Warning: Undefined array key 1 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Undefined array key 2 in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 505

Warning: Cannot modify header information - headers already sent by (output started at /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php:505) in /home/abudhabienv/public_html/wp-content/plugins/visitors-online/visitors-online.php on line 557
مصر وبريكس: آفاق خضراء لمستقبل الابتكار والاستدامة - بيئة أبوظبي

مصر وبريكس: آفاق خضراء لمستقبل الابتكار والاستدامة

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 25 يونيو 2025

في عصر تتلاحق فيه التحديات البيئية بوتيرة غير مسبوقة، من تغير المناخ وندرة الموارد إلى تلوث النظم البيئية، يصبح التعاون الدولي في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار (STI) ليس مجرد خيار، بل ضرورة حتمية لرسم مستقبل مستدام لكوكبنا. وفي قلب هذه الديناميكية العالمية، تبرز جمهورية مصر العربية، مع انضمامها إلى تحالف “بريكس” مطلع عام 2024، لتفتح صفحة جديدة في مسيرتها التنموية، وتطلق العنان لإمكانات هائلة في مجال الابتكار الأخضر والاستدامة.

وفي إطار التوجه الوطني لتعزيز مكانة مصر على الساحة الدولية في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، أصدرت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا التابعة لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، دراسة بحثية استراتيجية بعنوان: “استكشاف سيناريوهات مستقبلية لتعزيز التعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار بين مصر ودول البريكس”، وذلك بالتعاون مع نخبة من الباحثين المحليين والدوليين، وقد نُشرت الدراسة في مجلة Journal of Business and Management Sciences الدولية، المجلد 13، العدد 3 لسنة 2025.

إن نظرتنا المتفحصة في بحثنا العلمي الرصين، الذي نشر مؤخرا حول هذا الموضوع، تكشف لنا عن خارطة طريق لمستقبل هذا التعاون الممتد حتى عام 2040. ونتائج هذه الدراسة ليست مجرد أرقام وحقائق مجردة، بل هي نسق من الرؤى والاستنتاجات الجوهرية، تقدم منظوراً علمياً متجذراً حول الدروب التي يجب على مصر أن تسلكها لقطف ثمار هذه الشراكة العابرة للزمان والمكان والتي تلامس روح العصر، وتغوص في أعماق الإمكانات التحويلية الكامنة في عضوية مصر الحديثة في بريكس، دافعة بمسيرة الشراكات في العلوم والتكنولوجيا والابتكار قُدماً لتضيء دروب هذه الشراكة الاستراتيجية، وترسم ملامح مستقبل، مع تركيز خاص على أبعادها البيئية ومساهمتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة. فمستقبل مصر التكنولوجي، في جوهره، رهين بقدرتها على اغتنام هذه الفرصة السانحة، لا لتكون مجرد مستورد للمعلومات، بل لتغدو شريكاً أصيلاً وفاعلاً في صياغة المعرفة ونقلها وتوطينها.

تفاصيل الدراسة
تأتي هذه الدراسة في أعقاب انضمام مصر رسميًا إلى تكتل “البريكس” في يناير 2024، والذي يضم كلًا من: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا، إلى جانب الأعضاء الجدد: مصر، الإمارات، إندونيسيا، إيران، وإثيوبيا. ويُعد هذا الانضمام نقطة تحول محورية في السياسة الاقتصادية والعلمية لمصر، ويتماشى مع أهداف رؤية مصر 2030 نحو اقتصاد معرفي تنافسي. وقد اعتمدت الدراسة على منهجية تحليل السيناريوهات المستقبلية، لاستشراف مسارات التعاون بين مصر ودول البريكس حتى عام 2040، من خلال تحليل ست مجموعات رئيسية من المحركات تشمل: السياسات الحكومية، الاستثمار، البنية التحتية، القطاع الخاص، الجوانب الجيوسياسية، والتعليم والموارد البشرية، بالإضافة إلى 32 محركًا فرعيًا.

وطرحت الدراسة ثلاثة سيناريوهات محتملة:
السيناريو الأول: “المنطقة الخضراء – الشراكة الاستراتيجية”:
يركز على بناء شراكات طويلة الأمد بين مصر ودول البريكس، من خلال مشاريع مشتركة في الذكاء الاصطناعي، الطاقة المتجددة، التكنولوجيا الحيوية، والصناعات التحويلية. ويتضمن إنشاء مراكز أبحاث ومنح تبادل علمي، وتحويل مصر إلى مركز إقليمي للابتكار.

