“وجبة ….. إبداع وابتكار (20) ” نبذة تاريخية عن السيناريو 1 “

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 10 سبتمبر 2017

مقدمة:
تتمة لمقالات استشراف المستقبل، وكما تمت الإشارة إليه سابقاً في مقالاتنا السابقة، سنورد بالتفصيل بعض الأساليب الرئيسية وذات الأهمية في استشراف المستقبل، مثل (السيناريو، تقنية دلفي، دولاب المستقبل وغيرها)، وسوف تكون بداية تلك الأساليب الاستشراف بالسيناريو، وسنورده من خلال جزئين بعدة مقالات متتالية، كما ويمكن الاضافة عليها بعض السيناريوهات العملية وحالات تطبيقية لتسهيل استخدامها في المجال العملي ومن قبل الزملاء المدربين في المجال التدريبي، وسيتم تصنيفها كما يلي:

الجزء الأول: مفهوم وأهمية وخصائص السيناريو
أولاً: نبذة تاريخية عن تقنية السيناريو.
ثانياً: تعريف السيناريو.
ثالثاً: مفهوم السيناريو.
رابعاً: أهمية السيناريو المستقبلي.
خامساً: أهداف السيناريو هات المستقبلية.
سادساً: خصائص السيناريو المستقبلي.
سابعاً: أنواع السيناريو.
ثامناً: الركائز الأساسية لضمان نجاح التخطيط المستقبلي باستخدام السيناريو.
تاسعاً: صفات السيناريو الجيد.
عاشراً: عملية تخطيط السيناريو المستقبلي.

الجزء الثاني: معايير وتخطيط وبناء السيناريو
أولاً: دور السيناريوهات في تبسيط المستقبل.
ثانياً: معايير السيناريو المستقبلي.
ثالثاً: تخطيط وبناء السيناريوهات المستقبلية.
رابعاً: طرق بناء السيناريوهات المستقبلية.
خامساً: خطوات بناء السيناريوهات.
سادساً: تصنيفات السيناريو.
سابعاً: فوائد السيناريو.
ثامناً: محاذير يجب أن تراعى عند استخدام أسلوب السيناريوهات..
تاسعاً: صياغة السيناريوهات المستقبلية.

قبل البدء في استكشاف تطور السيناريو، لا بد من التنويه بأنه لدى الإنسان القدرة على صياغة السيناريوهات واستخدامها بشكل حدسي، وكل منا يستخدم السيناريو في حياته الشخصية بشكل يومي من خلال استخدام مخيلته لأي حدث، إلا أنه لا يعي ذلك بشكل ممنهج.

لم يكن إنسان ما قبل التاريخ قادراً على الركض أسرع من الغزلان، ولكنه طور القدرة على التفكير بإبداع حول الوسائل لقتل الغزلان لأكلها، وللدفاع عن نفسه ضد الأسود المعتدية، فاستخدم استراتيجيات فعالة لهذه الأهداف مكّن الإنسان من أن يستمر في الحياة، وهكذا فقد ورثنا القدرة الطبيعية على التفكير الإبداعي باستخدام السيناريوهات البسيطة.(1)

الجزء الأول: مفهوم وأهمية وخصائص السيناريو.
أولاً: نبذة تاريخية عن تقنية السيناريو:

منذ العصور القديمة والتكهنات حول المصير البشري غرست الثقافة في العقل البشري من خلال الأسطورة وعلم الكونيات الديني، حيث ذكرت الأساطير ما هو آت من نهاية العالم ويوم القيامة، وفي كثير من الأحيان تنقل رسائل أخلاقية إلى الآن، وقد أعطت هذه القصص دفعة قوية لإعطاء معنى للحالة الإنسانية والعمل بجدارة، وكانت تسمى السيناريوهات الأولى.(2)

بدأت الكتابة في السيناريوهات كمفهوم عسكري مرتبط بالتخطيط بشكل عام والتخطيط الاستراتيجي بشكل خاص، ومن ثم أصبح بعد ذلك أحد أساليب تدريب الأفراد وقادة المنظمات والأعمال المتنوعة، ويعتبر “هيرمانكان” من أبرز رواد استخدام كلمة السيناريوهات في مطلع السبعينيات من القرن العشرين، وقد برز كمحلل عسكري في البداية، ولعل من أول وأشهر ما قدمه هو توقعه الشهير بأن تصبح اليابان قوة عالمية عظمى، كما اشتهر بتوقعاته وتحليلاته للآثار المحتملة في حال نشوب حرب نووية، وذهب “هيرمانكان” لأبعد من مجرد السيناريوهات القريبة نسبياً إلى التوقع لأعمال 200 سنة قادمة من خلال كتاباته مع “وليام براون وليون مارتن” في نهاية السبعينيات من القرن العشرين، والسيناريوهات مصطلح مألوف لمجموعة من المجالات على مستوى الدول والجماعات، بل حتى الأفراد في كثير من المجالات التي من أهمها: (3)

• المجالات العسكرية.
• مجالات الإدارة والتخطيط، بشكل عام والاستراتيجي بشكل خاص، وتجدر الإشارة إلى أن التخطيط يستخدم أحياناً ما يسمى (الخطة ب،Plan B) كأحد صور السيناريوهات المتعارف عليها في الكتابات الأدبية في التخطيط أو الممارسات العملية له.
• مجالات التدريب والإعداد في كافة المجالات.
• مجالات الفنون والتمثيل السينمائي والتلفزيوني والمسرحي.

