بيئة أبوظبي وسيلة إعلامية غير ربحية مسؤولية مجتمعية تملكها مجموعة نايا للتميز
فعالية بارزة لتمكين المرأة في الاقتصاد الأخضر والدائري
شبكة بيئة ابوظبي، الرباط، المملكة المغربية، 19 يونيو 2025
استضافت الرباط اليوم المؤتمر الإقليمي “نساء على المسار الأخضر” بهدف رئيسي هو “تعزيز المشاركة الاقتصادية للمرأة في الاقتصاد الأخضر والدائري”. وقد جمع هذا الحدث المهم، الذي نظمته الشبكة المغربية للاقتصاد الاجتماعي والتضامني (REMESS) بالتعاون مع مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث (كوثر) في تونس وجمعية إدامة في الأردن، ما يقرب من 80 من أصحاب المصلحة الرئيسيين من منطقة البحر الأبيض المتوسط.
يعد هذا المؤتمر الحدث الرئيسي لمبادرة “نساء على المسار الأخضر”، التي يقودها اتحاد المجتمع المدني المكون من الجمعيات الثلاث المذكورة أعلاه والذي يستفيد من دعم الاتحاد من أجل المتوسط (UfM)، بالشراكة مع MedWaves (برنامج الأمم المتحدة للبيئة)، و GIZ (التعاون الألماني)، و AECID (التعاون الإسباني).
دعوة قويٌّة من أجل الشمول والاستدامة
أكدت الدكتورة حكيمة الحيطي، رئيسة تحالف القطاع الخاص الأفريقي من أجل انتقال مناخي عادل ووزيرة البيئة السابقة (2013-2017)، على الأهمية الحاسمة لهذا التقارب:
“علينا أن نزيل التحيزات ونبني الجسور حتى تتمكن كل امرأة من تحقيق كامل إمكاناتها، متحررةً من العوائق الخفية. النساء لسن مجرد رائدات أعمال؛ بل هن مبتكرات، وبناة للمستقبل، وقدوات لمجتمعاتهن، ودليلٌ حيٌّ على أن الاستدامة مرتبطةٌ ارتباطًا وثيقًا بإبداع المرأة، ولكي يكون الانتقال [إلى الاقتصاد الأخضر والدائري] ناجحًا حقًا، يجب أن يكون شاملًا. فالبيئة بدون مساواة بيئةٌ ناقصة.” وصرحت أسماء دياني، نائبة رئيس REMESS، بهذه المناسبة: “نواجه اليوم استنزافًا للموارد، وتغيرًا مناخيًا، وإفراطًا في إنتاج النفايات. نأمل، من خلال هذا المشروع، أن نساهم في إعادة النظر في نماذجنا الاقتصادية، وتعزيز ريادة الأعمال الخضراء التي تقودها النساء في المغرب وتونس والأردن.”
ضرورة التحول المزدوج: بيئي وشامل
تُسلّط مبادرة “نساء على المسار الأخضر” الضوء على فرصة فريدة، ألا وهي الجمع بين التحول البيئي والتمكين الاقتصادي للمرأة. ففي منطقة البحر الأبيض المتوسط، لا تزال المرأة مُمثّلة تمثيلاً ناقصاً في القطاع الأخضر، مع ارتفاع معدلات البطالة ومحدودية فرص الوصول إلى المناصب القيادية. ومع ذلك، تُعدّ مشاركتها أساسية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والتكيّف مع تغير المناخ.
يُتيح الاقتصاد الأخضر والدائري آفاقاً واعدة: خلق فرص عمل مستدامة، والابتكار في قطاعات الطاقة المتجددة، والزراعة المستدامة، وإدارة النفايات. وتتمتع رائدات الأعمال، بفضل نهجهنّ المجتمعي في كثير من الأحيان، وحساسيتهنّ للقضايا الاجتماعية، بمكانة مرموقة تُمكّنهنّ من تطوير حلول مبتكرة تُعالج التحديات البيئية، مع تحقيق قيمة اقتصادية واجتماعية في الوقت نفسه.
