شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 20 يونيو 2021
رابعاً: حاجة المنظمة للادارة الابداعية
تعتبر الإدارة الإبداعية سمة من سمات المنظمات الحديثة، وتتعد مجالات الإدارة الإبداعية سواء في بناء الاستراتيجيات أو في ابتكار الأساليب والأنظمة أو في تنظيم المهارات وقدرات العاملين أو في الاستجابة المحدثة لاحتياجات البيئة من سلع وخدمات، واستخدامها في تحويلها لفرص إبداعية، ومن أهم أسباب حاجة المنظمات للإدارة الإبداعية ترجع لما يلي:
• تعتبر الإدارة الابداعبة عنصر أساسياً في جميع نشاطات المنظمة لرفع كفاءتها وإنتاجيتها، وبالتالي تحسين مخرجاتها سواء كانت منتجات أو خدمات.
• تعيش المنظمات الحديثة ظروف متغيرة فرضت الحاجة إلى إدارة إبداعية.
• تزايد المشكلات الإدارية التنظيمية داخل المنظمات الحديثة، يفرض التغيير والتطوير الذي يتطلب الابداع في إحداثه.
• تزايد حدة المنافسة الشرسة يفرض الحاجة إلى الإدارة الإبداعية لزيادة القدرة التنافسية.
• تقنيات الاتصالات وثورة المعلومات وشبكة الانترنيت وما تنتجه من قدرات غير مسبوقة نتج عنها العديد من المشكلات التي تواجهها المنظمات الحديثة، الأمر الذي يتطلب إدارة إبداعية حل هذه المشكلات.
• العولمة والتعامل معها تتطلب إدارة إبداعية.
• وسيلة للتطوير والتجديد وابتكار طرق وحلول جديدة لمشكلات قائمة.
• يبرز الابداع كمطلب أساسي من بين المطالب التي تكون الغاية العليا للظاهرة الإدارية حيث أن أية قيادة إدارية أو عملية إدارية تغفل عن الابداع تحكم على نفسها بالتخلف والانغلاق والأنهيار.
• تتميز بعض المنظمات بالكفاءة في مرحلة معينة وقد تتفوق على غيرها وللحافظ على هذا التفوق ينبغي توفر مقومات الابداع كوسيلة فعالة للدخول إلى عالم المستقبل.(1)
خامساً: دور المنظمة في تنمية القدرات الإبداعية
على الرغم من أهمية دور الفرد في المنظمات في توظيف قدراته الإبداعية، إلا أن هذه القدرات والإبداعات لا تتصف بالاستمرارية التي تحكمها الظروف المحيطة التي تساعد على الابداع أو عدمه، لما للبيئة المحيطة من دور كبيرة وفعال في استثارة الابداع وتحويله لمنفعة المنظمة، وهناك بعض الدراسات تعزي ذلك لنوعية وشخصية المديرين، والاعتبار الأول والأساسي لادخال التغيير والإبداع كديباجات فاعلة في إنجاح التنمية الإدارية، هو إيجاد البيئة المناسبة كالممارسات الإدارية والتجارب العالمية والمعرفة التنظيمية والفنية، وإيجاد آليات حديثة في توظيفها لتطوير المنظمة، مع الاهتمام الرئيس في تدريب وتأهيل الموارد البشرية والاستمثار بهم لرفع مهاراتهم وقدراتهم، وهناك عدداً من المبادئ والمرتكزات الإدارية الواجب توفرها في البيئة التنظيمية للمؤسسات الإبداعية منها: (2)
أ. تبني نظام مؤسسي يقوم على المشاركة
العمل الجماعي أثبت فعاليته في جميع الأنظمة، والمشاركة في تحقيق الإبداع ومناقشته بطريقة بناءة تساعد على تدفق الأفكار الجديدة بحرية تامة تصب في مصلحة المنظمة، والنظام التشاركي يمتاز بدفء العلاقات الانسانية ويشجع على النهج الديمقراطي في الحوار وتبادل الآراء والنقد البناء، مما يلحظ فيه أهمية الموارد البشرية كعامل أساسي وأولى في المشاركة في بناء المنظمة، مما يشعرهم بأهمية دورهم والتزامهم الداخلي تجاه التطوير والإبداع المؤسسي ويحقق لهم السعادة والايجابية.
ب. أن يكون التدريب واجباً وظيفياً ومتجدداً بكل العاملين،
لما لأهمية التدريب وما يوفره من فرص للتجريب وتطبيق الممارسات الإبداعية، وإيجابية في تحقيق القيم التطويرية وتطبيقاتها الإبداعية في المنظمة، كون الاعتقاد لدى البعض بأن الإبداع استعداد فطري من الضروري تنمية وتطويعه في اتجاهات تصب في مصلحة المنظمة، من خلال أساليب وبرامج تنمية القدرات الإبداعية لاطلاق قدراتهم.
ج. إعطاء أولوية متميزة للبحث والتجريب، معظم الدراسات تؤيد اربتاط الابداع بالبحث العلمي
كون الابداع قضية فكرية وحالة عقلية، فالبحث والتجريب أهمية كبيرة في إيجاد أفكار جديدة ومن ثم تحويلها لإبداعات في سبيل حل المشكلات ، فالصفات التي تتصف بها البيئة الإبداعية هي “الاتجاه التجريبي” والذي يعني التوجه نحو تجربة ما هو جديد بهدف التأكد من ملائمته للتطبيق، وهذا الاتجاه مرهون بالمخاطر لانه يخلق الكثير من المشاكل نتيجة المقاومة التي يواجهها هذا الاتجاه بالرغم من أنه مطلباً ملحاً،(3) لذا لا بد من تنمية القدرات الإبداعية بتدعيم وحدات البحث والتطوير في مختلف المنظمات، لتشجيع الأبحاث والتخطيط طويل المدى المتسم بالمرونة وتجربة الأفكار الجديدة. (4)
د. تبني المنظمة نظم تكاملية في العمل وتأمين معايير موضوعية لتقويم الأداء
تساعد النظم التكاملية في استمالة وتشجيع المبدعين مثل ، تأصيل قنوات الاتصال المفتوحة، التي تحقق الاتصال والتفاعل العضوي مع الآخرين بالقدر الذي يوفر المناخ المناسب للتعبير عن الأفكار وتبادل الآراء ويحفز على المنافسة الموضوعية بين مجموعات العمل، وتطوير المناخ الإبداعي يقتضي معايير موضوعية لتقويم الأداء، وهذه المعايير تساعد ترسيخ الثقة بالعاملين وتمنحهم حرية التصرف بعيداً على الرقابة المثبطة، كما أن هذه المعايير تكون سبباً في خلق بيئة تسهم في التعبير بحرية عن الذات وتشجع على تقديم الأفكار بحرية تامة، وحفظ حقهم فيها ونقده بطريقة بناءة وليست مستفذة أو مقللة لقيمة الشخص مما يؤثر فيه ويبتعد عن تقدي أية أفكار أخرى، كما ويمكن أن تكون هذه المعايير سبباً في ترقية العاملين وتحفيزهم في تحقيق أهداف المنظمة.
ه. الميل للتنظيم اللامركزي بالقدر الذي يحقق قدراً مطلوباً من الاستقلالية والمرونة في التنفيذ
النظام المركزي يتبنى السمات البيروقراطية في التنظيم، المتمثلة في مركزية السلطة وتعدد المستويات الإدارية والتقيد بالنظم والاجرءات النمطية، عكس التنظيم اللامركزي الذي يحقق انتشار السلطة، ويتيح هامشاً أكبر لحرية التصرف ويؤمن تدفق المعلومات ويحقق التفاعل العضوي، مما يساعد على بلورة الأفكار والاقتناع بها والحرص على وضعها موضع التنفيذ، كما ويمنح المدراء الحرية الأكبر لابتكار وسائل جديدة لتطوير العمل. (5)
و. تأمين التكامل والتفاعل العضوي بين الكيان المؤسسي من جانب ومختلف الفعاليات البيئية من جانب آخر
إن فعالية المنظمة في تحقيق أهدافها تعتمد بدرجة أساسية على قدرتها في تنمية علاقة توازن ديناميكي مع بيئتها، بالقدر الذي يمكنها من تحويل الفرص التي يتيحها التغيير في البيئة إلى إمكانات إبداعية، فالمنظمة كنظام مفتوح تعتبر في حالة تفاعل مستمر مع العالم الخارجي، تؤثر وتتأثر بما يجري حولها، وهذه هي الصفة الحقيقية للمنظمات لتزرع قدرتها على الاستمرار والبقاء في ظل التغييرات الحديثة والمتسارعة، فالمنظمات الأكثر فاعلية هي التي تبني نظامها الداخلي بناء على معطيات البيئة وتتفاعل معها بشكل إيجابي، مما يساعدها على استقراء المستقبل فيها والتماشي في الاتجاهات البيئية الخارجية.
ز. تأصيل دور القيادة الادارية في تحقيق المناخ التنظيمي للإبداع
إن تحقيق المقومات التنظيمية الواجبة لبناء وتطوير التوجيهات الإبداعية في المنظمة يتأثر بقدر إيمان القيادة الإدارية بالإبداع، وبمدى ما يتوفر في استراتيجيات القيادة الإدارية من العناصر التالية:
الحرص على تبني مجموعة من القيم التي تنمي التوجيهات الإبداعية والعمل على وضعها موضع التنفيذ وتشجيع العاملين على اتخاذها اطاراً مرجعياً في مختلف أوجه العمل.
إعطاء تنمية النظام البشري عناية خاصة باعتباره النظام الجوهري بما يتطلب تحقيق التكامل بين أهداف وحاجات المؤسسة وحاجات وأهداف العاملين، وإخصاب مناخ الثقة وتبادل الرأي مع بذل الجهود في تنظيم قدرات العاملين وحفزهم للأداء المتميز .
العمل على تطوير الهياكل التنظيمية وأساليب العمل بشكل يؤمن المشاركة في السلطة ويحفز على العمل الجماعي.
المعارف الثقافية والتنظيمية المفتوحة التي لها تأثيرات إيجابية من البيئة الخارجية على بيئة المنظمة والعاملين فيها بما يدعم تحقيق أهداف المنظمة وزيادة الأداء.
استعداد المديرين وتقبلهم التغييرات التنظيمية وما يتأتى من البيئة الخارجية، واستجابتهم لها بأساليب إبداعية.
وضع معايير موضوعية لاختيار القيادات تعتمد على الجدارة والكفاءة الإدارية والسمات القيادية، مبنية على التنافس بالأهداف لتحقيق الإبداع، وتفاعل المنظمات مع البيئة الداخلية والخارجية بتفكير ابداعي متميز يحقق أهدافها.
إعمال التنافس بالنظم الإدارية كنتيجة لتقييم القيادات الإدارية وترقيتها بما يتوازى مع تحقيق الأهداف المؤسسية والاهداف الشخصية.
وضع الضوابط التي تحقق الاستقرار النسبي للقيادات الإدارية على أسس موضوعية، على أن يرتبط ذلك على التوازي بتطبيق إدارات محايدة للتعرف على آراء الأطراف ذوي العلاقة بالمنظمة بشأن كفاءة القيادات الإدارية. (6)
ربط الوظائف القيادية في مختلف المستويات بالقدرة على الابداع لا شروط السن والتقارير السرية في العمل والروتين.(7)
المراجع:
1. عيد سيد، ندوة الإدارة الإبداعية للبرامج والأنشطة في المؤسسات الحكومية والخاصة التحديات التي تواجه الإدارة الإبداعية، المنظمة العربية للتنمية الإدارية، القاهرة، جمهورية مصر العربية، 2008.
2. حمور، ميرعني، إدارة التغيير والابداع، خلاصة مداولات ومناقشة اجتماع خبراء الإدارة والتغيير، المنظمة العربية للعلوم الإدارية، عمان، 1983.
3. الصرن، رعد، كيف تخلق بيئة ابتكارية في المنظمات، دمشق، دارة الرضا للنشر، 2001.
4. محجوب، علي سر الختم، الابداع الإدارة والتطوير التنظيمي، عمان، المنظمة العربية للعلوم الإدارية ، 1986.
5. الطيب، حسن، محاور لتنمية التجارب الإبداعية في استراتيجيات الإصلاح الإداري، مجلة الإدارة العامة، العدد 59، معهد الإدارة العامة، الرياض، 1988.
6. أبوبكر، محمود، خصائص الأنماط القيادية في الواقع العملي ومتطلبات التفكير الاستراتيجي في المنظمات المعاصرة، المؤتمر العربي، بيروت، 2002.
7. محمود، عبداللطيف، نحو تفسير تربوي للظاهرة الإبداعية، شؤون اجتماعية، عدد 62، الشارقة 1999.