شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل. 15 ابريل 2018
تعتبر هذه المقالة قبل الاخيرة في الاستشراف بالسيناريو، وسوف نتناول فيها تصنيفات السيناريو وفوائد السيناريو، ومحاذير يجب مراعاتها عند استخدام اسلوب السيناريوهات، وبالحديث عن تصنيف السيناريوهات يتبين بأنه أشكال مختلفة متعددة الاستخدامات، من الضروري لأي دراسة مستقبلية جادة أن يتم بناء عدد من السيناريوهات، لما يحيط بالمستقبل من غموض واحتمالات، إذا ما هو العدد المناسب إدراكه في الدراسات المستقبلية من هذه السيناريوهات المتعددة؟
يميل معظم المشتغلين بالدراسات المستقبلية إلى استعمال عدد محدود من السيناريوهات الأمر الذي يساعد على تذكر ملامحها ويعين على تبين الفوارق بينها، كما أنه ييسر المقارنة بين آثارها ومنافعها، إن السيناريو الواحد للموقف مرفوض لأنه يصبح قراراً مسبقاً في شأنه لا يراعي تطور أحداثه فيفتقد السيناريو مبرره إذ هو يعد ليغطي مدى زمنياً طويلاً لا يقل عن عشرة سنوات، كما أنه يقضي في الحالة هذه الفكرة البديلة وليدة علم المستقبل(1).
سادساً: تصنيفات السيناريو:
يمكن التمييز بين ثلاثة أنواع للسيناريوهات هي(2):
1. سيناريو مد الاتجاه التاريخي: حيث يفترض هذا السيناريو استمرار الاتجاهات العامة التي سادت في الماضي في المستقبل، ويذكر أن هذا السيناريو له فروضه الاجتماعية والاقتصادية كذلك يتميز بإمكانية التطبيق الفعلي.
2. سيناريو التعجيل عن الاتجاه التاريخي: ويعتبر هذا السيناريو إصلاحي يفترض تحسن الأحوال مما يبكر في تحقيق الهدف وهذا السيناريو كذلك له فروضه الاجتماعية والاقتصادية ويتميز بإمكانية التطبيق الفعلي المشروط.
3. سيناريو التأخير عن الاتجاه التاريخي: ويعتبر هذا السيناريو انتقال لوضع أسوأ يفترض سوء الأحوال، مما يؤخر تحقيق الهدف خاصة في حالات تدهور الاقتصاد.
ويمكن التمييز بين ثلاثة أنواع أخرى من السيناريوهات هي:
1. السيناريو الاتجاهي (الخطي): ويتعلق باستمرار الأوضاع الراهنة من حيث ما تحمله من تفاؤل أو تشاؤم، مع العجز على التغيير.
2. السيناريو الإصلاحي: ويتعلق بتكييف وإدخال بعض الإصلاحات بقصد الوصول بالاتجاهات الحالية نحو انسجام أكثر من أجل إنجاز حد أدني من الأهداف المتفائلة.
3. السيناريو التحويل السيناريو: ويرى أن الملائمة التدريجية غير كافية ومن ثم يجب الأخذ بتحولات جذرية عميقة، والملاحظ على هذا النوع من السيناريوهات أنه يسترشد بخبرة الماضي وتجربة الحاضر والقدرات الظاهرة والكامنة في المجتمع، كلك بآمال الشعوب وما يتصوره المثقفون من بدائل مختلفة.
كذلك يصنف العيسوي السيناريوهات إلى نوعين هما(3):
1. سيناريوهات استطلاعية:
أ. سيناريو استمرار الاتجاهات العامة الراهنة (السيناريو المرجعي).
ب. سيناريوهات محتملة (probable) .
ج. سيناريوهات ممكنة (possible) .
ففي حالة هذه السيناريوهات الاستطلاعية ينطلق كاتب السيناريو من المعطيات والاتجاهات العامة القائمة لاستطلاع المحتمل أو الممكن من التطورات، وذلك دون التزام مسبق بأهداف محددة يراد تحقيقها في نهاية فترة الاستشراف، لذلك يعتبر السيناريو بمثابة تنبؤ مشروط ويسمي سيناريو متوجه، وفى هذه الحالة أيضاً يمكن استقراء التصرفات من خلال فهم مصالح الفاعلين وسلوكياتهم وحدود حركتهم.
2. سيناريوهات استهدافية:
أما في حالة هذه السيناريوهات الاستهدافية تكون نقطة البدء مجموعة أهداف محددة يرجى تحقيقها في المستقبل يتم ترجمتها إلى صورة مستقبلية متناسقة، ثم يرجع كاتب السيناريو من المستقبل إلى الحاضر لكي يكشف المسار أو المسارات الممكنة لتحقيق تلك الصورة محدداً النقاط الحرجة التي تتطلب اتخاذ قرارات هامة، ولذلك يسمي السيناريو هنا سيناريو راجع للخلق، وتصبح كتابة السيناريو عملية تصميم أو تخطيط للمستقبل، وفى هذه الحالة أيضاً يمكن اشتقاق التصرفات من نوعية الأهداف المرجوة.
ومن ناحية أخرى يشير سلاتر (Slaughter) إلى أربعة أنواع من السيناريوهات هي:
1. السيناريو المرجعي: وقد يسمي سيناريو استمرار الوضع القائم.
2. سيناريو الانهيار: ويمثل عجز النظام عن الاستمرار أو فقدانه لقدرته على النمو الذاتي أو بلوغ التناقضات حداً يفجر النظام من داخله.
3. سيناريو العصر الذهبي: وقد يسمي السيناريو السلفي، حيث يبني على العودة إلى فترة زمنية سابقة يفترض أنها تمثل الحياة الآمنة الوديعة.
4. سيناريو التحول الجوهري: وينطوي على حدوث نقله نوعية في حياة المجتمع سواء كانت اقتصادية أو تكنولوجية أو سياسية أو روحية.
سابعاً: فوائد السيناريو:
1. التنبيه على المشكلات المحتملة، والمساعدة في على النجاة من الكوارث المحتملة، إضافة إلى تعبئة الاخرين للإسهام في مواجهة ما(4)
2. تحديد وتعريف بالقضايا الاستراتيجية المهمة وتحليل العوامل الرئيسة التي تؤثر في القضايا الاستراتيجية.
3. تجعلنا السيناريوهات التي يتم التفكير بها بشكل جيد ندرك تكلفة ومنافع فعل ما يمكن أن نقوم به ومختلف العواقب التي يمكن أن تنشأ عنه ويستخدم السيناريو لمساعدتنا في اتخاذ القرار حول أي شيء، حتى على المستوى الشخصي مثلاً (اين سنمضي عطلتنا، هل نقبل وظيفة عرضت علينا، كيف ننجح في عملنا) (5).
4. يقوم السيناريو بتركيز الأفكار والمفاهيم وتنمية الوعي والتدريب على الاستباق في الأفكار والتخطيط والبناء، كما أنه يعمل على تربية جيل من النقاد والمثقفين القادرين على الإبحار في سعة أفق تحتاج اليها الشعوب.
5. للسيناريو القدرة على توليد المفكرين والخبراء الاستراتيجيين، منا أنه يساعد بتصدير الأفكار الإيجابية إلى العقول الأخرى(6).
6. باستخدام السيناريو يمكن اكتشاف العديد من الأسئلة، ماذا يمكن أن يسبب تغيير هذا التوجه عن اتجاهه، وإذا حصل هذا الانتقال في التوجه ماذا يمكن أن تكون العواقب(7).
ثامناً: محاذير يجب أن تراعى عند استخدام أسلوب السيناريوهات:
يتخذ المتخصص وغير المتخصص كل يوم مجموعة من القرارات، كما أن له مسارات مسبقة قام بوضعها عن إدراك ووعي كامل أو بشكل تلقائي، وكل هذا يمكن أن يوصف بأن أسلوب السيناريوهات يعتبر أسلوباً واسع الانتشار بين الناس، وخبراء التدريب حينما يطبقون أسلوب السيناريوهات يطبقونه بشكل مختلف عما يقم به الشخص العادي وغير المتخصص، بل لا نكن مبالغين إذا قلنا إنه يجب عليهم ألا يقوموا به كما يقوم به الشخص غير المتخصص، الذي قد يضع سيناريوهات بصورة الحدس والمهارات الشخصية التي قد يصعب توارثها ونقلها للغير.
ومما لا شك فيه أن هناك فروقاً جوهرية بين التطبيق العلمي لأسلوب السيناريوهات وما يقم به الأشخاص بطريقة ارتجالية شخصية وغير علمية، وبدون منهجية محددة، وفيما يلي مجموعة من المحاذير التي يجب على خبير التدريب أن يراعيها عند استخدامه لأسلوب السيناريوهات ليحقق الأهداف التدريبية المرجوة من اعتماده على هذا الأسلوب المتميز(8):
• الحرص على الوصف الدقيق للواقع وبشكل موضوعي يعتمد على البيانات والأرقام بقدر الإمكان، وعدم الاعتماد على التخيل والتصورات الشخصية غير المحققة بالأدلة.
• تحديد القوى المؤثرة والموجبة لضرورة التغيير في حالة أن التغيير يبدأ من الأفراد المستهدف تدريبهم، أو القادمة من الغير في حالة إذا كان التغيير سيتعرض له الأفراد، وعدم الاكتفاء بطرح مجموعة من السيناريوهات والمسارات المستقبلية فقط.
• تحديد النقاط الحرجة بين السيناريوهات، ومعايير الانتقال والتحويل بالمسارات، وعدم ترك المجال للاختيارات العشوائية.
• ينبغي تقديم مجموعة من المقترحات لكل مرحلة من مراحل السيناريو، وعدم إغراق متخذ القرار بمجموعة تفاصيل واحتمالات مستقبلية بدون توجيهات وإرشادات.
• يجب صياغة السيناريوهات بصورة واضحة وسهلة الفهم، وعدم تعقيد الصياغة في المضمون والمعنى أو في اللغة المستخدمة.
• تحديد مخاطر ومزايا كل سيناريو، وعدم الاكتفاء باقتراح السيناريوهات فقط دون دعم متخذ القرارات.
• على خبير التدريب أن يوجه أنشطته التدريبية بما يتوافق مع حالة المشاركين في التدريب وقدراتهم وما يتناسب معهم، فلا يوجه سيناريوهات لمشاركين من المفترض لهم أن يقوموا بصياغتها بأنفسهم، كما لا يطلب من مشاركين غير مطالبين أو مؤهلين بصياغة تلك السيناريوهات.
المراجع:
1. شافع النيادي، موسوعة التعليم والتدريب، تقرير عن السيناريوهات بتاريخ http://www.edutrapedia.illaf.net/arabic/register.thtml
2. موسوعة التعليم والتدريب، مرجع سابق.
3. إبراهيم العيسوي، السيناريوهات، بحث في مفهوم السيناريوهات وطرق بنائها في مشروع2020، 1998، العدد (1)، منتدى العالم الثالث، مكتبة الشرق الأوسط.
4. موسوعة العلوم السياسية، الكويت ص 58.
5. www.ta9weer.com/vb/archive/index.php/t
6. د. رحيم الساعدي، المستقبل، مقدمة في علم المستقبلية، الجزء الثاني، الطبعة الأولى 2011 ، دار الفراهيد للنشر والتوزيع.
7. رحيم الساعدي، مرجع سابق.
8. د. أسامة أحمد، موقع http://www.altadreeb.net/articleDetails.php?id=99&issueNo=6