مشروع متعدد الأبعاد
حقق مشروع “نساء على المسار الأخضر” نتائج ملموسة. فقد درّب برنامج بناء القدرات 45 مدربًا من منظمات دعم الأعمال 61 رائدة أعمال يمثلن مناطق مختلفة من الدول الشريكة الثلاثة. ومن بين هؤلاء الرائدات، حصلت 20 منهن على دعم فني بقيمة تقارب 3000 يورو لكل منهن، بينما تلقت الأخريات تدريبًا متخصصًا في ريادة الأعمال مُصممًا خصيصًا لتلبية احتياجاتهن.
تجلّ البعد التشاركي للمشروع من خلال تنظيم ثلاث ورشات وطنية جمعت نخبة من الخبراء في كل من البلدان المعنية. وقد أسهمت هذه المشاورات في إثراء واستكمال تقرير أولي أعدّه خبراء دوليون، ما أسفر عن إعداد تقرير إقليمي موحّد وثلاث ورقات سياسات وطنية. وتقدّم هذه الوثائق توصيات ملموسة ومتكيفة مع السياقات الخاصة بكل من الأردن والمغرب وتونس، مما يشكّل خارطة طريق عملية لتمكين النساء في الاقتصاد الأخضر والدائري.
نحو عمل ملموس ومستدام
يُمثل هذا المؤتمر خطوةً حاسمةً في تعزيز التآزر بين الإدماج الاقتصادي للمرأة والاقتصاد الأخضر والدائري. وتُعدّ التوصيات الصادرة عنه مجرد نقطة انطلاق، إذ يلتزم أصحاب المصلحة الحاضرون بعملية مناصرة طويلة الأمد لتحويل هذه المبادئ التوجيهية إلى سياسات وإجراءات ملموسة على أرض الواقع.
يُظهر هذا الحدث أنه ليس من الممكن فحسب، بل من الضروري، بناء اقتصاد أخضر وشامل، حيث تلعب المرأة دورًا محوريًا في بناء مستقبل مستدام لمنطقة البحر الأبيض المتوسط.
تعبئة إقليمية رغم التحديات
تُظهر المشاركة التونسية والأردنية القوية في هذا المؤتمر التزام الشركاء الثلاثة في مشروع “نساء على المسار الأخضر”. ورغم عدم تمكن الوفد الأردني من الحضور شخصيًا بسبب انقطاعات المجال الجوي نتيجةً للوضع الجيوسياسية الراهن، إلا أن أعضائه يشاركون بفعالية في وقائع المؤتمر عبر تقنية الفيديو.
يُسهم مركز كوثر، وهو منظمة عربية إقليمية ومقرها تونس متخصصة في البحث والتدريب حول قضايا النوع الاجتماعي في العالم العربي، بخبرته في مجال التمكين الاقتصادي للمرأة. وتُسهم جمعية إدامة، وهي جمعية أردنية تعمل من أجل التنمية المستدامة، بخبرتها في دعم المشاريع الخضراء. وتُحشد جمعية REMESS، بصفتها الجهة المضيفة المغربية، شبكتها الوطنية من أصحاب المصلحة في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني لضمان نجاح هذا الاجتماع المتوسطي، وبالتالي بناء جسور التواصل بين البلدان الشريكة الثلاثة. يجمع المؤتمر تنوعًا ملحوظًا من المشاركين: كبار المسؤولين الحكوميين، وقادة القطاع الخاص، وممثلي المنظمات الدولية، والأكاديميين، وأصحاب المصلحة في مجال الابتكار، والمؤسسات المالية، ومنظمات المجتمع المدني. ويعكس هذا التقارب بين أصحاب المصلحة المتعددين إدراكًا متزايدًا للأهمية الاستراتيجية للتمكين الاقتصادي للمرأة في عملية التحول الأخضر.