ويعتبر “هيرمانكان” وزملائه أول من أشار إلى استخدام السيناريو في التخطيط في مؤسسة (RAND) في مدينة سانتا مونيكا في ولاية كاليفورينا، الذين عملوا لصالح الجيش الأمريكي، في قمة التوتر بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، عندما كانوا يفكرون بأسوأ أنواع الأسلحة التي يمكن صنعها فظاعة، كان العسكريون مسؤولين أن يكونوا مستعدين لكل أنواع الطوارئ، لهذا طلب من المخططون أن يعرفوا أشياء مثل:
• ماذا يمكن أن يحصل لو قصفت عشر مدن في الولايات المتحدة في قنابل نووية؟
• كيف يمكن إخلاء مدينة نيويورك بعد إنذار قصير؟
• ما هي الظروف التي يمكن خلالها مسبب الحرب؟

وهكذا صاغت مجموعة شركة راند الكبرى سلسلة من الاحداث التي يمكن أن تؤدي إلى حرب نووية، كما صاغت كذلك احتمالات لما يمكن أن يحدث خلال مثل هذه الحرب، كما تم استخدام السيناريو كمصطلح للربط بين الشؤون العسكرية والدراسات الاستراتيجية. (4)

ومن ضمن السيناريوهات الموجودة منذ القدم، الذي قامت به شركة راند في عام 1954 بوضع وتصميم تصوراً لشكل الحاسب المنزلي المتوقع أن يكون عليه في عام 2004.
ظهر تحليل السيناريو لأول مرة مع التخطيط الاستراتيجي خلال السنوات الأولى من الحرب الباردة كوسيلة لتحليل لعبة الحرب(1)، van der Heijden-1996 ومن ثم تم تطوير السيناريوهات لاستخدامات أخرى تعتمد تطبيقات تخطيط استراتيجي أخرى، وشهدت فترة السبعينات والثمانينات تنقيح تجربة السيناريو في شركة (شل الملكية الهولندية) Royal Dutch Shell على يد “بير واك” woak Bear كأسلوب للإدارة الاستراتيجية.(5)

والسيناريو صناعة ولدت نتيجة جهد مجموعة صغيرة من الاستشاريين العاملين مع الشركات الكبرى لتوسيع وجهات النظر حول كيفية وضع الشركة على طريق التطوير العالمي، وصارت شركة شل الهولندية رائدة في استخدام السيناريوهات في التخطيط بقطاع الأعمال، ولكن السوابق المباشرة من السيناريوهات المعاصرة تكمن في دراسة المستقبل من عام 1970، ووردت مخاوف ناشئة حول الاكتفاء طويل الأجل بالموارد الطبيعية لدعم زيادة السكان الاقتصاديات العالمية، كما وبذات الفترة المدرسية الفرنسية (المستقبلية لتحليل السيناريو الاستراتيجي) طورت النقد الحاد من التقنيات التقليدية وأغنت الاطار المفاهيمي لتقييم الاستكشافية المستقبلية، وبعد فترة هدوء كبيرة خلال عام 1980 بدأت الجولة الثانية من تحليل عالمي متكامل، ودفعت بسبب المخاوف مع تغير المناخ والتنمية المستدامة، حيث أن طبيعة تغير المناخ طويلة الأجل ولدت قصة سيناريوهات الطاقة في العالم.

والسيناريوهات هي أحد أهم الأساليب المستخدمة في الدراسات المستقبلية وأكثرهم شعبية، وتأتي كلمة سيناريو (Scenario) من الفنون الدرامية لا سيما في المسرح والسينما، حيث تنظم التسلسل في الحدث ووصف الشخصيات والمشاهد وغيرها من التفاصيل الأخرى.(6)

المراجع:
1. ادوارد كورنيش الاستشراف، مناهج استكشاف المستقبل.
2. Paul, Raskin, Global Scenarios in Historical Perspective, Prabhu Pingali, Elena Bennett and Monika Zurek, 35–44. ashington, D.C.: Island Press, 2005.
3. د. أسامة أحمد، موقع http://www.altadreeb.net/articleDetails.php?id=99&issueNo=6
4. ادوارد كورنيش الاستشراف، مرجع سابق.
5. Yager, Dell Roseman et al., 2013
6. زاهر ضياء الدين، مقدمة في الدراسات المستقبلية، مفاهيم، أساليب، تطبيقات، مركز الكتاب للنشر، 2004.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (100) “أبعاد التغيير (13)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …