“وجبة ….. إبداع وابتكار (61) ” نماذد الإبداع الجماعي في حل المشكلات – 22 “

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 20 ديسمبر 2020

عشرون: الابداع على مستوى الجماعة
عادة ما تكون مسؤولية حل المشكلات واتخاذ القرارات مناطة بالشخص الاول في المنظمة، وحتى ولو أدى هذا الشخص بأنه الأوحد والأهم وصاحب كل القرارات، وأن القيادة متفردة في عمله، ولا يعترف بأهمية العمل الجماعي ودوره في تطوير وتحسين المنظمة أو فرق العمل، إلا أن العمل لا بد وأن يكون ناقصاً وغير مكتمل الصورة من زواياه، ومن الخطورة العمل بشكل فردي، واتخاذ الطابع الدكتاتوري في التسيير واتخاذ القرارات، فلا بد للمنظمة حينها من التشرذم في الأهداف، والابتعاد كل البعد عن الهدف الاساسي التي أنشأت من أجله، فالمنظمات الناجحة والمدير الناجح يختار الاسلوب الجماعي في تحقيق الأهداف، ولأبراز الصورة بالشكل المتكامل والمتجانس، فلابد من اتباع أسلوب العمل الجماعي، الذي يعتبر من أفضل الأساليب الابداعية لحل المشكلات واتخاذ القرارات.

4. نماذج الابداع الجماعي في حل المشكلات
لقد تطورت العلوم بشكل عام وخاصة العلوم الادارية وتعدد نظريتها الخاضعة للتجارب على مستوى العمل الفردي ونتائجه وأثاره على المنظمة، وايضاً على مستوى العمل الجماعي وأهميته وأثاره في تحقيق الاهداف المخطط لها، وعلى الرغم من سلبيات وايجابيات العمل الجماعي في حل المشكلات واتخاذ القرارات في العمل الابداعي، إلا أنه أثبت اتزانه وضرورته في تحقيق الإبداع في المشكلات واتخاذ القرارات المبنية على المعلومات، واختيار الحلول الملائمة على جميع المستويات المؤسسية، وهناك نماذج متعددة ومتنوعة في العمل الجماعي في حل المشكلات واتخاذ القرارات الابداعية ابتداءً من عام 1910، نموذج ديوي (Dewey)، ونموذج سيمون (Simon) 1947، وغيرها من النماذج منها:

‌أ. نموذج ميلر (1986): عملية حل المشكلات:
يعتبر ميلر أن وجود المشكلات في حياتنا شيء طبيعي، وأن التعامل مع هذه المشكلات بشكل جماعي من أنجع الأساليب في التوصل إلى الحلول الابداعية، لذا كان تركيزه على المشكلات وتعريفها في بداية نموذجه، والتي عرفها بأنها “عبارة عن مواقف نريد أن نجعلها مختلفة عما هي عليه في الوضع الراهن”، وأن اسلوب حل المشكلات من خلال الجماعة يجب أن يكون واضحاً، مبنياً على خطوات واضحة بناء على تحديد المشكلة وتوضيحها لاختيار المناسب من الحلول لها، ضمن خطوات ينبغي المرور بها للوصول إلى نتائج ايجابية وحلول ابداعية، فالتسرع في اطلاق القرار وعدم اتباع خطوات حل المشكلات والالتزام بها يؤدي إلى تعقيد المشكلات والوصول إلى حلول بعيدة عن الايجابية، ويعتبر بأن الحلول قد تم ايجادها، وإنما في الحقيقة مازالت المشكلة قائمة وتبحث عن حلول لها، وقد اقترح ميلر بعض الخطوات لحل المشكلات بطرقة ابداعية كما يلي:

 الخطوة الأولى: (إدارك المشكلة):
ينبغي على المجموعة في هذه الخطوة وصف المشكلة بشكل موضوعي لكل عضو من أعضاء المجموعة وما هي مرئياته، وما هي أصل المشكلة وأسباب حدوثها، ومكانها وزمانها، ومن هو المعني باتخاذ القرار النهائي لحل المشكلة، وهناك بعض الأسئلة التي يمكن استخدامها في المجموعة لمساعدتها في وصف المشكلة:

