شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 19 مايو 2019
رابعاً: علاقة الابداع ببعض المفاهيم المتشابهة:
ﻭﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺇﻋﻄﺎﺀ ﺩﻻﻟﺔ ﺃﻛﱪ ﳌﻔﻬﻮﻡ ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻓﺈﺿﺎﻓﺔ ﺇﱃ هذه ﺍﻟﺘﻌﺎﺭﻳﻒ الخاصة ﺑﺎﻹﺑﺪﺍﻉ ﻓﺈﻧﻪ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ تمييز ﺍﻹﺑﺪﺍﻉ ﻋﻦ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ ﺃﺧﺮﻯ ﻇﻠﺖ ﻟﻌﺼﻮﺭ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻣﻠﺤﻘﺔ ﺃﻭ ﻣﺮﺍﺩﻓﺔ له، ﻭﺃﻭﻝ هذه المصطلحات هي:
1. العلاقة بين الإبداع و الابتكار:
ﻳﺮﻯ البعض أن الإبداع يتمثل في التوصل إلى حل خلاق لمشكلة أو فكرة جديدة، في حين أن الابتكار هو التطبيق الخلاق أو الملائم لها، ولهذا فإن الإبداع هو الجزء المرتبط بالفكرة الجديدة، في حين أن الابتكار هو الجزء الملموس المرتبط بالتنفيذ أو التحويل من الفكرة إلى المنتج، وباختصار فإن الابتكار هو عملية إنتاج شيء جديد له قيمة ذات معنى. (1)
2. العلاقة بين الإبداع والموهبة:
حاول الكثيرين من المختصين في العلوم الاجتماعية تفسير العلاقة بين الإبداع من جهة والموهبة من جهة أخرى، وقد تبين بأن الموهبة إمكانية فسيولويجة دماغية لدى الأشخاص الأسوياء بدرجات متفاوتة نسبياً وفي مجالات متعددة، وأنها قدرة عقلية خاصة. وأنه لا يوجد ربط علمي مؤكد بين الإبداع والموهبة وأنه لا يبدع الموهوب شيئاً، ويبدع الأقل موهبة،(2)
3. العلاقة بين الإبداع والذكاء:
ﻭﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﺃﻧﺪﺭﺳﻮﻥ (Anderson) أنه قد يكون هناك ارتباط بين الإبداع والذكاء عند ﺣﺪ ﻣﻌﲔ ﻟﻠﺬﻛﺎﺀ، ﻭﻟﻜﻨﻨﺎ ﺣﺎﳌﺎ ﻧﺼﻞ ﺇﱃ ﻧﻘﻄﺔ حرجة في مستوى الذكاء فإننا نجد أن المتغيرين يتباعدان، أي أن الإبداع عملية نسبية تقع بين مرحلة المحاكاة والتطوير إلى مرحلة الابتكار الأصيل. (3)
كما أن مصطلحي الموهبة والذكاء تعتبر هي الأخرى مرادفة للإبداع، ووجب الفصل فيها بحيث اعلن (جيلفورد) أن هناك اختلاف بين هذه المصطلحات والإبداع، وفي دراسة أجراها ديربورن (Dearborn) كشف فيها عن تقارير شخصية لعدد من أفراد عينته فائقة الذكاء، أنها تفتقر تماماً إلى الإبداع، كما أعاد كولفين وماير (CKlvin,mayer) التجربة نفسها، واكدا أنه لا يوجد أي ارتباط بين القدرات المنطقية وبين التخيل، وقد وجدت لورا كاسل (Laura chassal) في دراسة لها أن الارتباط ضعيف للغاية بين اختبارات الذكاء وبين الاختبارات التي تقيس الاستجابة غير المعتادة، والاستجابات التي تتميز بالأصالة، وقد توصلت بعض الدراسات الأخرى مثل دراسة ولش (welch) إلى نتائج مماثلة الذي أجرى بحثه على عينة مكونة من (48) من طلبة الكليات، وكان المطلوب من المفحوصين إعادة تكوين أفكار تتميز بالجدية والأصالة، ثم حسب الارتباط بين درجة الأصالة والذكاء، وكان الارتباط ضعيف، أي لا يوجد ارتباط بين الذكاء والابداع، وقد لا يبدع الذكي شيئاً، ويأتي صاحب الذكاء المادي بالكثير من الابداعات. (4)
4. العلاقة بين الابداع والتغيير:
يعتقد نايستروم، أن الإبداع كعامل مرتبط لحل المشكلات، من الممكن النظر إليه على أن يمثل”رؤية جديدة تقود إلى أفضل الطرق للتعامل مع الواقع” وأن هذا التعريف بشير إلى أن الإبداع يتضمن تغييراً حاداً أو غير متدرج بالنسبة للوضع الراهن، (5) وهو يتفق مع جوهره مع الفكرة الأساسية لجيلفورد من أن الإبداع تفكير تغييري، وذلك أن إعادة تشكيل العناصر القديمة في تكوينات جديدة هو التفكير الذي لا يقبل ثبات التكوينات القديمة ويعتبرها الوحيدة الصواب.
ويعتبر بعض الباحثين مثل (Russel & ERvans) (رسل، وايفانس)، أن الإبداع يمثل سحابة للتغير، وبالتالي فإنهما ينظر إلى الثبات والمرونة وليس على اعتبار أنهما مكونات أساسية في إدارة التغيير، ولكن مكونات جوهرية بالنسبة للإبداع، إن الشخص المبدع في اعتقادهما لا يخشى المواقف الجديدة والتحديات، إذ بإمكانه النظر إليهما بإعتبارهما محفزات الإبداع، وأن تنفيذ التغيير يتطلب وسائل أوطرقاً إبداعية لضمان نجاح التنفيذ، وقد قارن بعض الباحثين في دراسته للإبداع بينه وبين النمطية التي هي على نقيض التغيير حيث يعرف النمطية على أنها “تواتر الحدوث بمعنى تكرار الواقع على وتيرة واحدة على نفس النحو دون تغير أو تجديد ملحوظ” (6) ، وقد نستنتج من العلاقة بين الإبداع والتغير لا يوجد اتفاق بين الباحثين حول معنى هذه المفاهيم ولا طبيعة العلاقة بينها وبين الإبداع.
5. العلاقة بين الإبداع وإدارة المعرفة:
تعتبر المعرفة العصب الرئيس للمنظمات ووسيلة إدارية هادفة للتكيف مع متطلبات الثورة العلمية، كونها المورد الأكثر أهمية في خلق الثروة وتحقيق التميز و الإبداع، من ما يمتلكه الموظفين من معارف ضمنية أو صريحة وما تسعى المنظمة لتنميته في مواردها البشرية، وإدارة المعرفة تساعد بشكل مباشر في تعزيز الإبداع لدى الأفراد والمنظمة من خلال ربط عمليات إدارة المعرفة (تشخيص المعرفة، اكتساب المعرفة، تخزين المعرفة، توزيع المعرفة، تطبيق المعرفة) بعناصر الإبداع:
• من خلالها يتم تحديد مواقع المعرفة في الأشخاص الحاملين لها، مما يساعد المنظمة على التركيز على الأشخاص ودعمهم وتشجيعهم في ايجاد حلول إبداعية بجديدة ،فهذا ما يعرف بالأصالة، أي قدرة الفرد على إنتاج استجابات أصيلة مع تهيئة البيئة لحل المشكلات بطرق إبداعية بناء على ما يملكون الأفراد من معارف.
• عملية اكتساب المعرفة التي تعتمد على مزج المعارف الصريحة والضمنية للعاملين في المنظمة مما يدعم قدرة المنظمة على تطوير أفكار وحلول ابداعية من خلال تفاعلات المعرفة الصريحة والضمنية التي تكون حقائق جديدة تساعد في رؤية وتشخيص مشكلات العمل بطريقة دقيقة واكتشاف العلاقة بين المتغيرات وذلك ما يعرف بالحساسية للمشكلات.
• أما عملية حفظ المعرفة الصريحة والضمنية تكون وعاء معرفي أو ذاكرة تنظيمية في المنظمة تساعد العاملين بالرجوع إليها والإستفادة منها، مما يساعدهم على إنتاج كمية كبيرة من الأفكار في فترة زمنية محدودة، وهذا ما يعرف بالطلاقة والتي تعتبر من أهم عناصر الإبداع.
• أما عملية توزيع المعرفة والتي تعتمد على نقل المعارف المتراكمة لدى الأشخاص ذوي الخبرات المتراكمة لغيرهم ذوي المعارف الأقل مما يؤدي لتبادل الأفكار وتنوعها في مواجهة المشكلات التي تتعرض إليها المنظمة مما يؤدي لتنوع الأفكار وسهولة طرحها وهذا ما يعرف بالمرونة في إنتاج الأفكار الإبداعية.
• وفي عملية تطبيق المعرفة التي تعتمد على توظيف المعارف المكتسبة لمواجهة مشكلات العمل وطرح منتجات جديدة غير تقليدية، ومن خلال تكرار تطبيق هذه المعرفة وإعادة استعمالها وربطها بالواقع العملي يتم الاستفادة من حل المشكلات واتخاذ القرارات المناسب هذا ما يحقق للمنظمة الميزة التنافسية وتحقيق الإبداع.
نستنتج أن العلاقة بين إدارة المعرفة والإبداع علاقة وثيقة ايجابية تزايدية وأن تاثير إدارة المعرفة لم يكن مقتصراً على بعد معين أو نوع معين من الإبداع ،وإنما تاثيرها في الغالب شاملاً للابداع التنظيمي ، كما أن تأثير إدارة المعرفة لايقتصر على نوع واحد من المعرفة بل شمل كلا النوعين (الضمني والظاهري)، وإن المعرفة المكون الساسي في تحقيق الإبداع والإبتكار في المنظمات من خلال الإستمثار في المعرفة واعتمادها كعنصر اساسي في الانتاج لتحقيق ميزة تنافسية لها.
كما نستنتج مما سبق في العلاقة بين الإبداع وبعض المفاهيم مثل الابتكار والذكاء والموهبة والعبقرية وإدارة المعرفة والتغيير، بأنه لا يوجد اتفاق بين الباحثين التوضيح الواضح لمعنى هذه المفاهيم لإمكانية ربطها مع العلاقة بمفهوم الإبداع، مما يوضح بأن العلاقة بين تلك المفاهيم والإبداع تعود لطبيعة الحالة التي يتم تعريف فيها الإبداع، كما هو الحال في تعريف الإبداع الذي تعدد وتنوع ليصل إلى معرفتي الشخصية من خلال بحثي في هذا المجال إلى ما يقارب (200) تعريف تقريباً.
كما أننا في مجتمعاتنا العربية يكثر ويشاع استخدام الإبداع كمرادف للابتكار والاختراع أو حتى الموهوب، فيمكن أن نطلق على شخص بأنه موهوب ومبدع، أو غير ذلك، وفي رأينا الشخصي الأهم في تجسيد الإبداع على أرض الواقع أن يمتلك الشخص المقدرات المعرفية والذهنية والبيئة الحاضنة للشخص السوي لتتكون لديه حالة الإبداع، علماً بأن بعض المبدعين على مر الزمان لم تنطبق عليهم صفة الأسوياء.
المراجع :
1. عماﺩ اﻟﺼﺒﺎﻍ، مدخل ﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﻭتصميم نظم معلومات الأعمال، ادارة العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الطبعة الأولى، 2000
2. العبد الكريم، راشد، العبيد، إبراهيم، استراتيجية التفكير الإبداعي، وزارة التربية والتعليم، الإدارة العامة للإشراف التربوي، مشروع تطوير استراتيجيات التدريس، النشرات العلمية، الممكلة العربية السعودية، 2007، ص5
3. فتحي عبد الرحمن جروان، مرجع سابق، 2002.
4. د. نازم محمد أحمد الملكاوي، نظم المعلومات وأثرها في مستويات الإبداع” دراسة ميدانية في شركات التأمين الأردينة، مجلة جامعة دمشق للعلوم الاقتصادية والقانونية، المجلد 26 العدد الثاني، 2010.
5. فرج، صفوت، الإبداع والمرض العقلي، القاهرة: دار المعارف،1993، ص29.
6. اسعد، يوسف ميخائيل، سيكولوجية النمطية والإبداعية، القاهرة: نهضة مصر للطباعة والتشر، 1991.