شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 29 اكتوبر 2017
خامساً: أهداف السيناريو هات المستقبلية:
العالم أصبح أكثر تعقيداً، ومواجهة التحديات والضغوطات ذات أهمية عالية، القرارات المتخذة اليوم ستؤثر في سنوات المستقبل، ومن المنطق أن نبحث عن طرق لفهم المستقبل والتعامل مع حالة عدم اليقين، حيث يوفر السيناريو وسيلة لترتيب التصورات حول ما يمكن أن يحمله لنا المستقبل، وتحديد ما تقدمه القرارات الاستراتيجية اليوم لأفضل فرصة للنجاح غداً، وإدارة تحديات تخطيط السيناريو لاعادة نظر افتراضاتها عن صناعتها والنظر في مجموعة واسعة من الاحتمالات حول، أين قد تتوجه صناعتها في المستقبل؟(1)
تدعم السيناريوهات العمل المعزز بالمعرفة بما تقدمه من فهم عميق في نطاق الممكن، فهي تشرح دور الانشطة البشرية في تشكيل المستقبل، وكذلك الصلات بين القضايا المختلفة، فنجد أثناء عملية توضيح أو استطلاع تطورات مستقبلية ممكنة وأثارها، تكون السيناريوهات مصدراً في أغلب الأحيان لاستلهام أفكار جديدة وخلاقة.
ليس هناك إجماع بين المشتغلين بالدراسات المستقبلية على الأهداف التي يتعين السعي لتحقيقها من وراء عمليتي بناء وتحليل السيناريوهات المستقبلية، فهناك فريق يسعى لنزع صفة الاستهدافية عن الدراسات المستقبلية بمعنى أن تكون محايدة ومتحررة من الأحكام القيمية حتى لا يتم فرض رؤية مستقبلية معينة على الناس، وبالتالي يريد هذا الفريق إسباغ صفة الموضوعية والعلمية على الدراسات المستقبلية من خلال حصر أهداف الدراسات المستقبلية والتي تمثل السيناريوهات أحد أساليب البحثية، لذلك تتعدد أهداف السيناريوهات كأحد أساليب الدراسة العلمية للمستقبل – طبقاً لأراء هذا الفريق – لتشمل: (2)
1. عرض الاحتمالات والإمكانات والخيارات البديلة التي تنطوي عليها التطورات المستقبلية كما تكشف عنها السيناريوهات المختلفة.
2. عرض النتائج المرتبة على الخيارات أو البدائل المختلفة.
3. تركيز انتباه الناس على: الفاعلين الرئيسيين واستراتيجيتهم والعمليات أو العلاقات السببية، والنقاط الحرجة لاتخاذ القرارات، والقضايا التي يجب أن تحظي بالأولوية في اهتماماتهم.
4. استثارة الفكر والتأمل حول قضايا وهموم المستقبل من خلال المسارات الاحتمالية، مما يؤدي إلى تنشيط خيال الناس وبالتالي مساعدتهم على اتخاذ قرارات أفضل بشأن مستقبلهم من الآن، وطبقاً لآراء هذا الفريق فإن تأثير الدراسات المستقبلية على فكر الناس وتوجيهاتهم نحو المستقبل يمثل تأثيراً عاماً يتمثل في تنمية البعد المستقبلي من تفكير الناس من خلال تقديم تصورات بديلة لمسارات المستقبل، والناس لهم الحق في اختيار أو رفض أي من هذه التصورات.
وهناك فريق ثان ينظر إلى الدراسات المستقبلية على أنها مزيج من العلم والاستهداف كما هو الحال في بناء وتحليل السيناريوهات والمقارنة بينها فهي عملية موضوعية من جهة لأنها تعتمد على العقل والمنطق في التعامل مع الحاضر وتطورات المستقبل ، كذلك لأنها تنطلق من علاقات السببية والتي تمثل صيغة استهدافية من جهة أخرى، لأنها لابد أن تستند إلى أهداف وقيم يتم ترجمتها في صورة معايير أو مؤشرات يتم الاحتكام إليها في تقييم السيناريوهات البديلة وبالتالي المفاضلة بينهما، لأن الاختيار الأول للسيناريوهات يكون محملاً بالضرورة بأحكام قيمية أو أهداف ضمنية ، وبالتالي ينظر هذا الفريق إلى الدراسات المستقبلية وأساليبها كما هو الحال في السيناريوهات على أنها أداة لفهم وتغيير العالم وليس لفهمه فقط، ومن ثم تتمثل أهداف الدراسات المستقبلية طبقاً لآراء هذا الفريق في الآتي :
1. صياغة رؤية مستقبلية من خلال توصيات صريحة بشأن الاختيارات والقرارات التي ينبغي اتخاذها من الآن للوصول إلى الوضع المستقبلي المرغوب.
2. تحريك الناس وتعديل قراراتهم في اتجاه تحويل هذه الرؤية المستقبلية المرغوبة إلى واقع.
على الرغم من تباين الرؤى بين المشتغلين بالدراسات المستقبلية إلا أنهم يجتمعون على أن الأهداف التي تسعى السيناريوهات المستقبلية إلى تحقيقها، وتتحدد في الآتي:
1. عرض الاحتمالات والإمكانات والخيارات البديلة التي تنطوي عليها التطورات المستقبلية كما تكشف عنها السيناريوهات المختلفة.
2. عرض النتائج المترتبة على الخيارات المختلفة في السيناريو وتركيز انتباه متخذي القرار في الفاعلين الرئيسيين واستراتيجياتهم، وفى العمليات أو العلاقات السببية، والنقاط الحرجة.
3. تمكين الجماهير من التفكير في كل الأمور المتعلقة بالمستقبل واستثارة النقاش فيها واستدعاء وردود الفعل في شأنها.
4. التوصل إلى توصيات في شأن الخيارات والقرارات، التي ينبغي اتخاذها، من الآن للوصول إلى الوضع المستقبلي المرغوب فيه، بعد فترة زمنية محددة.
ترتبط أهداف السيناريوهات والغرض منها بنوع السيناريو، ففي حالة السيناريوهات الاستطلاعية، يستهدف هذه السيناريوهات تقديم صورة للاحتمالات والخيارات البديلة التي تنطوي عليها التطورات المستقبلية كما تكشف عنها هذه السيناريوهات وهي بذلك تقدم لصاحب القرار مجموعة من البدائل في ضوئها، ويمكن لصاحب القرار اتخاذ ما يراه مناسباً لتحسين الأوضاع في المستقبل بالنسبة لمجتمع ما أو مؤسسة معينة كما أن السيناريو يستدعي الناس للتفكير في احتمالات المستقبل واستثارة النقاش حوله، واستدعاء وردود الأفعال حول صورة هذا المستقبل.
أما في حالة السيناريوهات الاستهدافية، فإن السيناريوهات تستهدف استجلاء صورة معينة مرغوبة فيها في المستقبل، وهي بذلك ذات قيمة في تحويل المجتمع إلى صورة أفضل، فالدراسات المستقبلية ليست دراسات علمية محايدة، وإنما هي مزيج من العمل والاستهداف فهي من ناحية تعتمد على أعمال العقل والمنطق في التعامل مع الحاضر والمستقبل، وهي استهدافية من حيث أنها لا يمكن أن تكون متحررة تماماً من القيم أو الأحكام القيمية وإنما هي أداة لأحداث تغير مقصود وبالتالي فمن الضروري أن ينتهي السيناريو، إلى توصيات صريحة بشأن الاختيارات والقرارات التي ينبغي اتخاذها للوصول إلى وضع مرغوب فيه.
يمكن استعمال السيناريوهات لأغراض متعددة وأهداف واضحة من بينها: (3)
1. المساعدة في إدراك مؤشرات الضعف في التغيير.
2. تجنب الوقوع تحت طائلة المفاجأة ” عش المستقبل قبل حدوثه”
3. تحدث الخرائط الذهنية، ورفع الوعي، وتقديم لغة مشتركة.
4. فهم العالم بشكل أفضل وبالتالي اتخاذ القرارات الصائبة.
5. اختبار مدى صلابة الاستراتيجيات من خلال أسئلة ” ماذا لو”
6. التحفيز على المناقشة والفكر الخلاق.
7. توفير سياسة أفضل أو داعمة للقرار، والتحفيز على وضع تصميم مستقبلي لحياة أفضل.
8. تحديد نقاط القوة ونقاط الضعف كأسلوب لتقييم وتوقع المستقبل.
9. فهم الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والبيئية والقانونية ومدى ترابطهم.
المراجع:
1. http://www.mwcog.org
2. تقرير عن: السيناريوهات. بواسطة: شافع النيادي, بتاريخ: الخميس, 01 يـولـيـــو 2010
3. جورج وجيه عزيز، مرحع سابق.