“وجبة ….. إبداع وابتكار (10) استشراف المستقبل ” المنظمات الفكرية للدراسات المستقبلية ” (6)

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير تصميم سيناريوهات المستقبل 1 مايو 2017

ثالثاً: أهم المنظمات الفكرية العالمية للدراسات المستقبلية:
تعددت المدارس والنماذج الفكرية للدراسات المستقبلية متباينة في المنطلقات والمناهج والبرامج، وقد استطاع بعض العلماء من وضع تنبؤات علمية لفترات زمنية خلال القرن الحادى والعشرين، من خلال مؤسسات فكرية طبقت فيها أساليب علمية تكنولوجية في حل المشكلات في تلك العصور ومن ثم تتطورت لتأخذ شكل عالمي، نورد تلك المنظمات حسب تسميتها الرسمية:

1. مؤسسة راند (Rand Coration) (Research and Development):
أول معهد دراسات مستقبلية مطلق اليدين وهي مخزن فكر(Think Tank)، وتعني المكان الذي يجمع علماء وخبراء محنكون يدفع لهم الأجر مقابل التفكير في الإمكانات التي يمكن أن تحدث في المستقبل، تأسست عام 1945 بإشراف القوات الجوية الأميركية، وبمشاركة شركة “دوغلاس للطيران” كان هدفها “إمدد القوات الأميركية بالمعلومات والتحليلات اللازمة”، وبعد أن أصبحت المؤسسة شبه مستقلة شمل اهتمامها معظم المجالات ذات العلاقات بالسياسات العامة داخل أميركا وخارجها، ويوجد لدى المؤسسة مجلس أمناء يضعون خططها المستقبلية، وأهم من عمل بهذا المجلس فيما بعد (دونالد رامسفيلد، كوندزليزا رايس، زالماي خليل زاده).

استخدمت مؤسسة رانداسلوب دلفاي في التنبؤ عام 1950 لحل بعض المشكلات التي تواجهها قبل أن يكون الأسلوب معروفا باسم دلفاي، فقد قامت المؤسسة بجمع الآراء التي قدمها مجموعة من الخبراء عن أنسب السبل لحل المشكلات والتي لم يكن من الممكن الوصول إليها عن طريق البحث العلمي التجريبي. (1)

وبحسب التقرير السنوي للمؤسسة عام 2005، فإن نصف الدراسات التي يعدها باحثوها تتعلق بقضايا الأمن القومي والعالمي، وظلت (راند) شديدة التأثير في صياغة الرأي لدى صناع القرار في أميركا، وخاصة المؤسسة العسكرية ممثلة في البنتاغون، حتى أن (بول بريمر) الحاكم الأميركي المدني السابق للعراق أعتمد على تقرير استراتيجي أعدته مؤسسة راند عن أفضل السبل لتسيير الوضع في العراق. (2)

ويأخذ المراقبون على (راند) نزعتها العسكرية الجامحة، ووقوفها مع الحروب الإستباقية التي شنها جورج بوش، وارتباطها بعلاقات متميزة بشركات تصنيع الأسلحة وأجهزة الإستخبارات، مما جعلها هدفاً للكثير من نظريات المؤامرة حتى داخل أميركا، تمتلك المؤسسة إمكانيات هائلة تكاد تشبه ميزانية بعض الدول المستقلة في افريقيا.

توجد عدة فروع للمؤسسة، بعضها داخل أميركا وبعضها في الخارج، إذ توجد ثلاث مقرات رئيسية في كل من (سانتا مونيكا كاليفورنيا ، وواشطن دي سي ، وبتسبيرغ بنسلفانيا ، وكامبردج بالمملكة المتحدة ) إضافة إلى فرع افتتح حديثاً في دولة قطر، وبقيت المؤسسة على مدى (60) عاماً مرجعاً للسياسيين يعودون إليها للتشاور والإطلاع وحل القضايا الشائكة ذات الطابع العام، كالمشكلات الإجتماعية مثل التعليم والصحة، أو العالمية مثل قضايا الأمن القومي. (3)

2. نادي روما (Club of Roma ):
عقد إجتماع ضم رجل الأعمال الإيطالي (أوريليو بيشي) والمدير العلمي في منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية (الكسندركنغ) عام 1967، وتبين إن هناك مشكلات تهدد المجتمع الدولي مثل الزيادرة السكانية واستنزاف الموارد الطبيعية والفقر …. الخ ، وإن المؤسسة الدولية عاجزة عن التصدجي لهذه المشكلات، وغستناداً إلى هذه الأفكار عقد أول إجتماع في روما عام 1968 وضم ثلاثين عالماً من عشر دول، وأطلق عليه اسم (نادي روما) (4)

إن دراسات نادي روما ركزت في الربط بين ظاهرة الإعتماد المتبادل المتزايدة بين المجتمعات، وتطوير تقنيات الدراسات المستقبلية لمعرفة الإحتمالات المختلفة للظواهر العالمية، وقد كان للتقرير الأول لنادي روما صدى كبير سيما نتيجة النظرة التشاؤمية لمسقبل العالم التي طغت على التقرير وتنبأب بالكارثة الدولية. (14)

