“وجبة ….. إبداع وابتكار (68) ” الابداع والثقافة التنظيمية – 29 “

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في التميز المؤسسي (EFQM)، خبير استراتيجيات القوة الناعمة، خبير ادارة مركز اسعاد المتعاملين، (7 STAR)، خبير حوكمة معتمد، خبير صناعة سيناريوهات المستقبل، 18 يوليو 2021

تتمة الابداع على مستوى المنظمة.
سادساً: الابداع والثقافة التنظيمية:
إن الإبداع داخل المنظمة له أهميته الخاصة ويمثل أساس التطوير والتحسين على مستوى الأداء، وتشكل ثقافة المنظمة مؤشر على القدرة الإبداعية، وتشمل ثقافة المؤسسة على المعتقدات و العادات و القيم الراسخة، وأصبح شيء مؤكد عند المختصين أن التغيير التنظيمي يشمل على التغيير الثقافي، فلا بد من الوقوف على الثقافة التنظيمة للمنظمات لما لها من دور إيجابي في تنمية الابداع.

1. الثقافة التنظيمية الإبداعية:
تعرف الثقافة التنظيمية بأنها عبارة عن مجموعة من الاعتقادات والتوقعات والقيم التي يشترك بها أعضاء المنظمة.
كما تعرف بأنها نظام القيم والمعتقدات يشترك بها العاملون بالمؤسسة بحيث ينمو هذا التظام ضمن المؤسسة الواحدة.
ويمكن تعريفها بأنها إيجاد قيم وأهداف مشتركة بين العاملين، وهي تمثل الأدوار الرئيسية للقائد حيث يقوم بوضع الطريقة التي تؤدي بها الأعمال، وتتمثل في نغمة التنظيم وإنشاء ثقافة على ضوء القيم المشتركة والمعتقدات التي تعيش بها المؤسسة والموظفين.

يعتبر المفكر الرئيسي لبيئات التعلم والإبداع البرفسور اجدار شاين (Edgar Schein) والذي يعرف بيئة التعلم بأنها تراكم ما تعلمنا من نجاحات سابقة، وكذلك هي تسلسل الافتراضات الأساسية التي طورت وتحققت على أيدي جماعة معينة تعلمت أسلوب التأقلم مع مشاكلها، ونجح هذا الأسلوب بشكل يدفعها لتعليم أفرادها الجدد في المؤسسة كطريقة صحيحة للتعامل مع المشاكل، ومن هذه الخصائص المعزة لعملية التعلم والإبداع في المؤسسات:

• تحقيق التوازن بين مصالح كافة المساهمين كالمستهلكين والعاملين والموردين والمجتمع.
• التركيز على الأفراد أكثر من الأنظمة من خلال الاعتقاد بأهمية القدرات الإنسانية.
• الاعتقاد بقدرة الأفرد على تغيير البيئة من حولهم والتأقلم معها لتقديم الأفكار الإبداعية.
• تخصيص أوقات للتعلم والتسلية وهذا ضروري.
• النظر إلى المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية نظرة شمولية.
• التشجيع على الاتصال المفتوح والفعال، فلدى الأفراد والقادة مسؤولية مشتركة لقول الحقيقة، والتواصل الشفاف لتحقيق أهداف المؤسسة.
• الايمان بعمل الفريق، وأن الثقة والتعاون والتنسيق أمور ضرورية لتحقيق النجاح لتحقيق أهداف الفريق.
• تمكين الأفراد من الاتصال بقيادتها، فالقائد ليس مجرد صانع قرار، بل يتوجب عليه التزامات القيام بها.
• الدعوة إلى محاولة تجربة أفكار وأساليب جديدة، وقبول الأخطاء في العمل وعدم ردع الموظفين على ذلك.
• تأسيس قنوات تستمح بالدخول إلى قواعد البيانات والمعلومات، بغرض نقل المعرفة والتعلم منها لتقديم إبداعات جديدة.
• التركيز على المشاركة والتفاعل والاتصال بين مختلف المستويات التنظيمية، بجو يغلب عليه الاحترام والتقدير والتحفيز وقبول نسبة معينة من الأخطاء.
• منح مستوى معين من الاستقلالية والابتعاد عن المركزية في القيادة.
• الدعوة لتبني أنماط فكرية حديثة من خلال غرس ثقافة التغيير المستمر لانماط التفكير والسلوك.
• التشجيع على الانفتاح في عرض الأفكار والمشاكل والآراء.