 كيف تم وصف المشكلة من قبل كل عضو في المجموعة؟ (لتوضيح ماهية المشكلة ومكانها وزمانها)
 ما هي أسوأ النتائج المحتملة التي من الممكن أن تترتب على المشكلة؟
 ما هو شعور وانطباع كل عضو نحو المشكلة؟
 كيف ترغب المجموعة أن تكون عليه الموقف المشكل في المستقبل؟
 من سيكون صاحب القرار النهائي لحل المشكلة؟

 الخطوة الثانية: (تحديد أو تعريف المشكلة)
لمعرفة ما هو الحل للمشكلة، لابد من تحديد المشكلة وتعريفها، وأسباب حدوثها بوضوح، ويتم الاتفاق عليه من قبل المجموعة، وهذا الاتفاق يمثل (75%) من حل المشكلة، وهناك بعض الأسئلة التي يمكن الاسترشاد بها في هذه المرحلة:

 هل هناك تباين بين إدراك الجماعة للمشكلة كما هي في البداية وإداركهم لها بعد فهمها؟
 ما هي الجوانب التي ليس لها صلة أو علاقة بالمشكلة؟
 هل كل كلمة في العبارة التي عرفت بها المشكلة ذات مضمون محدد وواضح؟
 هل هذه العبارة تمثل في الواقع حلاً لمشكلة حقيقية؟
 هل يمكن وصف المشكلة من خلال الرسم البياني؟
 إلى أي مدى يمكننا حل المشكلة التي هي تحت سيطرتنا؟
 ما هي معاييرنا بالنسبة للحل المفضل، ومدى انطباقه على مصلحة المؤسسة ويحقق أهدافها؟

 الخطوة الثالثة: (التحليل)
لوصف المشكلة بالشكل الصحيح لا بد من معرفة العوامل المؤثرة بها، وما هي العوامل التي تجعلها أفضل أو اسوأ مما عليه الآن، وأنني أقترح في هذه المرحلة رسم المشكلة ضمن خارطة ذهنية، لتوضيحها بطريقة تناسب تحديد العوامل المؤثرة سلباً وايجاباً، وذلك ضمن النماذج المعتمدة في حل المشكلات مثل نموذج (السمكة، نموذج الخارطة الذهنية)، للوقوف على الأجزاء الصغيرة للمشكلة أو المشاكل الصغيرة التي شكلتها، ومن ثم المضي في التحليل، لايجاد الحلول المناسبة واختيار الامثل كما في الخطوات اللاحقة، كما أن هناك بعض الأسئلة التي تساعد في تنفيذ هذه المرحلة بنجاح من خلال الاجابة عليها وهي:

 ما الذي يمكن أن يفيدنا به أسلوب تحليل العوامل المؤثرة من حيث تشخيص للقوى المؤثرة في المشكلة؟
 ما وجهة نظر الخبراء بالنسبة لوضع المشكلة؟
 هل يمكن تفصيل أو تجزئة المشكلة إلى أجزاء صغيرة؟
 هل تم حصر جميع الوقائع أو الحقائق المتعلقة بالمشكلة؟

 الخطوة الرابعة: (ايجاد أو توليد الحلول أو البدائل)
وهنا يتم طرح الأفكار التي تساعد في حل المشكلة والتي تعتبر بحد ذاتها حلول مقترحة خاضعة للمناقشة والبحث والتعديل والنقد في أدق التفاصيل ومن ثم تقييمها واعتمادها، سنورد بعض الاسئلة التي يتم الاسترشاد بها وهي:

 ما الجهود السابقة التي قام بها الآخرون من أجل حل المشكلة؟
 ما الاساليب التي يمكن استخدامها من أجل استثارة الابداع لدى المجموعة، مثل أسلوب العصف الذهني، وأسلوب تحليل البنية، وأسلوب طرح الأسئلة، وغيرها من النظريات التي تستثير روح الإبداع لدى المجموعة والخروج بحلول ابداعية.

