شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 22 نوفمبر 2020
عشرون: تتمة – الابداع على مستوى الجماعة
ب. قيادة الجماعة:
تغيرت أدوار القيادة في السنوات القليلة الماضية عن الاسلوب المتبع حالياً بما يحقق بقاء المنظمات وقيامها لمهامها ومسؤوليتاتها، فالاسلوب القديم للقيادة، يضع القائد وسط المجموعة بمعنية يستطيع التحكم بغالبية الاتصالات بين الاعضاء، وكذلك يوجه أنشطة الفريق المختلفة ويتخذ القرارات، وقد عمل هذا الاسلوب بصورة جيدة في الماضي في ظل ظروف معينة، فحالياً يقوم الكثير من القادة بتغيير طرق عملهم والتزامهم بالتواصل الفعال مع العاملين والتحرك من مركز المجموعة إلى حدود محيطها، وخاصة بالتواصل المباشر.
والقيادة الناجحة هي التي تبث روح التعاون والعمل بروح الفريق الواحد وتدرك أهمية رفع معنوياتهم والتعرف على شخصياتهم ورغباتهم وانجاز الاعمال من خلالهم لتحقيق الاهداف النهائية للفريق والمنظمة. (1)
ويؤكد هيكس على أهمية دور القائد في الجماعة الابداعية وقد قسمها إلى نوعين من القيادات للجماعات الابداعية وهما، القيادة الوظيفية، القيادة الاجرائية، وتحدث عن فعاليته التي تأتي من الدور الذي يقوم به.
1. القيادة الوظيفية: وهذا النوع من القيادة يتطلب الاسلوب الديمقراطي في إدارة الجماعة لأن المطلوب هو تشجيع أعضاء الجماعة من أجل الإسهام في حل المشكلات المطروحة أمامهم من خلال الأفكار الابداعية التي يطرحونها، والتي تتمثل في:
• انجاز مهمة الجماعة: من خلال تحديد المهام والأهداف وتحديد المسؤوليات ومراقبة الأداء وتخطيط الوقت.
• تحقيق حاجات الجماعة ، من خلال وضع القواعد التي تحكم عملها كفريق، وتسهيل عملية الاتصال بين الأعضاء والتحدث إلى المجموعة.
• تحقيق حاجات الفرد، من خلال معالجة المشكلات الشخصية للاعضاء، وتحفيزهم، واستغلال مهاراتهم وتطويرها وتزويدهم بالتغذية المرتدة. (2)
2. القيادة الاجرائية: وتطلق القيادة الاجرائية على الشخص الذي يقوم بدور القيادو الموجهة في الجماعات الإبداعية لحل المشكلات، إذ يحاول دائما التأكد من أن المجموعة تسير وفقاً لاجراءات أو خطوات الأسلوب المتفق عليه في حل المشكلات، وهذا النوع من القيادة لا يعتبر طرفاً في المشكلة التي تناقشها الجماعة فعمله يتمثل في مراقبة ديناميكية الجماعة بعد أن يسعى إلى تهيئة المناخ المناسب لممارسة دورها الإبداعي في حل المشكلات، فهو لا يقدم أفكار أو مقترحات ولا يمارس عملية التقييم على أي من الافكار المطروحة، ويمكنه في بعض الحالات توجيه الجماعة نحو حادثة أو مشكلة سابقة للمشكلة التي أمامهم لاستثارة أفكارهم التي تقود إلى طرح الحلول الإبداعية المناسبة لحل المشكلة، كما يقوم في نفس الوقت حل أية صراعات قد تحدث بين أعضاء الجماعة. (3)
فالقيادة الجرائية لا تتعارض مع القيادة الوظيفية، ويعتبران مكملان أحدهما للآخر، وخاصة بما يتعلق بتحديد هدف الجماعة، وتحقيق حاجاتها، وتوضيح القواعد التي تسير عليها في مناقشتها لحل المشكلة، إضافة لتشجيعها ودعمها، وهناك مبادىء تشكل في مجملها دليلاً أو مرشداً جيداً لعمل القائد مع أية جماعة تطلع بمهمة حل المشكلات بطريقة إبداعية، مع الاعتبار بعدم شموليتها، اي يمكن اضافة أو تقليص منها، وهذه المبادىء هي: (4)
1. يتطلب النجاح في حل المشكلات توجيه جهود الجماعة نحو حصر المعوقات التي تحول دون فعاليتها في حلال المشكلات والتغلب على هذه المعوقات.
2. توظيف أو استعمال الحقائق المتوفرة حتى ولو لم تكن مكتملة.
3. إن نقطة البداية في المشكلة هي المصدر أو المنبع المحتمل لحل المشكلة، ذلك أن حل المشكلة من الممكن تلمسه من خلال بحث الأسباب الأولية أو الأساسية التي أدت إلى ظهور المشكلة، مما يدفع الفريق للتحرك نحو البدائل الممكنة وفحصها للوصول إلى الحل الأمثل.
4. التركيز على دراسة المشكلة وفهمها وتأجيل البحث عن المشكلة، ذلك أن الاتفاق على حل معين للمشكلة لا بد من أن يسبقه اتفاق على طبيعة المشكلة، وهذا لن يأتي إلا من خلال دراسة متأنية للمشكلة ذاتها وتحديد أبعادها.
5. قبول الاختلاف في وجهات نظر الأعضاء حول طبيعة المشكلة والحلول الممكنة، وهذا الاختلاف إذا كان منطقياً فإنه يقود إلى الإبداع، أما إذا كان مصدره الرغبات الشخصية، فإنه من الممكن أن يعيق الجماعة عن تحقيق الدور المطلوب منها، لهذا فإن خوف الفرد من حكم قائد المجموعة أو رد الأعضاء على فكرته يصورة سلبية قد يمنعه من المشاركة بصورة ايجابية.
6. الفصل بين عملية توليد أو طرح الأفكار وتقييمها، ذلك أن التسرع في تقييم الأفكار يؤدي إلى اعاقة طرحها، لهذا ينبغي تأجيل عملية تقييم الأفكار إلى حين الانتهاء من حصرها.
7. التأكد من وجوب البحث عن أكثر من حل للمكشلة بدلاً من التركيز على الحل، فلقد أثبتت الدراسات التجريبية أن الحل الثاني غالباً ما يفوق الحل الأول من حيث الجودة والفعالية.
8. إتاحة المجال لأعضاء المجموعة لاقتراح الحلول الملائمة بدلاً من اقتراحها من قائد المجموعة، ذلك أن الحلول المقترحة من قبل القائد غالباً ما تقييم بصورة غير سليمة من قبل الأعضاء، فإما تقبل على علاتها أو ترفض رغم ميزاتها.
ج. نماذج الاتصال:
عادة في العمل الجماعي تتبع عملية الاتصال وتبادل المعلومات ضمن نماذج محددة أثناء أداء المهمة، ويمكن حصرها في خمسة نماذج رئيسية، حيث يمكن تصنيفها وفقاً لدرجة المركزية واللا مركزية، ففي نموذج (النجمة) أو نموذج (حرف Y) فإن كل المعلومات تمر خلال شخص واحد مما يشير إلى درجة عالية من المركزية في الاتصال وتبادل المعلومات بين أعضاء الجماعة، في حين أن نموذج (الدائرة) ونموذج (الشبكة) يشير إلى درجة عالية من اللامركزية في الاتصال وتبادل المعلومات بين الجماعة.
إن نموذج الاتصال ذاته يؤثر على دقة نقل الرسالة واستقبالها من قبل الأعضاء ومستوى أداء المهمة ودرجة الرضا التي يعايشها الأعضاء، فالرسالة قد تكون أكثر دقة في النقل بين الأعضاء عندما تمر من خلال قنوات قليلة ومحددة ومباشرة قدر الامكان، كما في نموذج الشبكة.
أما فيما يتعلق بتأثير نماذج الاتصال على أداء المهمة ورضا الأفراد فإنه يمكن تبيّن ذلك من خلال درجة المركزية واللامركزية، والانفتاح و/أو الانغلاق التي يتصف بها النموذج، فكلما كان الاتصال بين أعضاء الجماعة يتسم بدرجة عالية من المركزية أو الانغلاق، كما في نموذج (النجمة) ونموذج (حرف Y) أدى ذلك إلى تدني درجة التفاعل بين أعضاء الجماعة ومحدودية تبادل المعلومات والعكس صحيح.(5)
يمكن القول بأن نجاح الجماعة في القيام بدورها في حل المشكلات وبطريقة ابداعية يعتمد على درجة سهولة الاتصال بين أعضائها بما يمكنهم من تبادل المعلومات وحرية المشاركة والتعبير عن آرائهم دون وجود أي عائق، ذلك أن وجود أية عوائق تحول دون مشاركة الأفراد بحرية في الجماعة والتعبير عن آرائهم، قد يؤدي إلى الحد من فعاليتها في العملية الابداعية.
المراجع:
1. https://fr.slideshare.net/ALMOTAZBELLAH/ss-36969349
2. Hicks, Michael J. (1991): Problem Solving in Business: Hard, Soft and Creative Approaches. London: Chapman and Hall.
3. هيجان، عبدالرحمن، 1413، المدير والقائد الاداري، تحليل المهارات النفسية – الاجتماعية في الادارة، الادارة العامة ، معهد الادارة العامة ، الرياض ، السنة 32، العدد 77، ص 28) .
4. Major, Simon (1988): The Creative Gap, Managing Ideas for Profit. London : Biddles Ltd.
5. Maureen Guerdham (1990) Interpersonal Skills at work. N Y Prentice Hall. P (314).