السيناريو الثاني: “تناغم البريكس – الاندماج الكامل”:
يرسم تصورًا لمصر كجزء لا يتجزأ من البنية التكنولوجية لدول البريكس، عبر استثمارات ضخمة في الصناعات المتقدمة مثل أشباه الموصلات، وإنشاء “جامعة البريكس للتكنولوجيا المتقدمة” في القاهرة، وإصلاحات تشريعية تُمكّن من الانخراط الكامل في سلاسل القيمة العالمية.

السيناريو الثالث: “المسار الضيق – الانخراط المحدود”:
إنجازات حالية وتوصيات استراتيجية
أشارت الدراسة إلى عدد من نماذج التعاون القائمة بالفعل، مثل:
مشروع “الضبعة النووي” بالتعاون مع روسيا، وإطلاق القمر الصناعي “مصر سات 2” بالتعاون مع الصين، ومئات الأبحاث المشتركة مع مؤسسات علمية في الهند والصين وذلك وفقًا لبيانات منصة Scopus العالمية.

كما قدمت الدراسة حزمة من التوصيات المحورية لتعظيم استفادة مصر من عضوية البريكس، أبرزها:

إنشاء مناطق صناعية تكنولوجية مشتركة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء، ودعم الشركات الناشئة عبر صناديق تمويل مشتركة مع دول البريكس، وتطوير الأطر القانونية لتسهيل الاستثمار وتبادل المعرفة، و إطلاق برامج تبادل أكاديمي ومنح دراسية مع جامعات البريكس، وتعزيز البنية الرقمية وربطها بالبنية التكنولوجية التشاركية لدول البريكس.
وأكدت أكاديمية البحث العلمي أن هذه الدراسة تأتي في إطار الدور الذي تضطلع به في دعم صُنّاع القرار المصري، عبر تقديم رؤى علمية تستشرف الفرص والتحديات، وتساعد على تحديد أولويات الاستثمار في البحث والتطوير بما يعزز مكانة مصر كدولة فاعلة في النظام العالمي الجديد القائم على الابتكار والتعددية والتكامل الدولي.

بريكس: قوة بيئية وتقنية دافعة
لم يعد تحالف بريكس مجرد تجمع اقتصادي فحسب، بل أصبح يمثل ثقلاً عالمياً متزايد الأهمية في مجالات الابتكار البيئي والتكنولوجيات الخضراء. تمتلك دول البريكس قدرات تكنولوجية متنوعة، يمكن أن تكون رافداً قوياً لجهود الاستدامة العالمية والمصرية على وجه الخصوص:
● الصين: رائدة عالميًا في تكنولوجيا الطاقة المتجددة (الشمسية والرياح)، والمركبات الكهربائية، وحلول المدن الذكية، والتصنيع الأخضر.
● الهند: تتقدم بخطى ثابتة في التكنولوجيا الحيوية التي يمكن توظيفها لمعالجة النفايات وتحسين الزراعة المستدامة.
● روسيا: تمتلك خبرات واسعة في أبحاث القطبين والمحيطات، وهي مجالات حيوية لفهم تغير المناخ وتأثيراته.
● البرازيل: رائدة بلا منازع في مجال الطاقة الحيوية (الوقود الحيوي)، والزراعة الذكية، وإدارة الموارد المائية، بما يدعم الاقتصاد الدائري.
● جنوب أفريقيا: تولي اهتمامًا متزايدًا بالبحث في الطاقة المتجددة وإدارة المياه والتنوع البيولوجي.
إن هذا المزيج الفريد من الخبرات يمثل فرصة لمصر للانفتاح على أحدث الابتكارات والحلول البيئية، وتوطينها بما يتناسب مع احتياجاتها، والمشاركة في مشاريع رائدة تخدم الأجندة العالمية للاستدامة.

مصر: طموحات خضراء في فلك بريكس
تتضافر جهود مصر الحالية مع تطلعاتها المستقبلية في مجالات البيئة والاستدامة ضمن إطار تعاونها مع دول بريكس:
● مشاريع الطاقة النظيفة: على الرغم من أن محطة الضبعة النووية (بالتعاون مع روسيا) لا تعد طاقة متجددة، إلا أنها تمثل مصدرًا ضخمًا للطاقة النظيفة ومنخفضة الكربون، مما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية في مزيج الطاقة المصري. كما أن التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة، وخاصة الشمسية والرياح، يفتح آفاقًا للتعاون في نقل وتوطين تكنولوجيات الطاقة النظيفة من دول مثل الصين.
● إدارة الموارد المائية والزراعة المستدامة: يمكن لمصر الاستفادة من خبرات البرازيل والهند في تطوير المحاصيل المقاومة للجفاف، وتقنيات الري الحديثة، وأساليب الإدارة المائية الذكية لمواجهة تحديات ندرة المياه وتحقيق الأمن الغذائي المستدام.
● تكنولوجيا الفضاء والمراقبة البيئية: أقمار “مصر سات” (بالتعاون مع الصين) يمكن أن تضطلع بدور محوري في المراقبة البيئية، بدءًا من تتبع التغيرات في الغطاء النباتي والموارد المائية، مرورًا برصد التلوث، وصولًا إلى دعم جهود التكيف مع تغير المناخ.
● البحث القطبي والمحيطي: مشاركة مصر في اجتماعات المجموعة العاملة لبريكس في مجال العلوم والتكنولوجيا القطبية والمحيطية (مايو 2025) يعكس اهتماماً متزايداً بالمساهمة في فهم التغيرات البيئية العالمية وتأثيراتها، وهو مجال حيوي لأبحاث المناخ والبحار.
ورغم هذه المبادرات الواعدة، فإن التحدي الأبرز يكمن في ضعف الإنفاق المصري على البحث والتطوير (0.96% من الناتج المحلي الإجمالي في 2022)، مما يعوق تسريع وتيرة الابتكار البيئي. هنا يأتي دور التعاون مع بريكس لسد هذه الفجوة المعرفية والتمويلية.

سيناريوهات المستقبل: تحديد المسار الأخضر حتى 2040
لقد رسمت دراستنا ثلاثة سيناريوهات لمستقبل التعاون، يمكن قراءتها من منظور بيئي لنتخيل مصر في عام 2040:
1. المنطقة الخضراء (شراكة استراتيجية): في هذا السيناريو الأكثر تفاؤلاً، تتحول مصر إلى مركز إقليمي للابتكار الأخضر. تتمثل النتائج في إنشاء “وادي السيليكون المصري” المتخصص في التكنولوجيات البيئية، وتأسيس مختبرات متقدمة للبحث والتطوير المشترك في مجالات الطاقة المتجددة، ومعالجة المياه، والزراعة الذكية، وإدارة النفايات، بالشراكة مع خبرات بريكس. وتصبح مصر منصة لتصدير حلول الاستدامة إلى المنطقة.
2. انسجام بريكس (دمج كامل): يمثل هذا السيناريو اندماجًا أعمق في سلاسل القيمة الخضراء العالمية. تستقطب مصر استثمارات ضخمة من بريكس لإنشاء مناطق اقتصادية حرة متخصصة في صناعات الطاقة النظيفة، وإعادة تدوير المواد، وتصنيع المعدات البيئية. وتتكامل البنية التحتية الرقمية لدعم المراقبة البيئية الذكية، وتنشأ جامعات متخصصة في علوم الاستدامة بالشراكة مع جامعات بريكس الرائدة.
3. المسار الضيق (مشاركة محدودة): هذا هو السيناريو الأقل تفضيلاً. فيه يقتصر التعاون على التجارة التقليدية، وتظل مصر مستوردًا للتقنيات البيئية بدلاً من إنتاجها أو تطويرها. يؤدي ذلك إلى تباطؤ في جهود التنمية المستدامة، وزيادة الأعباء البيئية، وفقدان فرص الاستفادة من الخبرات العالمية في مواجهة التحديات المناخية.

