تمكين التعاونيات النسائية لمواجهة تغير المناخ: تجربة جهة مراكش – آسفي نموذجًا
شبكة بيئة ابوظبي، المملكة المغربية، 23 أكتوبر 2025
في زمنٍ تتسارع فيه آثار التغير المناخي وتتعاظم تحديات ندرة المياه وتدهور الأراضي، برزت مبادرات محلية في العالم العربي تسعى إلى تحويل الأزمة إلى فرصة للتنمية المستدامة. ومن بين هذه التجارب المُلهمة، ما شهده المغرب خلال سنة 2024 من مشروعٍ رائد نفّذه مركز التنمية لجهة تانسيفت (CDRT) بجهة مراكش – آسفي، بدعم من صندوق المنح الخضراء العالمي، بهدف تأهيل وتمكين التعاونيات النسائية لتصبح فاعلًا بيئيًا واقتصاديًا في مواجهة آثار التغير المناخي.
من الرؤية الوطنية إلى العمل الميداني
يندرج المشروع ضمن الجهود المغربية لتفعيل الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة 2030، التي جعلت من الاقتصاد الأخضر والتغير المناخي محورين أساسيين لتوجيه السياسات العمومية. وقد ركّزت التجربة على الانتقال من الخطاب إلى الفعل، عبر تأطير عملي للتعاونيات النسائية العاملة في مجالات الزراعة والريّ والمنتجات المحلية، داخل أقاليم مثل الحوز وشيشاوة والرحامنة وقلعة السراغنة والصويرة.
المرأة في قلب التحول الأخضر
اعتمد المشروع على مقاربة تشاركية جمعت خبراء من مجالات متعددة: المياه والطاقة والزراعة والاقتصاد الاجتماعي والقانون، لتزويد النساء بأدوات علمية وتطبيقية تمكّنهن من تحسين إدارة الموارد الطبيعية وتطوير تقنيات الزراعة المستدامة، وابتكار منتجات محلية عالية القيمة تراعي البيئة.
فمن خلال التدريب والمواكبة، تم تعزيز قدرات النساء في تدبير المياه والتربة والمنتجات المجالية، وتشجيع التفكير الإبداعي لتصميم حلول بسيطة ومنخفضة التكلفة، قادرة على الصمود في وجه التغيرات المناخية.
الابتكار من أجل التكيف
استفادت التعاونيات النسائية من ورشات علمية وميدانية ساعدتهن على تحليل واقع كل منطقة، وتطوير مبادرات محلية متكيفة مع خصوصياتها البيئية والاجتماعية. فبعض التعاونيات عملت على إعادة تدوير المخلفات الزراعية وتحويلها إلى منتجات اقتصادية، وأخرى طورت أساليب ريّ ذكية لترشيد المياه.
هذه النماذج الصغيرة، التي تقودها النساء، أضحت اليوم أمثلة حية على أن التمكين البيئي هو بوابة التمكين الاقتصادي، وأن دعم المرأة القروية ينعكس مباشرة على استقرار الأسرة والمجتمع.
نحو عدالة مناخية شاملة
إنّ تجربة جهة مراكش – آسفي تعبّر عن وعيٍ متزايد بأهمية إدماج المرأة في استراتيجيات المناخ والتنمية، ليس فقط كمستفيدة، بل كقائدة وفاعلة في صياغة الحلول. وقد أظهر المشروع أن تمكين النساء في إدارة الموارد الطبيعية وتثمين المنتجات المحلية، يعزّز الأمن الغذائي المحلي، ويخلق فرص عمل مستدامة في المناطق الهشة.
الإمارات وشبكة بيئة أبوظبي… شراكة فكرية في مسار عربي واحد
تعكس هذه التجربة المغربية التقاء الرؤى مع التوجهات البيئية في دولة الإمارات العربية المتحدة، التي جعلت من التمكين البيئي للمرأة أحد محاور عملها ضمن استراتيجية الحياد المناخي 2050. وتتابع شبكة بيئة أبوظبي هذه النماذج العربية باعتبارها جسورًا للتعاون المعرفي والإنساني، تعزز مفهوم «العدالة المناخية من القاعدة إلى القمة».
ختامًا
لقد برهنت نساء التعاونيات في جهة مراكش – آسفي أن مواجهة التغير المناخي لا تتم بالقرارات فقط، بل بالمعرفة، والعمل الميداني، والتكافل المحلي. إنها رسالة لكل بلدان المنطقة: أن الاستثمار في النساء هو استثمار في مستقبل البيئة، وفي استدامة الحياة نفسها.
![]()
بيئة أبوظبي وسيلة إعلامية غير ربحية مسؤولية مجتمعية تملكها مجموعة نايا للتميز