وقد طبقت الأمم المتحدة في نادي روما علم ديناميكية النظم لأول مرة لدراسة نمو الموارد العالمية في أوائل الستينات، وظهرت أهميته آنئذ في التحديات التي يفرضها على نماذج التفكير المعتادة لدى الفرد أو المجموعة ، وكان نموذج روما أكثر النماذج أهمية ودلالة (حدود النمو) كان أنموذجاً لنظم مجمعة بشكل غير متقن لسكان العالم والتصنيع والتلوث وانتاج الغذاء واستنفاذ الموارد، كما تميز بنقده للنمو، وكانت نتائجه الختامية الرئيسية أن الإتجاهات الجارية ستؤدي إلى إنهيار إجتماعي (هبوط لا يمكن ضبطه في السكان والقدرة الصناعية غالباً بعد عام 2015).(5)

3. أنموذج (ميزاروفيتش ) و(باستل) يركز هذا النموذج في الوضع العالمي للطاقة، وبخاصة النفط والأوضاع العالمية لمسألة الغذاء والتغذية (6)

4. أنموذج مؤسسة (باريولتشي) مركزه الأرجنتين وهو يركز في تصور أمريكا اللاتينية للعالم، ذلك أنه يتبنى قضايا العالم الثالث، وقد اهتم إلى حد بعيد بالعدل الإجتماعي والمساواة أكثر من قضايا النمو وأظهر الأنموذج تلبية الحاجات الأساسية مفتاح التنمية. (7)

5. أنموذج (ليونتييف) لقد أعتمد هذا الأنموذج بناء على تنظير الروسي المولد والأمريكي الجنسية واسيلي ليونتيف(Wassily Leontief) الذي نشر عمله الرائد (هيكل الإقتصاد الأمريكي 1919 – 1939) عام 1941، حيث قام بتطوير فكرة كونزاي، من خلال استخدام بعض الأساليب الرياضية لتركيب جدول مدخلات – مخرجات للإقتصاد الأمريكي، ومنذ ذلك الحين ومازالت الاسهامات التحليلية والتنبؤية جارية للإستفادة من إمكانيات هذا الجدول.(8)

6. أنموذج (ساروم) الإنكليزي أشرف على هذه الأنموذج إدارة البيئة بالمملكة المتحدة، ويعتمد خصوصاً على بناء أنموذج محاكاة له أسس نظرية مشتقة لدراسة مستقبل الموارد العالمية. (9)

ونخلص إلى أن علم المستقبليات له مبادئه “مبدأ الإستمرارية ” الذي يتمثل في توقع المستقبل امتداً للحاضر، و”مبدأ التماثل” أي أن تتكرر أنماط الحوادث من وقت لأخر، و”مبدأ التراكم” : ويتمثل في تراكم الأحكاك على نفس الوقائع، وقد تناولته عدة مؤسسات فكرية من خلال أنماذج أثبتت تجاربها عبر التاريخ قوة هذا العمل وكيفية توجيه دفة زمن المستقبل القريب والزمن البعيد وما بينهما من إطار زمني، وكان من أشهر هذه المنظمات والتي تفاعلت مع زمن الحاضر لتوقع مستقبل الزمن القادم مثل (مؤسسة رند) و(نادي روما)،فميزة هذه النماذج «للمستقبليات» العالم، على اختلافها الإيديولوجي والسياسي والاجتماعي، أنها تتكامل، ويكون بعضها مع بعضها الآخر نموذجاً شاملاً ، من حيث ثروات الطبيعة، علاقات الإنسان بالطبيعة، دور العلم والتقنية في التنمية، علاقة العالم الثالث بالرّأسمالية العالمية، علاقة الدّولة بالمجتمع، صراعات المجتمعات، دور الثقافة والتّعليم والفن والفلسفة في التنمية ، الفضاء العالمي والخريطة الجغرافية للمعمورة.

المراجع:
1. د. محمد سيف الدين فهمي، التخطيط التعليمي: أسسه وأساليبه ومشكلاته، القاهرة، مكتبة الأنجلو المصرية، 1996.
2. محمد فالح الجهني، تطبيق افتراضي لأسلوب دلفاي في الدراسات المستقبلية، الخليج العربي المرغوب استكشافا واستهدافاً، مجلة المعرفة 2010.
3. موسوعة المعرفة http://www.marefa.org/index.php/%d9%85%d8
4. وليد عبد الحي، الدراسات المستقبلية، النشأة والتطور والأهمية.
5. وليد عبد الحي، الدراسات المستقبلية، مرجع سابق
6. د. رحيم الساعدي -المستقبل – مقدمة في علم المستقبلية – الجزء الثاني – الطبعة الأولى 2011 – دار الفراهيد للنشر والتوزيع.
7. د. سهيل عناية الله، استشراف مستقبل الأمة، مراجعة لنماذج المحاكاة ومداخل دراسة المستقبلات البديلة، المعهد العالمي للفكر الإسلامي.
8. د. سهيل عناية الله، استشراف مستقبل الأمة، مرجع سابق.
9. منتديات شباب اليوم http://shbab2day.yoo7.com/t433-topic

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (100) “أبعاد التغيير (13)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …