رشاد، مدير عام محميات شمال مصر، أن مركز أشتوم الجميل نجح منذ تأسيسه في إنقاذ وحماية أكثر من 300 سلحفاة بحرية من الأنواع المهددة، تم ترقيم 50 منها بالكود المصري الخاص بالسلاحف البحرية، وإطلاقها مجددًا في بيئتها الطبيعية بالبحر المتوسط والبحر الأحمر. وقد أشار إلى أن أحدث تلك العمليات كان إطلاق أربع سلاحف بحرية تم إنقاذها في دمياط عام 2025 (ثلاث منها خضراء وواحدة ضخمة الرأس) بعد فحصها والتأكد من سلامتها. ومن جهة أخرى، نجح الفريق في إعادة 5 سلاحف خضراء إلى البحر الأبيض المتوسط في مايو 2021 إثر ضبطها في أسواق الأسماك بمخالفة القانون.

من الأمثلة على نجاحات المركز إنقاذ سلحفاة خضراء في يناير 2024، حيث تم نقلها إلى المركز، فحصها، وإطلاقها في البحر المتوسط بعد التأكد من سلامتها. كما يُظهر التعاون مع المجتمع المحلي، كما حدث في إنقاذ أربع سلاحف في مارس 2025، فعالية هذا النموذج في تعزيز الحفاظ على التنوع البيولوجي.

ومن الإنجازات الحديثة أيضًا إحباط تهريب أكثر من 40 سلحفاة سودانية قادمة عبر الحدود المصرية السودانية في بداية 2024، وهو دليل على تكامل جهود الوزارة مع أجهزة الأمن للحفاظ على التنوع البيولوجي. وبالإضافة إلى الترميز، يحتوي المركز على كوادر بيطرية وبيئية مدربة، ويجري عمليات جراحية وتقديم رعاية مكثفة للحالات الحرجة. مثال ذلك كان إنقاذ السلحفاة اليونانية المسنة «دريا» البالغة 40 عامًا، والتي وصلت إلى شواطئ الإسكندرية مصابة بجروح وكسور وسنان صيد عالقة، وتم نقلها إلى مركز أشتوم الجميل حيث نجح الخبراء في إزالة السنار وترميم الكسور وعلاجها. وقد أكد د. رشاد أن «دريا» تعافت تدريجيًا وأعيدت إلى البحر المتوسط بنجاح في يونيو 2025.

كما تلعب الجمعية المصرية لحماية الطبيعة وغيرها من منظمات المجتمع المدني دورًا داعمًا في هذه الجهود. فبالتعاون مع القطاع الحكومي، تنظم حملات توعية وحملات مشتركة لإنقاذ المهددات. من بينها تجربة فريدة عُرضت في مطعم بمحافظة دمياط عن طريق شاشة عرض مصممة لنشر الوعي بأعمال الإنقاذ في محمية أشتوم الجميل. وقد أشادت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد بهذا التعاون الناجح، مؤكدة على “أهمية تكامل جهود الوزارة مع المجتمع المدني” في حماية الأنواع المهددة. كما تُحث الوزيرة المواطنين عبر وسائل التواصل ووشات الوزارة على الإبلاغ عن أي محاولات صيد غير مشروع؛ فقد سُجل رقمان ساخنان لتلقي الشكاوى على مدار الساعة، في خطوة من شأنها إشراك الجمهور في مهمة الحماية.

إنجازات بارزة وشهادات مسؤولين
في السنوات الأخيرة، شهدت مصر إنجازات نوعية في حماية السلاحف:
إحباط تهريب 40 سلحفاة سودانية (2024): ضبطتها الأجهزة الأمنية بالقرب من الحدود المصرية-السودانية قبل تهريبها.
إطلاق 4 سلاحف بحرية في دمياط (مارس 2025): جرى إنقاذها بدعم من مجتمع الأعمال بالمحافظة قبل إطلاقها في البحر المتوسط.
إنقاذ 5 سلاحف خضراء (2021): تمت وفق بلاغات مواطنين وضبطها في سوق سمك رأس البر، ثم فحصها وترقيمها وإطلاقها بأشتوم الجميل.
إنقاذ وتعافي «دريا» (أبريل 2025): وهي السلحفاة اليونانية النادرة التي تأثرت بمقذوفات الصيد، وتم علاجها في بورسعيد بنجاح.
ترقيم 60 سلحفاة وإطلاقها: بحسب د. حسين رشاد، المركز برمّج حتى الآن ترقيم نحو 60 سلحفاة «أعيد إطلاقها في المتوسط والأحمر0

تعكس هذه الإنجازات ريادة مصر في هذا المجال، بحسب تصريح د. حسين رشاد: قصص حقيقية ورسالة نجاح ملهمة تعكس ريادة مصر في مجال حماية البيئة البحرية، وتؤكد أن محمية أشتوم الجميل ليست محمية فحسب، بل مركز إشعاع علمي وحاضنة للجهود الرامية إلى التوازن البيئي. كما رحبت وزيرة البيئة ياسمين فؤاد بالتعاون المثمر بين الوزارة والمجتمع المدني، معتبرةً أن ذلك مثال على «أهمية تكامل الجهود في حماية التنوع البيولوجي.

توصيات لتعزيز حماية السلاحف البحرية
لضمان استمرارية جهود حماية السلاحف البحرية في مصر، يُوصى بما يلي:
تشديد تطبيق القوانين: تعزيز الرقابة على الأسواق وموانئ الصيد لمنع الاتجار غير القانوني بالسلاحف.
توسيع برامج التوعية: نشر الوعي بين الصيادين والمجتمعات المحلية حول أهمية السلاحف وكيفية التعامل معها إذا تم اصطيادها عرضيًا.
تطوير تقنيات الصيد: استخدام شباك صيد مضيئة أو أجهزة طاردة للسلاحف لتقليل الصيد العرضي.
حماية مواقع التعشيش: تخصيص مناطق محمية على الشواطئ لضمان سلامة أعشاش السلاحف، مع مراقبة درجات الحرارة للحفاظ على توازن الجنسين للصغار.
دعم الأبحاث العلمية: تمويل الدراسات حول هجرة السلاحف وموائلها لتطوير استراتيجيات حماية أكثر فعالية.

التقنيات والأساليب المتبعة في الإنقاذ
يُطبق مركز إنقاذ السلاحف بمحمية أشتوم الجميل بروتوكولات علمية للتعامل مع كل حالة بشكل منهجي. فمنذ إطلاق برنامج الترقيم المصري للسلاحف البحرية عام 2018، تحرص الفرق على وزن كل سلحفاة والتقاط قياسات جسمها وتثبيت شريحة ترقيم فريدة، قبل إطلاقها مجددًا في البحر. وتساعد هذه البيانات في متابعة مسارات السلاحف وحساب أعدادها عبر السنوات، وهو أمر نادر تطبيقه في المنطقة.

وعند إنقاذ سلاحف مصابة، يُجري الفريق فحصًا شاملاً للحالة الصحية ويُسجّل كل التفاصيل. وكثيرًا ما تستدعي الحالات خطرةً تدخلات طبية ملحّة، مثل إزالة خطافات الصيد أو الخيط المتعلق بداخل الجسد، وعلاج الكسور والجروح. على سبيل المثال، استخدم الفريق في حالة «دريا» تقنيات جراحية متقدمة لتثبيت كسر كبير في درعها (بطول 7-8 سم) وإزالة سنار حاد من حلقها، ثم وُصف لها برنامج علاجي يتضمن المضادات الحيوية والعلاجات الداعمة لاستعادة نشاطها. وبعد أيام من الرعاية المكثفة، تعافت الحالة تدريجيًا وأظهرت القدرة على التنقل والتغذية قبل إطلاقها.

بالإضافة إلى ذلك، يشرف المركز على المسابقات النادرة وحملات تنظيف الشواطئ لمحاربة مصادر التلوث. ويقوم المتخصصون بمتابعة أعشاش السلاحف على الشواطئ، ونقل البيض عند الضرورة إلى حاضنات آمنة إذا كان الموقع تحت تهديد، ثم إعادة صغار السلاحف إلى البحر عند الفقس.

الشراكات المجتمعية والتوعية
أسهم التعاون الدولي والإقليمي أيضًا في دعم جهود إنقاذ السلاحف. فقد عمل فريق أشتوم الجميل بالتنسيق مع منظمة ARCHELON اليونانية وشبكة سلاحف شمال إفريقيا في تبادل الخبرات حول علاج الحالات المعقدة. كذلك ساعد الرصد الميداني للأعشاش في التنسيق مع صيادين محليين وإعلامهم بالتقارير الواردة.

ولا يقتصر التركيز على المعالجة فقط، بل يمتد إلى التثقيف البيئي. فتوفر الوزارة محتويات مصورة ومعلومات عبر الإنترنت وحتى في الفعاليات العامة لتوعية الصيادين والسياح بأهمية إبلاغ مركز الإنقاذ فور العثور على سلحفاة مصابة. وقد لاحظت الدكتورة ياسمين فؤاد أثر التعاون المجتمعي في زيادة البلاغات بشكل إيجابي، معربة عن تقديرها لـ«وعي المواطنين بأهمية حماية هذه الثروات الطبيعية.

الإطار القانوني والتشريعي
دعمت مصر جهود الحماية بإطار قانوني صارم. ففي قانون حماية البيئة رقم 4 لسنة 1994 (مع التعديلات لاحقًا) تُعاقب أي محاولة لصيد أو قتل أو الإتجار بالسلاحف البحرية بفرض غرامة قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصري (و/أو السجن). كما نص قانون حماية البحيرات والثروة السمكية (رقم 146 لسنة 2021) على حظر صيد الصغار (زريعة الأسماك والسلاحف) على امتداد السواحل المصرية دون تصريح. وتعكس هذه القوانين التزامات مصر بالاتفاقيات الدولية المعنية بحماية التنوع البيولوجي، مثل اتفاقية «سايتس» التجارية لأنواع مهددة بالانقراض.

مسؤولية جماعية
يُمثل اليوم العالمي للسلاحف البحرية في 16 يونيو فرصة لتجديد الالتزام العالمي بحماية هذه الكائنات البحرية الرائعة. في مصر، تُظهر جهود وزارة البيئة ومحمية أشتوم الجميل، وخاصة مركز إنقاذ السلاحف البحرية، نموذجًا رائدًا للحفاظ على التنوع البيولوجي. من خلال تعزيز التعاون بين الحكومة، المجتمع المدني، والأفراد، يمكننا ضمان بقاء السلاحف البحرية كجزء حيوي من النظام البيئي البحري للأجيال القادمة. إن حماية السلاحف ليست مجرد واجب بيئي، بل استثمار في مستقبل كوكبنا.

إن حماية السلاحف البحرية ليست مهمة مؤسسة أو حكومة واحدة؛ بل هي مسؤولية جماعية تتطلب تضافر جهود المواطنين والمنظمات والقيادات. يؤكد الخبراء أن حماية هذه الكائنات الضخمة ستُسهم في حماية النظم البيئية البحرية بشكل عام، وضمان استدامة الحياة في المحيطات للأجيال القادمة. وعلى الرغم من النجاحات المحققة، لا يزال الطريق أمامنا طويلاً للحد من استخدام البلاستيك والتصدي للصيد غير القانوني وتكييف مشروعات التنمية مع مبادئ الاستدامة. كما حثّت منظمات بيئية مثل WWF والجمعيات الدولية على استمرار حملات التوعية والضغط من أجل إصلاحات بيئية في مختلف القطاعات لضمان ازدهار هذه الكائنات الرائعة في محيطاتنا.

وفي اليوم العالمي للسلاحف البحرية، يجدد العالم دعوته للعمل المشترك لتخفيف التهديدات عنها. فكل خطوة على طريق الحد من التلوث، أو حماية الشواطئ، أو دعم الدراسات البيئية، هي بمثابة مساهمة في «نشاط المحيط الأزرق» وحماية التنوع البيولوجي البحري. إن سلامة محيطاتنا وصحة كوكبنا متوقفة اليوم بشكل جزئي على عود هذه السلاحف إلى أرجعتها في البحار؛ فحمايتها تضمن لنا حيوية المحيطات وجودتها البيئية على المدى البعيد.

الكاتب: د. طارق قابيل
– أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي.
– أستاذ جامعي متفرغ، وعضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية – كلية العلوم – جامعة القاهرة.
– مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– أمين مجلس بحوث الثقافة والمعرفة، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– الباحث الرئيسي لمشروع خارطة طريق “مستقبل التواصل العلمي في مصر ودوره في الاعلام العلمي”، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مصر.
– السفير الإقليمي للاقتصاد الدائري والمواد المستدامة لمنظمة “سستينابلتي جلوبال” (Sustainability Global)، فينا، النمسا.
– عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.
https://orcid.org/0000-0002-2213-8911
http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel
tkapiel@sci.cu.edu.eg

Loading

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

نقلة نوعية مصرية في الرصد البيئي والزراعة الذكية: جين جديد يضيء طريق اكتشاف النيتروجين الحيوي

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 04 يوليو 2025 لطالما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *