الاستدامة في قطاع الأزياء..مبادرات صديقة للبيئة وواقع مخيب للآمال

مجلة فوربيس (العربية) فوزية عزاب: 20 ابريل 2021
على الرغم من أن الطريقة التي نشتري بها الملابس قد تتغير، إلا أن إقبالنا على الأزياء لا يظهر أي علامات على التراجع، في حين توظف صناعة الأزياء أكثر من 75 مليون شخص على الصعيد العالمي، ومن المتوقع أن يحقق سوق الملابس نموًا من 1.5 تريليون دولار في عام 2020 إلى نحو 2.25 تريليون دولار بحلول عام 2025، ما يدل على أن الطلب على الملابس والأحذية آخذ في الارتفاع في جميع أنحاء العالم بحسب statista
فيما اعتبر مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) صناعة الأزياء ثاني أكثر الصناعات تلويثًا في العالم، ذلك كونها تعتمد سنويًا نحو 93 مليار متر مكعب من المياه تكفي لتلبية احتياجات خمسة ملايين شخص.
لذا، وبينما نتصفح لشراء المزيد من الملابس، ما الثمن الذي يدفعه الكوكب نتيجة لسعينا وراء الحصول على الموضة السريعة؟

واقع مخيف

مصدر الصورة: Martin de Jong

يتم إلقاء كمية من الألياف الدقيقة تعادل ثلاثة ملايين برميل من النفط في المحيط سنويًا بسبب صناعة الأزياء إضافة إلى مسؤوليتها عن انبعاث الكربون أكثر من جميع الرحلات الجوية الدولية والشحن البحري. ويشير تقرير صادر عن شركة Mckinsey & Comapny وموقع Business of Fashion بعنوان “حالة الموضة في 2020” إلى أن القطاع يمثل 6 % من انبعاثات غازات الدفيئة، ومن 10 إلى 20 % من استخدام المبيدات. في حين يولد القطاع ما بين 20 إلى %35 من تدفقات الجسيمات البلاستيكية التي تنتشر في المحيطات، والتي قد تتسبب في تجفيف مصادر المياه، وتلويث الأنهار والجداول.
على الرغم من هذه الأرقام المقلقة، هناك مخاوف بين الخبراء من أن مزاعم الصناعة بأنها تأخذ العوامل البيئية في الاعتبار قد تكون مجرد كلام. وفقًا لرويترز وبحسب التقرير الصادر عن The Business of Fashion بعنوان “قياس فجوة استدامة الموضة”، فإن أكبر 15 شركة أزياء مدرجة تتخلف عن الركب عندما يتعلق الأمر بتحقيق الأهداف الاجتماعية والبيئية لاتفاقية باريس للمناخ وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
يقول عماد سعد استشاري استدامة ومسؤولية مجتمعية ورئيس مجلس ادارة مجموعة نايا للتميز: “أغلب الشركات العالمية الأكثر تلويثًا للبيئة، نراها اليوم هي من بين أكثر الشركات الداعمة للبيئة، والسبب بسيط أنهم وجدوا في المسؤولية المجتمعية نافذة جميلة يطلون بها على المستهلك تقربهم منه، بل تجعلهم أكثر منه حرصًا على البيئة والإنسان. لكن الواقع على الأرض مختلف كليًا “.
إلا أن بعض الشركات على الأقل تتخذ خطوات في الاتجاه الصحيح. فيما يلي بعض مبادرات الاستدامة التي تنفذها أربع من أكبر شركات الأزياء في العالم.

Kering

مصدر الصورة: TY Lim / Shutterstock.com

كشفت مجموعة Kering المملوكة للملياردير فرانسوا بينو -الذي يبلغ صافي ثروته49.8 مليار دولار وفقًا لفوربس بتاريخ 26 إبريل/ نيسان- إنها حققت إيرادات مجمعة لعام 2020 بنحو15.8 مليار دولار بانخفاض قدره 17.5% مقارنة مع 2019، مسجلة صافي أرباح بنحو 2.6 مليار دولار رغم ذلك.
قامت شركة Kering بتطوير أداة مبتكرة لقياس الأثر البيئي لأنشطتها. (EP&L) وهو”عامل تمكين رئيسي لبناء نموذج أعمال مستدام” ويقوم بقياس انبعاثات الكربون واستهلاك المياه وتلوث الهواء والمياه واستخدام الأراضي وإنتاج النفايات طوال سلسلة التوريد، من أجل أن يكون التأثير البيئي لأنشطة المجموعة المختلفة مرئيًا وقابلًا للقياس وللمقارنة، ثم يتم تحويل هذه التأثيرات إلى قيم نقدية لتحديد استخدام الموارد الطبيعية. وفي تقريرها السنوي لعام 2020 أشارت الشركة إلى أنها خفضت آثارها البيئية الإجمالية بنسبة 29٪ ومن حيث كثافة EP&L بين عامي 2015 و2019 يسير على الطريق الصحيح للوصول إلى هدف التخفيض بنسبة 40٪ بحلول عام 2025.

LVMH

مصدر الصورة: viewimage / Shutterstock.com

سجلت مجموعة LVMH التابعة للملياردير برنار أرنو، الذي تقدر ثروته بنحو 181.9 مليار دولار كما في 26 إبريل/نيسان من العام الجاري، إيرادات بلغت 54 مليار دولار في عام 2020، بانخفاض 17٪ مقارنة بعام 2019.
في تقرير المسؤولية البيئية الصادر عن شركة LVMH الفرنسية لعام 2020، تتخد عملاق الأزياء الفاخرة نهجًا للمسؤولية البيئية تم تنظيمه بواسطة برنامج LIFE، وهي “مبادرات LVMH لـبرنامج البيئة” الذي يحدد أساسيات العناصر التسعة للأداء البيئي للمجموعة، بما في ذلك تصميم المنتج وتجربة العملاء وإمكانية تتبع قنوات المصادر. وبناء على ما تم تحقيقه في LIFE 2020 قررت LVMH التركيز على الأهداف الأكثر طموحًا من خلال خطة LIFE 360 الجديدة. والتي تحدد استراتيجيات رئيسية لأعوام 2023 و2026 و2030 – وتتمحور حول 4 ركائز رئيسية: منها حماية التنوع البيولوجي، محاربة تغير المناخ الاقتصاد الدائري، والشفافية.

Nike

مصدر الصورة:TY Lim / Shutterstock.com

حققت شركةNike ، التي أسسها الملياردير فيل نايت، الذي قدرت صافي ثروته بنحو 49.3 مليار دولار اعتبارًا من 27 أبريل/نيسان 2021، إيرادات بقيمة 37.4 مليار دولار في السنة المالية 2020 ، بانخفاض 4٪ مقارنة مع السنة التي سبقتها حيث حققت 39.11 مليار دولار.
ووضعت الشركة مجموعة من أهداف التنمية المستدامة 2020 SUSTAINABLE DEVELOPMENT GOALS في تقريرها، أهمها الهدف العلمي لعام 2030، والذي ستحتاج معه Nike إلى تقليل بصمتها الكربونية بنسبة 65٪ في الأماكن المملوكة أو المشغلة وبنسبة 30٪ عبر سلسلة التوريد. فيما إن مبادرة الشركة Move to Zero “الانتقال إلى الصفر” هي رحلة نحو الوصول إلى مستوى صفري من انبعاثات الكربون والنفايات، لتحقيق عمليات خالية من انبعاثات الكربون بحلول عام 2025، وتخفيض بنسبة 70٪ لانبعاثات الغازات الدفيئة في المرافق المملوكة أو المشغلة من خلال الكهرباء المتجددة.
كما تقوم الشركة بإعادة استخدام أكثر من 90٪ من النفايات الناتجة عن المواد المستخدمة في نعل أحذيتها لصنع أنظمة توسيد جديدة ومبتكرة. ومنذ العام الماضي، تم تشغيل جميع منشآت AirMI التابعة للشركة في أميركا الشمالية بالاعتماد على طاقة الرياح المتجددة بنسبة 100٪.

H&M

مصدر الصورة: March Marcho / Shutterstock.com

سجلت شركة H&M، المملوكة بنسبة 36٪ لستيفان بيرسون – الذي بلغ صافي ثروته 22.1 مليار دولار بتاريخ 27 أبريل/نيسان 2021، والذي أسس والده الشركة في عام 1947 – انخفاضًا بنسبة 19٪ في المبيعات العام الماضي، بقيمة 22.3 مليار دولار خلال العام المالي 2020 مقابل 27.7 مليار دولار في 2019.
تعرضت شركة H&M في السابق لانتقادات من الجهات التنظيمية تتعلق بمحاولاتها الدخول إلى مجال الأزياء المستدامة، بسبب تقديمها معلومات قيل إنها غير دقيقة حول فوائدها البيئية، أو مايعرف باسم greenwashing وهي ممارسة الشركات المتمثلة في تحويل مطالبات الاستدامة لتغطية سجل بيئي مشكوك فيه. وتشير مجموعة (H&M) في موقعها الإلكتروني إلى أن الملابس التي يتم التبرع بها إما أعيد تدويرها، أو يُعاد ارتداؤها، أو أعيد تحديد الغرض منها.
وأشارت الشركة في تقريرها السنوي 2020 إلى أنه كان هناك تأخير أو توقف في العديد من أنشطة الاستدامة بما في ذلك برامج جمع الملابس.كما تأخر برنامج تطوير المبادئ التوجيهية العالمية القائمة على التنوع البيولوجي من خلال شراكة بين مختلف المنظمات والشركات العالمية ومن المتوقع استئنافه في عام 2021.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

نمط العيش وتأثيره على التغير المناخي: أية مسؤولية مجتمعية لحماية البيئية؟

كرسي الألكسو للتربية على التنمية المستدامة بكلية علوم التربية التابعة لجامعة محمد الخامس بالرباط يستضيف …