 الخطو الخامسة: (تقييم الحلول أو البدائل)
الوصول لهذه المرحلة يعني تقدم المجموعة في خطوات حل المشكلة، من خلال وصولها لافكار وحلول مقترحة، لمناقشة كل بديل في ضوء المعايير التي تم وضعها في الخطوة الثانية، على أن يتم أخذ أسلوب المرونة في الاعتبار في تقييم البدائل بحيث أن لا تكون العملية مجرد اجراء روتيني، أو بدائل نضطر لاعتمادها إرضاء لرئيس المجموعة أو غيره، كما يمكن عند تقييم البدائل أن يتم ضم أكثر من بديل أو تغير محتوى الفكرة للخروج بحل آخر جديد يتم تقييمه، تمهيداً لاعتماده لحل المشكلة، ويمكن استخدام الاسئلة أدناه لتوظيفها في تطبيق هذه المرحلة:
 كيف يمكن تقييم البدائل أو الحلول المطروحة على ضوء المعايير المحددة؟
 ما الترتيب النهائي لأخذ الحلول؟

 الخطو السادسة: (اختيار الحل أو الحلول الملائمة)
في هذه الخطو يتم اختيار الحل أو الحلول المناسبة لحل المشكلة بناء على المعايير المعتمدة وتكون مناسبة لوضع المشكلة على عتبة الحل، من خلال الاتفاق أو التصويت على الحل أو الحلول البديلة، واختيار القرار النهائي بذلك، وأيضاً سنورد بعض الاسئلة التي تساعد في تطبق هذه الخطوة:

 ما الذي تظهره نتائج تصويت الجماعة حول البدائل؟
 ما الحل أو البديل (أو البدائل) الذي حاز على أغلبية الاصوات؟
 ما القرار النهائي بشأن اختيار الحل المناسب؟
 هل ينبغي تأجيل اتخاذ القرار المتعلق بحل المشكلة ؟ ولماذا؟

 الخطو السابعة: (تنفيذ الحل)
تعتبر هذه المرحلة تنفيذية فعند الوصول إليها، تكون الأفكار قد نضجت، ووضح الطريق حول التنفيذ، فلابد من اعداد خطة تنفيذية تتضمن الخطوات والاجراءات التي سيتم اتباعها للوصول إلى التطبيق الأمثل، وأيضا المدة الزمنية للتنفيذ والمسؤولين عن التنفيذ، ودور كل منهم في الخطة، والصلاحية التي يتمتع بها الأشخاص المسؤولين عن التنفيذ، ومؤشرات الأداء وكيفية قياسها بشكل دوري للوقوف على النتائج، كما يمكن أن نسترشد ببعض الأسئلة التي تساعد في وضع الخطة:

 ما هي الاجراءات أو الخطوات التي سيتم وضها للوصول إلى تطبيق الحل واجلاء المشكلة؟
 من مسؤول الخطة لمتابعة التنفيذ والمسؤولين عن الاجراءات في الخطة بشكل تشاركي؟
 ما المؤشرات التي يمكن أن توضح تطبيق الاجراءات والوصول إلى النتائج؟
 ما هي المدة الزمنية لتطبيق الخطة ومدة تنفيذ كل اجراء فيها؟
 كيف سيتم توزيع الادوار على المعنيين في التنفيذ حسب التخصص؟
 كيف يمكن تقديم الدعم الكامل من الفريق لضمان النجاح في تنفيذ الحل؟

