شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 24 يناير 2021
عشرون: الابداع على مستوى الجماعة
أ. نموذج ميلر (1986): عملية حل المشكلات، تمت مناقشته وعرضه في المقالة السابقة.
ب. نموذج ويست: دورة الإبداع:
في عام (1990) حاول ويست توضيح العملية الإبداعية الجماعية في حل المشكلات من خلال نموذج العملية الابداعية أو دورة الإبداع، ويعتبر العملية الابداعية عملية دائرية، وأن النموذج ينطلق من افتراض مؤداه أن كل الإبداعات أو الابتكارات ربما يمكن اعتبارها نوعاً من التغيير للأنظمة الجماعية أو التنظيمية الموجودة سواء أكانت الأنظمة إدارية أو تكنولوجية، ويرى أن النموذج المقترح يمكن تطبيقه على المستوين الجماعي والتنظيمي، ويتكون نموذج ويست من أربع مراحل وهي:
المرحلة الأولى: (إدارك الحاجة إلى الإبداع):
تتمثل هذه المرحلة من خلال إدارك الحاجة إلى الإبداع من خلال الفجوة بين الأداء الحالي والأداء المتوقع، فالتفكير الابداعي قد يحدث حاجة لسد تلك الفجوة، كما يمكن أن تتجسد هذه المرحلة حسب ويست من خلال جلب بعض الإبداعات للمنظمة وتقرر الجماعة أن هذه الابداعات تضفي قيمة على الأداء حتى وإن لم يكن هناك فجوة بين الاداء الحالي والمتوقع، وأيضاً يمكن أن تتجسد نتيجة اقتناع المنظمة أو الجماعة بأهمية وفائدة الإبداع في حد ذاته كمطلب أساسي لاستمرار وبقاء المنظمة.
المرحلة الثانية: (مرحلة المبادرة):
وتتمثل مرحلة المبادرة في تقديم اقتراح أفكار جديدة إبداعية، من قبل الجماعة، أو تطوير أو تعديل الأفكار إلى فكرة جديدة، بغرض حل المشكلات أو تحسين الوضع الراهن، وأيضا يمكن أن تقودنا الاقتراحات أو الحلول الجديدة – للمشكلة عند مناقشتها – إلى أفكار جديدة مقترحة وليدة، يمكن أن تكون إضافية على الفكرة الأصلية أو بديلة عنها.
المرحلة الثالثة: (مرحلة التطبيق):
في هذه المرحلة يتم استخدام الفكرة من قبل الفريق أو الجماعة التي تم اختيارها بحيث تصبح جزءاً لا يتجزأ من ممارسات الأعمال اليومية أو الاجراءات أو المنتجات أو الخدمات التي تقدمها المنظمة، وأيضاً في هذه المرحلة يمكن أن تتعرض الفكرة الإبداعية لبعض التعديلات أو التطوير اعتماداً على توفر الفرص المترتبة على الفكرة الإبداعية.
كما وتتميز هذه المرحلة بخصائص ترتبط بموضوع ادخال التغيير في المنظمة، منها مقاومة الفكرة الابداعية، أو التعاون في تطبيقها أو اجبار الآخرين على قبولها، أو في بعض الحالات تطبيقها تحت شروط معينة، أما عن النتائج فتتعلق بإدارة التغيير وكيفية التعامل معها وترويجها لتقبل الفكرة التي قد تؤدي إلى نجاها أو إلغائها.
المرحلة الرابعة: (مرحلة الثبات):
والمقصود بهذه المرحلة، أن تصبح الفكرة الإبداعية التي تم تطبيقها جزءاً روتينياً أو اعتيادياً من النظام، حيث ترتبط بثقافة ومعايير وإجراءات الرقابة في المنظمة التي تمارسها على أعمالها اليومية، كما تتم الإشارة بجواز عدم تقبل الفكرة الإبداعية، وعدم القدرة على دمجها في النظام لعدم فعاليتها أو عدم تطويعها بما يتناسب مع الاجراءات المنظمة لها، مما يؤدي إلى إلغائها، ومن ثم معاودة البدء من جديد من بداية الدائرة الإبداعية من المرحلة الأولى للدائرة.
كما أن ويست حاول ربط المراحل الأربع لهذا النموذج بالعوامل المكونة لنظرية الإبداع الجماعي عنده، وقد أشار في نظريته إلى أن هناك أربعة عوامل أو متغيرات رئيسية تؤثر على عملية الإبداع الجماعي وهذه العوامل هي، الرؤية، المشاركة والأمان، المناخ الملائم، ووجود القواعد المساندة للإبداع، وهذا الربط بين النموذج والنظرية ينبني على افتراض فحواه، أنه إذا كانت نظرية الإبداع الجماعي تمثل الواقع تمثيلاً جيداً، فإن العوامل الأربعة المكونة منها النظرية يجب أن يكون لها تأثير على جميع مراحل نموذج العملية الإبداعية، أي أن كل عامل في النظرية سوف يكون له تأثير أساسي على كل مرحلة من مراحل الإبداع في النموذج المقترح، ويوضح نموذج الربط بين النظرية ومراحل العملية الإبداعية في الجدول رقم (2).
ونوجز بأن العملية الإبداعية الجماعية تحكمها عدة معطيات وعوامل أساسية من أهمها طبيعة المشكلة المطروحة المراد إيجاد الحلول المناسبة لها من خلال الجماعة التي تم تشكيلها خصيصاً لذلك، وأيضا نوع الجماعة من حيث الآلية التي تم اختيار أعضائها، وأيضاً أسلوب مناقسشتها للمشكلة، وطريقة الحوار الصحية، مدركين مدى الحاجة لها لسد الفجوة الناتجة ما بين الواقع والمأمول، مع عدم إهمال الدعم لأفراد الجماعة للعمل بكل شفافية دون تأثير على الآراء المطروحة، وأسلوب القيادة في الجماعة لتثبيت وتأمين المناخ المناسب في التطبيق، وتوليد أفكار ابداعية جديدة منها لتتلائم مع معطيات المشكلة، والوقوف على الحلول لها.