توصيات استراتيجية لمستقبل مستدام
لتحقيق سيناريوهات الطموح “المنطقة الخضراء” و”انسجام بريكس” من منظور بيئي، يتعين على مصر أن تتبنى استراتيجية شاملة:
● زيادة تمويل البحث والتطوير البيئي: تخصيص جزء كبير من الاستثمار المتزايد في R&D لتقنيات المناخ، وحلول المياه، والحفاظ على التنوع البيولوجي، وتطوير نماذج الاقتصاد الدائري.
● إنشاء مناطق صناعية مشتركة خضراء: تطوير مدن صناعية بيئية (Eco-Industrial Parks) بالشراكة مع دول بريكس، تركز على التصنيع المستدام، وكفاءة الموارد، وتقليل البصمة الكربونية.
● تعزيز نقل التكنولوجيا الخضراء: وضع أطر عمل لتسهيل نقل وتوطين التقنيات البيئية المتقدمة من دول البريكس، بما في ذلك تكنولوجيا تحلية المياه بالطاقة المتجددة، وحلول إدارة النفايات الصلبة.
● التوسع في برامج التبادل التعليمي البيئي: دعم المنح والبعثات للطلاب والباحثين المصريين في مجالات علوم البيئة، والهندسة المستدامة، وعلوم المناخ في جامعات البريكس المرموقة.
● محاذاة السياسات البيئية: التوافق مع المبادرات البيئية لبريكس، والمشاركة بفاعلية في المنتديات العالمية المعنية بالاستدامة، لتعزيز دور مصر كصوت مؤثر في قضايا المناخ.

مصر: ركيزة إقليمية للاستدامة الخضراء
تتمتع مصر بمزايا نسبية فريدة تعزز جاذبيتها كشريك في قيادة جهود الاستدامة. فموقعها الجغرافي الاستراتيجي يجعلها جسرًا بحريًا بين القارات (قناة السويس)، مما يفتح آفاقًا لمبادرات “الممرات الخضراء للشحن” (Green Shipping Corridors) بالتعاون مع شركاء بريكس. كما أن سوقها الشابة والكبيرة توفر قوة عاملة هائلة يمكن تأهيلها في “الوظائف الخضراء” (Green Jobs) المستقبلية.

دعوة للعمل نحو مستقبل أخضر مشترك
إن انضمام مصر إلى بريكس يمثل فرصة لا تقدر بثمن لتسريع وتيرة التحول نحو اقتصاد أخضر ومستدام. تحقيق “المنطقة الخضراء” أو “انسجام بريكس” ليس مجرد حلم، بل هو هدف واقعي يتطلب رؤية جريئة، واستثمارات ذكية وموجهة، وإصلاحات هيكلية مستمرة، وشراكات استراتيجية عميقة.
إنني أدعو، من هذا المنبر، جميع أصحاب القرار والفاعلين في قطاعات البيئة والطاقة والابتكار، في مصر والمنطقة، إلى اغتنام هذه اللحظة التاريخية. لنعمل معًا، يدًا بيد، لتسخير إمكانات تحالف بريكس لتعزيز جهودنا في حماية كوكبنا، وتحقيق التنمية المستدامة، وبناء مستقبل أكثر اخضرارًا وازدهارًا للأجيال القادمة. فمستقبلنا البيئي المشترك يعتمد على جرأتنا اليوم في الابتكار والتعاون.

(للاطلاع على البحث كاملاً، يرجى زيارة الرابط التالي: https://doi.org/10.12691/jbms-13-3-3)

الكاتب: د. طارق قابيل
– أكاديمي، خبير التقنية الحيوية، كاتب ومحرر ومترجم علمي، ومستشار في الصحافة العلمية والتواصل العلمي.
– أستاذ جامعي متفرغ، وعضو هيئة التدريس بقسم التقنية الحيوية – كلية العلوم – جامعة القاهرة.
– مقرر لجنة الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية والثقافة العلمية والدراسات الاستراتيجية ومؤشرات العلوم والتكنولوجي، وزميل أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– أمين مجلس بحوث الثقافة والمعرفة، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي – مصر.
– الباحث الرئيسي لمشروع خارطة طريق “مستقبل التواصل العلمي في مصر ودوره في الاعلام العلمي”، أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، مصر.
– السفير الإقليمي للاقتصاد الدائري والمواد المستدامة لمنظمة “سستينابلتي جلوبال” (Sustainability Global)، فينا، النمسا.
– عضو المجموعة الاستشارية العربية للعلوم والتكنولوجيا، التابعة للمكتب الإقليمي للأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث للدول العربية.
https://orcid.org/0000-0002-2213-8911
http://scholar.cu.edu.eg/tkapiel
tkapiel@sci.cu.edu.eg

Loading

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

نقلة نوعية مصرية في الرصد البيئي والزراعة الذكية: جين جديد يضيء طريق اكتشاف النيتروجين الحيوي

شبكة بيئة ابوظبي، د. طارق قابيل (*)، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 04 يوليو 2025 لطالما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *