“وجبة ….. إبداع وابتكار (3) ” .. هل تتعلم المنظمات؟ وكيف؟ (3)

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد. 23 يناير 2017

هل تتعلم المنظمات؟ وكيف؟
يتميز العصر الراهن (الرقمي) بتزايد سرعة الإيقاع وكثرة التحديات وسرعة التغييرات، وتقدم التقنية وسبل الإتصالات وتوليد المعرفة وادارتها، مما يوجب وجود منظمات قادرة على التعلم المستمر على كافة المستويات الإدارية فيها، مع إيمانها بأهمية وضرورة البقاء، للحفاظ على كفاءتها وفاعليتها وقدرتها على الاستمرار، وأمام هذا الواقع يجب على المنظمات أن ترمي وراء ظهرها الأنظمة الإدارية التقليدية وأن تنتهج وسائل وأساليب علمية حديثة تتضمن الكفاءة والفعالية، لتساعدها على تحقيق النجاح المستدام وامتلاك المفاتيح الأساسية للوصول إلى ما فوق التميز ، كالتعلم التنظيمي الذي هو من أهم المتغيرات لمواجهة التغييرات والتميز في بيئة تنافسية، وأيضا اعتماد البيئات المفتوحة التي تؤثر وتتأثر ببيئتها الخارجية، وتوليد المعرفة وإدارتها والإهتمام برأس المال الفكري والعنصر البشري المبدع والمبتكر.

فرعاية وتأهيل العقول الباحثة عن التميز والمتطلعة للبحث والتعلم المتواصل، ستكون الذخيرة الحقيقية للنجاح في المستقبل ، فالتطورات المتسارعة في العصر الرقمي يرسم مساراً جديداً للمنظمات من حيث التحدي والتنافس على استقطاب العقول لتكون القاعدة الأساسية للريادة، بالأمس كانت المنظمات تحتضن الإنسان من المهد إلى اللحد، أما الآن أصبح هو مرشدها للوصول إلى المنظمة المتعلمة.

ولدت فكرة المنظمة المتعلمة منذ السبعينيات من القرن العشرين، وقد اشتقت من عمل (Argyris & Schon,1978) عن التعلم التنظيمي، وتمتد جذورها إلى طريقة البحث العلمي ونظرية التنظيم، والتنظيم العضوي، أما مصطلح المنظمة المتعلمة فقد ابتدعه Senge 1990 عندما أشار في كتابه The fifth discipline إلى مسؤولية المنظمات في التكيف مع تطورات العالم المعاصر المليء بالتغيير والفوضى والاضطراب، ومن أجل تحقيق تلك المسؤولية يتطلب من المنظمات التحول إلى منظمات تعليمية وتعلميّة، ويرى العديد من العلماء أن المنظمات التي تحاول تبني مفهوم المنظمة المتعلمة تسعى إلى توفير فرص التعلم المستمر، واستخدامه بشكل عملي في تحقيق الأهداف وربط أداء العامل بأداء المنظمة، وتشجيع البحث والحوار والمشاركة والإبداع، كمصدر للطاقة والتجديد والتفاعل مع البيئة.

وتتباين التعريفات التي قدمها الباحثون والمفكرون للمنظمة المتعلمة بإختلاف مذاهبهم الفلسفية وتنوع تجاربهم وتعدد تخصصاتهم ، وعلى الرغم من ذلك يشترك الجميع في جوهرها.
 فقد عرف Senge “المنظمة المتعلمة على أنها منظمات يعمل فيها الأفراد باستمرار على زيادة قدراتهم في تحقيق النتائج التي يرغبون فيها والتي يتم فيها مساندة وتشجيع وجود نماذج جديدة وشاملة للتفكير ، ويطلق فيها المجال لطموحات الجماعة للتعلم من بعضهم البعض كمجموعات”.

 أما Marsick & Watkins فقد عرفها “بأنها المنظمة التي تتعلم وتحول نفسها باستمرار وذلك من خلال تبني استراتيجية للتعلم المستمر تتكامل وتسير جنباً إلى جنب مع الأنشطة والأعمال التي تقوم بها المنظمة لتحقيق التطوير المستمر”

 ويعرفها نجم بأنها “المنظمة التي طورت القدرة على التكيف والتغير المستمر، لأن جميع أعضائها يقومون بدور فاعل في تحديد وحل القضايا المختلفة المرتبطة بالعمل”.

وبناءً على ما يحمله العصر الرقمي بطيات أفكاره المحيرة والمتسارعة، يفرض على المنظمات مواكبة وتوقع تلك الأفكار ، وتغيير فكرها الإنتاجي الخدمي والسلعي لتتوافق مع سماء الفكرة ، علاوة على ذلك هناك العديد من المبررات الأخرى التي تستدعي للتحول للمنظمة المتعلمة منها :

العالمية : التي تحقق نجاحاً في الإقتصاد والمال المعتمد على التجارب وأفضل الممارسات العالمية.

تكنولوجيا المعلومات : التي تعتبر أهم عناصر التوجه نحو التغير الإستراتيجي متمثلا في التجديد والإبداع ، كما وتعمل تكنولوجيا المعلومات بشكل جذري على تغيير أسس منافسة الأعمال في العالم .

التطوير الجوهري لأساليب العمل : إن تغير أساليب العمل بشكلها الجذري من خلال تقابل الموظفين وجها لوجه رغم البعد الجغرافي، الذي جعل أساليب العمل الجديدة تقف عائقاً أمام المنظمات التقليدية .

زيادة تأثير العملاء : العميل هو الرقم الصعب في هذه المعادلة، هو الموجه الحقيقي والوجهة النهائية لجميع أشكال التنافس، وتسعى جميع المنظمات لتلبية طموحاته واحتياجاته بما يزيد عن المتوقع ، من حيث السرعة والجودة والتكلفة .

المعرفة : تشكل المعرفة أهم التطورات الفكرية ، ومع ظهورالإقتصاد المعرفي واشتداد المنافسة اصبحت تبحث المنظمات عن العنصر الذي يخلق لها ميزة تنافسية ويجعلها تتميز عن غيرها من المنظمات ، وأصبحت المعرفة المفتاح الأساسي لتطور اقتصادات الدول وكذلك للمنظمات سواء كانت ذات إنتاج سلعي أو خدمي ، وتعتبر من أهم مصادر الثروة .

تطور أدوار وتوقعات العاملين : إن المعرفة الناتجة عن تعلم الموظفين تزداد قيمتها مع الإستخدام والممارسة ، مما يحتم على المنظمات أن تحسن جذب واستقطاب صناع المعرفة والإحتفاظ بهم من خلال التحفيز الإيجابي والتفاعل الجماعي وتوفير بيئة مشجعة لإبراز ابداعاتهم وابتكاراتهم .

المراجع:
1. العلي ، عبد الستار وأخرون – المدخل إلى ادارة المعرفة – دار الميسرة للنشرو التوزيع والطباعة – عمان الأردن، 2006 .
2. دانيال اتش . بينك – عقل جديد كامل – مكتبة جرير – 2015
3. .الحواجره، كامل محمد. (2011). الاستعداد التنظيمى المدرك للتغير الاستراتيجى فى المنظمه المتعلمه. المجلة الاردنية فى إدارة الاعمال. الاردن.
4. سالم،مؤيد، 2005 ، منظمات التعلم، القاهرة: المنظمة العربية للتنمية الإدارية.
5. سويدان، طارق .2001 ، المنظمة المتعلمة،الرياض:قرطبة للإنتاج الفني
6. مراد ، علة. التعلم التنظيمي في ظل الإدارة المعرفية : مدخل للمنظمة المتعلمة في عصر المعرفة،مجلة دراسات وأبحاث – جامعة الجلفة – الجزائر,ع 8, (2012), ص ص 49 – 62.
7. نجم، عبود، 2005، إدارة المعرفة: المفاهيم والاستراتيجيات والعمليات ، عمان: مؤسسة الوراق للنشر والتوزيع.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (101) “استراتيجيات التغيير (14)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …