لا بد من ترجمة الأهداف العالمية إلى جهود محلية امواجهة تداعيات تغير المناخ

شبكة بيئة ابوظبي: الامارات العربية المتحدة، دبي، 26 مايو 2021
تعكس الأهداف الطموحة التي تم الإعلان عنها والتأكيد عليها خلال مؤتمرات القمة، مثل الحوار الإقليمي للتغير المناخي وقمة المناخ على مستوى القادة وغيرهما، إجماعاً متزايداً بأننا نمرّ في مرحلة حرجة تتطلب تطبيق إجراءات فاعلة. وتتخذ الحكومات والأفراد والشركات حول العالم خطوات جريئة لمواجهة الأزمة غير المسبوقة لتغير المناخ، وهذا أمر مبشر بطبيعة الحال!
مع ذلك، لن يكون بوسعنا تجاوز هذا التحدي وتحقيق أهدافنا الملحّة بالاعتماد فقط على مثل هذه الخطوات، أو حتى اجتماعات إقرار السياسات الحكومية، أو اجتماعات مجالس إدارة الشركات. وبالرغم من أهمية هذه اللقاءات للتنسيق وتحديد الالتزامات، غير أن الإجراءات اللازمة لتحقيق هذه الأهداف ينبغي تطبيقها في الأسواق المحلية.

من النظرية إلى التطبيق
يحدث النجاح فعلياً لدى “الانتقال من النظرية إلى التطبيق” وتبنّي تقنيات وأنظمة وممارسات منخفضة وصفرية الكربون في المنازل، والمعامل، والمنشآت الصناعية، ومحطات الطاقة، والمباني المكتبية. ويتعيّن تنفيذ ذلك عبر مختلف المناطق الجغرافية والمناخية والديموغرافية والاقتصادية.
وبينما تتمتع بعض المناطق بكثافة سكانية عالية، تتضمن مناطق أخرى مساحات شاسعة غير مأهولة. كما تعتمد بعض المناطق على تحلية المياه كمورد مائي وحيد وتحتاج إلى تشغيل التكييف بشكل متواصل خلال أشهر الصيف الحارة؛ في حين تمتلك مناطق أخرى أنهاراً دائمة الجريان وتتكبد الكثير في سبيل توفير مصادر التدفئة خلال أشهر الشتاء القارسة.
ولا يقتصر تأثير هذه الظروف المختلفة على استجابة كل دولة للتغيّر المناخي فحسب، بل يتعداه إلى كيفية تعاملها مع “الإشكالية الثلاثية للطاقة العالمية”. وتعكس هذه الإشكالية التحدي الذي تواجهه الدول في تلبية متطلبات الاستدامة، والموازنة كذلك بين احتياجاتها في مجالين مهمّين هما: التوفير العادل للطاقة (يرتبط عادة بمعقولية التكلفة)، وأمن الطاقة وموثوقيتها.
وحتى مع إجماع العالم على ضرورة تضافر الجهود، فستبدو الأساليب التي تنتهجها كل دولة ومجتمع مختلفة عن الأخرى. ماذا يعني ذلك؟ يعني ببساطة بأن العمل المناخي الفاعل – ولا سيما لناحية “الإشكالية الثلاثية للطاقة العالمية” – يستوجب تطبيق الإجراءات المطلوبة على نطاق محلي موسّع، وهذه المنهجية المحلية تستدعي تبنّي التكنولوجيا ضمن إطار البيئة والسوق المحليَّين.
في ضوء ذلك، سنسعى خلال مرحلة العمل هذه إلى التعاون مع العملاء والحكومات حول العالم لدعم تنفيذ الالتزامات المحددة من أجل تسريع وتيرة تقدمنا نحو مستقبل أكثر استدامة. ويتعين علينا، جنباً إلى جنب مع العملاء والحكومات والشركاء، أن نسعى إلى بناء مستقبل ينطوي على نماذج وتقنيات جديدة.

إعادة تصور تقنيات المستقبل
نعمل على توفير تقنيات موثوقة تدعم العملاء في اتخاذ زمام المبادرة اليوم، وتساهم جهودنا المستمرة للبحث والتطوير – مع إنفاق سنوي يبلغ 1,5 مليار دولار أمريكي على أبحاث وتطوير الطاقة – في تزويدهم بالتقنيات الجديدة التي سيحتاجونها خلال السنوات المقبلة.
وبات بوسعنا اليوم تشغيل توربينات الغاز بواسطة مزيج من الغاز الطبيعي والهيدروجين، ويساهم ذلك إلى حد بعيد في خفض انبعاثات غاز ثنائي أوكسيد الكربون. ومن خلال مواصلة الابتكار، قد نتمكن من تشغيل العديد من توربيناتنا بالكامل بواسطة الهيدروجين، الأمر الذي يبشّر بحقبة جديدة في مجال توليد الطاقة الكهربائية منخفضة الكربون والقابلة للتوزيع، عدا عن توفير الإمدادات اللازمة خلال فترات انقطاع الطاقة المتجددة. وفي قطاع الطاقة المتجددة، نمتلك بعضاً من أضخم التوربينات وأكثرها كفاءةً في العالم، كما تضمن معدات وبرامج شبكاتنا الكهربائية رفد المستهلكين بكهرباء عالية الكفاءة والموثوقية.
وفي قطاع الطيران، نواصل العمل على تحسين أداء المحركات لتعزيز كفاءة استهلاكها للوقود. ونقوم على المدى الطويل بتجربة أنواع مستدامة من وقود الطائرات، واختبار أنظمة دفع كهربائية جديدة ستعيد تصور محركات الطائرات.

دعم تحول الطاقة
تشهد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تركيزاً كبيراً على الحد من انبعاثات الكربون وتنويع مزيج الطاقة.
وتسعى المملكة العربية السعودية إلى بناء إحدى أكثر منظومات الطاقة كفاءة على مستوى العالم، إذ تعتزم تنويع مزيج الطاقة لديها لتوليد نصف طاقتها الكهربائية من المصادر المتجددة بحلول عام 2030. وخلال رئاستها قمة العشرين لعام 2020، أكدت المملكة على ضرورة اعتماد مفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، وأطلقت مبادرتيّ “السعودية الخضراء” و”الشرق الأوسط الأخضر” لخفض الانبعاثات الكربونية في المنطقة بنسبة تتعدى 10% من المساهمات العالمية الحالية.
وفي الإمارات العربية المتحدة، يعد التنويع كذلك عاملاً مهماً في إحراز التقدم؛ حيث تسعى الدولة إلى رفع مساهمة مصادر الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي في مزيج الطاقة إلى 44% و38% على التوالي بحلول عام 2050. وتعتزم “جنرال إلكتريك” تركيب توربينات H-class الغازية ذات الأداء القياسي في إحدى محطات توليد الطاقة التي من المتوقع أن تكون الأعلى كفاءة في قطاع المرافق على مستوى الشرق الأوسط. كما قدمنا تقنيات الطاقة الشمسية لما سيصبح أكبر مشروع استراتيجي لتوليد الطاقة المتجددة ضمن موقع واحد في العالم.
ختاماً أقول إن نجاحنا كمجتمع دولي في بناء مستقبلٍ منخفض الكربون يتطلب منا مباشرة العمل فوراً على امتداد سلسلة القيمة وفي جميع أنحاء العالم بالاستناد إلى الالتزامات التي أعلنها وشدّد عليها قادة العالم.
وبالنسبة للمصانع والمرافق والمنظومات التي تحقق إزالة الكربون، تتلخص مهمتنا في ترجمة هذه الالتزامات العالمية والوطنية إلى ممارسات محلية تقودنا إلى مستقبل مستدام واقتصاد منخفض الكربون.

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

لماذا مات الكثيرون في إسبانيا؟ لأن أوروبا لم تتقبل بعد حقائق الطقس المتطرف

من المؤسف أن الفيضانات الشديدة أمر لا مفر منه. ولكن ما ليس حتميًا هو مدى …