 الخطوة الثامنة: (تقييم النتائج)
في هذه الخطوة التي تعتبر ملاصقة وبشكل متناسق ومتتابع للخطوة السابقة، من خلال تقييم نتائج خطة التنفيذ، وفي رأيي الشخضي أن لا ننتظر حتى تنتهي الخطة ليتم تقييمها إن حققت أهدافها من عدمه في تطبق الحل المقترح لحل المشكلة، وإنما نقترح بأن يكون التقييم خلال مراحل تنفيذ الخطة لتقويم الانحراف من خلال مقاييس أو مؤشرات الأداء التي تم وضعها في بداية الخطة، وايجاد الخطوات أو الاجراءات البديلة للمضي قدماً في الوصول إلى المطلوب، وهناك بعض الأسئلة الاسترشادية التي يمكن تساعد في تطبق هذه الخطوة من خلال الاجابة عليها:

 كيف يمكننا أن نعرف أننا قد حقننا النجاح من تطبيق الحل الذي تم اختياره؟
 هل هناك ضرورة أو حاجة لاجراء بعض التعديلات على الخطة؟
 هل النتائج التي تم التوصل إليها في تطبق الاجراءات مطابقة أو تحقق مؤشرات أومقاييس الأداء؟

بما أن الغرض من استخدام هذا النموذج في حل المشكلات على مستوى الجماعة هو الوصول إلى حلول أو بدائل إبداعية، فقد اقترح (ميلر، 1968) عدد من الارشادات الموجهة نحو الشخص المسؤول عن تكليف الجماعة أو قائد المجموعة والتي يرى ضرورة اتباعها من أجل الوصول إلى نتائج ايجابية وهي:

 درّب الجماعة على عملية الإبداع قبل الشروع في حل المشكلة وذلك من خلال تطبيق أحد تمارين الإبداع.
 ينبغي أن تتوقع الإبداع من أي إدارة أو قسم في منظمتك وبهذا ينبغي توفير المناخ الملائم للإبداع.
 ينبغي أن تضم الجماعة أو فريق العمل المكون من أجل حل المشكلة، أعضاء من تخصصات مختلفة، وأن يكون بينهم أشخاص غير خبراء.
 ينبغي أن يتضمن فريق العمل أو الجماعة أعضاء من متخذي القرار، وذلك ضماناً لسهولة تنفيذ الحلول في المستقبل.
 تحديد جدول الأعمال الذي سوف تسير على ضوءه مناقشات الجماعة.
 توفير المناخ الملائم للإبداع منذ المرة الأولى للقاء الجماعة.
 تشجيع الاسهام من كل عضو من أعضاء الجماعة وفريق العمل على ألا تسمح للأشخاص من خارج الجماعة بالتطفل من خلال تقديم ما يعتبرونه اسهاماً منهم بمقترحاتهم من أجل مساعدة الفريق أو الجماعة.
 تشجيع الجماعة على استخدام وسائل الإبداع المختلفة أثناء مناقشة المشكلة.
 مراقبة أداء الجماعة بحيث تساعدها على عدم استغراق الكثير من الوقت عند مرحلة من المراحل، كمرحلة تحديد المشكلة أو ايجاد الحلول أو البدائل، إذ لا بد أن تشجع الجماعة للانتقال من مرحلة إلى أخرى طبقاً لأوقات زمنية محددة.
 تنبيه الجماعة على وجوب التركيز على المشكلة، وليس على الالتزام بخطوات حلها، أو أساليب حلها، حتى لا ينظر إليها وكأنها الهدف الأول من لقاء الجماعة.
 تشجيع الأفراد على استخدام مواهبهم وقدراتهم الفعلية، وذلك من خلال بث الثقة فيهم.
 تجنب ربط فكرة أو ايعازها إلى شخص معين في المجموعة، ذلك أن الأفكار ينبغي أن تنسب إلى الجماعة ككل.
 تخصيص وقت كاف لتقييم الحلول أو الأفكار التي توصلت إليها الجماعة حتى لو استغرق ذلك ضعف الوقت الذي تم قضاءه في الوصول إلى الحلول.
 اشاعة جو المرح والألفة بين أعضاء الجماعة وتعزيز ذلك من حين لآخر.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (101) “استراتيجيات التغيير (14)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …