“وجبة ….. إبداع وابتكار (21) ” الاستشراف بالسيناريو – تعريف السيناريو 2 “

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 24 سبتمبر 2017

ثانياً: تعريف السيناريو :
السيناريو وصف سلسلة من الأحداث التي يمكن أن تحدث في المستقبل وتتم صياغتها كمايأتي: دراسة وقائع الحالة، اختيار شيئاً ما يحتمل أن يحدث، تخيل مختلف الطرق يمكن أن يحدث فيها التطور المتوقع وسلسلة من الأحداث المتولية.(1)

في حين يعرفها “أيان مايلز” بأنها نتيجة للعمليات أو الأحداث حيث يتطور حاضر العالم أو بلد ما أو مؤسسة ما في حالة مستقبلية خاصة بالعالم أو البلد أو المستقبل”
ويعتبر “اريك جانتش” السيناريوهات مجرد “محاولات لتنظيم النتيجة المنطقية للأحداث من أجل اظهار كيف- ابتداء من الحاضر – يمكن للأحداث أن تتطور خطوة خطوة .
أما “هيرمانكان” فيراها “إجابة على سؤالين أساسين: كيف يتطور موقف فرضي في المستقبل خطوة خطوة، وما هي البدائل فيكل لحظة للقرارات، وتلك البدائل التي تنحرف أو تسهل أو توقف العملية”.

أما “جوزيف مارتينو” فيلخص تلك التعريفات من خلال تحديده للسيناريو على أنه “صورة لموقف متسق بشدة، والذي هو النتائج المعقولة لنتيجة الاحدث، حيث أن المعقول هو تكثيف المحتمل.
وعرفه “مايكل جودت” بأنه “وصف لموقف أو حدث مستقبلي مع اطراد الأحدث التي تستمر من الموقف الأساسي وصولاً للموقف المستقبلي” على أن تتسم هذه المواقف والأحدث بإتساق معين.

وعرف “العيسوي” السيناريوهات: أوالسيناريو بأنه وصف لوضع مستقبلي ممكن أو محتمل أو مرغوب فيه، مع توضيح لملامح المسار أو المسارات التي يمكن أن تؤدي إلى هذا الوضع المستقبلي، وذلك انطلاقاً من الوضع الراهن أو من موضع ابتدائي مفترض، والأصل أن تنتهي كل الدراسات المستقبلية إلى سيناريوهات، أي إلى مسارات وصور مستقبلية بديلة، فهذا هو المنتج النهائي لكل طرق البحث المستقبلي. (2)

ويشير هذا التعريف إلى ثلاثة عناصر رئيسية لابد من توضيحها وهي العناصر التالية:
1.وصف وضع مستقبلي: وصف خصائص ظاهرة ما كالتطور التكنولوجي عام 2030، وصف وضع شركة ما من حيث مزاياها التنافسية، نصيبها من السوق العالمي، نوعية التكنولوجيا بها، نوعية وكمية العمالة…الخ، وهنا يجب التمييز بين نوعين أساسيين من السيناريوهات وهما:
•السيناريو الاستطلاعي: فحينما يكون الوضع المستقبلي الذي نقوم بدراسته هو وصف مستقبلي ممكن أو محتمل الحدوث، يكون السيناريو سيناريو استطلاعيًا Exploratory؛ أي أننا نبدأ من المعطيات والاتجاهات العامة القائمة فعلًا، في محاولة لاستطلاع ما يمكن أن تؤدي إليه الأحداث أو التصرفات المحتملة والممكنة من تطورات في المستقبل، وذلك دون التزام مسبق بصورة أو أهداف محددة نسعى لبلوغها، وهنا يمكن القول إن هذا السيناريو يتيح الفرصة لعدد كبير من الاحتمالات أو البدائل ويثري النقاش، مما يجعلنا نطلق على مثل هذا النوع من السيناريوهات أحيانًا سيناريوهات متوجهة للأمام forward Scenarios.
•السيناريو الاستهدافي: وحينما يمثل الوضع المستقبلي في نهاية الفترة محل الاستشراف (الدراسة والتحليل) وصفًا مرغوبًا فيه Desired يمكن القول إننا بصدد سيناريوهات استهدافية Normative أو سيناريوهات مرجوة Anticipatory. ونقطة البدء هنا مجموعة أهداف محددة ينبغي تحقيقها في المستقبل، ويتم ترجمتها إلى صورة مستقبلية متناسقة، ويرجع الباحث إلى الحاضر لكي يكتشف المسار أو المسارات الممكنة لتحقيق هذه الأهداف المرجوة أو الصورة المستقبلية المبتغاة.

2. الوضع الابتدائي: لكل سيناريو نقطة انطلاق أو مجموعة شروط أولية، ومن المهم التحديد الدقيق لهذه الشروط، فهي في السيناريو الاستطلاعي ستكون الخلفية لإطار حركة تؤدي في نهاية المطاف إلى صورة مستقبلية أو أخرى، أما في حالة السيناريو الاستهدافي فإنها ستكون نقطة الأصل التي يتعين الرجوع إليها من الصورة المستقبلية المبتغاة عبر مسار أو مسارات بديلة، ومن الضروري أن نميز في كلتا الحالتين بين الوقائع والقوى الفاعلة، ويمكن توضيح ذلك بالتالي:
الوقائع: حقائق ومشاهدات فعلية تتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التكنولوجية والسياسية والمؤثرات الخارجية، والاتجاهات العامة السائدة والاتجاهات المغايرة.

القوى الفاعلة: قوى رسمية أو غير رسمية، صاحبة أكبر الأثر في تشكيل الأحداث سواء بالفعل أو برد الفعل، ويعتبر تحديد هذه القوى، وتحليل سلوكها، والوقوف على مشروعاتها، وخططها أو استراتيجياتها للمستقبل، وتحديد ما تملكه من إمكانات أو وسائل لتحويل مشروعاتها إلى واقع، من أكثر أبعاد أو عناصر بناء السيناريو أهمية.
والوضع الابتدائي للسيناريو يمكن أن يكون أيضًا على صيغتين أساسيتين هما:

o في حالة السيناريو المرجعي (من السيناريوهات الاستطلاعية): مجموعة من الظروف الفعلية، ومن تحليل هذه الظروف والبحث في احتمالات تغيرها، ونشوء ظروف جديدة بفعل أحداث أو تصرفات معينة، يمكن رسم المسار أو المسارات المستقبلية.

o في حالة السيناريو الإصلاحي الابتكاري (من السيناريوهات الاستهدافية): مجموعة من الظروف المفترضة أو المتخيلة التي تنطوي على تغييرات معينة في الوضع الابتدائي الفعلي؛ كافتراض نجاح تغيير جوهري في هيكل العلاقات الخارجية للمجتمع مثلاً.

3. وصف مسار أو مسارات مستقبلية: ويقصد بالمسارات المستقبلية، التتابع المفترض للمشاهد (الأحداث) أو النوعيات المقصودة للظاهرة (الظواهر) موضع البحث عبر الزمن، وذلك انطلاقًا من الوضع الابتدائي (الفعلي أو المفترض) في حالة السيناريوهات الاستطلاعية، أو من الصورة المستقبلية المرجوة في حالة السيناريوهات المستهدفة، ويتشكل المسار المستقبلي من خلال تحليل لجملة من الأحداث والتصرفات والتفاعلات التي تنشأ بينها والآثار التي تنتج عنها عبر الزمن، ويمكن توضيح المقصود بالأحداث والتصرفات كما يلي:

الأحداث Events: وهي وقائع غير مقصودة لا يمكن التحكم فيها خلال الفترة الزمنية التي يغطيها السيناريو؛ مثل الظروف الجوية أو المناخية، والكوارث الطبيعية، والاكتشافات التكنولوجية وبخاصة في المجتمعات غير المنتجة للعلم والتكنولوجيا، وعمومًا فالأحداث عبارة عن متغيرات خارجية عن عملية بناء السيناريوهات.

التصرفات Actions: وتمثل التغيرات المقصودة في الظواهر الداخلة في السيناريوهات، ومن ثم فهي تخضع لاتخاذ قرار بشأنها، أو لتصورات كاتب السيناريو؛ ومن أمثلتها التغيير في الهيكل الاقتصادي، أو التنظيم الاجتماعي. وفي حالة السيناريوهات الاستطلاعية يمكن استقراء التصرفات من خلال فهم مصالح الفاعلين وسلوكياتهم وحدود حركاتهم، أما في حالة السيناريوهات الاستهدافية فيمكن استقراء التصرفات من خلال نوعية الأهداف المرجوة.

لم يكن الانسان القديم أسرع من الغزال، كما لم يكن قادراً على مواجهة براثن الأسد، إلا أنه طور استراتيجيات فعالة مكنته من أن يستمر في الحياة باستخدام التفكير الإبداعي والسيناريوهات البسيطة، وهذه الاستراتيجيات رسمها بمثابة سيناريوهات بدائية في ذهنه التي دفعته إليها الحاجة ليستمر في البقاء.(3)

المراجع:
1. ادوارد كورنيش الاستشراف، مرجع سابق.
2. إبراهيم العيسوي (1998): السيناريوهات، بحث في مفهوم السيناريوهات وطرق بنائها في مشروع2020، العدد (1)، منتدى العالم الثالث، مكتبة الشرق الأوسط.
3. ادوارد كورنيش الاستشراف، مرجع سابق.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (100) “أبعاد التغيير (13)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …