شبكة بيئة ابوظبي: يوم الأغذية العالمي، 16 اتوبر 2020
إن أزمة الصحة العالمية الناجمة عن فيروس كوفيد-19 قد وفرت لنا فرصة للتفكير في الأشياء التي نعتز بها حقاً، وفي احتياجاتنا الأساسية. لقد جعلت هذه الأوقات التي يهيمن عليها القلق الكثيرين منا يعيدون الاعتبار لشيء اعتدنا أخذه غالباً كأمر مسلم به، شيء يفتقر إليه كثير من الناس: الطعام.الغذاء هو جوهر الحياة والأساس الذي تقوم عليه ثقافاتنا ومجتمعاتنا. إن المحاظة على الوصول إلى الغذاء الآمن والمغذي كان وسيبقى جزءاً أساسياً من الاستجابة لكوفيد-19، خاصة بالنسبة للناس الأكثر فقراً وضعفاً في العالم، فهم الذين تضرروا أشد الضرر من الوباء وما نجم عنه من هزات اقتصادية.من المهم الآن، وأكثر من أي وقت مضى، أن ندرك الحاجة إلى دعم أبطالنا: أبطال الغذاء – من المزارعين والعاملين في جميع قطاعات النظام الغذائي – الذين يبذلون قصارى جهدهم لإيصال الطعام من المزرعة إلى المائدة، حتى في غمرة الاضطرابات التي لم يسبق لها مثيل والناجمة عن أزمة كوفيد-19 الراهنة.
حان الوقت لإعادة البناء بصورة أفضل!
حقق العالم في العقود الأخيرة تقدماً كبيراً في تحسين الإنتاجية الزراعية. وعلى الرغم من أننا ننتج من الغذاء الآن، أكثر مما نحتاجه لإطعام الجميع، إلا أن أنظمتنا الغذائية غير متوازنة. إن الجوع والبدانة، والتدهور البيئي، وفقدان التنوع البيولوجي الزراعي، وخسارة الأغذية وهدرها، وانعدام الأمن بالنسبة للعاملين في السلسلة الغذائية، ليست سوى بعض القضايا التي تؤكد هذا الاختلال. ومع شروع البلدان في تطوير وتنفيذ خطط التعافي من كوفيد-19، فإن الفرصة سانحة لتبني حلول مبتكرة تستند إلى الأدلة العلمية لتحسين أنظمتنا الغذائية وإعادة البناء بشكل أفضل.
يدعو يوم الأغذية العالمي إلى التضامن العالمي لمساعدة الفئات الأكثر ضعفاً على التعافي من الأزمة، ولجعل النظم الغذائية أكثر صموداً وصلابة، حتى تتمكن من تحمل التقلبات المتزايدة والصدمات المناخية، وتوفير وجبات صحية مستدامة وبأسعار معقولة للجميع، وسبل عيش لائقة للعاملين في النظام الغذائي. وسيتطلب ذلك برامج أفضل للحماية الاجتماعية، وفرصاً جديدة تقدم من خلال الرقمنة والتجارة الإلكترونية، وكذلك عبر ممارسات زراعية أكثر استدامة تحافظ على الموارد الطبيعية للأرض وعلى صحتنا وعلى المناخ.
أعمالنا هي مستقبلنا.
وعلى البلدان والقطاع الخاص والمجتمع المدني ضمان أن أنظمتنا الغذائية تزرع مجموعة متنوعة من المواد الغذائية لتغذية أعداد متزايدة من السكان، وأننا نحافظ على الكوكب معاً.
نحن جميعاً لدينا دور نقوم به، من زيادة الطلب الكلي على الأطعمة المغذية عن طريق اختيار الأطعمة الصحية، إلى عدم التضحية بالعادات المستدامة، رغم هذه الأوقات التي يشيع فيها القلق.
سد الفجوة الرقمية
تعد التكنولوجيات الرقمية أساسية لتغيير طريقة إنتاج الغذاء ومعالجته وتداوله واستهلاكه وبناء أنظمة غذائية أكثر صموداً وصلابةً. وتتوفر لها القدرة على سد الفجوة الرقمية الكبيرة بين البلدان المتقدمة والنامية، والمدن والمناطق الريفية ، وبين الرجال والنساء، والصغار والكبار. لكن الرقمنة هي حقيقة بعيدة المنال بالنسبة لأكثر من 3 مليارات شخص في العالم ممن يفتقرون إلى الوصول إلى الإنترنت، ويعيش معظمهم في المناطق الريفية والنائية.
تَعِدُ التكنولوجيات الجديدة المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة بتغييرات ثورية. ويشمل ذلك التصوير بالأقمار الصناعية والاستشعار عن بعد وتطبيقات المحمول والكتل المتسلسلة مع إمكانية تحسين السلاسل الغذائية، وزيادة الوصول إلى الأطعمة المغذية، وتقليل فقد وهدر الطعام، وتحسين إدارة المياه، ومكافحة الآفات والأمراض، ومراقبة الغابات أو إعداد المزارعين لمواجهة الكوارث. كما سيكون التدريب المكثف لتعزيز مهارات المزارعين الرقمية، والسماح لهم بالتعبير عن احتياجاتهم وأفكارهم، أمراً ضرورياً، بالإضافة إلى نظام الحوافز لتشجيع إنتاج الأطعمة المغذية والمتنوعة.
كما أن التحليل المتطور للبيانات سيساعد الحكومات في البلدان النامية على اتخاذ قرارات أفضل. إن منظمة الأغذية والزراعة على استعداد لدعم البلدان في سعيها للحصول على شراكات لتحقيق ذلك، بما فيه من فرص الاستثمار من قبل القطاع الخاص. وعندها سيكون من الأهمية البالغة انشاء البنية التحتية الضرورية – اتصالات النطاق العريض، ومقدمي خدمات البيانات – واستضافة مراكز البيانات أو المنصات السحابية التي تدعم قواعد البيانات الكبيرة بالمعلومات الحيوية. وبمقدور المنظمة أن تقدم المشورة الفنية السليمة حول الكيفية التي يمكن بها للتنظيم الأفضل والتدريب الكافي أن يمهدا الطريق الى مستقبل رقمي للأغذية