كما أن هناك مجموعة من القيم والمعتقدات السائدة لدى المنظمات المبدعة، في البيئة التي تعيشها المنظمة والموظفين والتي تعتبر تراكم ما تعلموه من نجاحات سابقة، يمكن تلخيصها فيما يلي:
‌أ. اعتقاد بأن تكون الأفضل.
‌ب. الايمان بأولوية التنفيذ.
‌ج. اعتقاد في أهمية البشر كأفراد.
‌د. اعتقاد في تفوق الجودة والخدمة.
‌ه. اعتقاد بأن معظم المؤسسات يجب أن يكونوا مبدعين، ومن ثم لا بد من الاستعداد لمساعدة المقصر.
‌و. الايمان بدور عدم الرسمية في دعم التواصل بين الأفراد.
‌ز. اعتقاد صريح بأهمية النمو الاقتصادي والارباح.

2. عناصر الثقافة الإبداعية في المؤسسة:
‌أ. القيم التنظيمية: وهي عبارة عن اتفاقيات مشتركة بين أعضاء التنظيم الاجتماعي الواحد حول ما هو مرغوب أو غير مرغوب، أو مهم أو غير مهم، أما القيم التنظيمية فهي تمثل القيم في مكان بيئة العمل بحيث تعمل هذه القيم على توجيه سلوك العاملين ضمن الظروف التنظيمية المختلفة، ومن هذه القيم المساواة بين العاملين، الاهتمام بإدارة الوقت، الاهتمام بالأداء واحترام الآخرين.
‌ب. المعتقدات: وهي يمثابة أفكار مشتركة حول طبيعة العمل والحياة الاجتماعية في بيئة العمل، وكيفية انجاز العمل والمهام داخل المنظمة، ومن هذه المعتقدات أهمية المشاركة في عملية صنع القرار، والمساهمة في العمل الجماعي، وأثر ذلك في تحقيق أهداف المنظمة.
ج. الأعراف التنظيمية: وهي عبارة عن معايير يلتزم بها العاملون في المؤسسة على اعتبار أنها معايير مفيدة للمؤسسة، مثل التزام المؤسسة بعدم تعيين الأب والابن في نفس المؤسسة، ويفترض أن تكون هذه الأعراف غير مكتوبة وواجبة الاتباع.
‌د. التوقعات التنظيمية: تتمثل التوقعات التنظيمية بالتعاقد السيكولويجي غير المكتوب والذي يعني مجموعة عمل الفرد في المؤسسة، مثل توقعات الرؤساء من المرؤوسين، والمرؤوسين من الرؤساء والمتمثلة في الاحترام والتقدير المبتادل، وتوفير بيئة تنظيمية ومناخ تنظيمي يساعد ويدعم احتياجات الفرد النفسية والاقتصادية.

3. خصائص الثقافة الإبداعية في المؤسسة:
‌أ. الإنسانية: إن الانسان هو الكائن الوحيد الذي يبدع عناصر الثقافة ويرسم محتواها عبر العصور.
‌ب. الاكتساب والتعلم: فهي ليست فطرية بل هي مكتسبة من المجتمع والبيئة المحيطة.
‌ج. الاستمرارية: حيث إن السمات الثقافية تحتفظ بكيانها لعدة أجيال.
‌د. التراكمية: يترتب على استمرارية الثقافة تراكم السمات الثقافية خلال عصور طويلة من الزمن، وكما أن الطبيعة التراكمية للثقافة تلاحظ بوضوح في العناصر المادية للثقافة أكثر من العناصر المعنوية.
‌ه. القابلية للانتشار: يتم انتقال العناصر الثقافية بطريقة واعية داخل الثقافة نفسها، ومن ثقافة لاخرى، ويتم عن طريق الاحتكاك بين الفراد والجماعات.

4.استراتيجيات الابداع التنظيمي:
هناك العديد من الاستراتيجيات الإبداعية التي يمكن أن تتبناها المنظمة كالسياسة التنظيمية التي تصمم للترويج للعملية الإبداعية وإيجاد المناخي الإبداعي لها، ومن هذه الاستراتيجات:
‌أ. التطوير التنظيمي: وهو عبارة عن مجموعة من الأساليب أو الطرق المستوحاة بشكل عام من العلوم السلوكية والتي تصمم لتزيد من قدرة المؤسسة على تقبل التغيير وزيادة فاعليتها، والتطوير التنظيمي بتركيزه على الأفراد والعلاقات يعتبر استراتيجية ملائمة لترويج الإبداع، فهو يساعد على تدريب أفراد المؤسسة على تقبل الإبداع كمعيار تنظيمي أساسي وعلى ترويج صفات تنظيمية تساعد على الإبداع.
‌ب. التخصص الوظيفي: وهو قيام المنظمة بتصميم وحدات للقيام بالنشاطات المتخصصة كوحدات لتصميم الإبداع ذات بيئة تشغيلية ملائمة للمراحل المختلفة للعملية الإبداعية، ومثل وحدات التخطيط، وحدات البحث والتطوير.
‌ج. الدورية: ويقصد بها القدرة على استخدام أشكال تنظيمية غير ثابتة أو متغيرة، مثل نموذج المصفوفة الذي تتم وفقاً لتجميع مجموعة من المختصين والعاملين لتنفيذ مشروع معين، وإنشاء بناء تنظيمي مؤقت يحل عند الانتهاء من المشروع، ومن ثم يتم تحريك الأفراد للعمل في مشاريع أخرى، والتعيين الدوري لموظفين جدد ذوي خبرات ومهارات مختلفة وخاصة بالنسبة للمناصب التي تتطلب إمكانية إبداعية غير عادية.

5.معوقات الابداع داخل المنظمة:
بيّنت الدراسات بوجود معوقات تحول دون العمل الإبداعي في المنظمة، ويمكن تصنيفها لمعوقات السلوك الإبداعي للأفراد والعاملين بالمنظمة ومعوقات تخص المؤسسة عامة، كما سيتم تبيانه:
‌أ. معوقات السلوك الإبداعي للعاملين:
معوقات إداركية: تتمثل في عدم إدراك الأفراد العاملين لجوانب المشكلة بالشكل الصحيح وذلك بسبب عزلها عن سياقها، أو تضييق نطاقها أو لصعوبة إدراك بُعد العلاقات المتضمنة فيها.
معوقات وجدانية شخصية: المتمثلة في الخوف من المبادرة والخوف من الوقوع في الخطأ، والجهود في التفكير والرغبة في تحقيق النجاح السريع.
معوقات ثقافية أو اجتماعية: وتعود إلى الضغوط الاجتماعية المختلفة التي تتدخل في تشكيل حياة الفرد وتصرفاتهم وتؤدي بهم إلى تبني اتجاه المجارات لما هو شائع.

‌ب. معوقات الإبداع التي تخص المنظمة عامة:
الاستراتيجية: ينبغي على المنظمة أن تستغل مواردها بطريقة فعالة وتخصيصها وزيادة احتمالات النجاح، وأن تركز على عملية البحث والتطوير، فاختيار المشروع الناجح له أهمية كبرى ويجب أن لا يترك لعامل المصادفة، فالتخطيط الجيد يؤدي لنتائج جيدة.
الإجراءات: يجب أن تركز المنظمة على عمليات البحث والتطوير التي تدعم ابتكار المنتجات المنشودة، أو الخدمات المقدمة، فالاهتمام بالإجراءات الأساسية يضمن للمؤسسة إمكانية إدارة تلك الإجراءات بأسلوب صحيح والحد من استهلاك الوقت.
الطرق: ينبغي على الإدارة أن توقف العمل في مشروعات البحث والتطوير بمجرد إدراكها أن ذلك المشروع لا يحقق تطلعات المنظمة، لأن إيقاف الأنشطة غير القياسية يتيج إعادة توجيه الموارد نحو المشروعا ت الأكثر نفعاً، وأن لا يتم التأخير في إلغائها حتى لا تستهلك تكلفة مالية ونفسية عالية، (وتعرف بالمشروعات السفلى) تشكل عقبات كبيرة ومعروفة إزاء البحث والتطوير.
الأداوات: تدرك المنظمة الناجحة بأن المعرفة هي المدخل الأساس للنجاح، فهي تستثمر المشاركة الداخلية للمعرفة وتتعلم من خبراتها بالمشروعات وبوجه خاص من الأخطاء، كما أنها تقوم بتعديل بنائها ونظامها لتتجنب تكرار الأخطاء.
الوقت: تتعدد الأمثلة حول كيفية تحفيز الإبداع تحت ضغوط الوقت والكثير من الأشخاص يعملون بشكل أفضل تحت الضغط، أما الأبحاث لا تثبت ذلك تماماً على الرغم من ثبوت بعض الحالات الواقعية.

المراجع:
1. سعود محمد العريفي، المعوقات التنظيمية لإبداع العاملين، جامعة الملك عبد العزيز كلية الاقتصاد والإدارة، السعودية.
2. برافين جوبتا، ترجمة أحمد المغربي ، الإبداع الإداري في القرن الحادي والعشرين.
3. سليم بطرس جلدة، زيد منير عبودي، إدارة الابداع والابتكار، دار كنوز المعرفة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 2006.
4. رفعت عبدد الحليم الفاعوري، إدارة الإبداع التنظيمي، منشورات المنظمة العربية للتنمية الإدارية، مصر الجديدة، القاهرة، 2005

عن هيئة التحرير

شاهد أيضاً

“وجبة ….. إبداع وابتكار (101) “استراتيجيات التغيير (14)”

شبكة بيئة ابوظبي: بقلم د. أنيس رزوق، مستشار تخطيط استراتيجية الجودة والتميز، مقيم معتمد في …